خطبة عيد الفطر المبارك 1434هــــ
الشفق الشفق
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَر ، لا إِلَهَ إِلا الله ، وَاللهُ أَكْبَر ، اللهُ أَكْبَرُ ، وَللهِ الْحَمْد ، الْحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيهِ , الْحَمْدُ للهِ عَلَى الإِسْلامِ وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى الْقُرْآنِ وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى إِتْمَامِ الصِّيَامِ وَالْقِيَام ، (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ , بَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ وَجَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينْ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا .
أما بعد: اتقوا الله حق التقوى، وتقرَّبوا إليه بما يحبُّ ويرضى، تزيَّنوا بلباس التقوى؛ فالفائز من ألبسَه مولاه حُلَل مولاه، وتأهَّبوا للعرض الأكبر يوم يُعرضُ الناسُ حُفاة عُراة، وينظرُ كلُّ امرئٍ ما قدَّمَت يداه: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.
اللهُ أَكْبَرُ؛ كَمْ مِنْ عَيْنٍ لِلِه تَعَالَى باكِيَةٌ! وَكَمْ مِنْ جَبْهَةٍلَهُ سَاجِدَةٌ! وَكَمْ مِنْ أَلْسُنٍ بِذِكْرِهِ لاَهِجَةٌ؟!
اللهُ أَكْبَرُ؛صَامَ لَهُ الصَّائِمُونَ، وَقَامَ الْقَائِمُونَ، وَاسْتَغْفَرَ المُتَسَحِّرُونَ،وَأَنْفَقَ الْمُوسِرُونَ، وَانْقَطَعَ الْمُعْتَكِفُونَ، وَتَرَنَّمَ بِآيَاتِهِالْقَارِئُونَ. وَالْيَوْمَ خَرَجُوا لِلْمُصَلَّى يُكْبِّرُونَ، وَلِشَعَائِرِالْعِيدِ يُعَظِّمُونَ، لَا يَرْجُونَ شِيئًا مِنَ الدُّنْيَا.. وَإِنَّمَايَرْجُوْنَ قَبُولَ اللهِ تَعَالَى لَهُمْ وَعَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرَحْمَتَهُوَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ؛ فَاللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَاهُمْ، وَاللهُأَكْبَرُ عَلَى مَا حَبَاهُمْ، وَاللهُ أَكْبَرُ وَفَّقَهُمْ وَحُرِمَغَيْرُهُمْ.
اللهُ أكْبَرِ؛ عَرَفَهُ الْمُؤْمِنُونَ فَأَحْبُوهُ وَعَظَّمُوهُوَعَبَدُوهُ، وَجَهِلَهُ الْمُسْتَكْبِرُونَ فَكَرِهُوا شَرِيعَتَهُ، وَصَدُّواعَنْ دِينِهِ، وَحَارَبُوا أَوْلِيَاءَهُ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَاإِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِالْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: صُمْتُمْ شَهْرَكُمْ، وَأَرْضَيتُمْرَبَّكُمْ، وَحَضَرْتُمْ عِيدَكُمْ، فَأَبْشِرُوا بِجَوائِزِ اللهِ تَعَالَىلَكُمْ، فَالجوائزُ تُفَرَّقُ على العاملينَ ، بِحَسَبِ عَمَلِ كُلِّ عَامِلٍ، فَمَنْ عَمِلَ خيرًا وَجَدَ الخَيْرَ، ومَنْ عَمِلَ شرًا ، فلن يجدَ ، إلا ما يَتَّفِقُ مع عقوبةِ ذلكَ الشرِّ الذي فَعَلَهُ .
قالَ بعضُ العلماءِ : يرجِعُ أقوامٌ مِنْ المُصَلَّى ، كَيَومِ وَلَدَتْهُم أُمَّهاتُهُم ، أي أنَّهُ لا ذَنْبَ عليهِم ، قد غُفِرَتْ ذُنوبُهُم ومُحِيَتْ سَيئاتُهُم .
