خطبة عيد الفطر ( شكر المنعم ) 1444هـ
خالد الكناني
خطبة عيد الفطر ( شكر المنعم ) 1444هـ
الحمد لله ربّ العالمين ، صاحب الفضل والنعم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ،
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَللهِ الْحَمْدُ .
أيها المسلمون : اشكروا الله تبارك وتعالى واعبدوه وأطيعوه
قال تعالى : { بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ }سورة الزمر 66
وقال تعالى : { وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }سورة النمل 40
لقد وهبنا الله تعالى نعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ، قال تعالى : { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ }، (لَا تُحْصُوهَا ) العجز عَنْ تَعْدَادِ النِّعَمِ فَضْلًا عَنِ الْقِيَامِ بِشُكْرِهَا ......... فهو سبحانه وتعالى سخر لنا كل ما في هذا الكون من النعم والعطايا ، من أجل عبادته وحده { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
وقد أمرنا خالقنا تبارك وتعالى بأداء شكر هذه النعم ، قال تعالى : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ }سورة البقرة 152
أيها المسلمون : إن من الواجب علينا أن نستشعر فضل الله تعالى علينا ونعمه ، في كل وقت وحين وأن نشكره تعالى على تلك النعم ، وقد وعد الشاكرين بالجزاء العظيم وجعل ذلك سببا للحفاظ على النعم وزيادتها ، قال تعالى : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }إبراهيم / 7
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَللهِ الْحَمْدُ .
أيها المسلمون : نعم الله علينا عديدة وأعظمها نعمة الهداية للإسلام والإيمان فهو سبيل النجاة في الدنيا والآخرة والفوز بالجنة ، قال تعالى : {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ }الحجرات / 7، وقال تعالى :{ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }الحجرات / 17
واعلموا أن الشكر شطر الإيمان ، والإيمان نصفان : نصف شكر ، ونصف صبر .ولأن العبد تكون حاله إما ضراء فيصبر وإما سراء فيشكر
فعَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ )) صحيح مسلم (4/ 2295)
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَللهِ الْحَمْدُ .
أيها المسلمون : اعلموا إن للشكر ثلاثة أركان : الأول : أن يشهد بقلبه بنسبة النعمة للمنعم الحق مع المحبة والخضوع له ، قال تعالى : { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }النحل /53
والثاني : أن يشكر بلسانه وينسب الفضل لله وحده ويتبرأ من حوله وقوته ، قال تعالى : { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}الضحى / 11
والثالث : أن يستعمل النعمة ويسخرها في طاعة الله تعالى ولا يستعملها في سخط الله ، قال تعالى : { اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}سبأ / 13
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَللهِ الْحَمْدُ .
أيها المسلمون : اعلموا أن الشكر سبب عظيم للحفاظ عليها وزيادتها
قال تعالى : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }إبراهيم / 7.... ويتحقق الشكر بأداء الفرائض والتزود من النوافل وكثرة الدعاء واستعمل الجوارح فيما يرضي الله تعالى فيستعمل نعمة السمع والبصر وكافة الأعضاء فيما أحل الله تعالى وبذلك يكون عبدا شكورا ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا ))
وإن عدم شكر النعم وكفرانها بالمعاصي والمخالفات سبب للحرمان منها وزوالها
قال تعالى : { وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }إبراهيم / 7
وقال تعالى مبينا حال تلك القرية والتي كانت ترفل في النعم والخيرات ثم كفرت بنعم الله تعالى ولم تؤدي حقها بشكر المنعم فكانت العاقبة زوالها والحرمان منها ، قال تعالى : { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}النحل /112
فاحذروا كفران النعم بالمعاصي ... فإن ذلك يؤذن بزوالها وحرمانها
إِذا كُنْتَ فِى نِعْمَةٍ فَارْعَهَا ... فَإِنَّ المعاصِى تُزِيلُ النِّعَم
وحافظوا عليها بدوم الشكر لمسديها فإن من أسمائه الشاكروالشكور ، قال تعالى : { فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }البقرة / 158 وقال تعالى { وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ }التغابن / 17
فاشكروه جل في علاه فإنه يعطي الكثير من الأجر على القليل من العمل ويضاعف الأجور أضعاف مضاعفة ولذلك شكر للزانية على سقياها للكلب فأدخلها الجنة وشكر للرجل الذي أزال عن الطريق الغصن وغفر له ، فإحسانه عظيم وفضله عميم وكرمه كبير .
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَللهِ الْحَمْدُ
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم
الحمد لله ربّ العالمين ، الواحد الأحد الفرد الصمد ، الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد ، الكريم المنان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد عباد الله : اتقوا الله تعالى حق التقوى ، وكبروه تعالى تكبيرا .
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَللهِ الْحَمْدُ .
أيها المسلمون : شكر الله تعالى ، واجب على العبد وإن مما يعين عليه أمور منها :
*الدعاء كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا بذلك ،
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ يَوْمًا، ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ إِنِّي لَأُحِبُّكَ» . فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أُحِبُّكَ. قَالَ: " أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ )) مسند أحمد مخرجا (36/ 430)
* استحضار كمال قدرة الله وغناه وكمال رحمته ولطفه وأنه يتفضل على عباده بالنعم ويغمرهم برحمته وجوده مع تقصيرهم ، قال تعالى : { وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} لقمان /12
*وأن يتأمل العبد في كثرة النعم وعظيم جزاء الشكر في الدنيا والآخرة
*وأن يتفكر المؤمن في عظم السؤال والوقوف بين يدي الله عن مدى شكره للنعم التي أسدها إليه { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }التكاثر /8
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَللهِ الْحَمْدُ
عباد الله : تابعوا شكر الله تعالى بالقيام والصيام وسائر النوافل التي تقربكم من الرحمن ومن ذلك صيام ست من شوال
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَللهِ الْحَمْدُ .
هذا وصلوا عباد الله على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، قال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
اللهم أعز الاسلام والمسلمين ، واجعل بلادنا آمنة وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمِنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، ووفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحبه وترضاه يا رب العلمين ، اللهم اجعلنا من المقبولين وارحمنا برجمتك يا ارحم الراحمين واغفر لنا أجمعين ولوالدينا وجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا ارحم الراحمين
الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين