خطبة عيد الأضحى 1444هـ
عبد الله بن علي الطريف
خطبة عيد الأضحى 1444هـ
الحَمدُ للهِ كثيرًا واللهُ أكبرُ كبيرا.. اللهُ أكبرُ خَلَقَ الخَلقَ وأَحصاهُم عَددًا وكُلُهم آتِيهِ يَومَ القِيامَةِ فَرْدًا.. اللهُ أَكبَرُ عَزَّ سُلطانُ ربِنا وعَمَّ إِحسَانُ مَولانَا، خَلقَ الجنَ والإنسَ لِعبادتِه.. وعَنتْ الوُجُوهُ لِعَظَمَتِهِ.. وخَضَعت الخَلائِقُ لِقدرَته.. اللهُ أكبرُ كبيرا والحمدُ للهِ كَثيرًا وسُبحان اللهِ بُكرةً وأصيلًا.. وأشهدُ ألا إله إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَه، وأشهدُ أنَّ محمدًا عَبدُه ورسولُه.. صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وأَصحَابِهِ والتَابِعِينَ لَهم بإِحسانٍ إِلى يَومِ الدِينِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا..
أَمَا بَعْدُ: أَيُها الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ: اتقوا الله تعالى واعرفوا نعمتَهُ عَلَيكُم بِإدرَاكِ هذا العيد؛ ففيه يجزلُ اللهُ لعبادِه الأجورَ والعطايا.. وتمتلئُ القلوبُ بِهِ فَرحًا وسُرورًا.. وتَزدَانُ به الأرضُ بهجةً ونورًا.. يومٌ يخرجُ فيه المسلمُونَ في الأَمصَارِ إلى صلاةِ العيدِ لربِهم مُكَبرينَ مُهلِلِينَ حَامِدِين.. وبِنِعمَتِهِ مُغْتبطِين.. فعيدُكم مُباركٌ وعيدُكم سعيدٌ، وأعادَه اللهُ عَلينا وعلى الأمةِ باليمنِ والبركَاتِ..
أعيادُنا مَعاشرَ المسلمين: مَظهرٌ من مَظاهِرِ دِينِنا، لا تَعرفُها الأُممُ في شَتَى أَعيادِها.. ذَلكَ أنَّ الفرحَ بالعِيدِ مِنْ الأَعمَالِ التي نُؤجرُ عليها؛ لِذلكَ افرحُوا بعيدِكم وأَظهِرُوا السرُورَ فِيهِ بِمَا أَباحَ اللهُ لَكُم.. فالفرحُ بالعِيدِ مِنْ شَعائِر الدِينِ التي يفعلُها المسلِمون حتى وإن كانوا في مُعَانَاةٍ أَو تَرَقُبِ مِحنَةٍ.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
ولقد أظهرَ نبيُّنا ﷺ الفرحَ والسرورَ بالأعيادِ في شَرعِه وفِعلِه، ونَدبَ المسلمينَ ليفرَحوا، ودَعْوَتُهُ للفرحِ والاحتفَال بالعيدِ لا تَعني جَوازَ فِعلِ المحظُورات والمحرمَات، لذا لا يطلقُ المسلمُ لنفسِهِ ولا لأهلِهِ وأولادِهِ العنانَ لفعلِ ما يشاءون مما تهوى نفُوسُهم، دونَ النظرِ للحِلِ والحُرمةِ مُحتجًا بمشروعيةِ الفرحِ بالعيدِ، ومن المظاهرِ المشروعةِ للاحتفالِ بالعيد:
لُبسُ الجديدِ والحَسنِ من الثيابِ وإنْ لم يستَطِعْ فالنظيفِ والتطيُبُ، ففي صحيحِ البخاري أن عُمرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَرَضَ على النَبِيِّ ﷺ أنْ يَشتَري حُلَّةً مِن دِيباجٍ ليَلبَسَها للوفودِ والعيدِ والجُمُعة؛ فامتَنَعَ ﷺ لتَحرِيمِ لُبسِ الحرِيرِ على الرجالِ، وهذا يَدُلُّ على أنَّ التَجمُّلَ للعِيدِ كان أَمرًا مُعتَادًا بَينَهم، "وعن نافعٍ أنَّ ابنَ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما كان يَلبَسُ في العيدينِ أحسنَ ثِيابِه". رواه البيهقي بإسناد صحيح.
