خطبة عيد الفطر للشيخ حمود آل وثيلة رئيس أوقاف وادي الدواسر
محمد بن مبارك الشرافي
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَر ، لا إِلَهَ إِلا الله ، وَاللهُ أَكْبَر ، اللهُ أَكْبَرُ ، وَللهِ الْحَمْد ، الْحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيهِ , الْحَمْدُ للهِ عَلَى الإِسْلامِ وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى الْقُرْآنِ وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى إِتْمَامِ الصِّيَامِ وَالْقِيَام ، (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ , بَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ وَجَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينْ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلائِهِ , وَمِنْهَا أَنْ بَلَّغَكُمْ هَذَا الْعِيدُ الذِي خَتَمَ اللهُ بِهِ شَهْرَ الْقُرْآنِ وَالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ وَافْتَتَحَ بِهِ أَشْهُرَ الْحَجِّ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وَمَنْ أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ قَبْلَ صَلاةِ الْعِيدِ وَإِلَّا فَلْيُؤَدِّهَا قَضَاءً وَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ عَلَى تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتَهِا .
إِخْوَةَ الإِيمَانِ : إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيْنَا التِي لا تُعَدُّ وَلا تُحْصَى أَنْ هَدَانَا لِلْإِسْلامِ وَالسُّنَّةِ وَهَيَّأَ لَنَا عَقِيدَةً سَلَفِيَّةً صَافِيَةً تَدْعُو إِلَى تَخْلِيصِ التَّوْحِيدِ مِنْ كُلِّ مَا يَشُوبُهُ أَوْ يُخَالِفُهُ مِنْ شِرْكِيَّاتٍ وَبِدَعٍ وَمُخَالَفَاتٍ , ثُمَّ هَيَّأَ لِهَذِهِ الْعَقِيدَةِ الصَّافِيَةِ قِيَادَةً صَالِحَةٍ تَدْعُو إِلَى هَذِهِ الْعَقِيدَةِ وَتَحْمِي وَتُثَبِّتُ أَرْكَانَهَا , حَتَّى اسْتَتَبَّ الأَمْنُ وَالاسْتِقْرَارُ لِهَذِهِ الْبِلادِ بِبَرَكَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ , بِالرَّغْمِ مِنْ كَيْدِ الْكَائِدِينَ وَحِقْدِ الْحَاقِدِين , وَهَذَا مِصْدَاقُ مَا وَعَدَ بِهِ اللهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُحْزِنِ أَنْ يَزْهَدَ الدُّعَاةُ وَالْمُصْلِحُونَ وَالْمُرَبُّونَ فِي هَذَا الرُّكْنِ الرَّكِينِ وَلا يَكْتَرِثُونَ بِهِ وَهُوَ وَاللهِ رَأْسُ الدَّوَاءِ لِكُلِّ دَاءٍ , وَهُوَ أَوَّلُ أَوْلَوِيَّاتِ دَعْوَةِ الرُّسُلِ مُنْذُ أَنْ خَلَقَ اللهُ الْخَلِيقَةَ إِلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الذِي دَعَى إِلَى هَذَا الأَصْلِ حَتَّى وَهُوَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ , فَعَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ قَالَا : لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ , فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ (لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
ثُمَّ تَجِدُ وَمَعَ كُلِّ أَسَفٍ الْكَثِيرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْبِلَادِ الإِسْلَامِيَّةِ يُرَدِّدُونَ هِتَافَاتِ التَّوْحِيدِ وَالتَّكْبِيرِ وَلَكِنْ تَجِدُ الْمَسَاجِدَ قَدْ بُنِيَتْ عَلَى الْقُبُورِ , وَتَجِدُ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ يُدَافِعُ عَنْ تِلْكَ الأَضْرِحَةِ وَالْمَرَاقِدِ وَيَدْعُونَ النَّاسَ لِلدِّفَاعِ عَنْهَا , وَتَجِدُ مَنْ يَسْتَغِيثُ بِهِمْ وَيَدْعُوهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَذَا هُوَ الشِّرْكُ الأَكْبَرُ الْمُخْرِجُ عَنِ الْمِلِّةِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : لَيْسَ مِنَ التَّوْحِيدِ أَنْ يُنَادَى بِمَا يُسَمَّى بِالدِّيمُقْرَاطِيَّةِ , وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ لِلشَّعْبِ , فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَادَ حُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ , الذِي قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ )[المائدة:50]
لَيْسَ مِنَ التَّوْحِيدِ تَعْلِيقُ الْحُجُبِ وَالتَّعَاوِيذِ عَلَى النَّفْسِ أَوِ الْوَلَدِ أَوِ السَّيَّارَةِ , لَيْسَ مِنَ التَّوْحِيدِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ , فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَحْلِفُ بِالْكَعْبَةِ فَقَالَ : لاَ تَحْلِفْ بِالْكَعْبَةِ , فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَك) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
لَيْسَ مِنَ الدِّينِ الْوُقُوعُ فِي الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ كَبِدْعَةِ عِيدِ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ وَعِيدِ مَوْلِدِ الْحُسَيْنِ وَعِيدِ الْمِيلَادِ وَالأَعْيَادِ الْمُحْدَثَةِ غَيْرَ عِيدِ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى ، لَيْسَ مِنَ الدِّينِ تَغْيِيرُ الْمُنْكَرِ بِالْمُظَاهَرَاتِ وَالاعْتِصَامَاتِ وَالاغْتِيَالاتِ وَالتَّفْجِيرَاتِ بَلْ حَتَّى وَإِنْ رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ فَقَدْ رَفَعَهَا الْخَوَارِجُ فِي عَهْدِ عَلَيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، حَتَّى وَإِنْ رَفَعُوا رَايَاتٍ إِسْلامِيَّةٍ فَإِنَّهُ شِعَارَاتٍ وَاقِعُهُمْ يُخَالِفُهَا .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ هَذِهِ الْمُظَاهَرَاتِ تَعْنِي الْخُرُوجَ عَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ بِالْكَلِمَةِ , وَهُوَ أَوَّلُ الْخُرُوجِ الْمُحَرَّمِ , لِأَنَّهُ يَتْبَعُهُ الْخُرُوجُ بِالسِّلَاحِ , كَمَا حَصَلَ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَى الرَّاشِدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَإِنَّهُمْ أَوَّلَ مَا خَرَجُوا عَلَيْهِ بِالْكَلَامِ وَالتَّأْلِيبِ وَذِكْرِ الْمَعَايِبِ , ثُمَّ آلَ الأَمْرُ إِلَى أَنْ حَاصَرُوهُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ قَتَلُوهُ وَهُوَ يَقْرَأُ الْمُصْحَفَ !
تَأَمَّلُوا مَا حَوْلَنَا وَاعْتَبِرُوا , فَإِنَّ وَاقِعَ كَثِيرٍ مِنَ الدُّوَلِ الْمُجَاوِرَةِ أَنَّهُمْ أَرَادُوا تَغْيِيرَ مُنْكَرٍ فَوَقَعُوا فِي مُنْكَرٍ أَكْبَرَ مِنْهُ بَلْ مُنْكَرَاتٍ كَثِيرَةٍ أَرَادُوا أَنْ يَبْنُوا قَصْرَاً فَهَدَمُوا مِصْراً .
خَرَجُوا أَوَّلَ مَا خَرَجُوا فِيمَا يُسَمُّونَهُ : مُظَاهَرَاتٍ سِلْمِيَّةٍ ثُمَّ تَطَوَّرَتْ حَتَّى صَارَ سِلاحٌ وَقَتْلٌ , تَظَاهَرُوا فَأُرِيقَتِ الدِّمَاءُ وَأُزْهِقَتِ الأَرْوَاحُ وُهُتِكَتِ الأَعْرَاضُ وَتَيَتَّمَ الأَطْفَالُ وَتَرَمَّلَ النِّسَاءُ وَدُمِّرَتِ الْمُمْتَلَكَاتِ وَذَهَبَ الأَمْنُ وَالْوَاقِعُ خَيْرُ شَاهِدٍ , فَقَدْ أَصْبَحُوا مَحَلَّ أَطْمَاعٍ لِتَيَّارَاتٍ سِيَاسِيَّةٍ وَأَطْمَاعٍ عَالَمِيَّةٍ وَطَوَائِفَ وَأَدْيَانٍ ضَالَّةٍ !
فَهَلْ حَصَلَ خَيْرٌ بِهَذَا الْخُرُوجِ ؟ أَمْ زَالَتِ الْمُنْكَرَاتِ ؟ أَوِ اسْتَقَرَّتِ الْبِلَادُ وَصَلَحَتْ أَحْوَالَهَا ؟
يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي كَلامِهِ عَنْ تَحْرِيمِ الْخُرُوجِ عَلَى الأَئِمَّةِ حَتَّى وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ جُورٌ وَظُلْمٌ يَقُولُ : وَلَعَلَّهُ لا يَكَادُ يُعْرَفُ طِائِفَةٌ خَرَجَتْ عَلَى ذِي سُلْطَانٍ إِلَّا وَكَانَ فِي خُرُوجِهَا مِنَ الْفَسَادِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْفَسَادِ الذِي أَزَالَتْهُ .
وَقَالَ الإِمَامُ سَهْلٌ التُّسْتَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ : هَذِهِ الأُمَّةُ ثَلاثٌ وَسَبْعُونَ فِرْقَةً , اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ هَالِكَةٌ كُلُّهُمْ يَبْغَضُ السُّلْطَانَ , وَالنَّاجِيَةُ هَذِهِ الْوَاحِدَةُ التِي مَعَ السُّلْطَانِ .
وَيَقُولُ الإِمَامُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبِرْبَهَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ : إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَدْعُوا عَلَى السُّلْطَانِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ هَوَى , وَإِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَدْعُوا لِلسُّلْطَانِ بِالصَّلاحِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء:83] وَيَقُولُ أَيْضَاً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [النساء:59]
فَلِمَاذَا كُلٌّ يُفْتِي وَكُلٌّ يُصَحِّحْ وَكُلٌّ يُخْطِئُ وَيُفَسِّقُ وَيُكِفِّرُ وَيَحْكُمُ فِي أُمُورٍ عَظِيمَةٍ ؟ فَأَيْنَ الرُّجُوعُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ الرَّاسِخِينَ الذِينَ نَذَرُوا أَوْقَاتَهُمْ وَأَعْمَارَهُمْ لِدِينِ اللهِ ؟ إِنَّهُمْ فِي هَذِهِ الْبِلادِ كَثِيرٌ وَللهِ الْحَمْدُ , فَالْوَاجِبُ رَدُّ الأَمْرِ لَهُمْ , قَالَ تَعَالى (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هَذِهِ نَكِرَةٌ أُرِيدَ بِهَا الْعُمُومُ ثُمَّ إِنَّ الرَّدَّ إِلَى اللهِ أَيْ إِلَى كِتَابِهِ وَالرَّدَّ إِلَى الرَّسُولِ بَعْدَ مَمَاتِهِ أَيْ إِلَى سُنَّتِهِ وَالْعُلَمَاءُ خَيْرُ مَنْ يُفَسِّرُ سُنَّتَهُ وَيَعْلَمُ شَريِعَتَهُ وَذَلِكَ خَيْرٌ فِي الدُّنْيَا وَأَحْسَنُ مَآلاً فِي الآخِرَةِ , وَنَحْنُ قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللهُ بِالإِسْلامِ فَإِذَا ابْتَغَيْنَا الْعِزَّةَ بِغَيْرِهِ أَذَلَّنَا اللهُ .
