خُطْبَةُ عِيدِ الْفِطْرِ المُبَارَكِ (1445هـ)
محمد البدر
خُطْبَةُ عِيدِ الْفِطْرِ المُبَارَكِ (1445هـ)
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ؛ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَلله الْحَمْدُ..
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾. وَقَالَ تَعَالَى:﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾.وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِﷺالْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا،فَقَالَ:مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا:كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ،قَالَﷺ:«إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا:يَوْمَ الْأَضْحَى،وَيَوْمَ الْفِطْرِ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.شَرَعَ اللَّهُ لَنَا عِيدَيْنِ مُبَارَكِينَ ، كُلُّ مِنهُمَا يَأْتِيَ عقَب عِبَادَة عَظِيمَةٍ وَبَعْدَ أَدَاءِ رُكْن مَنْ أَرْكَان الْإِسْلَامِ،فَاشْكَرُوا اللَّهَ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيكُمْ مِنْ إِكْمَالِ الصُّيَّامِ،وبلوغ يَوْم عِيدَ الْفِطْرِ المُبَارَكِ ،وَ شَرَعَ لنا فيه التكبير قَالَ تَعَالَى:﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.فالْيَوْمُ يَوْم عِيدٍ وَفَرَحٍ وَسُرُورٍ. اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَللهِ الحَمدُ ،اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾وَقَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾إن الشرك لظلم عظيم فاحذروا من الشرك صغيره وكبيره وادعوا الله مخلصين له الدين حنفاء ،ولا تدعوا يا عِبَادَ اللَّهِ إلا الله ولا تحلفوا إلا بالله ،ولا تذبحوا الا لله ولا تنذروا الا لله ولا تتعلق قلوبكم في السراء والضراء إلا بالله،فمن سأل غير الله فقد أشرك بالله والعياذ بالله.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ؛ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَلله الْحَمْدُ..
واحذروا يا عِبَادَ اللَّهِ الوقوع في البدع والخرافات ومنها زيارة المقابر بعد صلاة العيد فليست من السنة ولا من هدي السلف الصالح ،يَقُولُ الشَّيْخ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ العُثِيْمِيْن-رَحِمَهُ اللهُ:هذا العمل بدعة لم يكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يعتاد زيارة القبور في يوم العيد..إلخ.وَيَقُولُ الشَّيْخ الأَلْبَانِيِّ-رَحِمَهُ اللهُ:فزيارة الأحياء للأموات في العيد بدعة..إلخ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ؛ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.
عِبَادَ اللَّهِ:نشئوا الأبناء على الصفات الحميدة والآداب الفاضلة والاخلاق النبيلة،والمحافظة على الطاعات والحرص على الصلاة في أوقاتها وفي جماعة وعلى التمسك بسنة النَّبِيَّﷺومحبة العلماء وولاة الأمر،وجنبوهم مواطن الفساد وقرناء السوء، وخذوا على ايديهم بالحزم والحكمة واللين والعطف والرحمة، واجتهدوا في إبعادهم عن الشر والفتنة ، واتقوا الله في نسائكم وبناتكم وكل من تعولونه وكل من تحت أيديكم قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾.وَقَالَﷺ«كُلُّكُمُ رَاعٍ ،وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.واحرصوا على بر الوالدين، قَالَ تَعَالَى:﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰنًا﴾.وصلة الأرحام والاحسان إلى الجيران ، وتفقد المحتاجين والمساكين واليتامى والأرامل والمعسرين،وازرعوا السعادة والفرح والسرور والبسمة على شفاه المرضى والمبتلين والمصابين والمعوقين،كذلك من الحقوق الواجبة على الناس إشاعة الابتسامة والسلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وأداء الأمانة ونشر المحبة والوئام وتحقيق التعاون على البر والتقوى وأن يحب المرء المسلم لإخوانه المسلمين ما يحب لنفسه.
واحرصوا –يا عِبَادَ اللَّهِ- على الصلاة حافظوا عليها في بيوت الله ،فإن الصلاة عماد الدين وأعظم أركانه بعد الشهادتين ،وتخلقوا بالآداب الفاضلة من غض البصر، وحفظ الفرج، وصيانة اللسان، وعليكم بالصدق والأمانة واجتنبوا الكذب والغيبة والنميمة والحسد والخيانة والربا والزنا وشرب الدخان وتعاطي المسكرات والمخدرات وكل ما يُذهب العقل والبعد عن المعاملات الخبيثة، والمكاسب المحرمة وغيرها فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّﷺقَالَ«اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ وَأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ»رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
عِبَادَ اللَّهِ:الْيَوْمُ يَوْم عِيدٍ وَفَرَحٍ وَسُرُورٍ، الْيَوْمَ يَوْم الْحَصَّادِ وتذكروا اخوناً لنا في الحدود الجنوبية يذبون عن حياض هذه البلاد حامين لمقدسات المسلمين فلاتبخلوا عليهم بدعوة في هذه الأيام اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ؛ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.
عِبَادَ اللَّهِ:اعلموا ان من هدي النَّبِيَّﷺالذهاب إلى مصلى النساء فيعظهن ويذكرهن وينصحهن في هذا اليوم وحيث أن الصوت ولله الحمد والمنة يبلغ مصلى النساء فنقول يا معشر النساء أطعن الله ورسولهﷺوأطعن أزواجكن بالمعروف وأقمن الصلاة، وآتين الزكاة، وأكثرن من الصدقة ,فإنكن أكثر أهل النار، واحذرن من دعاة التحرر والفجور والسفور و من دعاة الفتنة ,وإياكن والتبرج والسفور والاختلاط ،يَا أَمَةَ اللهِ:إن الحجاب لم يشرع إلاّ حمايةً لأعراضِكنّ وصيانةً لنفوسِكنّ وطهارةً لقلوبكنّ وعصمةً لكنّ من دواعِي الفتنةِ وسُبُل التحلّلِ والانحدَارِ و الانحطاط، فعليكنّ بالحجاب والاستِتار والحشمة، واغضُضن من أبصاركنّ، واحفَظنَ فروجكنّ، واحذَرنَ ما يلفِت الأنظار ويُغرِي مرضَى القلوبِ قَالَ تَعَالَى:﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا﴾.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَللهِ الحَمدُ ،اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا.
ونذكرالجميع بصيام سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ قَالَﷺ:«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء ، ووفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَللهِ الحَمدُ.
عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.
المرفقات
1712441940_خُطْبَةُ عِيدِ الْفِطْرِ المُبَارَكِ (1445هـ).pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق