خطبة عيد الأضحى 1442

عبدالرحمن القحطاني
1442/12/08 - 2021/07/18 23:08PM

خطبة عيد الأضحى 1442هـ

الخطبة الأولى:

لله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد،،،

الله أكبر ما مضى ليلٌ وأدبر، الله أكبر ما دنى صبح وأسفر، الله أكبر ما همى غيث وأمطر، والله أكبر ما نمى عود وأثمر، والحمد لله الذى أظهر دينه على الدين كله وأيد عبده بالنصر المؤزر، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أدخرها ليوم المحشر، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه عدد من صلى وكبر.

أما بعد:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فإنها وصية الله للأولين والآخرين ﴿ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا﴾

معاشر المسلمين:

اليوم يوم عظيم لا صوت يعلو فيه فوق صوت التكبير، تكبير بمنى حيث يرمي الحجاج جمرة العقبة ويذبحون هديهم، وتكبير بالبيت الحرام حيث يطوفون ويسعون مكملين أركان حجهم، وتكبير في كل أرجاء المعمورة حيث يظهر المسلمون شعائر دينهم ويذبحون أضحياتهم ويعظمون الله في يوم عيدهم، هذا العيد الذي رضيه الله تعالى وشرعه لهم، فالحمد لله ،، الحمد لله الذي جعل عيدنا أهل الإسلام فرحٌ مأجور وعبادةٌ فيها بهجةٌ وسرور، ليس كأعياد أهل الكفر والفجور حيث يبارزون الله فيها بالمعاصي والخمور

فقد ميز الله تعالى هذه الأمة وجعل فيها الخيرية واختار لها خير خلقه نبياً وأفضل كتبه شريعة ومنهاجاً وأفضل أيامه أعياداً، ثم تفضل علينا بأن جعلنا من أتباع هذا الدين العظيم، وهذه وأيم الله أعظم نعمة أنعم الله بها علينا في الدنيا أن جعلنا مسلمين موحدين، محققين للغاية التي من أجلها خلقنا، وما ذلك إلا بفضل الله علينا ومنته وكرمه، فهو تعالى الذي اصطفانا لعبادته من بين سائر خلقه وهدانا لدينه ﴿وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله﴾، فتمسكوا بهذا الدين العظيم واعتصموا بحبل الله المتين.

لله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد،،،

عباد الله:

إن آخر وصية لنبيكم ﷺ كانت في الصلاة، هذه الفريضة العظيمة التي لا حظ في الإسلام لمن تركها، ولا سعادة في الدنيا لمن أهملها، ولو تفكرنا في أركان الإسلام وفروضه العظام لتبين لنا مدى أهمية الصلاة، فالزكاة تفرض في العام كله مرة واحدة على الأغنياء دون الفقراء، والصوم يفرض في العام شهراً واحداً، والحج يفرض في العمر كله مرة واحدة، أما الصلاة فإنها ملازمة لنا في كل وقت وكل حين فهي روح يومنا وليلنا، وهي طمأنينة قلوبنا، وهي راحة نفوسنا، كيف لا ونحن فيها نقف بين يدي ربنا تبارك وتعالى ﴿أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا﴾ فحافظوا عليها في أوقاتها وأقيموها حق إقامتها فإن في ذلك سعادة الدارين.

لله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد،،،

عباد الله لقد خطب النبي ﷺ في مثل هذا اليوم من حجة الوداع في أصحابه، فكان مما قال ما جاء في صحيح البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال (خَطَبَنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ النَّحْرِ، قالَ: أتَدْرُونَ أيُّ يَومٍ هذا؟، قُلْنَا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، قالَ: أليسَ يَومَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قالَ: أيُّ شَهْرٍ هذا؟، قُلْنَا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، فَقالَ أليسَ ذُو الحَجَّةِ؟، قُلْنَا: بَلَى، قالَ أيُّ بَلَدٍ هذا؟ قُلْنَا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، قالَ أليسَتْ بالبَلْدَةِ الحَرَامِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قالَ: فإنَّ دِمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، إلى يَومِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، ألَا هلْ بَلَّغْتُ؟، قالوا: نَعَمْ، قالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِن سَامِعٍ، فلا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.