إِذَا ابْتَغَيْنَا الْعِزَّةَ بِالدِّيمُقْرَاطِيَّةِ أَوْ بِالْقَوْمِيَّةِ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنَ الشِّعَارَاتِ أَذَلَّنَا اللهُ , وَلا مَخْرَجَ لِلأُمَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ مِمَا هِيَ فِيهِ إِلَّا بِالرُّجُوعِ لِلدِّينِ الذِي لا شَائِبَةَ فِيهِ وَلِلْتَوْحِيدِ الذِي لا شِرْكَ فِيهِ وَلِلسُّنَّةِ التِي لا بِدْعَةَ فِيهَا , وَهَذَا مَا جَاءَتْ بِهُ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )[النور:55] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ, وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ اَلْبَقَرِ, وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ, وَتَرَكْتُمْ اَلْجِهَادَ, سَلَّطَ اَللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ : إِنَّنَا نَسْمَعُ مِنْ شُبَهِ الْمُغْرِضِينَ وَالْمُغْتَرِّينَ بِهَمِّ الاعْتِرَاضِ عَلَى وُلَاةِ الأَمْرِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ الْعَامِ وَأَنَّهُمْ أَكَلُوهُ وَصَرَفُوهُ لِغَيْرِ شَعْبِهِمْ ! وَهَذِهِ شُبْهَةٌ قَدِيمَةٌ وَقَعَتْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيَرُدُّ عَلَيْهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنَ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ؛ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا، قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَأَقْرعَ بْنِ حَابِسٍ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ، وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهذَا مِنْ هؤُلاَءِ قَالَ: فَبَلَغَ ذلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الْجَبْهَةِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ اتَّقِ اللهَ قَالَ: وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقُّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَجُلُ قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ: لا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي فَقَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ قُلُوبَ النَّاسِ، وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ، وَهُوَ مُقَفٍّ، فَقَالَ: إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِي هذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ رَطْبًا، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ وَأَظُنُّهُ قَالَ: لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ وَأَمْثَالَهَا فِي مُعَامَلَةِ وَلِيِّ الأَمْرِ قَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ لِعِلَاجِهَا فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَجَاءَ أَيْضَاً فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ(تَسْمَعُ وَتُطِيعُلِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْوَأَطِعْ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ . فَهَذِهِ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ .
عِبَادَ اللهِ : كَيْفَ نَسْعَدُ بِالْعِيدِ وَقَدْ خَرَجَ مِنَّا أُنَاسٌ بِقُلُوبٍ مَمْلُوءَةٍ غَيْظَاً وَحِقْدَاً وَغِلَّاً وَبُغْضَاً لِإِخْوَانِهِمُ الْمُسْلِمِينَ بَلْ لِأَقَارِبِهِمْ بِسَبَبِ لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا أَوْ بِسَبَبِ سَفَاهَةِ سَفِيهٍ أَوْ تَصَرُّفٍ مَشِينٍ أَوْ ظَنٍّ آثِمٍ خَاطِئٍ فَهَؤُلاءِ نُذَكِّرُهُمْ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)
عِبَادَ اللهِ : جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا يَحِلُّ لمسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَياَلٍ يَلْتْقَيِاَنِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا يَبْدَأُ بالسَّلَامِ) وَكَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ (تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ في ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ انظروا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا انظروا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فَتَأَمَّلُوا :مل مُجَرَّدُ الشَّحْنَاءِ وَهِيَ أَقَلُّ مِنَ التَّهَاجُرِ يَتَوَقَّفُ رَفْعُ أَعْمَالِهِمْ وَعِبَادَاتِهِمْ حَتَّى يَصْطَلِحَا , فَكَيْفَ بِالتَّهَاجُرِ ؟ فَبَادِرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ بِالسَّلامِ وَالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْكَمْ وَيَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِكِمْ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَر ، لا إِلَهَ إِلا الله ، وَاللهُ أَكْبَر ، اللهُ أَكْبَرُ ، وَللهِ الْحَمْد.
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُاتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَازَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَالَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْرَقِيباً) وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَا مِنْ عَبْدِ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً, يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ, وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ, إِلَّا حَرَّمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا وَصَّى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاء , فَإِنَّهُ قَالَ (فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
فَحَافِظُوا رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى تِلْكَ الْجَوْهَرَةِ الْمَصُونَةِ مِنْ عَبَثِ الْعَابِثِينَ وَمِنْ كَيْدِ الْمُنَافِقِينَ فَلا تَتْرَكُوا لَهَا الْحَبْلَ عَلَى الْغَارِبِ فَتَخْرُجُ كَمَا شَاءَتْ وَتَلْبَسُ مَا شَاءَتْ بَلْ وَتُشَاهِدُ مِنْ وَسَائِلِ الإِعْلَامِ مَا شَاءَتْ ! وَإِنَّكُمْ مُسْتَأْمَنُونَ يَا عِبَادَ اللهِ عَلَى مَنْ تَحْتِ أَيْدِيكُمْ مِنَ النِّسَاءِ وَالأَوْلَادِ وَالْبَنَاتِ وَمَسْئُولُونَ وَمُحَاسَبُونَ عَنْهُمْ فَلا يَنْبَغِي أَنْ تَهْتَمُّوا بِمَلْبَسِهِمْ وَمَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ فَقَطْ , فَحَتَّى الْبَهِائِمَ وَالدَّوَابَّ تُغَذِّي صِغَارَهَا , فَعَلَيْكُمْ رَحِمَكُمُ اللهُ الاهْتِمَامَ بِتَرْبِيَتِهِمْ تَرْبِيَةً دِينِيَّةً صَالِحَةً تَرْبِيَةً عَلَى الْقُرْآنِ وَالصَّلَاةِ وَالأَخْلَاقِ وَعَدَمِ ازْدِرَاءِ الآخَرِينِ وَإِيذَائِهِمْ
عِبَادَ اللهِ : كَمْ مِنَ النَّاسِ مَنْ ضَيَّعَ حُقُوقَ النِّسَاءِ وَظَلَمَهُنَّ , حَتَّى َجَعَلَهُنَّ مِنْ سَقَطِ الْمَتَاعِ وَكَأَنَّهُ يَعِيشُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى .
أَمَا يَخْشَى أُنَاسٌ مِنْ عَذَابِ اللهِ حِينَمَا مَنَعُوا الْمَرْأَةَ مِنْ حَقِّهَا مِنَ الْمِيرَاثِ الذِي فَرَضَهُ اللهُ لَهَا مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ ! فَتَجِدَهُ يَتَحَايَلُ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى حَتَّى يَمْنَعَهَا أَوْ يَبْخَسَهَا حَقَّهَا حَتَّى تَسْتَحِي مِنْ أَخْذِ مَالِهَا . فَحِينَاً تُعْطَى دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ لا تُسَاوِي حَقَّهَا , وَحِينَاً يَسْتَأْثِرُ الأَوْلَادُ بِالْعَطَايَا وَالْهِبَاتِ , وَأَحْيَانَاً يُصْرَفُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ شِرَاءِ سَيَّارَةٍ وَمَسْكَنٍ دُونَ إِعْطَائِهَا أَوِ الْمُبَالَاةِ بِهَا , وَتَارَةً تُحْمَلُ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى عَلَى هِبَةِ نَصِيبِهَا لِإِخْوَانِهَا , فَتُعْطِيهِمْ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ حَيَاءً أَوْ خَوْفَاً مِنْ لَوْمِ الْمُجْتَمِعِ إِذَا لَمْ تُعْطِ إِخْوَانَهَا ! وَهَذَا لا تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ وَلا يَحِلُّ لِمَنْ أَكَلَ نَصِيبَهَا حَتَّى وَإِنْ كَانَ شَقِيقَهَا لِأُمِّهَا وَأَبِيهَا .
أَمَّا الظُّلْمُ الآخَرُ الذِي يَقَعُ عَلَى النِّسَاءِ فَهُوَ مَسْأَلَةُ الْعَضْلِ وَمَنْعُهَا مِنَ الزَّوَاجِ , كَأَنْ تُحْجَرَ عَلَى أَبْنَاءِ عُمُومَتِهَا أَوْ قَبِيلَتِهَا فَإِمَّا أَنْ تَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ وَإِمَّا أَنْ تَبْقَى حَتَّى تَمُوتَ , وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْضُلُهَا عَنِ الزَّوَاجِ بِسَبَبِ مَا تَتَقَاضَاهُ مِنْ رَاتِبٍ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُهَا مِنْ أَجْلِ أَنْ تَخْدِمَهُ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُهَا بِحُجَّةِ أَنَّهُ لا يُرِيدُ أَنْ يُزَوِّجَهَا إِلَّا لِرَجُلٍ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْبَنَانِ وَإِلَّا تَبْقَى , وَمِنْهُمْ مَنْ يُغِالِي فِي الْمَهْرِ وَالتَّكَالِيفَ وَالشُّرُوطِ حَتَّى يَنْفُرَ مِنْهُ النَّاسُ وَتَكُونَ الْبِنْتُ هِيَ الضَّحِيَّةُ .
فَبِهَذِهِ الْمَفَاهِيمِ الْخَاطِئَةِ امْتَلَأَتِ الْبُيُوتُ وَزَادَ عَدَدُ الْعَوَانِسِ , وَكَمْ مِنْ عَانِسٍ أَصْبَحَتْ لا تَنْتَظِرُ إِلَّا الْمَوْتَ فَقَدْ حَطَّمَ وَلِيُّهَا آمَالَهَا وَحَرَمَهَا الزَّوَاجَ فَأَوْقَعَ الظُّلْمَ عَلَيْهَا , فَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ ؟ وَإِلَى مَنْ تَشْتَكِي ؟ وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ :
عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الْمُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ، فَأَنْكِحُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ .
لِذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلا يَسْتَغْرِبُ ذَلِكَ الْوَلِيُّ الظَّالِمُ مِنْ حُصُولِ كَارِثَةٍ لا يُمْكِنُ تَدَارُكَهَا , حِينَمَا يُقْبَضُ عَلَى الْبِنْتِ أَوِ الأُخْتِ وَقَدْ هُتِكَ عِرْضُهَا وَضَاعَ شَرَفُهَا , حِينَهَا يَنْدَمُ حِينَ لا يَنْفَعُ النَّدَمُ !!! فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّها الآبَاءُ , وَلَكُمْ قُدْوَةٌ فِي عُمَرَ الْفَارُوقِ الذِي اجْتَهَدَ وَبَادَرَ يَخْطِبُ الرِّجَالَ لابْنَتَهِ حَفْصَةَ فَكَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ كَلَّمَ عُثْمَانَ , رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ , وَوَاللهِ مَا حَطَّتْ مِنْ قَدْرِ عُمَرَ وَلا مِنْ قَدْرِ ابْنَتِهِ بَلْ رَفَعَهُ اللهُ بِهَا وَزَادَهُ رِفْعَةً وَشَرَفَا وَعِزَّاً , حَتَّى صَاهَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَزَوَّجَ حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا , وَأَصْبَحَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مَثَلاً يَقْتَدِي بِهَا خَلَفٌ بَعْدَ سَلَفٍ .
