خطبة عيد الفطر المبارك

أبو عبد الله الأنصاري
1433/09/18 - 2012/08/06 03:26AM
[align=justify]خطبة عيد الفطر
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكب الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي خلق خلقه أطْوَاراً، وصَرَّفهم في أطوار التخليق كيف شاء عِزَّةً واقتداراً، وأرسل الرسل إلى المُكَلَّفين إعذاراً منه وإنذاراً، فأتَمَّ بهم على المتبعين نعمته السابغة، وأقام بهم على المعرضين حجته البالغة، فنصَبَ الدليلَ، وأنار السبيل، وأزاح العِلَل، وقطع المَعَاذير، وأقام الحُجَّة، وأوضح المَحَجَّة، خَصَّ بالهداية مَنْ شاء منهم نعمة منه وفضلاً، وحرمها مَنْ غَلَبَتْ عليه الشقاوة نصفاً منه وعدلاً ، فهذا فضلُه وعَطَاؤه ، وهذا عَدْله وقضاؤه وكان أمر الله مفعولا.ً
أحمدُه والتوفيق للحمد من نعمه، وأشكره والشكرُ كفيلٌ بالمزيد من فضله وكرمه، وأستغفره وأتوب إليه والاستغفار والتوبة خير حصن للمرء من عذابه ونقمه , لا فوز إلا في طاعته، ولا عِزَّ إلا في التذلل لعظمته، ولا غنى إلا في الافتقار إلى رحمته، ولا هدى إلا في الاستهداء بنوره، ولا حياة إلا في رضاه، ولا نعيم إلا في قُربه، ولا صلاح للقلب ولا فلاح إلا في الإخلاص له، وتوحيده وحبِّه، سبحانه ما أعظمه وأكرمه وأحلمه , إذا أُطيع شكر، وإذا عُصي تاب وغفر، وإذا دُعي أَجاب، وإذا عُومل أثاب. الحمد لله الذي يُطعم ولا يَطعم ، منَّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا ، وكل بلاء حسن أبلانا ، الحمد لله غير مودَّع ربي ولا مكافأ ولامكفور ولا مستغنى عنه، الحمد الله الذي أطعم من الطعام وسقى من الشراب وكسى من العرى وهدى من الضلالة وبصر من العمى وفضلنا على كثير من خلقه تفضيلاً الحمد لله رب العالمين.
أشهد أنه المعبود وحده بحق وكل معبود سواه فمعبود بالباطل ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ، له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلا الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ، وأشهد أن محمداً عبده المفضل على المرسلين ورسوله المبعوث رحمة للعالمين خاتم الأنبياء وسيد الأولياء وإمام الأتقياء وصاحب الشفاعة والمورد واللواء صلى الله عليه وعلى آله وعلى أصحابه ومن تبعهم على الحق والهداية إلى يوم الدين .
معاشر الناس : تقبل الله منا ومنكم صالحات الأعمال ، هذا رمضان شهر الله الكريم دخل علينا وخرج عنا ، دخل علينا منادياً يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، فوعى نداءه قوم سبقت لهم من الله سابقة التوفيق ، فكان رمضان لهم ميدانَ منافسة ، ورحابَ مسابقة ، وفرصةً للقرب من الله تعالى ، أخذوا فيه من طاعة ربهم بنصيب وافر ، مشوا إلى ربهم فهرول إليهم ، فمضى عليهم وهم على خير أحوالهم وأحسن أعمالهم ، والله لا يضيع أجر العاملين ، مضى عليهم وأعينهم لفراقه دامعة ، وقلوبهم لانقضائه آسفة ، وأتى على آخرين فكانت أيامه أثقل عليهم من صم الصخور ، وما آن أوان رحيله إلا ولسان حال أحدهم قول القائل :
رمضان ولى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاق .
أتدرون كم بين الصنفين من الفرق ؟؟ وكم بينهما من المسافة ؟؟ إن فرق ما بينهما هو فرق ما بين الموفق والمغبون ، وما بين المهتدي والضال ، وما بين العالم والجاهل ، وما بين من شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ومن جعل الله صدره ضيقاً حرجاً كأنا يصعد في السماء ، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.
فيا من أحسن في شهر رمضان إن رب رمضان هو رب الشهور كلها ، لا تنقض غزلك ، ولا تنكص على عقبيك ، ولا تستبدل قربك من الله بالبعد عنه ، وإقبالك عليه باستدباره ، فلئن كان تقبل منك عملك فما هذا فعل الشاكرين ، ولئن كان رد عليك عملك فما هذا فعل الخائفين ، وإن من علامة قبول الحسنة الحسنة بعدها ، هل أنت عازم على أن تصلي الفجر في جماعة في المسجد في شوال وبعد شوال كما كنت تصليها في المسجد في رمضان ؟ أم تلك عادات رمضان فإذا ذهبت ذهبت معه .
