خطبة عيد الأضحى 1436 هـ

مبارك العشوان
1436/12/10 - 2015/09/23 13:45PM
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فاتقوا الله...مسلمون.
عباد الله: يومُكم هذا يومٌ عظيم، وموسمٌ كريم، وشعيرةٌ من شعائرِ هذا الدين، هو يومُ النحر، ويومٌ الحج الأكبر، يومٌ قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثم يوم القر ) رواه أبو داود وابن خزيمة وصححه الألباني.
عباد الله: وقد خرجتم في يومٍ مبارك، تُأدونَ الصلاة في جمعٍ مبارك، وتجملتم بأحسن ما تجدون من لباس وطيب؛ فتذكروا رحمكم الله أن أحسنَ الجمالِ جمالُ التقوى، وخيرَ اللباسِ لباسُ التقوى، وخيرَ الزادِ زادُ التقوى، أكرمُ الناسِ عند الله أتقاهم، وأولياءُ الرحمنِ هم المؤمنونَ الأتقياء: { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } يونس63 ـ 64 عليكم عباد الله بتقوى الله؛ وصيته تعالى للأولين والآخرين، والأنبياءِ والمرسلين، وصيتهُ تعالى لعباده المؤمنين، بل هي وصيته سبحانه للناس أجمعين: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء 1 الزموا تقوى الله في أقوالكم وأفعالكم، وفيما تأتون وما تذرون، اتقوا الله فإنه يحب المتقين، وهو ولي المتقين، ولا يتقبل تعالى إلا من المتقين، وهو سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
تذهبُ كُلُّ خُلَّةٍ يومُ القيامة فلا يبقى إلا خلةُ المتقين، وَيَرِدُ الناسُ جهنمَ، فلا يُنَجَّى إلا المتقون: { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا، ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيـــًّا }. تزودوا أيها الناسُ من تقوى ربكم تسعدوا، وتفوزوا بخيرات دنياكم وآخرتكم، وتُنَجَّون من شدائدهما؛ ففي كتاب ربنا: { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ }{ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا }.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: في مثل يومكم هذا قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس خطيبا، فقال: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا يَوْمٌ حَرَامٌ قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ فَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ) رواه البخاري. إياكم عبادَ الله وحقوقَ الناسِ أن تعتدوا عليها؛ فترجعوا يومَ القيامة بالإفلاسِ والخَسَارِ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ ) ؟ قَالُوا: المُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( المُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيَقْعُدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ) رواه الترمذي وصححه الألباني. أعاذنا الله من النار.
احذروا عباد الله أذيةَ الناس وظلمَهم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، وإنهُ لا حجابَ لدعوةِ المظلوم عن الله، احذروا ظلمَ أولادكم، وظلم أزواجكم، وظلم العمال، لا تبخسوا أحدا منهم حقه، لا تؤخروا رواتبَ عمالِكم وخدمِكم، أو تسيئوا معاملَتهم، أو تُكَلِّفوهم من العمل ما لا يطيقون.
احذروا عباد الله الكبر، والتعالي على الناس والتفاخرَ بالأحساب والطعنَ في الأنساب فإن هذه من أمورِ الجاهلية؛ قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الخِرَاءَ بِأَنْفِهِ إِنَّ اللَّهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ، إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ ) رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: الصلاةَ الصلاة، وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم وهو يغرر بنفسه في آخر لحظة من حياته، أقيموها كما أمر الله وحيث أمر: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ...} النور 36. مروا بها أولادكم لسبعٍ، واضربوهم عليها لعشرٍ، ربوهم على حبها وتعظيمها.
أدوا عباد الله زكاة أموالكم، طيبة بها نفوسكم، وضعوها في أهلها الذين وصف الله.
اتقوا الله في معاملاتكم، واحذروا ما حرم الله عليكم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ } البقرة 279
تنوعتِ المكاسبُ في زمننا، وفُتح علينا من الدنيا ما فُتح، وهذا مؤذنُُ بالخطر؛ كيف لا وقد خشيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على أمته فقال: ( فَوَاللَّهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ) رواه البخاري.