عِبَادَ اللهِ : وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُخَصُّ النِّسَاءَ بِمَوْعِظَةٍ وَوَصِيَّةٍ فِي خُطْبَتَيِ الْعِيدِ وَوَصِيَّتِي لِأَخَوَاتِي أَنْ يَتَّقِينَ اللهَ فَقَدْ خَاطَبَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال (يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ) فَقُلْنَ : وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ (تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
فَاتَّقِي اللهَ أَيَّتُهَا الْمُسْلِمَةُ وَأَلْجِمِي لِسَانَكِ بِلِجَامِ الشَّرْعِ , وَإِيَّاكِ وَاللَّعْنِ وَالسَّبِّ وَالتَّسَخُّطِ عَلَى الأَوْلادِ وَالْجِيْرَانِ وَالأَقَارِبِ , وَاتَّقِي اللهَ وَاعْرِفِي لِلزَّوْجِ قَدْرَهُ , وَاحْفَظِي لَهُ حَقَّهُ , فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا : ادْخُلِى الْجَنَّةَ مِنْ أَىِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ لِغَيْرِهِ .
وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُؤْسِفِ أَنْ تَرَى الْمَرْأَةَ عَابِدَةً صَائِمَةً قَائِمَةً تَالِيَةً لِلْقُرْآنِ وَلَكِنْ لا يَرُدُّهَا ذَلِكَ عَنْ مُجَارَاةِ الْمُجْتَمِعِ فِي الْعَادَاتِ الْقَبِيحَةِ مِنْ تَبَرُّجٍ وَاخْتِلاطٍ وَلِبَاسٍ شِبْهِ عَارِي فِي الْمُنَاسَبَاتِ وَمُشَاهَدَةِ الْقَنَوَاتِ واقْتِرَافٍ لِلآثَامِ وَالسَّيِّئَاتِ فَلَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّحَلِّي وَلَا بِالتَّمَنِّي وَ لَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقُلُوبِ وَصَدَّقَتْهُ الْأَعْمَالُ .
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَأَرُوا اللهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرَاً وَجَدِّدُوا التَّوْبَةَ وَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَزِنُوهَا قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا وَتَأَهَّبُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ عَلَى اللهِ حِينَمَا تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَة , وَاعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ إِخْوَانٌ فِي الإِسْلامِ فِي بِلادِ الشَّامِ قَدْ أَصْبَحُوا عَلَى قَصْفِ الطَّائِرَاتِ وَقَذائِفِ الرَّاجِمَاتِ وَأَصْوَاتِ الْمُجَنْزَرَاتِ , أَصْبَحُوا فِي بُيُوتٍ عَلَى رُؤُسِهِمْ مُهَدَّمَةٍ وَأَشَلاءٍ مُمَزَّقَةٍ وَأَعْرَاضٍ مُنْتَهَكَةٍ , أَصْبَحُوا بَيْنَ قَتِيلٍ وَجَرِيحٍ بَيْنَ كَسِيرٍ وَفَقِيرٍ بَيْنَ مُشَرَّدٍ وَمُرَوَّعٍ , وَإِنَّ مِنْ حَقِّهِمْ عَلَيْنَا التَّضَّرُّعَ لَهُمْ بِالدُّعَاءِ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي أَوْقَاتِ الإِجَابَةِ وَفِي جَوْفِ اللَّيْلِ , كَمَا أَنَّ مِنْ حَقِّهِمْ دَعْمُهُمْ بِالْمَالِ وَالصَّدَقَاتِ وَسَدِّ خُلَّتِهِمْ عَبْرَ الْجِهَاتِ الرَّسْمِيَّةِ وَالأَيَادِي الأَمِينَةِ , اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِأَهْلِ سُورِيَا فَرَجَاً وَمَخْرَجَا ، اللَّهُمَّ احْفَظْ أَعْرَاضَهُمْ وَآمِنْ رَوْعَاتِهِمْ ، اللَّهُمَّ وَاكْشِفْعَنْهُمُ الْبَلاءَ ،يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَام , اللَّهُمَّ كُنْ لِإِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي سُورِيَا وَفِي فِلَسْطِينَ وَفِي الْعِرَاقِ وَفِي أَرَاكَانَ وَفِي كُلِّ مَكَان , اللَّهُمَّ وَاحْقِنْ دِمَاءَ إِخْوَانِناَ فِي مِصْرَ الْكِنَانَة , اللَّهُمَّ وَهَيِّئْ لَهُمْ قِيَادَةً صَالِحَةً , اللَّهُمَّ مَنْ كَادَهُمْ فَكِدْهُ وَمَنْ أَرَادَهُمْ بِشَرٍّ أَوْ سُوءٍ أَوْ فِتْنَةٍ فَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرَاً عَلَيْهِ يَارَبَّ الْعَالَمِينَ , اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَعْدَاءِ الدِّينِ اللَّهُمَّ عَلْيَكَ بِالرَّافِضَةِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالشُّيُوعِيِّيْنَ الذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَيُقَاتِلُونَ أَوْلَيَائَكَ , اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَكَ اللَّهُمَّ وَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ إِلَهَ الْحَقِّ , اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُوْرِنَا وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ وِلايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمَينَ , اللَّهُمَّ وَفِّقْ خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ، وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ ، اللَّهُمَّ وحِّدْ بِهِ كَلِمَةَ الْمُسْلِمِينَ ، وَارْفَعْ بِهِ لِوَاءَ الدِّينِ ، اللَّهُمَّ وَفِّقْه وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وَسَدِّدْهُمْ وَأَعِنْهُمْ ، وَاجْعَلْهُما مُبارَكِيْنَ مُوَفَّقِيْنَ لِكُلِّ خَيْرٍ وَصَلاحٍ .