وَابْقَوْا بَعْدَ رَمَضَانَ عَلَى عَهْدِكُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَىيُعْبَدُ فِي كُلِّ زَمانٍ وَمَكَانٍ وَحَالٍ ﴿يا عِبَادِي الَّذِينَ آَمَنُواإِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ* كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِثُمَّ إِلَينَا تُرْجَعُونَ﴾ وَيَا مَنْ ضَيَّعْتُمْرَمَضَانَ فِي اللَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ، وَالنَّوْمِ وَالْبَطَالَةِ، وَحُضُورِمَجَالِسِ الزُّورِ وَمُشَاهَدَتِهِ: تُوبُوا إِلَى اللهِ تَعَالَى مَا دُمْتُمْفِي زَمَنِ الْإِمْهَالِ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ مَغَرَّةٍ، وَإِنَّ الْمَوْتَيَأْتِي الْعَبْدَ بَغْتَةً ﴿وَاِتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيكُمْ مِنْرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَاتَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِاللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَاإِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِالْحَمْدُ.
أيها المسلمون: عيدُكم مُبارك، وتقبَّل الله صيامَكم وقيامَكم، وصلواتكم وصدقاتكم، وجميعَ طاعاتكم، وكما فرِحتم بصيامكم، فافرحوا بفِطركم،
افرحوا وابتهِجوا واسعَدوا، وانشروا السعادةَ والبهجةَ فيمن حولكم، إن حقكم أن تفرحوا بعيدكم وتبتهِجوا بهذا اليوم يوم الزينةِ والسرور، ومن حقِّ أهل الإسلام في يوم بهجتهم أن يسمعوا كلامًا جميلاً، وحديثًا مُبهِجًا، وأن يرقُبوا آمالاً عِراضًا ومُستقبلاً زاهرًا لهم ولدينهم ولأمتهم.
قد يقول بعض المتأملين -أحسن الله إليهم-: إن المسلمين اليوم يعيشون مِحَنًا ورزايَا، وفتنًا وبلايا، لهم في كل أرضٍ أرملة وقتيل، وفي كل ركنٍ بُكاءٌ وعَويل، وفي كل صِقعٍ مُطارَدٌ وأسير، صورٌ من الذُلِّ والهوان والفُرقة والطائفية والإقصاء، دِماءٌ وأشلاء، وتسلُّطٌ من الأعداء، زاغَت الأبصار، وبلغَت القلوبُ الحناجِر، وظنَّ ظانُّون بالله الظنُونَ. ولسانُ حَالِه يقول:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ**بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ ** فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ
نعم أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّنَا فِي عَصْرٍ قَدْ كَثُرَتْ أَحْدَاثُهُ وَعَظُمَ خَطَرُهُ وَتَطَايَرَ شَرَرُهُ , إِنَّ الأَحْدَاثَ تَعْصِفُ بِالأُمَّةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ , فَلا يَكَادُ بَلَدٌ مِنْ بِلادِ الإِسْلامِ إِلَّا وَفِيهِ فِتْنَةٌ وَمِحْنَةٌ , فَكَمْ أُرِيقَتْ مِنْ دِمَاء , وَكَمْ مُزِّقَتْ مِنْ أَشْلاء , وَكَمْ حَصَلَ مِنْ بَلاء !!! حَتَّى صَارَ الْمُسْلِمُونَ أُلْعُوبَةً فِي أَيْدِي الْغَرْبِ وَالشَّرْقِ يَتَقَاسَمُونَ مُسْتَقْبَلَنَا وَيُخَطِّطُونَ لِمَذْبَحِنَا , وَنَحْنُ لا نَمْلِكُ لِأَنْفُسِنَا حَوْلاً وَلا قُوَّة !
فَأَيْنَ الْعِرَاقُ وأَفْغَانِسَتَانُ وَأَيْنَ فِلَسْطِينُ وَالشِّيشَان ؟ وَمَاذَا يَحْدُثُ فِي بِلادِ مِصْرَ وَالْيَمَن , وَكَمْ شُرِّدَ وَذُبِحَ فِي بُورْمَا وَأَرَاكَان ؟ بَلْ أَيْنَ هِيَ بِلادُ الشَّامِ ؟ وَهَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا حَيٌّ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ ؟ وَمَاذَا نَقُولُ فِي الدِّمَارِ الَّذِي حَلَّ بِهَا وَالْخَرَابِ الذِي عَمَّ مُدُنَهَا وَقُرَاهَا ؟ بُيُوتٌ هُدِّمَتْ عَلَى رُؤُوسِ أَهْلِهَا , وَصَوَارِيخُ وَقَنابِلُ قُذِفَتْ عَلَى شَعْبِهَا !
