خطبة عيد الفطر المبارك ١٤٤٥هـ للشيخ صالح بن محمد السعوي
صالح محمد السعوي
الخطبة الأولى لعيد الفطر المبارك عام 1445هـ
الشيخ صالح بن محمد السعوي إمام وخطيب جامع المريدسية
الحمدلله الذي أتم لأمة الإسلام الصيام، وأعانهم عليه وعلى القيام، وشرع لهم في هذا اليوم الاجتماع والصلاةَ وسماعَ خطبةِ الإمامِ والتغرق بعده لمواصلة البر والصلة والتقدير والاحترام.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أحمده تعالى وهو المثنى عليه على الدوام وأشكره سبحانه ومن شكرْ فاز بالانعام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك القدوس السلام.
وأشهد أن نبينا محمداً عبدهُ ورسولُه أفضلُ من صلى وصام وحج البيت الحرام.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأئمة الأعلام وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر كلما كبره المكبرون، الله أكبر كلما هلله المهللون الله أكبر كلما حمده الحامدون الله أكبر كلما سبحه المسبحون الله أكبر كلما استغفره المستغفرون الله أكبر كلما عظمه المعظمون وحوقله المحوقلون.
أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه، والتذكيرُ بالنعم من وسائل تذكرُها ومعرفةُ فضلِ الله علينا معشر المسلمين بها وتلقيها بتحقيق العمل لله بها وشكرهِ عليها، ومن روؤسها نعمةُ الإسلامِ والهدايةِ له والقيام بشرائعه عقيدةً وقولاً وعملاً، ونعمةُ بعثةُ نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصَح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، ونعمةُ هذا القرآن الذي جعله الله هدى وبيناتٍ من الهدى والفرقان يهدي للتي هي أقوم، وفيه الشفاءُ للقلوب والأبدان، ونعمةُ العلماء الربانيين والدعاة المصلحين الذين هم ورثةُ الأنبياء والله أخذ عليهم الميثاقُ أن يبينوا للناس ما أُنزل إليهم من ربهم على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام، وأمر الله الناس بسؤالهم فيما لا علم لهم به، ونعمةُ القادةِ الذين هم رعاةُ الناس في مصالحِ الدين والدنيا، ونعمةُ الأمن الذي بسببه يعيشُ الناسُ في ظله طلقاءُ يأمنون بأنفسهم وعلى أنفسهم ومحارمهم وحرماتهم ويؤدون بأمن فرائض الله والواجباتِ والمكملاتِ، وأولادُهم يغدون ويروحون لدور العلم وحِلقِ تعليم القرآن في المساجد وغيرها وتتواصلُ الأعمالُ من جميع النواحي والتخصصات وتنتظمُ مصالحَ الناس في مزاولة البيع والشراء وأعمال الزراعة والحرفِ والصناعةِ وتتوالى الأسفارُ في أرض الله الواسعة من غير خوف ولا وجل.
عن عبيدالله بن مُحْصَن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( من أصبح منكم آمناً في سربه معافىً في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا)) رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب.
وهذا هو الذي نتمتع به في ظل هذه الدولةِ المباركةِ، وحقُها علينا التعاونُ معها فيما يلزم التعاونُ فيه والدعاءُ الصالح لهم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
وما دمنا ذكرنا بعضُ مهمات النعمِ فإن الزواجَ ينبغي الإشارةُ إليه بملخص مبارك فالزوجة خُلقت من الزوج وذكر اللهُ أنها سكن للزوج ووصفهما باللباس، قال الله عز وجل: ﴿ وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ﴾. الآية سورة الروم الآية21.
وقال جل وعلا : ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ ﴾سورة البقرة الآية 187.
وقال :﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ﴾ سورة البقرة الآية223.
والمصالح كثيرة في الزواج منها الإنجاب وتكثير سواد أمة الإسلام وتوارث الأجيال وتواصل إقامة دين الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ومن تذكر هذه المصالح وبما يتفرعُ منها.