اللَّهُمَّ وَأَبْرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمْرَ رُشْدٍ يُعَزُّ فِيهِ أَهْلُ طَاعَتِكَ وَيُهْدَى فِيهِ أَهْلُ مَعْصِيَتِكَ وَيُؤْمَرُ فِيهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيُنْهَى فِيهِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ صِيَامَنَا وَقِيَامَنَا وَزَكَاتَنَا وَصَلاتَنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنَّا مُخْطِئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَمَنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْهُ ، اللَّهُمَّ اسْلُلْ سَخِيمَةَ قُلُوبِنَا ، "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلاتَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌرَحِيمٌ" , سُبْحَانَكَ رَبَّنَا رَبَّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
المرفقات
خُطْبَةُ عِيدِ الفِطْرِ لِعَامِ 1434هـ للشيخ حممود.doc
خُطْبَةُ عِيدِ الفِطْرِ لِعَامِ 1434هـ للشيخ حممود.doc
المشاهدات 4462 | التعليقات 7
فانا أجل أستاذي الفاضل حمود عن سوء ظنّ المغرضين به ، ووالله من منطلق النصيحة قلت هذا ، وأرى الاكتفاء بالدعاء لهم بالصلاح والهداية و التسديد والبطانة الصالحة ، فإن كانوا صالحين زادهم الله صلاحًا وفلاحًا ، وإن كانوا غير صالحين - والعياذ بالله - أصلحهم الله بدعائنا لهم ، و بارك فيهم و فتح عليهم ببركة صدقنا وتجرّدنا للحق . .
خطبة جليلةٌ قيّمة ، زادكم الله رفعةً وسمُوّا .
***********************************
سلمت أناملك شيخ رشيد على هذه النصيحة الغالية والموافقة للمنهج الحق وأن الولاة يدعى لهم بالصلاح والتقوى والأدعية العامة بلا مبالغة في المدح أو كذب فيه وقد ذكرت رئاسة البحوث العلمية خلاف العلماء في الدعاء للسلطان بلا مبالغة وذكرت عن بعض العلماء القول بأنه بدعة كعطاء فقد قال : لما سئل عنه إنه محدث والعز ابن عبد السلام قال عنه بدعة وقال العدوي في حاشيته على رسالة ابن أبي زيد: وذكر السلاطين والدعاء لهم بدعة وقال الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير : من جملة اللغو الدعاء للسلطان " ولكن القول الصحيح أنه يستحب الدعاء لهم بالصلاح كما قال ابن قدامة : ويستحب أن يدعو للمؤمنين والمؤمنات ولنفسه والحاضرين وإن دعا لسلطان المسلمين بالصلاح فحسن " والله أعلم
المرجع " خطب مختارة طباعة الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء ص20
[font="]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]فضيلة الشيخ محمد الشرافي:[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]أولا- اشكرك على خطبك فدائما نرى في خطبك نور العلم وسمت العلماء.[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="]ثانيا -اشكر فضيلة الشيخ حمود آل وثيلة رئيس أوقاف وادي الدواسر على هذه الخطبة الماتعة المرصعة بأدلة الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة[/font][font="][/font]
[font="]ثا لثا-مضمون هذه الخطبة هو ما عرفناه من علماؤنا الكبار علماء السنة الراسخين وهو دأب السلف الصالح والمنكر خلافه [/font][font="][/font]
[font="]والدعاء لولاة الامور لاتخلو منه كتب العقيدة عند أهل السنة والجماعة[/font][font="][/font]
[font="]وقد قال امام اهل السنة احمد بن حنبل لو علم دعوة مستجابة لدعوتها للسلطان[/font][font="][/font]
[font="]وقال الامام البربهاري إذا رأيت الرجل يدعو للسلطان فاعلم أنه صاحب سنة.[/font][font="][/font]
[font="]ونحن سمعنا علماء السنة كأبن باز والعثيمين والغديان وبن جبرين والأحياء الآن كسماحة المفتي والعلامة الفوزان وأئمة الحرم يدعون ويثنون على ولاة امورنا بما فيهم وليس ولله الحمد هؤلاء العلماء بمبالغين ولا كاذبين ولابمخالفين لمنهج اهل السنة والجماعة[/font][font="] وليسوا خائنين حتى يقال للشيخ الشرافي وحمود ولاتكن للخائنين خصيما[/font]
[font="]فولاة امرنا في السعودية على رأسهم خادم الحرمين الشريفين ليسوا خائنين وليسوا معصومين هم مجتهدين نصروا السنة ونشروا التوحيد وحاربوا البدع وحكموا شرع الله واقامو الحسبة وخدموا الحرمين والحجاج والمعتمرين وكتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام مع النقص الموجود الذي لايسلم منه احد[/font]
[font="]ُاخيرا- اقترح على ادارة الموقع تثبيت الخطبة لأنها في نظري مهمة جدا[/font][font="][/font]
[font="]جعلنا الله وإياكم مفاتيح للخير ومغاليق لأبواب الشر والفتن عن بلدنا هذا خاصة وعن بلاد المسلمين[/font]
توضيح :
الأستاذ الفاضل أبا المقداد الأثري - زادك الله علمًا وهدًى - ؛ أرجو من فضيلتكم مراجعة كلامنا جيّدًا حتّى لا تحمّلونَا ما لم نقل :
الشيخ محمد بن مبارك الشرافي والشيخ حمود آل وثيلة أساتذتنا ، وهم على الرأس من قبل ومن بعد ، وحسبنا أن نبلغ مبلغهم في العلم والأدب .