ثم يقول هذا القَائِلُ: هل بعد هذه الأحزانُ من أفراح؟! وهل بعد هذه المضائقُ من مخارج؟! وهل وراءِ هذه الآلام من آمال؟! وهل في طيَّات هذه المِحَن من مِنَح؟! ومتى يلُوحُ نورُ الإصلاح؟!
يقول المُستبشِر المُحتفِي بعيده حَسَنُ الظن بربه: نعم، ثم نعم، فاهنأوا بِعِيدِكُم، وابتهِجُوا بأفرَاحِكُم، وهل يَكُونُ انتظار الفَرجَ إلا في الأزمات؟! وهل يُطلَبُ حسنُ الظنِ إلا في المُلِمَّات؟! يقول ربُكم في الحديث القدسي -عزَّ شأنُه-: " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ "
فأبشروا يا أهل الإسلام ... فدينُ اللهِ منصور ، ورايةُ الإسلامِ لن تُنَكَّس ، ولنْ يَقِفَ في وجْهِ رسالةِ محمدٍ بنِ عبدِ اللهِ دولٌ ولا امْبَرَاطُورِيَات ، فضلاً عن أحزابٍ وأفرادٍ صعاليك ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَاالْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍوَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْبِذُلِّ ذَلِيلٍ،عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّاللهُ بِهِ الْكُفْرَ" وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ، يَقُولُ: " قَدْ عَرَفْتُذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُوَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّوَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ "
فتحيةُ إجلالٍ وإكبارٍ إلى أولئك الرجال ، الذين ركَّعوا العِصَاباتِ النُّصيريةِ ، التي بَلَغَتْ جَرَائِمَهُمْ عَنَانَ السَّماءِ ، فَحُقَّ لنا أنْ نَفْرحَ في عيدِنا بهم ، ونُعْلِنَها صَرِيحةً : طُوبى لكم ، وطُوبى لنا بكم .
العِيدُ حَلَّ وقدْ قَامتِ له العَـرَبُ
والبِشْرُ أَقْبَلَ والأفـراحُ والطَرَبُ
والشّـامُ تَنْصِبُ للسَّفَّاحِ مَشْنَقَـةً
بُشْرَى لبشارٍ فالسَّاعاتُ تَقْتَرِبُ
ما أَجملَ العيدَ مِنْ غَيْرِ الطُّغاةِ وما
ألذَّ أنْ تُبْصِرَ الجَلاَّدَ يَنْتَحِبُ
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا أَنَّ نَعُودَ عَوْدَةً صَادِقَةً إِلَى دِينِنَا وَنَلْجَأَ لَجُوءَاً حَقِيقِيَّاً إِلَى رَبِّنَا , فَنَتَمَسَّكَ بِدِينِهِ , وَنَقُومَ بِالْوَاجِبَاتِ وَنَتَجَنَّبَ الْمُحَرَّمَاتِ , وَنُوقِنَ أَنَّ مَا يَحْدُثُ هُوَ بِسَبَبِ تَقْصِيرِنَا , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير) , وَقَالَ اللهُ تَعَالىَ (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَحْفَظُ لَنَا اللهُ بِهِ دِينَنَا وَأَمْنَنَا الْعُلَمَاءَ وَالْحُكَّامَ الْمُسْلِمِينَأن , فَبِالْعُلْمَاءِ يَحْفَظُ اللهُ الدِّينَ , وَبِالْحُكَّامِ يَحْفَظُ اللهُ الأَمْنَ , وَهَذَا أَمْرٌ يَغْفُلُ عَنْهُ الْكَثِيرُ وَلا يَفْهَمُهُ إِلَّا الْقَلِيلُ .
