خطبة عيد الأضحى 1440 (وقفات مع قصة الذبيح) - مشكولة
عبدالله اليابس
خطبة عيد الأضحى الجمعة 10/12/1440هـ
الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.
اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَا أَحْرَمَ الْحُجَّاجُ مِنَ الْمِيقَات، اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَا دَخَلَوا مَكَّةَ وَوَقَفُوا بِصَعِيدِ عَرَفَات, اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَا طَافَ الطَّائِفُونَ بِالْبَيْتِ وَعَظَّمُوا الْحُرَمَات، اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَا سَعَوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنَ الْمَرَّات، اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَا حَلَقُوا الرُؤُوسَ تَعْظِيمَاً لِرَبِّ الْبَرِيَّات.
اللهُ أَكْبَرُ مَا نَادَى وَرَدَّدَهَا *** مِنَ المَآَذِنِ فِي الآَفَاقِ يُعْلِيهَا
اللهُ أَكْبَرُ مَا زَمُّوا رَكَائِبَهُمْ *** إِلَى المَشَاعِرِ يَحْدُو الرَّكْبَ حَادِيْهَا
اللهُ أَكْبَرُ: مَا ضَجَّتْ بتلبيةٍ *** حُشُودُهُمْ سَالَ بِالبَطْحَاءِ وَادِيهَا
اللهُ أَكْبَرُ: مَا طَافُوا بِكَعْبَتِهِمْ *** فِي رَهْبَةٍ تَصْغُرُ الدُّنْيَا لِرَائِيْهَا
الْحَمْدُ للهِ الذِي سَهَّلَ لِعِبَادِهِ طُرُقَ الْعِبَادَةِ وَيَسَّر، وَتَابَعَ لَهُمْ مَوَاسِمَ الْخَيْرَاتِ لِتَزْدَانَ أَوْقَاتُهُمْ بِالطَّاعَاتِ وَتُعْمَرَ، وَلَهُ الْحَمْدُ أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَر.
الحَمْدُ للهِ مَوْصُولاً كَمَا وَجَبَا *** فَهْوَ الذِي بِرِدَاءِ العِزَّةِ اِحْتَجَبَا
البَاطِنِ الظَّاهِرِ الحَقِّ الذِي عَجَزَتْ *** عَنْهُ المَدَارِكُ لَمَّا أَمْعَنَتْ طَلَبا
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ الْوَجْهِ الأَنْوَر، وَالْجَبِينِ الأَزْهَر، أَنْصَحُ مَنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَبَشَّرَ وَأَنْذَر، وَأَفْضَلُ مَنْ صَلَّى وَزَكَّى وَصَامَ وَحَجَّ وَاعْتَمَر.
يَا مَنْ تُرِيدُونَ الجَزَاءَ جِنَانَا*** صَلُّوا عَلَى مَنْ بِالرَّشَادِ أَتَانَا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِهِ *** بَلْ ذَكِّرُوا الأَحْبَابَ وَالإِخْوَانَا
فاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ تَسْلِيمَاً مَدِيدَاً.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. إِنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ, وَهُوَ خَيْرُ أَيَّامِ السَّنَةِ, هُوَ آخِرُ الأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ، وَأَوَّلُ الأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ, وَحُقَّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَفْرَحَ وَيَتَهَلَّلَ عَقِبَ عَشْرٍ مُبَارَكَةٍ عَظِيمَةٍ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةَ صَامَ فِيهَا وَقَامَ, وَتَقَرَّبَ بِأَنْوَاعِ الْقُرُبَاتِ, وَلَهَجَ لِسَانُهُ بِالذِّكْرِ وَالدَّعَوَات.
يَا أَهْلَ العِيدِ.. قَبْلَ مِئَاتِ السِّنيِنِ.. أَضْجَعَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ اِبْنَهُ لِيَذْبَحَهُ.. عَجَبًا أَبٌ يَذْبَحُ اِبْنَهُ؟
فَبَيْنَمَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُضْطَجِعًا *** الْعَيْنُ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبُ لَمْ يَنَمِ
رَأَى مَنَامًا بِأَنَّ اللهَ يَأْمُرُهُ ** بِذَبْحِ ابن صَدُوقِ الْقَوْلِ ذِي الشِّيَمِ
{قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}
فَاسْتَسْلَمَا ثُمَّ سَارَا عَازِمِينَ عَلَى *** إِنْفَاذِ أَمْرِ إلَهٍ مُحْيِي الرِّمَمِ
نَعَمْ.. اِتَّجَهَ الأَبُ لِذَبْحِ اِبْنِهِ.. لِرُؤْيًا رَآَهَا.. وَرُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ حَقٌّ..