ومنْ مظاهِرِ الفرحِ بالعيدِ: أمرُ النَّبِيِّ ﷺ بخروجِ الرجالِ والنساءِ والصغارِ إلى صلاةِ العيدِ مِنْ طَرِيقٍ.. مُكبرين مهللين حَامدِين، ومن السنةِ أن يخرجوا مشيًا على الأقدام.. ويعودون من طريقٍ آخرَ، فَقَدَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ» رواه البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وذلك لإظهارِ شَعائرِ العيدِ، حتى يعُمَّ الفرحُ سائرَ الطُرقاتِ، وجَميعَ البيوتِ، ويَكثرُ التقاءُ المسلمين بعضَهم ببعضٍ للسلامِ والدعاءِ والتهنئة، وقد رُوي عن جَمَاعَةٍ من الصَحَابَةِ والتابعين رضي الله عنهم ورحمهم، أنهم كانوا يتلاقون يومَ العيدِ، ويدعو بعضُهم لبعضٍ بالقبولِ والمَغفرة، فإنه يُرجى لمن شَهدَ العيدَ أنْ يَرجعَ مغفوراً لهُ.. فما أجملَ حالَ الناسِ في خروجِهم وعودَتِهم وقد مَلؤا الآفاقَ تكبيرًا وَتحميدًا وتهليلًا يَرجُونَ رحمةَ ربِهم ويحيونَ سُنة نَبيهم..
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
ومن مظاهرِ الفرحِ بالعيدِ كذلك أنَّه يجوزُ التبسُّطُ في المباحاتِ، ففي صحيحِ البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَخَلَ عَلَيْهَا والنبيُّ ﷺ عِنْدَهَا مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ يَومَ فِطْرٍ أوْ أضْحًى، وعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بما تَقَاذَفَتِ الأنْصَارُ يَومَ بُعَاثٍ، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ؟ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النبيُّ ﷺ: «دَعْهُما يا أبَا بَكْرٍ، إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وإنَّ عِيدَنَا هذا اليَوْمُ». وَفِي رِوَيَةٍ أنه ﷺ قَالَ: «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ، وَتِلْكَ الأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى»، وَعَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ الْحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِالدَّرَقِ [التُّروس] وَالْحِرَابِ يَوْمَ عِيدٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَنَا جَارِيَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ عَلَى الْبَابِ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ وَرَأسِي عَلَى مَنْكِبِهِ وَسَتَرَنِي بِرِدَائِهِ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ.. إِذْ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَزَجَرَهُمْ وَأَهْوَى إِلَى الْحَصْبَاءِ يَحْصِبُهُمْ بِهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «دَعْهُمْ يَا عُمَرُ فَإِنَّمَا هُمْ بَنُو أَرْفِدَةَ لِتَعْلَمَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ» وفي رواية: «دُونَكُمْ بَنِي أَرْفِدَةَ» [وأرفدة لَقبٌ للحبشة، أو اسمُ أبيهم الأقدم، أي الزموا ما أنتم عليه، وفيه إقرارٌ منه لفعلهم] قَالَتْ: فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ: «حَسْبُكِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاذْهَبِي» ذكره في الجامع الصحيح للسنن والمسانيد ورمز لمخرجيه (خ م س حم) قال شيخنا محمد العثيمين رحمه الله: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هذا عيدنا»، فدلَ هذا على أنَّهُ لا بأسَ بالدفِ والغناءِ في أيامِ الأعيادِ، بشرط أن يكون الغناءُ نزيهًا ليس فيه مدحٌ مشين، ولا ذمٌ مُقْذِعٌ، ولا كلماتٌ ساقطةٌ سافلةٌ، إنما هو غناءٌ يُؤذنُ بالفرحِ والسرورِ وما أشبهَ ذلك، وهذا لا بأسَ به في أيام الأعيادِ، أي لا بأس باستعمال الدف والغناء على الوجه الذي ذكرنا، وشرط آخر وأَلَّا يمنعُ من أداءِ صلاةِ الجماعة؛ لأن المباح إذا أدى إلى إسقاط واجب خوفاً من محرم كان حراماً.. أهـ وسُئلَ الشيخُ: هل يجوزُ الدفُ للرجال في العرضة؟ فأجاب الشيخ رحمه الله: لا بأس به؛ لأن في أيامِ العيدِ رُخْصَ في اللهوِ وقال أيضًا: العرضة لا بأس بها؛ لأنها أيامُ عيد؛ لأن الرسول ﷺ أذن لعائشة أن تنظرَ إلى الحبشةِ وهم يلعبون في المسجد. فتاوى الباب المفتوح 70
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أيها الآباء ولأمهات: لِنَعْلَمَ أَنَّ مسؤوليةَ تربيةِ الأولادِ مسؤوليةٌ كبيرةٌ، تحملنَاها طائِعين مُغتبطين، وقدْ يغيبُ عنا في دَهاليزِ الحياةِ أننا سنسألُ عنها كما نسألُ عن أنفسِنا بين يدي الله العليمِ الخبيرِ القائل: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم:6] قال الشيخُ السعديُ رحمه الله: "وقايةُ الأهلِ والأولادِ، بتأدِيبِهم وتعلِيمِهم، وإِجبارِهم على أمرِ اللهِ، فلا يَسلَمُ العبدُ إلا إذا قامَ بما أَمَرَ اللهُ به في نَفْسِهِ، وفيما يدخُلُ تحتَ ولايتِه من الزوجات والأولادِ وغيرِهم ممن هو تحتَ ولايتِه وتصرفِه" أهـ..