وأما إن كنت أسأت في رمضان فإن لك فيما بقي من عمرك مستعتب وفرصة لتنيب لمن يفرح بتوبة التائبين ، وهو القائل سبحانه : ( وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ).
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
معاشر الناس : لقد أنعم الله تعالى علينا بنعمة الإسلام وكفى بها نعمة ، إنها النعمة التي أخرجنا الله بها من الظلمات إلى النور ، فإذا بهذه الأمة تجد للمرة الأولى معنى الحياة الكريمة في ظل دين سماوي رباني ، تكفل الله لها فيه بالهداية وصلاح الأمر في الدنيا والنجاة والفوز في الآخرة . ( ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً ) فهو الدين الهادي للعقول والأرواح والجوارح والأبدان.
إلا وإن من أعظم ما اختص به دين الله تعالى الإسلام وجاء به للأمم أنه دين الجماعة والألفة يبني مجتمع المسلمين على أن يجتمعوا على الحق ولا يتفرقوا فيه كما قال تعالى وقال تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ) وذكَّر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فقال سبحانه ( وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بين قلوبهم ) ولهذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يذكَّر أصحابه بذلك فيقول كما في المسند من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله بي ألم آتكم متفرقين فجمعكم الله بي الم آتكم اعداء فألف الله بين قلوبكم ) وأصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه .
ومن هذا الباب - ولحفظ نعمة الجماعة - فإن دين الله الإسلام حذر الأمة من أن تسلك مسالك الأمم الماضية الذين تفرقوا واختلفوا وتنازعوا ومن ذلك قوله تعالى : ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ) وبرأ نبيه من مشابهة الذين تفرقوا وتنازعوا فقال تعالى : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء ) .
وكما أن تمسك الأمة بحبل الله واعتصامها بدينه هو أعظم أسباب اجتماعها وأتلافها فإن أعظم أسباب اختلافها فيما بينها وتفرقها في نفسها إلى شيع هو تركها لبعضٍ مما أمرت به من الدين والحق وهذا ما أخبر الله تعالى به في قوله عن النصارى : ( ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) ، وقال عن اليهود ( وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) .
ولذلك ما اختلفت أمة فيما بينها ولا دب إليها التنازع إلا لشيء من دينها تركته أو حق من حقوق ربها أضاعته هذا ما لا ينبغي أن يغيب عن وعينا .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
معاشر الناس : لقد بليت بلادنا في السنوات الأخيرة بطائفتين ظالمتين كان لكل طائفة منهما أسوأ الأثر على أمن العباد واستقرار البلاد .
الطائفة الأولى : وهي أشدها خبثاً ، وأسوأها طوية ، وأبعدها مكراً بالبلاد والعباد ، ألا وهي طائفة الشيعة الغلاة من الحوثيين ، أذناب الرافضة الإمامية الإثني عشرية ، الذين يتسترون في بلادنا بمسمى التشيع الزيدي ، وهم أبعد ما يكون عن زيد بن علي وشيعته .
وإن على كل مسلم بعامة وعلى كل يمني بخاصة أن يعرف حقيقة الأفكار العقائدية الضالة التي يعتقدها هؤلاء ، والأهداف السياسية الخبيثة التي يتسللون للوصول إليها .
إن الحرب التي خاضها الحوثيون ضد شعبنا وبلادنا حرب عقائدية سياسية في آن ، يُراد منها إخضاع بلادنا وشعبنا للمشروع الفارسي المتذرع بالفكر الشيعي الرافضي الخبيث ، الذي تأسست عليه ما تسمى بدولة إيران الإسلامية وهي في حقيقة الأمر أبعد ما تكون عن الإسلام وعقيدته ومفاهيمه .
واسمحوا لي أن أقول لكم - بعيداً عن المجاملة وتلطيف القول - إن الحروب التي خاضها ويخوضها الحوثيون في بلادنا وضد شعبنا هي – في حقيقة الأمر - حربٌ بالوكالة عن دولة إيران الفارسية ، التي حملت على عاتقها ما تسميه بتصدير الثورة الإسلامية ، وتهدف بذلك إلى نشر مذهبها الرافضي الخبيث في مجتمعات المسلمين ، بالوسائل السلمية والغزو الثقافي حيناً ، وبالحرب والقتل وسفك الدماء في أحيان أخرى كثيرة .
وإن من أهم ما يلزمك أيها المسلم أن تعرف ما هي عقيدة الرافضة ؟ وما هي أصولهم الفكرية المنابذة للإسلام ؟ وأنا أجملها لك بأشد الاختصار :
1. فمن أهم أصولهم الاعتقاد بولاية الأئمة الإثني عشر بدءاً أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وانتهاءاً بمحمد بن الحسن العسكري الذي يزعمون أنه اختفى بسردابٍ بسامراء بالعراق سنة مائتين وستين من الهجرة ، ويزعمون أنه لا يزال حياً منذ أكثر من ألف ومائة عام ، فصاروا عاراً على بني آدم ، وضُحكة يسخر منها كل عاقل .
والشيعة الرافضة يعتبرون الاعتقاد بإمامة هؤلاء الإثني عشر أصلاً من أصول الدين ، وركناً من أركان الملة ، من لم يعتقد به وبعصمة هؤلاء الأئمة الإثني عشر فهو كافر حلال الدم والمال ، ومن هنا فإن الرافضة يعتقدون أنه ليس على وجه الأرض اليوم ولايةٌ صحيحةٌ معتبرةٌ ، ولا حاكمٌ شرعيٌ إلا لما يسمونه ( الفَقِيْه ) النَّائِب عن الإمام المعصُوم !! إمام الزمان الغائب المختفي في السرداب ، وأنه يجب على أهل الأرض جميعاً ألا يرْتَضُوا ولايةً إلا ولايةَ هذا الفقيه النائب عن الإمام الغائب!! ، وأنه يَلْزمُ مَن قَوِيَتْ شوكتُهم في بلد ما أن يسْعَوا لتغيير أوضاع الحُكم في بلدانهم لتكون تحت ( ولاية الفقيه ) النائب عن الإمام المعصوم ، وإلا كانوا قابعين تحت حكم الطاغوت.
إذا عرفت هذه العقيدة الرافضية السخيفة تبين لك أنها هي الدافع لأذنابهم من الحوثيين في حربهم وفتنتهم التي أرادوها أن تأكل الأخضر واليابس ، واستحلوا فيها الدماء والديار ، وقتلوا الأنفس المعصومة بغير حق ، فردَّهم الله بغيظهم لم ينالوا خيراً ( كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ).
2. ومن عقائدهم : تكفير الصحابة كلهم إلا ثلاثة منهم واعتقاد أنهم كانوا منافقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما توفي صلى الله عليه وآله وسلم أعلنوا ردتهم وخروجهم عن الدين بالكلية .
3. ومن عقائدهم : تكفير عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأم المؤمنين الصديقة بنت الصديق واتهامها بالإفك الذي قاله المنافقون فيها وأنزل الله براءتها منه وهل أعظم من الطعن في عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشرفه.
4. والشِّيْعَةُ الِإمامِيَّةُ الرَّافضة من أشدِّ طوائف المنتسبين إلى الإسلام إشراكاً بالله تعالى ، وهم يقدِّسون أئمتهم الإثني عشر - الذين يزعمون لهم العصمة الكاملة - وغيرَهم تقدِيْساً شِركيِّاً عظيماً ، ويغْلُوْن فيهم أقْبَحَ الغُلو ، ويعبدُونهم دون الله تعالى ، ويعكُفُون على قبورهم، ويعوِّلون عليهم في قضاء الحاجات وتفريج الكربات أعظمَ من تعويلهم على الله رب العالمين مالك يوم الدين ، وهم - بذلك - أبعدَ ما يكونون عن إسلام الوجه والدين لله الذي هو دين جميع الأنبياء والرسل - عليهم الصلاة والسلام - ورحم الله ابن القيم حين قال عنهم فيما سيأتي من كلامه : ( ولهذا لمَّا كانت الرافضة من أبعد الناس عن العلم والدين عَمَرُوا المشاهِد وأَخْربُوا المساجد ).
5. ومن أعظم ما هم عليه شديد عداوتهم لعموم المسلمين أهل السنة والجماعة وحقدهم وكراهيتهم لمن ليس على مذهبهم في الرفض وعداوة الصحابة ، واستحلالهم لدمائهم وأموالهم وأعراضهم ، ويكفي للتدليل على ذلك شهادة التاريخ عليهم بأنهم يقفون دائما مع عدو المسلمين من اليهود والنصارى ضد المسلمين ، حتى قال شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني رحمه الله : ( فإنه لا أمانة لرافضي قط على من يخالفه في مذهبه ، ويدين بغير الرفض ، بل يستحل ماله ودمه عند أدنى فرصة تلوح له ، لأنه عنده مباح الدم والمال ، وكل ما يظهره من المودة فهو تُقية ، يذهب أثره بمجرد إمكان الفرصة ، وقد جربنا هذا تجريبا كثيرا ، فلم نجد رافضيا يُخلص المودة لغير رافضي ، وإن آثره – أي السنِّي - بجميع ما يملكه ، وكان له بمنزلة الخّول – أي القريب المعين -، وتودد إليه بكل ممكن ، ولم نجد في مذهب من المذاهب المبتدَعة ولا غيرها ما نجده عند هؤلاء من العداوة لمن خالفهم ).