أَتَى الْخَلِيلُ بِسِكِّينٍ فَأَشْحَذْهَا *** حَتَّى غَدَتْ مِثْلَ بَرْقٍ فِي دُجَى الظُّلَمِ
فَقَالَ يَا أَبَتَاهُ ارْفَعْ ثِيَابَكَ لا *** يُصِيبُهَا قَذَرٌ عِنْدَ اصْطِبَابِ دَمِي
قَالَ الْخَلِيلُ فَنِعْمَ الْعَوْنُ أَنْتَ عَلَى *** مَرْضَاةِ رَبِّي فَثِقْ بِاللهِ وَاعْتَصِمِ
يَشُدُّ الأَبُ الحَبْلَ عَلَى اِبْنِهِ.. وَيَسُّنُّ السِّكِّيْنَ لِيَذْبَحَ فِلْذَةَ كَبِدِهِ.. لِيَذْبَحَ اِبْنَهُ الذِي اِنْتَظَرَهُ سِنِيْنَ حَتَّى أَتَى.. هَذَا الاِبْنُ الصَّالِحُ الذِي أَتَاهُ بَعْدَ أَنْ دَعَى اللهَ فَقَالَ: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} فقَالَ اللهُ: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ}.
فَجَاءَ بِالْحَبْلِ شَدَّ الإِبْنَ ثُمَّ بَكَى *** لِرِقَّةِ غَلَبَتْهُ فَهُوَ لَمْ يُلَمِ
أَمَرَّ شَفْرَتَهُ بِالنَّحْرِ فَانْقَلَبَتْ *** عَنْهُ ثَلاثًا وَلَمْ يَمْسَسْهُ مِنْ أَلَمِ
{وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}.
أَوْحَى لِجِبْرِيلَ أَنْ أَدْرَكْهُمَا عَجِلاً *** بِكَبْشِ ضَانٍ رُبِي فِي رَوْضَةِ النَّعَمِ
أَيْ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا فِي الْجِنَانِ رَعَى*** يُسْقَى مِنْ أَنْهَارَهَا عَذْبًا بِلا وَحَمِ
فَجَاءَ بِالْكَبْشِ جِبْرِيلُ الأَمِينُ إِلَى *** ذَاكَ الْخَلِيلِ النَّبِيلِ الطَّاهِرِ الْعَلَمِ
فَقَالَ هَذَا الْفِدَى مِنْ عِنْدَ رَبِّكَ عَنْ *** هَذَا الذَّبِيحِ جَزَا هَذَا دَمٌ بِدَمِ
فَكَبَّرَ اللهَ جُبْرَائِيلُ حِينَئِذٍ *** وَالْكَبْشُ كَبَّرَ أَيْضًا نَاطِقًا بِفَمِ
ثم الخَلِيلُ كَذاكَ الإِبنُ مَا بَرَحَا ** مُكَبِّرَيْنَ وذَا شُكْرٌ على النِّعَمِ
هَذِهِ قِصَّةُ إِبْرَاهِيمَ الخَلِيْل.. وَهَذِهِ قِصَّةُ الذَّبِيْحِ.. وَهَذِهِ قِصَّةُ عِيْدِ الأَضْحَى.. وَنَحْنُ اليَوْمَ نَقْتَدِي بِأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام بِذَبْحِ الأَضَاحِيْ.. وَهَذِهِ وَقَفَاتٌ سَرِيْعَةٌ مَعَ هَذِهِ القِصَّةِ:
الوَقْفَةُ الأَوْلَى: أَبْرَزُ عِبَادَاتِ هَذَا اليَومِ لِغَيْرِ الحَاجِّ: ذَبْحُ الأَضَاحِي..
رَوَى اِبْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: (مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ, فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا)
هَذِهِ العِبَادَةُ العَظِيْمَةُ ثَوَابُهَا عَظِيمٌ: رَوَى التِرمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: (مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَومَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ, وَإِنَّهُ لَتَأْتِي يَومَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا, وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ, فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا).