وَإِنَّ مِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ حَقَاً , وَيَنْدَى لَهُ الْجَبِينُ صَدْقاً أَنَّهُ قَدْ صَارَ بَعْضُ النَّاسِ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعُلَمَاءِ وَيَقْدَحُونَ فِيهِمْ بِمَا لا يَنْبَغِي مِنْ مِسْلِمٍ يَرْجُو اللهَ وَالدَّارَ الآخِرَةَ . قَدَحُوا فِيهِمْ بِحُجَّةِ أَنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ فِي الدَّعْوَةِ أَوْ فِي إِنْكَارِ الْمُنْكَرَاتِ , أَوْ أَنَّهُمْ عُلَمَاءُ السَّلاطِينِ , أَوْ أَنَّهُمْ مُدَاهِنُونَ لِلْحُكَّامِ , إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْلِمُ القَلْبَ , وَيَحْزَنُ لَهُ كُلُّ عَاقِلُ !!! إن هَذَا الكَلامُ قَوْلُ مُتَخَرِّصٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى جُهُودِ الْعُلَمَاءِ الْعَظِيمَةِ فِي تَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَتَوْجِيهِ الأُمَّةِ وَإِنْكَارِ الْمُنْكَرَاتِ , وَدَرْءِ الْفِتَنِ وَالشُّبُهَاتِ , بَلْ هُوَ مَغْرُورٌ مِسْكِينٌ قَدْ صَارَ مَطِيَّةً لِلشَّيْطَانِ , وَبُوقاً لِدُعَاةِ الْفِتْنَةِ , وَأَدَاةً لِلْغَرْبِ لِزَرْعِ الْفِتْنَةِ فِي الْبِلادِ . فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا خَوْفُ رَبِّنَا , وَحِفْظُ أَلْسنِتِنَا , وَاحْتِرامُ عُلَمَائِنَا , وَالدَّعَاءُ لَهُمْ بِظَهْرِ الْغَيْبِ بِالتَّوْفِيقِ وَالتَّسْدِيدِ , ثُمَّ الذَّبُّ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ مِمَّنْ يَنَالُ مِنْهُمْ مِنَ الْجُهَّالِ وَالْمُغْرِضِينَ .
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ أُمَّةَ الْعَقِيدَةِ : إِنَّهُ لا بُدَّ لِكُلِّ بَلَدٍ مِنْ حَاكِمٍ وَلا بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ احْتِرَامٍ وَطَاعَةٍ بِالْمَعْرُوفِ وَإَلّا صَارَتِ البِلادُ ضَائِعَةً لا خِطَامَ لَها وَلازِمَام ,
تَأَمَّلُوا مَا حَوْلَنَا وَاعْتَبِرُوا , فَإِنَّ وَاقِعَ كَثِيرٍ مِنَ الدُّوَلِ الْمُجَاوِرَةِ أَنَّهُمْ أَرَادُوا تَغْيِيرَ مُنْكَرٍ فَوَقَعُوا فِي مُنْكَرٍ أَكْبَرَ مِنْهُ بَلْ مُنْكَرَاتٍ كَثِيرَةٍ أَرَادُوا أَنْ يَبْنُوا قَصْرَاً فَهَدَمُوا مِصْراً .
خَرَجُوا أَوَّلَ مَا خَرَجُوا فِيمَا يُسَمُّونَهُ : مُظَاهَرَاتٍ سِلْمِيَّةٍ ثُمَّ تَطَوَّرَتْ حَتَّى صَارَ سِلاحٌ وَقَتْلٌ , تَظَاهَرُوا فَأُرِيقَتِ الدِّمَاءُ وَأُزْهِقَتِ الأَرْوَاحُ وُهُتِكَتِ الأَعْرَاضُ وَتَيَتَّمَ الأَطْفَالُ وَتَرَمَّلَ النِّسَاءُ وَدُمِّرَتِ الْمُمْتَلَكَاتِ وَذَهَبَ الأَمْنُ وَالْوَاقِعُ خَيْرُ شَاهِدٍ , فَقَدْ أَصْبَحُوا مَحَلَّ أَطْمَاعٍ لِتَيَّارَاتٍ سِيَاسِيَّةٍ وَأَطْمَاعٍ عَالَمِيَّةٍ وَطَوَائِفَ وَأَدْيَانٍ ضَالَّةٍ !
فَهَلْ حَصَلَ خَيْرٌ بِهَذَا الْخُرُوجِ ؟ أَمْ زَالَتِ الْمُنْكَرَاتِ ؟ أَوِ اسْتَقَرَّتِ الْبِلَادُ وَصَلَحَتْ أَحْوَالَهَا ؟
يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي كَلامِهِ عَنْ تَحْرِيمِ الْخُرُوجِ عَلَى الأَئِمَّةِ حَتَّى وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ جُورٌ وَظُلْمٌ يَقُولُ : وَلَعَلَّهُ لا يَكَادُ يُعْرَفُ طِائِفَةٌ خَرَجَتْ عَلَى ذِي سُلْطَانٍ إِلَّا وَكَانَ فِي خُرُوجِهَا مِنَ الْفَسَادِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْفَسَادِ الذِي أَزَالَتْهُ .