مداخلتُنا أستاذي الكريم لا تنصبُّ على دولةٍ بعينِها حتّى تنزّل كلمة " .. للخائنين خصيمَا " على تلك الدولة بعينِها ! ، لأنّني أخشَى أن يُفهمَ من كلامِكم أنّي أقصدُ دولةً بعينِها - ولنفرض أنها المملكة العربية السعوديّة - زادها الله تشريفًا ؛ فهذا قد يسئ لأخيكَ من قريبٍ أو بعيد ، فإن حصل شيءٌ من ذلك خاصمتك عند الله - سلّمك الله - ! .
ثمّ - إن تأمّلت مداخلتي جيّدًا - وجدت تلك الكلمة " .. للخائنين خصيمَا " خشيتُ أن تُنسبَ للشيخ الفاضل حمود من طرف الناس .
ثانيًا : الجبالُ الذين ذكرتهم هم أئمّتُنا و قدوتنا ، وهم من علّمنا ما أوردناه ، وقد كانوا و لا يزالون يدعونَ لولاة الأمر بالصلاح و الفلاح والرشاد و الإعانة و التسديد ، وهذا عينُ ما قلناه ، فأين الخلل ؟!
غايةُ ما في الأمر أنّهُ لا يستوي من الناحية المنهجيّة : الدعاءُ للسلطان و المبالغة في مدحه والثناء عليه في خطبة الجمعة أبدَ الآبدِين ، والمصادر السلفيّةُ بيننا ، وما إخالُ علماءَنا الجبال الذين ذكرتهم وإخوانَهم ممّن لم تذكرهم يخالفون في هذا ، وما كانوا يجازفون بمدح السلاطين ، فتنبّه فالأمر أمانة ، والدعوة السلفيّة أمانة ! .
قال النووي في " المجموع " : " وأما الدعاء للسلطان - يعني في الجمعة - فاتفق أصحابنا على أنه لا يجب ولا يستحب ، وظاهر كلام المصنف وغيره : أنه بدعة إما مكروه ، وإما خلاف الأولى . هذا إذا دعا له بعينه ، فأما الدعاء لأئمة المسلمين وولاة أمورهم بالصلاح والإعانة على الحق والقيام بالعدل ونحو ذلك ، ولجيوش الإسلام فمستحب بالاتفاق . والمختار أنه لا بأس بالدعاء للسلطان بعينه إذا لم يكن مجازفة في وصفه ونحوها " والله أعلم ( انظر : المجموع ( 4 / 350 ) .
قال الشيخ عبدالله أبو بطين : الدعاء حسن ، يُدعى بأن الله يصلحه ويسدده ويصلح به ، وينصره على الكفار وأهل الفساد ، بخلاف ما في بعض الخطب من الثناء والمدح بالكذب ، وولي الأمر إنما يُدعى له لا يمدح لاسيما بما ليس فيه ، وهؤلاء الذين يمدحون في الخطب هم الذين أماتوا الدين ، فمادحهم مخطئ ، فليس في الولاة اليوم من يستحق المدح ، ولا أن يثنى عليه ، وإنما يُدعى لهم بالتوفيق والهداية ( انظر : الدرر السنية ( 5 / 41 ) .
و في كتاب " العلاقة بين الحاكم والمحكوم " للعلامة ابن باز رحمه الله : س8 : هل من مقتضى البيعة - حفظك الله - الدعاء لولي الأمر ؟
أجاب -رحمه الله - : " من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر ، ومن النصح : الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة ؛ لأن من أسباب صلاح الوالي ومن أسباب توفيق الله له : أن يكون له وزير صدق يعينه على الخير ، ويذكره إذا نسي ، ويعينه إذا ذكر ، هذه من أسباب توفيق الله له " .
وفي فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ما نصه : " الأفضل إذا دعا الخطيب أن يعم بدعوته حكام المسلمين ورعيتهم ، وإذا خصَّ إمام بلاده بالدعاء بالهداية والتوفيق فذلك حسن ، لما في ذلك من المصلحة العامة للمسلمين إذا أجاب الله الدعاء ( انظر : فتاوى اللجنة الدائمة ( 8 / 232 ) . .
وعلى كل أستاذي الفاضل : فنحن في مدارسة علميّة متعلّقة بالخطابة لا بأصل المسألة ، و انت على الرأس من قبل ومن بعد ، جزاك الله كل خير .