وهذا الحديث فيه تَأكيدٌ شَديدٌ منَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على حفظ حقوق الناس، فإذا كان المسلم مقيماً لدينه وصلاته حافظاً لما بينه وبين ربه، فإن من شمولية هذا الدين العظيم وكماله إلزامه بأن يحفظ ما بينه وبين الناس فإن الله عدل لايظلم مثقال ذرة ولا يهمل حقوق عباده، وقد قال النبي ﷺ (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله الكريم المنان، واسع الفضل والجود والامتنان، أرشدنا لطريق الهدى وحذرنا من غواية الشيطان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله المصدق بالقرآن، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.

أما بعد:

فاتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.

لله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد،،،

أيها المؤمنون:

لقد شرع الله لكم في هذا اليوم العظيم التقرب إليه سبحانه بإراقة الدم وذلك من أعظم القربات إلى الله تبارك وتعالى فعنْ عائِشةَ أنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم - قال: ((مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عمَلاً أحَبَّ إلى اللهِ - عزَّ وجلَّ - مِنْ هراقةِ دَمٍ، وإنَّهُ ليَأْتِي يَوْمَ القِيامَةِ بِقُرُونِها وأظْلافِها وأشْعارِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِن اللهِ - عزَّ وجلَّ - بِمَكانٍ قَبْلَ أنْ يَقَعَ على الأرْضِ، فَطِيبُوا بِها نَفْسًا))؛ الترمذي وابن ماجه.

فاذبحوا أضحياتكم وكلوا منها وأهدوا وتصدقوا كما أمركم بذلك ربكم تبارك وتعالى فقال ﴿فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر﴾ واعلموا أن كل عمل تتقربون به إلى الله تبارك وتعالى غايتُه التقوى، ولذلك فلا بد من تحقيق الإخلاص له سبحانه، قال تعالى ﴿لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين﴾

ويمتد وقت الذبح من بعد هذه الصلاة وحتى غروب شمس اليوم الثالث عشر وهو ثالث أيام التشريق، وهذه الأيام يحرم فيها الصيام حيث يقول النبي ﷺ (أيَّامُ التَّشريقِ أيَّامُ أَكْلٍ وشُربٍ وذِكْرٍ للَّهِ عزَّ وجلَّ).

لله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد،،،

أيتها المسلمات:

لقد كرم الإسلام المرأة وحفظ لها كرامتها وصيانتها لا كما يزعم أعداء هذا الدين ممن يسعون لإفسادها بكل الطرق، ولقد كانت المرأة حاضرة في خطبة النبي ﷺ في حجة الوداع حين قال (استوصوا بالنساء خيراً)،

واعلموا أن الله وجه إليكن الخطاب فأمركن بالحجاب فقال تعالى ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ﴾

وقال تبارك وتعالى آمراً المسلمين بالتأدب مع زوجات النبي ﷺ ﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن﴾

وقال تعالى مخاطبا نبيه ﷺ ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما﴾

ففي هذه الآيات تأكيد على أهمية الحجاب وأنه لا يزال أول الحصون التي تحمي المرأة من تسلط شياطين الإنس والجن، وإننا نشهد اليوم تراجعاً مخيفاً من كثير من نساء المسلمين في الحفاظ على حجابهن استجابة لدعوات نزعه أو تخفيفه، ألا فالثبات الثبات فإنكن على ثغر من ثغور هذا الدين القويم.

عباد الله:

أظهروا الفرح والسرور في هذا اليوم العظيم وكبروا الله واشكروه واحذروا من شهود المنكرات، وتزودوا من الطاعات والقربات.

أعاده الله علينا وعلى المسلمين باليمن والبركات.

لله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد،،،

﴿سبحان ربك رب العزة عما يصفون ۝ وسلام على المرسلين ۝ والحمد لله رب العالمين﴾

وصلى الله وسلم وبارك على النبي الأمين.

المرفقات

1626649616_خطبة عيد الأضحى 1442هـ.docx

المشاهدات 2044 | التعليقات 0