وَقَالَ الإِمَامُ سَهْلٌ التُّسْتَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ : هَذِهِ الأُمَّةُ ثَلاثٌ وَسَبْعُونَ فِرْقَةً , اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ هَالِكَةٌ كُلُّهُمْ يَبْغَضُ السُّلْطَانَ , وَالنَّاجِيَةُ هَذِهِ الْوَاحِدَةُ التِي مَعَ السُّلْطَانِ .
وَيَقُولُ الإِمَامُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبِرْبَهَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ : إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَدْعُوا عَلَى السُّلْطَانِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ هَوَى , وَإِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَدْعُوا لِلسُّلْطَانِ بِالصَّلاحِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى .
أَلَا فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاحْذَرُوا الْفِتَنَ وَلا تَكُونُوا وَقُودَاً لَهَا , وَاحْذَرُوا الْجَرْيَ وَرَاءَ السُّفَهَاءِ , بَلْ وَخُذُو عَلَى أَيْدِيهِمْ وَنَاصِحُوهُمْ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ , وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ , وَنَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ , أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَاللهُ أكْبَرُكَبِيرًا؛ أَفْرَحَنَا بِالْعِيدِ، وَرَزَقَنَا الْجَدِيدَ، وَمَتَّعْنَابِالْعَيْشِ الرَّغِيدِ؛ فَلَهُ الْحَمْدُ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيهِ كَمَاأَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحَدَهُلَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ الْعِيدَ مِنْ شَعَائِرِهِ الْمُعَظَّمَةِ ﴿ذَلِكَ وَمَنْيُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ فَأَيُّ دِينٍ جَعَلَ أُنْسَ النَّاسِ وَفَرَحَهُمْ عِبَادَةً يُؤْجَرُونَعَلَيهَا؟! وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَمَرَ بالتَوسِعَةِعَلَى الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ يَوْمَ الْعِيدِ، حَتَّى يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ فِيالْإِسْلَامِ فُسْحَةً، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِوَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُأَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ ولِلهِالْحَمْدُ.
أَمَّا بَعْدُ : فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلائِهِ , وَمِنْهَا أَنْ بَلَّغَكُمْ هَذَا الْعِيدُ الذِي خَتَمَ اللهُ بِهِ شَهْرَ الْقُرْآنِ وَالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ وَافْتَتَحَ بِهِ أَشْهُرَ الْحَجِّ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وَمَنْ أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ قَبْلَ صَلاةِ الْعِيدِ وَإِلَّا فَلْيُؤَدِّهَا قَضَاءً وَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ عَلَى تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتَهِا .
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
عِبَادَ اللهِ : كَيْفَ نَسْعَدُ بِالْعِيدِ وَقَدْ خَرَجَ مِنَّا أُنَاسٌ بِقُلُوبٍ مَمْلُوءَةٍ غَيْظَاً وَحِقْدَاً وَغِلَّاً وَبُغْضَاً لِإِخْوَانِهِمُ الْمُسْلِمِينَ بَلْ لِأَقَارِبِهِمْ بِسَبَبِ لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا أَوْ بِسَبَبِ سَفَاهَةِ سَفِيهٍ أَوْ تَصَرُّفٍ مَشِينٍ أَوْ ظَنٍّ آثِمٍ خَاطِئٍ فَهَؤُلاءِ نُذَكِّرُهُمْ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)
فَبَادِرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ بِالسَّلامِ وَالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْكَمْ وَيَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِكِمْ .
عِبَادَ اللهِ : وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا وَصَّى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاء , فَإِنَّهُ قَالَ (فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
فَحَافِظُوا رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى تِلْكَ الْجَوْهَرَةِ الْمَصُونَةِ مِنْ عَبَثِ الْعَابِثِينَ وَمِنْ كَيْدِ الْمُنَافِقِينَ .
