خطبة عيد الأضـحى ١٤٤٤ ھ
حسام الحجي
اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ.
اللهُ أَكبرُ ما وَقفَ الحَجِيجُ عَلى صَعيدِ عَرفاتَ يَحْدوهمُ الأَملَ والرَّجاءَ، اللهُ أَكبرُ مَا لَهجَتِ الأَلسِنةُ بِالذِّكْرِ والدُّعاء، اللهُ أَكبرُ مَا أَشرَقَ هَذا اليَومُ بِالسُّرورِ والهَناء، فَتلأَلأَتِ الوجُوهُ بالبِشْرِ والصَفاء، وعَمَرتِ القُلوبُ بِالحُبِّ والوَفاء، وسَلِمتْ مِنَ الكَراهِيَّةِ والحِقْدِ والجَفاء.
اللهُ أَكبرُ كَبيراً، والحَمْدُ للهِ كَثيراً، وسُبحانَ اللهِ بُكْرةً وأَصيلاً.
أَمَّا بَعْدُ: لَقَدْ بَزَغَ فَجرُ هَذا اليَومِ، فَعمَّ الكَونَ الضِّياءُ والنُّورُ، فاستَقبلَهُ المُسلِمونَ بِالبِشْرِ والسُّرورِ، والفَرَحِ والحَبورِ،(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، والعِيدَ صَفحةٌ مَجِيدةٌ، ولَحظَاتٌ طيِّبةٌ سَعيدةٌ، يَظْهرُ الفَرحُ فِيهِ ويُنشَر، ويُذكَرُ فِيهِ اللهُ ويُشكَر.
فِي عِيدِ الأَضحَى يَقولُ اللهُ تَعالَى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)، وذِكْرُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ يَبدأُ مِنذُ السَّاعاتِ الأُولَى ليَومِ العِيدِ، آخِذاً صُورةَ الجَهرِ لاَ الإِسرارِ، إِعلاَناً ورَفعاً للشِّعارِ، فَفِي هَذا اليَومِ تَلهَجُ الأَلسِنةُ وتَنطِقُ الحَناجِرُ، مُعلِنةً كِبرياءَ اللهِ وعَظَمتَهُ، وحَمْدَهُ ووحَدانِيَّتَه، يُعلَنُ ذَلِكَ فِي المَساجِدِ والمُصَلَّياتِ، بَلْ وفِي البُيوتِ والطُّرُقاتِ.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ،لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحَمْد.
مَا أَحسنَ وأَجملَ أَنْ يسَعى الإِنسانُ إِلى أَخيهِ الذِي هَجَرهُ وقَاطَعهُ، وربَّما خَاصمَهُ ونَازَعهُ، فَيعتَذِرَ إِليهِ حتَّى وإِنْ رَأى أَنَّ الحَقَّ لهُ لا عَليه، فَأفضَلُ النَّاسِ وخَيرُهم مَنْ بَدأَ غَيرَه بِالسَّلامِ، أَملاً فِي استِقرارِ الحُبِّ وتَرسيخِ الوِئامِ، ولتَحقِيقِ هَذا فَإِنَّ الإِسلاَمَ يُثَمِّنُ ويُقدِّرُ جُهْدَ كُلِّ مَنْ سَاهمَ فِي التَّقرِيبِ بَيْنَ مُتباعِدَيْنِ، والصُّلحِ بَينَ مُتخاصِميَنِ، يَقولُ الرَّسُولُ ﷺ: [أَلاَ أُخبِرُكم بأَفضَلَ مِنْ دَرجَةِ الصِّيامِ والصَّلاةِ والصَّدقَةِ؟ قَالوا: بَلى، قَالَ: إِصلاَحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسادَ ذَاتِ البَيْنِ هيَ الحَالِقَةُ، لاَ أَقولُ تَحلِقُ الشَّعْرِ ولكِنْ تَحلِقُ الدِّينَ].
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ،لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحَمْد.