الوَقْفَةُ الثَانِيَةُ: اتَّقُوا اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ، فَاذْبَحُوهَا بِرِفْقٍ، وَأَحِدُّوا السِّكِينَ، وَلا تَحُدُّوهَا وَهِيَ تَنْظُرُ، وَلا تَذْبَحُوهَا وَأُخْتُهَا تَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَأَمِرُّوا السِّكِّينَ بِقُوَّةٍ وَسُرْعَةٍ, وَلا تَلْوُوا يَدَهَا وَرَاءَ عُنُقِهَا, فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَعْذِيبَاً لَهَا وَإِيلامَاً دُونَ فَائِدَةٍ. وَلا تَكْسِرُوا رَقَبَتَهَا أَوْ تَبْدَأُوا بِسَلْخِهَا قَبْلَ تَمَامِ مَوْتِهَا.
ألا وإن من السُّنَّةِ أَنْ يَذْبَحَ الْمُضَحِّي أُضْحِيتَهُ بنَفْسِهِ، وَمَنْ كَانَ لا يُحْسِنُ الذَّبْحَ فَالسنةُ أن َيْحَضُرَ ذَبْحَهَا، وَيُسَمِّي الْمُضَحِّي أُضْحِيَتِهِ فَيَقُولُ إِذَا أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ عَلَى جَنْبِهَا الأَيْسَرِ مُتَّجِهَةً إِلَى الْقِبْلَةِ: بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ, وَيُسَمِّي مَنْ الأُضْحَيَةُ لَهُ. وَاحْذَرُوا أن يذبح لكم كافر أو مَنْ هُوَ تَارِكٌ لِلصَّلَاةِ, وَكُلُوا مِنَ الأَضَاحِي وَاهْدُوا وَتَصَدَّقُوا, تقبل الله مني ومنكم.
الوَقْفَةُ الثَالثَةُ: تُعَلِّمُنَا قِصَّةُ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ التَسْلِيْمَ لِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}.
جَاءَهُ الأَمْرُ فَأَجَابَ.. إِذَا أَتَاكُ الأَمْرُ مِنَ اللهِ فَلَا تَسْأَل: أَوَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌ, وَإِذَا أَتَاكَ النَّهْيُ فَلَا تَسْأَلْ: أَمُحَرَّمٌ أَمْ مَكْرُوهٌ؟
رَوَى التِّرمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ أنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ الأُضْحِيَةِ؛ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ فَقَالَ: ضَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالمُسْلِمُونَ. فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ, فَقَالَ: أَتَعْقِلُ؟! ضَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَالمُسْلِمُونَ.
{وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}.
الوَقْفَةُ الرَّابِعَةُ: تُعَلِّمُنَا قِصَّةُ الذَبِيحِ أَنَّ بَعْدَ الشِدَّةِ يَأْتِي الفَرَجُ, {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}.
مَهْمَا طَالَ الظَلَامُ فَإِنَّ النُّورَ يَعْقُبُهُ بِإِذْنِ اللهِ.. المُهِمُ: كَيْفَ كَانَ حَالُكَ وَقْتَ الظَلَامِ؟ وَهَلْ كَانَ لَكَ دَوْرٌ فِي التَغْييِرِ؟
لَا تَيْأس..
حَاذِرْ مِنَ اليَأْسِ وَاْرْكُضْ مِنْ مَخَالِبِهِ *** قَدْ يُحْدِثُ اليَأسُ جُرْحًا لَيْسَ يَلْتَئِمُ
وَاسْمَحْ لِشَمْسِكَ بِالإِشْرَاقِ فِي أَمَلٍ *** كَي يَرْحَلَ اللَّيلُ وَالأَحْزَانُ وَالظُّلَمُ
مَهْمَا يَكُنْ مِنْ دُجَى فَالنُّورُ يَسْحَقُهُ *** فِي حَضْرَةِ النُّورِ كُلُّ القُبْحِ يَنْهَزِمُ
للهِ فِيمَا قَضَى خَيْرٌ ومَرْحَمَةٌ *** فَالعُسْرُ تَعْقُبُهُ الخَيْرَاتُ والنِّعَمُ
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ, وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيات وَالذِّكْرَ الْحَكِيمَ, قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُم وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
اللهُ أَكْبَرُ (سَبْعًا) .. الْحَمْدُ للهِ عَلَى إحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَاِمْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لاشريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الداعي إِلَى رِضْوَانِهِ, صَلَّى اللهُ وَسُلَّمُ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَإِخْوَانِهِ, وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَاِقْتَفَى أثَرَهُ وَاِسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقَوْا اللهَ عِبَادَ اللهِ حق التقوى.. واعلموا أن أجسادَنا على النار لا تقوى..
