خطبة عيد الفطر (الأخوة)

محمد بن إبراهيم النعيم
1438/09/29 - 2017/06/24 13:45PM

(الله أكبر، الله أَكبر)، (الله أَكبر، اللهُ أكبر)، (اللهُ أكبر، اللهُ أكبر)، (الله أَكبر، الله أَكبر)، (الله أَكبر).

(الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله)، و(الله أكبر الله أكبر ولله الحمد)، الله أكبر عدد ما ذكر الله ذاكرٌ وكبر، الله أكبر عدد ما حمد الله حامدٌ وشكر، الله أكبر ما أقبَلَ شهرُ الصيام وأدبر، الله أكبر ما فرح الصائم بتمام صيامه واستبشر، (اللهُ أَكبرُ كَبِيرًا، وَالحَمدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك العظيم الأكبر، الذي جعل لكل شيء وقتًا وأجلاً مقدر، تأذن بالزيادة لمن شكر، وتوعد بالعذاب من جحد وكفر، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الشافع المشفعُ في أرض المحشر، صلّ الله عليه وعلى آله وصحبه، ما أقبل صبح وأسفر، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد.
فنحن في يَومٍ عَظِيمٍ وَعِيدٍ كَرِيمٍ، يَومٌ يَحِقُّ لكل منا أَن يبتسم ويبتهج، وينشرح صدره وتقر عينه، ولِمَ لا نفرح وقد منَّ الله علينا بالهداية، وبلغنا رمضان، ووفقنا للصيام، ووعدنا بالعتق من النيران!
فهنيئًا لكم أيها الصائمون والقائمون، هنيئًا لكم أيها المنفقون، هنيئًا لكم أيها المكثرون من تلاوة القرآن.
إن من تمام شكر هذه النعمة: الاستقامةُ على الطاعات والمحافظةُ عليها بعد رمضان، فهذا دليلٌ على قبول العمل بإذن الله، ومن نكث عن الصراط المستقيم وانتكس، وعاد إلى التفريط والتقصير، فذلك الذي يخشى عليه أن يكون حاله: حال الذين قال الله فيهم: (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً)، فهل بعد الصلاة والصيام والقيام، وقراءة القرآن والذكر، والصدقة وأعمال الخير، يكون العصيان والتقصير والتفريط؟! إن هذا والله ليس من علامات التوفيق وقبول الأعمال.
لقد أمرنا الله عز وجل بالاستقامة على الطاعة حتى نلقاه؛ لأن العبرة بخواتيم الأعمال، ولا يدري أحدنا متى يأتيه أجَلُه، فوجب على كل مسلم -رجلاً كان أو امرأة- أن يبقى مستقيما على طاعة الله حتى يأتيه اليقين، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ).

(الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله)، (الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)، إن عيد الفطر المبارك، وخروج المسلمين لصلاة العيد، وتكبيرهم وتوحيدهم لله عز وجل في هذا اليوم، وتهنئة المسلم لإخوانه المسلمين في كل بقاع الأرض، من أهدافه أن يعزز جانب الأخوة الإيمانية بين المسلمين.
إن الإسلام يهدف بتشريعه السامي إلى جعل كلمة المسلمين واحدة، كي يكونوا أمام أعدائهم كالبنيان المرصوص، فلا غرابة أن ترى الإسلام يضع كثيراً من الموانع التي تمنع الناس عن التهاجر والتباغض فيما بينهم، فحرم الغيبة والنميمة وسوء الظن والتجسس والتناجي بين اثنين بحضور ثالث، وحرم أن يبيع المرء على بيع أخيه أو يخطب على خطبته، وحرم النجش والهجر أكثر من ثلاثة أيام، وأخبر –صلى الله عليه وسلم- بأن الله تعالى يحجب مغفرته عن كل متخاصميْن حين يغفر ذنوب المسلمين كل اثنين وخميس، وفي المقابل وضع الإسلام كثيرا من المحفزات لدوام الألفة والأخوة بين المسلمين فحث على المصافحة وأخبر بأنه يغفر ذنوب المتصافحين وعرض الأجر العظيم لكل من زار أخاً أو مريضاً أو تبع جنازة أو قضى لأخيه حاجة حتى تبسم الرجل في وجه أخيه جعل الله ثوابه صدقة من الصدقات، وأباح الكذب وهو محرم إن كان للإصلاح بين المتخاصمين.