شبيب القحطاني
عضو نشط
[font="]فضيلة الشيخ محمد الشرافي:[/font]
[font="]أولا- اشكرك على خطبك فدائما نرى في خطبك نور العلم وسمت العلماء.[/font]
[font="]ثانيا -اشكر فضيلة الشيخ حمود آل وثيلة رئيس أوقاف وادي الدواسر على هذه الخطبة الماتعة المرصعة بأدلة الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة[/font]
[font="]ثا لثا-مضمون هذه الخطبة هو ما عرفناه من علماؤنا الكبار علماء السنة الراسخين وهو دأب السلف الصالح والمنكر خلافه [/font]
[font="]والدعاء لولاة الامور لاتخلو منه كتب العقيدة عند أهل السنة والجماعة[/font]
[font="]وقد قال امام اهل السنة احمد بن حنبل لو علم دعوة مستجابة لدعوتها للسلطان[/font]
[font="]وقال الامام البربهاري إذا رأيت الرجل يدعو للسلطان فاعلم أنه صاحب سنة.[/font]
[font="]ونحن سمعنا علماء السنة كأبن باز والعثيمين والغديان وبن جبرين والأحياء الآن كسماحة المفتي والعلامة الفوزان وأئمة الحرم يدعون ويثنون على ولاة امورنا بما فيهم وليس ولله الحمد هؤلاء العلماء بمبالغين ولا كاذبين ولابمخالفين لمنهج اهل السنة والجماعة[/font][font="] وليسوا خائنين حتى يقال للشيخ الشرافي وحمود ولاتكن للخائنين خصيما[/font]
[font="]فولاة امرنا في السعودية على رأسهم خادم الحرمين الشريفين ليسوا خائنين وليسوا معصومين هم مجتهدين نصروا السنة ونشروا التوحيد وحاربوا البدع وحكموا شرع الله واقامو الحسبة وخدموا الحرمين والحجاج والمعتمرين وكتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام مع النقص الموجود الذي لايسلم منه احد[/font]
[font="]ُاخيرا- اقترح على ادارة الموقع تثبيت الخطبة لأنها في نظري مهمة جدا[/font]
[font="]جعلنا الله وإياكم مفاتيح للخير ومغاليق لأبواب الشر والفتن عن بلدنا هذا خاصة وعن بلاد المسلمين[/font]
كلامك صحيح كله
وقد أجاد فضيلة الشيخ حمود وأفاد فيما أورده من نصوص الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح قديما وحديثا
وأما فضيلة الشيخ رشيد فقد - وهذه وجهة نظر - أخطأ فقد ذكر أن الشيح حمود بالغ في الدعاء والثناء على ولاة أمرنا ،ولم أرَ في الخطبة ما يدل على ذلك بل انتقد الشيخ في ثنائه على ولاة أمرنا لنصره التوحيد والسنة مع سكوته على تخوضهم في المال العام والشيخ لم يدعِ أنهم لا يخطئون بل هم مقصرون وعندهم أخطاء لكن كما قال صلى الله عليه وسلم" لا يشكر الله من لا يشكر الناس"وهذا جزء من كلام الشيخ رشيد وفقه الله:غير أنّني - وجهة نظر - أعتبُ عليه - حفظه الله - المبالغة في تزكية أولياء الأمور و الدفاع عنهم في التفاصيل ، بالشهادة لهم بالصلاح ، و غيرتهم على التوحيد والإسلام ، و عدم تخوضهم في المال العام وما شابه ذلك من التفاصيل.
وفق الله جميع الإخوان لما يحبه الله ويرضاه
شبيب القحطاني
عضو نشطالأخ الشيخ رشيد أرجو أن يتسع صدرك لكلام إخوانك فإنا نحبك في الله على بعد المسافة وأنت في مكانك على ثغرة للإسلام زادك الله توفيقا وثباتا
أستاذي الحبيب شبيب : زادك الله رفعةً وسمُوّا .
و الله أنا أحبّكم في الله جميعًا ، وصدري إن لم يتّسع للأحباب فلِمن تراه يتّسع ؟!
النصيحةُ مقبولةٌ منكم أيها الحبيب ، فالعلم والنصيحةُ رحمٌ بين أهلهما .
و مع هذا لازلتُ متمسكًا بمذهب السلف في الموضوع ، وو الله ما أردتُ إلا خيرًا ، ولنعلم جميعًا أنّ الخطب الموضوعةَ في هذا الملتقى ليست خاصّةً بالمملكة وحدها ، فهي سائرةٌ في الآفاق بإذن الله ، ولا يخفى عليكم حال أولياء أمور المسلمين وسلاطينهم وحكامُهم ، و إن خفي عليكم فلا أراه يخفى على الناس في 2013م - 1434هـ ، فالدعاء لهم أسلم وأنفع ، هذا ما يلقى به رشيد ربّه متجرّدًا للحق ، و والله إنّي أحبّكم في الله .
رشيد بن ابراهيم بوعافية
بارك الله في الأستاذ الفاضل حمود على هذه الخطبة الجليلة ، ففيها بيانٌ ونصرٌ لعقيدة التوحيد ، و لقواعد جليلةٍ من المنهج الصافي النقيّ ، غير أنّني - وجهة نظر - أعتبُ عليه - حفظه الله - المبالغة في تزكية أولياء الأمور و الدفاع عنهم في التفاصيل ، بالشهادة لهم بالصلاح ، و غيرتهم على التوحيد والإسلام ، و عدم تخوضهم في المال العام وما شابه ذلك من التفاصيل ، فأرى أنّ على الخطيب أن يدعو لأولياء أمورنا بالصلاح والفلاح والتأييد والتسديد ، وهذا هو المنهج كما ذكر الإمام البربهاري و غيره ، أما تنصيب النفس للدفاع عنهم و الغلو في تزكيتهم في الخطب فليس من منهج أهل السنة والجماعة ، وأخشى أن يدافع الخطيب عن شيءٍ هو حاصلٌ بالفعل . . في دولة من الدول . . فينفض عنه الناس ويعلمون أنه في وادٍ والواقع في وادٍ آخر ، وأنه نصّب نفسَهُ للخائنين خصيما ! .
فانا أجل أستاذي الفاضل حمود عن سوء ظنّ المغرضين به ، ووالله من منطلق النصيحة قلت هذا ، وأرى الاكتفاء بالدعاء لهم بالصلاح والهداية و التسديد والبطانة الصالحة ، فإن كانوا صالحين زادهم الله صلاحًا وفلاحًا ، وإن كانوا غير صالحين - والعياذ بالله - أصلحهم الله بدعائنا لهم ، و بارك فيهم و فتح عليهم ببركة صدقنا وتجرّدنا للحق . .
خطبة جليلةٌ قيّمة ، زادكم الله رفعةً وسمُوّا .
تعديل التعليق