أيها الآباء ولأمهات: ونحن نستقبلُ إجازةَ الصيفِ وفراغَ الأولادِ حريٌ بنا أَنْ نَستشعِرَ المسؤوليةَ، وأَلَّا ندعَ الإجازةَ تضيعُ عليهم سبهلالًا، لا خيرًا غنمُوه ولا كفايةً من شرٍ سلموا منه، علينا أن نُشغلَ فراغهم بما يفيدُهم، ويُنمي قُدراتِهم ومواهبِهم من حفظِ ما تَيسرَ من كتابِ اللهِ، أو إتقانِ مهارة، أو تَعلُمِ لغة، أو بيعٍ وشراءٍ أو أيِ أمرٍ فيه خيرٌ لهم، ولنحذرَ من تركِهم رَهنَ أجهزَ الاتصالِ، أو الإفراطِ باستخدامِ الألعابِ الإلكترونية.. وليعلم الجميعُ أن على الوالدين مشاركةَ الأولادِ باختيارِ الألعابِ التي تحوي التعلمَ والترفيهَ والتي تُنمي قُدراتهم العقليةَ والمعرفيةَ والذهنيةَ، وتُنمي عندهم التخيلَ والإبداعَ والتحليلَ وغرسَ القيمِ، مثل ألعابِ الذكاءِ والألغازِ، ونبعدهم عما يَزرعُ فيهم القسوةَ والظلمَ والحيلَ، فلهذه الألعابِ تأثيرٌ على سلوكيات الطفلِ والمراهقِ، ففي مُشاركةِ الوالدين تطمينٌ لهم وإسعادٌ لأولادهم، وعليهم كذلك تقنينُ الوقتِ بحيثُ لا يتعارضُ مع التحصيلِ الدراسِي، ولا يَسلبُ من الأولادِ دافعَ اللعبِ والترفيهِ، وأن يُشبعَ احتياجَهم بشكلٍ ترفيهيٍ مُفِيدٍ، وأنْ يجعلَ الولدُ وقتًا للنشاطِ البدني.. فطولُ الجلوسِ عليها له أضرارُه البدنيةِ والذهنيةِ، وقرب الوالدين يحميهم إن شاء الله مما فيه شرٌ، فكونوا معهم ليكونُ بإذن اللهِ في أمانٍ، حتى ِنُسْهِمَ ببناءِ جيلٍ صالحٍ يُعتمدُ عليه بتنفيذِ رُؤى وتطلعاتِ وآمالِ مجتمعٍ متميزٍ..
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أيها الأخوات الكريمات: للمرأةِ دورٌ بارزٌ في نهضةِ المجتمعِ وتطويرِهِ، وزيادةُ معارفِ المرأةِ وتربيتِها على الخيرِ له أثرٌ كبيرٌ في أخلاقِ الأجيالِ.
فالطفلُ الذي يَرَى أُمَهُ مُقْبِلَةً على مَعالَي الأمورِ مِنْ اكتسَابٍ للعلومِ والمعارفِ، والاشتغالِ بما يفيدُ أولادَها وأُمتَها.. غيرُ الطفلِ الذي يَرى أُمَهُ مُقْبِلَةً على مُجَردِ المتعِ الدنيويةِ والمظاهرِ الوقتيةِ وسَفَاسِفِ الأمورِ.. فالتربيةُ: أمٌ فاضلةٌ وزوجةٌ صالحةٌ، وفي الجملةِ فإنَّ تربيةَ المرأةِ تَعني تربيةَ المجتمعِ بأكملِه لأن دَورَها في بِنَاءِ الأمةِ كبيرٌ وكما قالَ شاعرُ العربِ:
الأمُ مدرسةٌ إذا أعددتَها***أعددت شعباً طيبَ الأعراقِ
ورحمَ اللهُ من قالَ: مَن علَّمَ رجلًا فقد علَّمَ فردًا، ومَن علَّم امرأةً فقد علَّم شَعْبًا.