هؤلاء هم الرافضة وهذه عقيدتهم التي يسعون لنشرها بين شعوب المسلمين ، والتي وضع الخميني الهالك وغيره من آياتهم السياسات لتصديرها .
الخطبة الثانية
الله أكبر عدد ما أبدع ربنا من البرايا وخلق ، والله أكبر عدد ما زرع إلهنا من الحرث وفلق ، والله أكبر عدد ما هدى مليكنا إلى الحق ووفق الحمد لله عظيم المنة ، المتفضل علينا بالكتب والسنة ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك في الدين كما لا شريك له في الملك والتكوين وأشهد أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب خاتم النبيين وإمام المرسلين وقائد الغر المحجلين إلى رب العالمين.
أما الطائفة الثانية التي أفسدت أمننا وأماننا : فهم أدعياء الجهاد من الشباب الجاهل أو الظالم لنفسه وأمته ، الذين يخبطون في ديننا ودنيانا خبط عشواء بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ، من منسوبي ما يعرف إعلامياً بتنظيم القاعدة ، فباسم الجهاد يزهق هؤلاء الأنفسَ المسلمة البريئة ، ويريقون الدماء المحترمة المعصومة ، وباسم الجهاد يفجر هؤلاء أنفسهم في مسلمين مثلهم بغير بينة ولا برهان
أفّ ثم أفّ لأنفس ظالمة تتوق لقتل الأبرياء ، وتستمرئ إراقة الدماء ، وتفرح بتناثر الأشلاء ؛ وتَعد ذلك نصراً للدين وإعزازاً للملة ، أيُّ فهوم تلك الفهوم المعكوسة ، وأيُّ بصيرة لتلك العقول المنكوسة ، أوليس قتل النفس المعصومة من أعظم الذنوب المحرمة ؟! أوليس : ( من قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ).
هل يَقبل هذا العملَ المشين مؤمنٌ صادق يحذَر الآخرةَ ويرجو رحمة ربِّه ؟! وهل يقبل بهذا أحدٌ له بقيّةٌ من عقل أو صُبابة من فِكر أو أثارة من عِلم أو ذرة من دين ؟! فضلاً عن أن يُجيزه ويقرَّ به أو يُسَرَّ ويفرح به أو يحرِّض عليه ، ثمّ أوَليس هؤلاء الرّجال الذين يُقتلون مِن رجال الأمن ومَن عداهم أوَليس هؤلاء بمسلِمين؟! تحت أي ذريعة من دين أو هدى صارت دماؤهم ماءً زلالاً ؟! وقتلهم مباحاً حلالاً ؟َ أوليسوا يقولون الكلمة التي من قالها عصمت مالَه ودمه إلا بحقها وحسابه على الله ، ألا يعلم هؤلاء الجرءاء على الله وعلى دينه ودماء عباده أن ( زَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ) كما صح عن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، أوَ ما سمعوا قولَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لاَ يَزَالُ العَبْدُ فِي فُسْحَةٍ فِي دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا ). فدم المسلم حرامٌ، وماله حرامٌ، وعرْضه حرامٌ، وقد صان الإسلامُ الدِّماءَ والأمْوَالَ والأَعْرَاضَ، فلا يجوز استحلالُها إلا ببينة أجلى من الشمس وضوء النهار ، قَالَ : ((كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ)). وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: (مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ) رواه الترمذي.
متى صار سفك دماء المسلمين جهاداً ؟! والإفساد في بلادهم وهدم بيوتهم عليهم غيرة وديناً ؟! ، والله تعالى لم يأذن لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بجهاد أعداءه في مكة لأجل أن بها مؤمنين ربما نالهم من الضرر ما لا يعلم به المسلمون ، ولذلك قال : ( ولولا رجال مؤمنون ونساءٌ مؤمنات لم تعلموهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً ) تلك هي حرمة دماء المؤمنين عند الله تعالى . قارن بين هذا وبين منْ يزْرعُ القنابلَ والمتفجِّراتِ فيستهْدفُ الأرْواحَ المسلمةَ البريئةَ، يعلم أنه يقْتُلُ من المسلمين العشراتِ ويجْرحُ المئاتِ ويروِّعُ الآلافَ ؟! يقتُلُ الطفل الصَّغيرَ والمرْأةَ الضعيفة والشَّيْخَ العاجزَ من غيْر جريرةٍ اقْترفوها ؟! : وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا .
[/align]
المشاهدات 2536 | التعليقات 0