عرف منزلة الزواج وما فيه من الفوائد. وعندها يتحقق من الجميع تسهيل مهمات الزواج. وحل عقباته ومنها تخفيف مدفوعات المهور وبما يرتبط به من مكملات بوجه عام من موائد وتفاخر بقصور واستراحات ومأكولات ومشروبات تتميز عما هو دونها، وهي تثقل کاهل الزوج وقد لا يدرك نفقات الزواج الا بالاستدانة أو بسؤال الناس ثم يعيش معه هم الدين وعشر الوفاء لعدة سنوات. ولهذا فإنه ينبغي لأولياء الفتيات أن يسهلوا أمور زواجهن ويحمدون الله على توفيقه لذلك، ونثني لفلذات الأكباد اللواتي هن علقات في قلوب أوليائهن بسبب تأخر زواجهن أن يعرفن ثمار الزواج. ويقنعن بالخطاب الذي يرضى دينهم وأمانتهم وقابليتهم للزواج بغض النظر عن أمور أخرى وذلك مغنماً لإدراك إنجاب الأولاد قبل فوات الأوان ، لأن وقت حمل النساء سنوات معدودة وهي قليلة وثمار الأولاد لا يعادله ثمار في الدنيا، وأنبياء الله يسألون ربهم بمواهب الذرية فإبراهيم عليه الصلاة والسلام يخبر الله عنه بقوله : ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ سورة الصافات الاية 100 ويحمد الله ويقول: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ سورة إبراهيم الآية 59. و يخبر الله عن زكريا عليه السلام بقوله : ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾.سورة ال عمران الاية 38.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
أيها الأخوة والأخوات القدوة الحسنة من مهمات نفوذ التربية الصالحة للأولاد الجلساء وبني المجتمع لأنه ينظر إليها وكيف يقبل التوجيه الحسن ممن ليسوا متصفين بالحسن وهذا ظاهرٌ جلي وكلٌ يعرفهُ، وصلاحُ الأولاد مكتسب للأمة ولا ينفرد به والديهم والعنايةُ بهم من قبل الوالدين أمر لازم وهم يحتاجون من يعينهم من صلحاء المجتمع ومن رجال التربية من معلمين ومعلمات، والتعاون قائم من الجميع ولكن نتطلع للمزيد، وللأمهات في القيام بتربية من في حضانتهن جهد كبير وجهاد بليغ يذكر ولا يجهل وهو ملموس محسوس لدى الجميع ولا نظن أن أحد ينكره وماذا علينا تجاه الأمهات أولاً تعاون الأباء معهن وثانياً إنقياد الأولاد لهن في الطاعة والبر و الخدمة ومعرفة منزلتهن لذلك ونصحهن لهم ومن مثلهن بالعطف والشفقة والحنان فهنيئاً لكن أيتها الأمهات المربيات ولا يسعنا إلا الدعاء الصالح لكنّ كما يكون إنهاضُ الأولاد أن يقدروا الأمهات ويعرفوا قدر التربية الصالحة والقائمين عليها وفضل العلم ومصلحة التعلم في الصغر وترسيخة في النفوس والتغذية به مدى العمر. أيها الشباب والشابات كونوا على يقظة ممن تجالسون وتصاحبون ولا تنخدعوا بالبسمات والضحكات والكلمات العارية من النصح والمحبة الصادقة بما في ذلك الحذر الفتن والافتتان من بعض الوسائل من نقال وغيره . واحفظوا نفوسكم بحفظ الله ودعوا دائماً كلما لا يعنيكم ولا يراد منكم لتسلموا من التبعات دنيا وآخرة، وكونوا قدوة لغيركم ووسيلة صلاح وإصلاح وهكذا نكون جميعاً من رجال ونساء وشباب وشابات والله في عون الجميع . اللهم بل أكبادنا بصلاح الزوجات والأولاد والمربين والمربيات.
اللهم أصلح إمامنا وانصر به الدين وأصلح ولي عهده والعلماء والأمناء والمستشارين وشد عضده بهم أعوذ بالله من الشيطان الرحيم : ﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾سورة النساء الآية 124.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
خطبة أخيرة لعيد الفطر المبارك العام ١٤٤٥
الحمد لله الذي امتن على النفوس المسلمة في الرغبة في حضور الاجتماعات المشروعة.
أحمده تعالى على توفيقه وعونه، وأشكره سبحانه على واسع فضله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللطيف بعباده. وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله لجنه وأُنسه.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خيرة أمته وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد أما بعد : فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه وابتغوا مواصلة الأعمال الصالحة فإنه لا انقضاء لها في حياة المسلم والمسلمة بنفسيها إلا بموتهما والله سبحانه يقول : ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾سورة الحجر الآية99، وعن عائشة رضى الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أحبُّ الأعمال إلى الله أروقها وإن قل)) متفق عليه.
وعنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يَمَلُ حتى تملوُّا))متفق عليه.
و اغنموا صيام الست قال صلى الله عليه وسلم :( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر))رواه مسلم.
ومن عليه قضاء من رمضان فعليه بالمبادرة، ومن لم يخرج زكاة الفطر فعليه إخراجها هذا اليوم من غير تأخير. و تبادلوا التهنئة بهذا العيد تقبل الله من الجميع.
وخذوا بقول الله : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ سورة الأحزاب الاية 56
اللهم صل وسلم و بارك على نبينا محمد ما أزهرة الأشجار وأينعت الثمار وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الآل والصحب والتابعين.
واجعلنا ممن تبعهم واحشرنا في زمرتهم . اللهم أعز الإسلام والمسلمين وانصر من نصر الدين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وشياطين الإنس والجان وقر عيون الآباء والأمهات بصلاح الابناء والبنات اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلح ولاة أمورنا وكل من تولى للمسلمين أمراً، وخص إمامنا وولي عهده بالتوفيق والحفظ والعون ، والتسديد وصلاح العلماء وشد الأزر بهم وبخيرة المؤمنين الصالحين المصلحين .
اللهم ألف على الخير بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وألسنتنا وسائر جوارحنا و أزواجنا وذرياتنا وأموالنا وأوقاتنا واجعلها عامرة فيما يرضيك عنا اللهم تب على التائبين واغفر ذنوب المذنبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين وفرج كرب المكروبين وأزل هم المهمومين واكس العارين وأطعم الجائعين وأمن الخائفين. اللهم احفظ لنا إيماننا وثبتنا عليه واحفظ رجال أمننا والمرابطين على الحدود وحراس المنافذ والمحارم والحرمات والمرافق والطرق واحم دماءهم وأعراضهم وعتادهم واغفر لمن مات منهم وأحسن الخلف على من خلفوا واغفر لنا أجمعين ولأمواتنا وأموات المسلمين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا انك رؤف رحیم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
المرفقات
1712628255_خطبة عيد الفطر المبارك 1445.pdf