لَقَدْ بَيَّنَ لنَا رَسولُ اللهِ ﷺ مَا نَفعلُهُ فِي يَومِنا المُبارَكِ هَذا فَقالَ: [إِنَّ أَولَ مَا نبَدأُ بهِ فِي يَومِنا هَذا أَنْ نُصلِّيَ ثُمَّ نَرجِعَ فَننحرَ، فَمَن فَعلَ ذلكَ فَقَد أَصابَ سُنَّتنا، ومَنْ ذَبحَ قَبلُ فَإِنَّما هوَ لَحمٌ قدَّمهُ لأَهلِهِ، لَيسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيءٍ]، وإِنَّ يَوماً يَبدأُ بِصلاةِ العِيدِ هوَ بِلاَ شَكٍّ يَومٌ طيِّبٌ سَعيدٌ، ثُمَّ هوَ يومٌ يَنحَرُ فِيهِ المُسلِمونَ ضَحايَاهُم وهَدايَاهُم قُربَةً للهِ عَزَّ وجَلَّ، وإِراقَةُ دِماءِ الأَضَاحِي والهَدايا قُربَةً للهِ وشُكراً هوَ عَملٌ صَالِحٌ يَبقَى لِمَنْ عَمِلَهُ رَصيداً وذُخْراً، يَقُولُ الرَّسولُ ﷺ [مَا عَمِلَ آدَميٌّ يَومَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلى اللهِ مِنْ إِهراقِ الدَّمِ، وإِنَّها لتَأتِي يَومَ القِيامَةِ بِقرونِها وأَظلاَفِها وأَشعارِها، وإِنَّ الدَّمَ ليَقعُ مِنَ اللهِ بمَكانٍ قَبلَ أَنْ يَقعَ علَى الأَرضِ؛ فَطِيبوا بِها نفساً].
ومَنْ لَم يَقْدِرْ عَلَى الأُضحِيةِ لضِيقِ ذَاتِ يَدهِ فلْيسعدْ حالاً، ويَطمَئنَّ بَالاً، فَقَد ضَحَّى عَنهُ رَسولُ اللهِ ﷺ فَقَد رويَ [أَنَّ الرَّسولَ ﷺ ذَبحَ كَبشاً وقَالَ: بِسْمِ اللهِ واللهُ أَكبرُ، اللهُمَّ هَذا عنِّي وعَنْ مَن لَمْ يُضحِّ مِن أُمَّتى].
اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكبرُ، اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحَمْد.
إنّ ما نشهدُه من تنظيمٍ باهرٍ وإعدادٍ ظاهرٍ لموسمِ الحجِ واحتشادِ جميعِ قطاعاتِ الدولةِ، بدءًا من سرعةِ إنهاءِ إجراءاتِ دخولِ الحجاجِ لحدودِ بلادِنا المباركةِ، جوًا أو برًا أو بحرًا، ثم سلاسةِ تفويجِهم ودخولِهِم للحرمِ الناصعِ بياضُه نظافةً، امتثالاً للقائلِ سبحانَه: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)، وأما في المشاعرِ فالتنظيماتُ الدعويةُ والأمنيةُ والصحيةُ والإعاشيةُ والتنقليةُ شيءٌ ضخمٌ يفوقُ الوصفَ.
فَجزى اللهُ ولاَة أمرِنا خَيرًا.
تقبَّلَ اللهُ طاعاتِكم وصالحَ أعمالِكمْ، وقبِلَ صَيامَكُم وصَدقَاتِكمْ ودُعَاءَكمْ، وضحاياكُم وضاعفَ حسناتِكمْ، وجعلَ عيدَكم مباركًا وأيَّامَكمْ أيامَ سعادةٍ وهناءٍ وفضلٍ وإحسانٍ.
وأعادَ اللهُ علينا وعلى المسلمينَ مِنْ بركاتِ هذا العيدِ، وجعلنَا في القيامةِ منَ الآمنينَ، وحَشَرَنَا تحتَ لواءِ سيدِ المرسلينَ.