احذروا قليلَ الحرامِ و كثيرَه؛ فإنهُ يفسدُ على صاحبهِ صالحَ عمله. أفسد على الداعي دعاءه، كما في الحديث: ( ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ؟ ) رواه مسلم. وفي البخاري ومسلم: قصة الرجل الذي جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ حَتَّى أَصَابَه، فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا )
أخي المسلم: تحرَّ الحلالَ في بيعك وشرائك ومساهماتك، تحرَّ الحلالَ في وظيفتك وما أسند إليك من عمل وأدِّه على أكمل وجه؛ لتأكلَ وتُطعمَ أولادك حلالا.
تحرَّ الحلال في كسبك وفي وإنفاقك، يباركْ لك في رزقك وتجابَ لك دعواتك، اسأل عما لا تعلم قبل أن تُقدم عليه؛ فإنه لن تزولَ قدمُك يومَ القيامة حتى تسأل عن ذلك.
احذروا عباد الله أموالَ اليتامى فقد حذر منها ربنا جل وعلا فقال: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } النساء 10
مروا عباد الله بالمعروف وانهوا عن المنكر بالرفق والحكمة والموعظة الحسنة، فما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه. واصبروا على ما أصابكم في سبيل الله.
احذروا عباد الله من الأفكار المنحرفة، أفكار الضالين المضلين الذين يُكفِّرون الناس ويفسقونهم، ويستحلون دماءهم وأموالهم. الزموا جماعة المسلمين وعلماءَهم، وأطيعوا من ولاه الله أمركم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ } النساء 59
اجتنبوا رحمكم الله الذنوبَ والعصيان؛ فبها تحل النقم، وبها تزول النعم، وبها يتعرض الناس لغضب ربهم، وبها يمنع القطر من السماء: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } الروم41 .
ومتى ما أذنبت يا عبد الله فبادر إلى الله بالتوب، ثم إياك أن تجاهرَ بذنبك أو تُصِرَّ عليه، ثم إياكَ أن تدعو للذنبِ أو تُزينهُ للناس فإن: ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُـــصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِـــــمْ شَيْئًا ) رواه مسلم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. والله أكبر الله أكبر ولله الحمد بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وٌول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .




الخطبة الثانية:
الحمد لله كثيرا، والله أكبر كبيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله على عبده ورسوله وسلم تسليما كثيرا؛ وبعد: فاعلموا رحمكم الله: أن الله تعالى شرع لنا التكبيرَ في كل وقتٍ من العشر وأيام التشريق، وفي أدبارِ الصلوات، من عرفة إلى آخر أيام التشريق. إذا سلمتَ من الصلاة فاستغفر ثلاثا، ثم قل: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم اشرع في التكبير: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، يجزئ من التكبير مَرَّةً، وإن كررت ثلاثا فَحَسَن. تفعل ذلكَ سواءً أدركتَ كُلَّ الصلاة مع الإمام، أو كُنتَ مسبوقاً ببعض الصلاة فقضيتها، أو صليت منفرداً.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: الأضحية من أعظم القربات، وأجَلِّ الطاعات، فيها بذلٌ للمال، وتقربٌ إلى الله بالنحر، وإحياءٌ لسنةِ إمام الموحدين إبراهيم، وسنةِ سيد المرسلين محمد عليهما وسائرِ الأنبياء صلوات ربي وسلامه، قال ابن القيم رحمه الله: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع الأضحية.وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن لا يقدر على الأضحية،هل يستدين ؟ فأجاب بقوله: إن كان له وفاءُ فاستدان ما يضحي به فحسن، ولا يجب عليه أن يفعل ذلك. وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: الأضحية سنة وليست واجبة، ولا حرج أن يستدين المسلم ليضحي إذا كان عنده القدرة على الوفاء.