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.
يَا نِسَاءَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. ما مُدِحَتِ المَرأةُ بِمِثْلِ الحَيَاءَ.. وَلَا لِبَاسَ أَجْمَلَ عَلَيهَا مِنْ لِبَاسِ الحَيَاءِ.. فالحياءُ يُجمِّلُ كُلَّ شَيءٍ.. هَذِهِ بِنْتُ صَاحِبِ مَدْينَ لَمَّا أَتَتْ مُوسَى عَلَيهِ السَّلَامُ قَالَ اللهُ عَنْهَا: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}.. بَلْ إِنَّ الحَيَاءَ مَمْدَحَةٌ حَتَّى لِلْرِّجَالِ.. فَهَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُثْنِي عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: (أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ المَلَائِكَةُ؟).
وَاسْمَعِيْ لِهَذَا الحَدِيثِ العَظِيمِ الذِي يُبَيِّنُ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مَكَانَةَ خُلُقِ الحَيَاءِ فِي الِإسْلَامِ.. رَوَى اِبْنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ لِكلِّ دِينٍ خُلُقًا، وخُلُقُ الإسلامِ الحَياءُ).
فَاللهَ اللهَ فِي الحَيَاءِ.. فَهُوَ وَاللهِ زِيْنَةُ المَرْأَةِ وَجَمَالُهَا.. وَيَرْدَعُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ القَبَائِحِ وَالمَعَائِبِ.. أَخْرَجَ البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبوَّةِ الأُوْلَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ).
أَيُّهَا الأَخُ الحَبِيْبُ.. اِرْفَعْ يَدَكَ إِلَى ذَقْنِكَ.. تَحَسَّسْهَا.. أَتَلَمَّسْتَ هَذِهِ الشَعَرَاتِ؟ لَقَدْ تَرَكْتَهَا جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا اِمْتِثَالاً لأَمْرِ اللهِ.. وَرَغْبَةً فِي ثَوَابِهِ.. وَخَوْفًا مِنْ عِقَابِهِ.. إِذًا فَاعْلَمْ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ قَدَمَكَ فِي الطَّرِيْقِ الصَّحِيْحِ.. وَتَذَكَّر أَنَّ الذِيْ نَهَى عَنْ أَخْذِ شَعْرِ اللِّحيَةِ فِي الأَيَّامِ المَاضِيَّةِ.. هُوَ مَنْ نَهَى عَنْ أَخْذِهَا سَائِرَ أَيَّامِ السَّنَةِ..
يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي الحَدِيْثِ المُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ: (خَالِفُوا المُشْرِكِينَ وَوَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ). وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُوَفِّرًا لِحَيَتَهُ, تُعرَفُ قِراءَتُهُ فِي صَلَاتِهِ مِنَ اِضْطِرَابِ لِحيَتِهِ, (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.
أسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَقْبَلَ مِنَّا وَمِنَ الْحُجَّاجِ، وأن يُعينَهُم على أَداءِ نُسُكِهِم بِسَلامَةٍ وقَبول.. وَأَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاهُمْ وَوَالِدِينَا وَالْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ مِنْ عُتَقَائِهِ مِنَ النَّارِ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِصَلَاحِ الْقُلُوبِ وَالْأَعْمَالِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك, وهيء لهم البطانة الصالحة الناصحة, واصرف عنهم بطانة السوء والفساد والإفساد يا رب العالمين.
اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين .
عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى, وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي, يعظكم لعلكم تذكرون, فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر, والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات
عيد-الأضحى-10-12-1440
عيد-الأضحى-10-12-1440
عيد-الأضحى-10-12-1440-2
عيد-الأضحى-10-12-1440-2