وكَمْ مِنَ النَّاسِ مَنْ ضَيَّعَ حُقُوقَ النِّسَاءِ وَظَلَمَهُنَّ , حَتَّى َجَعَلَهُنَّ مِنْ سَقَطِ الْمَتَاعِ وَكَأَنَّهُ يَعِيشُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى
أَمَا يَخْشَى أُنَاسٌ مِنْ عَذَابِ اللهِ حِينَمَا مَنَعُوا الْمَرْأَةَ مِنْ حَقِّهَا مِنَ الْمِيرَاثِ الذِي فَرَضَهُ اللهُ لَهَا مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ ! فَتَجِدَهُ يَتَحَايَلُ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى حَتَّى يَمْنَعَهَا أَوْ يَبْخَسَهَا حَقَّهَا حَتَّى تَسْتَحِي مِنْ أَخْذِ مَالِهَا . فَحِينَاً تُعْطَى دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ لا تُسَاوِي حَقَّهَا , وَحِينَاً يَسْتَأْثِرُ الأَوْلَادُ بِالْعَطَايَا وَالْهِبَاتِ , وَأَحْيَانَاً يُصْرَفُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ شِرَاءِ سَيَّارَةٍ وَمَسْكَنٍ دُونَ إِعْطَائِهَا أَوِ الْمُبَالَاةِ بِهَا , وَتَارَةً تُحْمَلُ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى عَلَى هِبَةِ نَصِيبِهَا لِإِخْوَانِهَا , فَتُعْطِيهِمْ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ حَيَاءً أَوْ خَوْفَاً مِنْ لَوْمِ الْمُجْتَمِعِ إِذَا لَمْ تُعْطِ إِخْوَانَهَا ! وَهَذَا لا تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ وَلا يَحِلُّ لِمَنْ أَكَلَ نَصِيبَهَا حَتَّى وَإِنْ كَانَ شَقِيقَهَا لِأُمِّهَا وَأَبِيهَا .
أَمَّا الظُّلْمُ الآخَرُ الذِي يَقَعُ عَلَى النِّسَاءِ فَهُوَ مَسْأَلَةُ الْعَضْلِ وَمَنْعُهَا مِنَ الزَّوَاجِ , فَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ ؟ وَإِلَى مَنْ تَشْتَكِي ؟ الله أكبر، الله أكبر لا إلهَ إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أَيَتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ، أَيَتُهَا الصَّائِمَةُالْقَائِمَةُ: إِنَّ الْأَمَلَ مَعْقُودٌ عَلَيكِ فِي تَرْبِيَةِ جِيلٍ صَالِحٍيَنْفَعُ نَفْسَه وَيَنْهَضُ بِأُمَّتِهِ، فَكُوْنِي أُمًّا تَصْنَعُ أُمَّةً؛فَإِنَّ إمَامَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ نَشَأَ يَتِيمَافَصَنَعَتْهُ أُمُّهُ بِرِعايَةِ اللهِ تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ، فَصَارَ أُمَّةًفِي رَجُلٍ، وَمَنْ لَا يَعْرِفُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَحْمَدَ بْنَحَنْبَلٍ؟! وَكُلُّ عِلْمِهِ وَجِهَادِهِ وَنَفْعِهِ لِلْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِطُوَالَ الْقُرُونِ فَلِأُمِّهِ الَّتِي رَبَّتْهُ وَأَدَّبَتْهُ وَقَامَتْ عَلَيهِمِثْلُ أَجْرِهِ؛ لِأَنَّهَا صَنَعَتْهُ إِمَامًا، وَلَمْ تَتْرُكْهُعَابِثًا.
وَكَانَتْ أُمُّ الشَّافِعِيِّ تَلْتَقِطُ الْأَوْرَاقَ التَّالِفَةَلَهُ لِيَكْتُبَ عَلَى قَفَاهَا دُرُوسَهُ، وَمَا رَدَّهَا الْفَقْرُ عَنْ صُنْعِإِمَامٍ مِنْ أَكْبَرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَكَثِيرٌ مِنْ عُظَمَاءِالشَّرْقِ وَالْغَرْبِ صَنَعَتْهُمْ نِسَاءٌ مِنْ أُمَّهَاتٍ وَأَخَوَاتٍوَقَرِيبَاتٍ، وَمِنْ كَثْرَتِهِمْ أُلِفَتْ كُتُبٌ فِيهِمْ عُنْوِنَتْ: أَيْتَامٌكَانُوا عُظَمَاءَ، وَأَيْتَامٌ غَيَّرُوا مَجْرَى التَّارِيخِ، وَأَيْتَامٌصَنَعُوا التَّارِيخَ.
أَيَتُهَا الْحُرَّةُ الْعَفِيفَةُ: وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُؤْسِفِ أَنْ تَرَى الْمَرْأَةَ عَابِدَةً صَائِمَةً قَائِمَةً تَالِيَةً لِلْقُرْآنِ وَلَكِنْ لا يَرُدُّهَا ذَلِكَ عَنْ مُجَارَاةِ الْمُجْتَمِعِ فِي الْعَادَاتِ الْقَبِيحَةِ مِنْ تَبَرُّجٍ وَاخْتِلاطٍ وَلِبَاسٍ شِبْهِ عَارِي فِي الْمُنَاسَبَاتِ وَمُشَاهَدَةِ الْقَنَوَاتِ واقْتِرَافٍ لِلآثَامِ وَالسَّيِّئَاتِ فَلَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّحَلِّي وَلَا بِالتَّمَنِّي وَ لَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقُلُوبِ وَصَدَّقَتْهُ الْأَعْمَالُ .
الله أكبر، الله أكبر لا إلهَ إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْمُسْلِمَات : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ صَامَ رَمْضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّاً مِنْ شَوَّال كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
فَيَجُوزُ صِيَامُهَا مُتَفِرَّقَةً وَمُجْتَمِعَةً , مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ مِنْ آخِرِهِ , لَكِنَّ الأَفْضَلَ أَنْ تَكُونَ مُتَتَابِعَةً وَتَكُونَ مُبَاشَرَةً بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ , يَعْنِي يَبْدَأُ الصِّيَامُ مِنْ يَوْمِ غَدٍ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : هَذَا يَوْمُ عِيدِكُمْ فَافْرَحُوا بِنِعْمَةِ رَبِّكُمْ وَهَنِّئُوا بَعْضَكُمْ وَصِلُوا أَرْحَامِكُمْ وَزُورُا أَقَارِبَكُمْ , وَانْشُرُوا الأُلْفَةَ وَالْخَيْرَ بَيْنَكُمْ. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَأَرُوا اللهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرَاً وَجَدِّدُوا التَّوْبَةَ وَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَزِنُوهَا قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا وَتَأَهَّبُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ عَلَى اللهِ حِينَمَا تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَة , وَاعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ إِخْوَانٌ فِي الإِسْلامِ فِي بِلادِ الشَّامِ قَدْ أَصْبَحُوا عَلَى قَصْفِ الطَّائِرَاتِ وَقَذائِفِ الرَّاجِمَاتِ وَأَصْوَاتِ الْمُجَنْزَرَاتِ , أَصْبَحُوا فِي بُيُوتٍ عَلَى رُؤُسِهِمْ مُهَدَّمَةٍ وَأَشَلاءٍ مُمَزَّقَةٍ وَأَعْرَاضٍ مُنْتَهَكَةٍ , أَصْبَحُوا بَيْنَ قَتِيلٍ وَجَرِيحٍ بَيْنَ كَسِيرٍ وَفَقِيرٍ بَيْنَ مُشَرَّدٍ وَمُرَوَّعٍ , وَإِنَّ مِنْ حَقِّهِمْ عَلَيْنَا التَّضَّرُّعَ لَهُمْ بِالدُّعَاءِ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي أَوْقَاتِ الإِجَابَةِ وَفِي جَوْفِ اللَّيْلِ , كَمَا أَنَّ مِنْ حَقِّهِمْ دَعْمُهُمْ بِالْمَالِ وَالصَّدَقَاتِ وَسَدِّ خُلَّتِهِمْ عَبْرَ الْجِهَاتِ الرَّسْمِيَّةِ وَالأَيَادِي الأَمِينَةِ , اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِأَهْلِ سُورِيَا فَرَجَاً وَمَخْرَجَا ، اللَّهُمَّ احْفَظْ أَعْرَاضَهُمْ وَآمِنْ رَوْعَاتِهِمْ ، اللَّهُمَّ وَاكْشِفْ عَنْهُمُ الْبَلاءَ ،يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَام , اللَّهُمَّ كُنْ لِإِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي سُورِيَا وَفِي فِلَسْطِينَ وَفِي الْعِرَاقِ وَفِي أَرَاكَانَ وَفِي كُلِّ مَكَان , اللَّهُمَّ وَاحْقِنْ دِمَاءَ إِخْوَانِناَ فِي مِصْرَ الْكِنَانَة , اللَّهُمَّ وَهَيِّئْ لَهُمْ قِيَادَةً صَالِحَةً , اللَّهُمَّ مَنْ كَادَهُمْ فَكِدْهُ وَمَنْ أَرَادَهُمْ بِشَرٍّ أَوْ سُوءٍ أَوْ فِتْنَةٍ فَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرَاً عَلَيْهِ يَارَبَّ الْعَالَمِينَ , اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَعْدَاءِ الدِّينِ اللَّهُمَّ عَلْيَكَ بِالرَّافِضَةِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالشُّيُوعِيِّيْنَ الذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَيُقَاتِلُونَ أَوْلَيَائَكَ , اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَكَ اللَّهُمَّ وَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ إِلَهَ الْحَقِّ , اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُوْرِنَا وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ وِلايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمَينَ , اللَّهُمَّ وَفِّقْ خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ، وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ ، اللَّهُمَّ وحِّدْ بِهِ كَلِمَةَ الْمُسْلِمِينَ ، وَارْفَعْ بِهِ لِوَاءَ الدِّينِ ، اللَّهُمَّ وَفِّقْه وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وَسَدِّدْهُمْ وَأَعِنْهُمْ ، وَاجْعَلْهُما مُبارَكِيْنَ مُوَفَّقِيْنَ لِكُلِّ خَيْرٍ وَصَلاحٍ .
اللَّهُمَّ وَأَبْرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمْرَ رُشْدٍ يُعَزُّ فِيهِ أَهْلُ طَاعَتِكَ وَيُهْدَى فِيهِ أَهْلُ مَعْصِيَتِكَ وَيُؤْمَرُ فِيهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيُنْهَى فِيهِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ صِيَامَنَا وَقِيَامَنَا وَزَكَاتَنَا وَصَلاتَنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ مِنَّا مُخْطِئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَمَنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْهُ ، اللَّهُمَّ اسْلُلْ سَخِيمَةَ قُلُوبِنَا ، "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ" , سُبْحَانَكَ رَبَّنَا رَبَّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
المشاهدات 3398 | التعليقات 5
بارك الله فيك أخي الشفق : خطبتك المجموعة جليلةٌ قيّمة ، فيها تمجيدٌ لله و تعظيمٌ للإيمان و تذكيرٌ بالتوحيد ، و عرّجت فيها على مآسي الأمّة و لم تنسَ أن تبثّ روح الأمل ، وذكّرت فيها بوجوب اجتماع الكلمة على أولي الأمر من العلماء والأمراء ، وهذا واجب الوقت على الشعوب والمجتمعات الإسلامية ينضمّ إلى واجب العلماء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و الصدع بالحق علىما توجبه الشريعة ، وواجب الأمراء في النصح لشعوبها و القيام بالدّين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه مقوّمات الاستقرار و الأمن . .
و ختمت في الخطبة الثانية بشكر الله والتذكير بالصفح والصلة والبر ونصح النساء . فجاءت الخطبة شافية كافية . تقبّل الله منك ومنّا وجعلها في ميزان الحسنات .
تحتاج إلى الاختصارفي نقل الآثار
ويلاحظ طول الخطبة الثانية
وقريبة من تفكيري في خطبتي
نفع الله الجميع
كتب الله أجركم صاحب الفضيلةوخطلة رائعة جداً
لكن حبذا لة تنزلونها لنا وورد
الشيخ / رشيد ابراهيم ............ الشيخ / صالح العويد ............. الشيخ / عبد العزيز فاهد ،،،،،،،،، شكرا جزيلاً ولاحرم الله الجميع الأجر والثواب. (( وعيدكم مبارك ))
الشفق الشفق
السلام عليكم وعيدكم مبارك .... يا اخوان يهمني رأيكم ومقترحاتكم .. فلا تبخلوا علي بها ... فالمؤمن مراءة أخيه ...
تعديل التعليق