فاحرصوا رحمكم الله على هذه السنة، وأدوها على الوجه الشرعي، ومن ذلك أن تبلغ السن، وهو في الإبل خمس سنين وفي البقر سنتان، وفي الغنم سنة، ويجوز في الضأن منها خاصة ما تم له ستةُ أشهر لقوله عليه الصلاة والسلام: ( لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ ) رواه مسلم وغيره. قال الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله: فيبحث عن الثني، فإذا أعسر ولم يوجد الثني يذبح الجذع من الضأن، ولا يعني هذا أنه لا يجزئ مع وجود غيره. أ هـ
احرصوا على سلامتها من العيوب الأربعة: العور البين والمرض البين، والعرج البين، والكبر المتناهي، وما كان مساويا لها، أو أشد منها.
اذبحوا في الوقت المحدد شرعا، ويبدأ يوم العيد بعد الصلاة ويستمر إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر.
ومما يتعلق بالأضحية: وجوب التسمية عليها، ولفظها: ( باسم الله ) وتستحب زيادة ( والله أكبر ) كما تنبغي تسمية من هي له عند الذبح، فيقول مثلا: باسم الله والله أكبر اللهم تقبل مني، اللهم هذا عني وعن أهل بيتي. وينبغي:الإحسان إلى الذبيحة بكل ما يريحها لقوله عليه الصلاة والسلام: ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ) رواه مسلم.
كلوا من أضاحيكم، وأهدوا وتصدقوا.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: كان نبيكم صلى الله عليه وسلم يخص النساء بحظٍ من وعظه وتذكيره، ولا غرابة، فالمرأة أمٌّ تخرج الأجيال، وزوجٌ تؤثر في الرجال وراعية ومسؤولة عن رعيتها. وصلاحها بإذن الله صلاح للمجتمع.
ألا فاتقين الله تعالى معشر النساء وراقبنه في أقوالكن وأفعالكن.
أيتها المرأة المسلمة: كوني داعية إلى الله في بيتك، داعية لزوجك وأولادك، داعية لإخوانك وأخواتك، كوني قدوة لهم، مربية بأفعالكِ قبل أقوالك. قَدِّري مسؤوليتك ـ وفقك الله ـ تجاه زوجك وأبنائك، قومي بحق الله فيهم، قومي على رعاية دينهم وأخلاقهم كقيامك على رعاية أجسامهم أو أشد، ربي أولادك على حب وطاعة الله ورسوله، وعلى الاعتزاز بدينهم وتعظيم حرماته. ربيهم على حسن الخلق، على العفة والحياء، على نبذ العادات السيئة والأفعال القبيحة، على نبذ الفاحش من القول والفعل والبعد عن أهله.
كوني عونا لزوجك في تطهير البيت من وسائل التخريب والإفساد من قنوات هابطة، وأفلام خليعة، جنى شوكهَا وَتَجَرَّعَ مرارتها من فُتن بها.
أيتها الأخت المسلمة: احذري التبرج والسفور، وكثرة الخروج إلى الأسواق من غير ضرورة فإن أبغض البقاع إلى الله الأسواق وهي منشؤ كثير من الفتن. ولتحفظي سمعك عن الحرام، وبصرك عن الحرام؛ فإنك مسؤولة عن كل ذلك: { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } الإسراء 36 احفظي لسانك من الغيبة والنميمة، والقيل والقال، واجعلي نصب عينيك: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ق 18 أحسني إلى جيرانك واحذري أذاهم بأقوالك أو أفعالك، فإن حق الجار عظيم. روى الإمام أحمد وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله : إن فلانة يُذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال : ( هي في النار، قال يا رسول الله : فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها قال هي في الجنة ) .
أيتها المسلمة: وروى الإمام أحمد أيضا من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فلا والله ما سبني سبة قط ، ولا قال لي أف قط ، ولا قال لي لشيء فعلته لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله ألا فعلته ) ألا فاتقي الله تعالى يا من جعلك الله مخدومة لا خادمة، فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا تعامله مع الخدم: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }. ثم عليك تعليم خادمتك أمور دينها من طهارة وصيام وحج وغيرها فإنك مأجورة على ذلك.
اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين.
اللهم أعز الإسلام
عباد الله : صلوا وسلموا ... اللهم صل على محمد ... عباد الله : اذكروا الله ...
المشاهدات 1548 | التعليقات 0