إِنَّ أُمَّةَ الإِسْلامِ تَعِيشُ الآنَ مَرْحَلَةَ تفرق وتمزق، وأصبح الدم ينزف فِي معظم دولها، ولا حل لهم إلا بالرجوع إلى تحكيم الكتاب والسنة، فهما اللذان يعززان رابطة الأخوة الإيمانية.

فلنجعل العيد مرحلة تجديد للتسامح والتغافر والتآخي فيما بيننا، ولنحافظ على أمن مجتمعنا بزيادة لحمتنا وتعزيز أخوتنا، ونبذ الشائعات المغرضة التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فمتى كنا يدا واحدة وقلبا واحدا، هابنا الأعداء.

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم. (الله أكبر، الله أكبر)، لا إله إلا الله، (الله أكبر، الله أكبر)، ولله الحمد.

الخطبة الثانية

(الله أَكبر، اللهُ أكبر)، (اللهُ أكبر، اللهُ أكبر)، (الله أَكبر، الله أَكبر)، (الله أَكبر)، اللهُ أَكبرُ كَبِيرًا، وَالحَمدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسلم كثيرا. أيّها المؤمنون ابتهِجوا بعيدكم، ولا تكدِّروا جمالَه وصفاءَه بالمعاصِي وقطيعة الأرحام، واستقيموا على الطاعة والإحسان بعد رمضان، فما أحسنَ الإحسانَ يتبعُه الإحسان، ومن صام رمضانَ ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر، وأُذكِّر من لم يخرِج زكاةَ فِطره حتى الآن فقد خالف هدي النبي –صلى الله عليه وسلم- وليبادِر إلى إخراجِها فورًا، ومن أتى مِنكم من طريقٍ، فليرجِع من طريقٍ آخر إن تيسَّر له ذلك اقتداءً بسنّة النبي –صلى الله عليه وسلم-

أيها الأخوة، لقد أمر النبي –صلى الله عليه وسلم- نساء المسلمين حضور صلاة العيد، بل أمر البالغات وحتى من بها العذر الشرعي، أمرهن بالحضور، وأن يعتزلن المصلى؛ ليسمعن الخطبة ويؤمنَّ على الدعاء، وما ذلك إلا لمظنة استجابة الدعاء في خطبة العيد.

فدعونا ندعو الله تعالى، ونرفع إليه حوائجنا، طالما أن الدعاءَ الآن مستجاب: اللهم يا واحد يا صمد، يا من لم يكن له صاحبةً ولا ولد، يا من فتحت بابك للسائلين، ووعدت بإجابة الداعين، تقبل منا صيامنا، وأعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا، اللهم اهدنا, واهد شبابنا وأزواجنا وأبناءنا وبناتنا, واهدنا سبل السلام. اللهم اجمع شملنا ووحد كلمتنا، وأعز الإسلام بنا،, اللهم وانصر عبادك المستضعفين في كل مكان, وخص إخواننا في الشام، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها الا أنت. اللهم أحيننا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا، وأمتنا على أحسن الأخوال التي ترضيك عنا, اللهم زينا بالعلم وجملنا بالتقوى وألبسنا لبسا العافية. اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمرنا، اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، اللهم أعد علينا شهر رمضان أعواما عديدة وأزمنة مديدة ونحن في صحة وعافية، اللهم اجعل عيدنا فوزاً برضاك، والشوق إلى رؤياك، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا،-- اللهم ارزقنا الثبات حتى الممات، اللهم أصلح لنا ديننا--ربنا آتنا في الدنيا حسنة...

تقبل الله منا ومنكم، وكل عام وأنتم بخير وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. (الله أكبر، الله أكبر)، لا إله إلا الله، (والله أكبر، الله أكبر)، ولله الحمد.

المشاهدات 1305 | التعليقات 0