أيها الأخوات: حسبي من موعظتِكن ثلاثةُ أحاديث، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِها شِئْتِ» رواه أحمد وابن حبان عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وقال الألباني هو حسن لغيره، وقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بنسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: كُلُّ وَلُودٍ [كثيرة الولادة] وَدُودٍ [أَيْ: المتحببة إلى زوجها] عَؤُودٍ [التي تعود على زوجها بالنفع] الَّتِي إِنْ ظَلَمَتْ أَوْ ظُلِمَتْ، وفي رواية: «إِذَا غَضِبَتْ أَوْ أُسِيءَ إِلَيْهَا أَوْ غَضِبَ -أَيْ: زَوْجُهَا- قَالَتْ: هَذِهِ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، لَا أَذُوقُ غَمْضًا حَتَّى تَرْضَى، وفي رواية: قَالَتْ: «هَذِهِ يَدِي فِي يَدِكَ، لَا أَكْتَحِلُ بِغُمْضٍ حَتَّى تَرْضَى. رواه الطبراني وغيره عَنْ كَعْبِ بن عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وحسنه الألباني. وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكَرُ لِزَوْجِهَا، وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ» رواه النسائي والحاكم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وصححه الألباني..
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أَيُها الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ: وشُرعَ لنا بعدَ صلاتِنا هذه ذبحَ الأضاحِي اقتداءً برسولِنا ﷺ، فَبَذْلُ المالِ في الأضاحِي أفضلُ من الصدقةِ بثمنِها، ومِنْ السنةِ أنْ يذبحَ الإنسانُ أُضحيتَه بنفسِه إنْ أمكن وإلا فليحضرْ ذبحَها.. وللذكاةِ آدابٌ نذكرُ منها: إضجَاعُ الذَبيحَةَ عند ذَبحِها على أحدِ جَنبيها إنْ كانت غنَمًا أو بقرًا بِرفْقٍ ورحمةٍ؛ فإن الراحِمين يرحمُهم الرحمنُ، ولا تلووا يدَها على عُنقِها؛ فإن ذلك يُؤلِمُها بلا حاجَةٍ، وأطلقُوا قوائِمها بعد ذبحِها ليكونَ أريحَ لها، وأشدَ في تفريغِ الدمِ منها، ويضعُ الذابحُ رجلَهُ على عُنُقِها ويُمْسكُ رأسَها باليدِ الأُخرى ويرفعُه قليلًا.. واذبحوا برفقٍ وأَمِرُوا السكينَ عليها بقوةٍ وسرعةٍ ولا تعذبُوها، وتفقدُوا السكينَ وحُدّوها لكنْ لا تُحدِوها وهي تَنظرُ، ولا تذبَحُوها والأخرى تنظرُ إليها لأنَّ ذلك يرهبُها، ويحرمُ سَلْخُها أو كَسرُ عُنُقِها قبلَ أن تموتَ فإن ذلك يُؤلِمُها دونَ الحاجةَ إليه.. وكلُ ما ذكرتُ حَثَّ عليه رسولنا ﷺ. وأيامُ الذبحِ أربعةٌ يومُ العيدِ بعدَ الصلاةِ، وثلاثةُ أيامٍ بعدَهُ.. والذبحُ في أولِ يومٍ أفضلُ من الذي يلِيه، وهكذا البقيةُ، ويجوزُ الذبحُ في الليلِ لكن النهارَ أفضل، ويجوزُ بعد صلاةِ الفجرِ في أيامِ التشريقِ.. وكلُوا منها وانْوُوا بذلك امتثالَ أمرَ ربِكم ليَحصُلَ لَكم الأجرُ في أَكلِكُم؛ فالسُنَّةُ أن يكونَ أولَ ما يَطعمُ المسلمُ يومَ النحرِ من أضحيتِهِ، وأهدوا منها وتصدقُوا على الفقراءِ واختاروا للصدقةِ من أطيبِ الأضحِية فلنْ تنالُوا البرَ حتى تُنفِقوا مما تحبون..
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، و َاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
اللهم إنا عبيدُك أتينا لِأَدَاءِ شعيرةٍ عظيمةٍ من شعائرِ دينك، اللهم لا تَفُضَ جمعَنا الا بذنبٍ مغفورٍ وأجرٍ موفورٍ ورزقٍ واسعٍ وتجارةٍ لن تبور.. اللهم تقبلْ من الحجاجِ حجَهم وأتمَه عليهم، واجز من يقومُ على خِدمَتِهم خيرَ الجزاءَ.. اللهم وفقْ خادمَ الحرمينِ وولَيَّ عَهْدِهِ للبرِ والتَقوى والعَملِ بما تَرضَى اللهُم سَدد أقوالَهم وأعمالَهم واجعلهم هُداةً مُهتدين.. اللهم سدد رمي جنودَنا على حدودِنا واجزهم عنا خير الجزاء، وعجلْ بنصرِهم، ووفق من يحرسُون الأمنَ الداخلِي لكلِ خيرٍ. اللهم اغفرْ لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، اللهم ابسطْ الأمنَ والإيمانَ والسلامةَ والإسلامَ والمحبةَ والوئِامَ على جميعِ بلادِ الإسلامِ.. اللهم صلى على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم...