خطبة عيد الأضحى 1433هـ

أبو المقداد الأثري
1433/12/09 - 2012/10/25 23:11PM

السلام عليكم
هذه خطبة جمعت نصفها من خطب الأخوة بهذا الموقع المباركة وأضفت النصف الأخر بما أراه يتانسب مع العيد وما يدور حولنا من فتن في الكويت وفي بلادنا وغيرها

الخطبة الأولى

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.
اللهُ أَكْبَرُ خَلَقَ الْخَلْقَ وَأَحْصَاهُمْ عَدَدًا، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا، اللهُ أَكْبَرُ عَزَّ رَبُّنَا سُلْطَانًا وَمَجْدًا، وَتَعَالَى عَظَمَةً وَحِلْمًا، عَنَتِ الْوُجُوهُ لِعَظَمَتِهِ، وَخَضَعَتِ الْخَلاَئِقُ لِقُدْرَتِهِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ، وَاللهُ أَكْبَرُ مَا هَلَّلَ الْمُهَلِّلُونَ، وَكَبَّرَ الْمُكَبِّرُونَ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، مَلَكَ فَقَهَرَ، وَتَأَذَّنَ بِالزِّيَادَةِ لِمَنْ شَكَرَ، وَتَوَعَّدَ بِالْعَذَابِ مَنْ جَحَدَ وَكَفَرَ، تَفَرَّدَ بِالْخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ مُقَدَّرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ الْوَجْهِ الأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الأَزْهَرِ، طَاهِرُ الْمَظْهَرِ وَالْمَخْبَرِ، وَأَنْصَحُ مَنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَبَشَّرَ وَأَنْذَرَ، وَأَفْضَلُ مَنْ صَلَّى وَزَكَّى وَصَامَ وَحَجَّ وَاعْتَمَرَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَدِيدًا وَأَكْثَرَ . . .
أَمَّا بَعدُ ، فَيَا أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، اتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ ، وَعَظِّمُوا أَمرَهُ وَنَهيَهُ وَحُرُمَاتِهِ وَشَعَائِرَهُ ، واعلَمُوا أَنَّكُم في يَومٍ عَظِيمٍ وَعِيدٍ كَرِيمٍ ، وقَدِ اجتَمَعَ لَكُمُ اليَومَ عِيدَانِ : عَيدُ الأُسبُوعِ يَومُ الجُمُعَةِ ، وَالعِيدُ الأَكبَرِ عَيدُ الأَضحى ، وَقَد مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ مَتَى اجتَمَعَتِ الجُمُعَةُ وَالعِيدُ في يَومٍ وَاحِدٍ ، سَقَطَ وُجُوبُ الجُمُعَةِ وَحُضُورُهُا عَمَّن صَلَّى العِيدَ ، وَيُصَلِّي مَكَانَهَا صَلاةَ الظَّهرِ إِن شَاءَ ، وَإِنْ شَاءَ صَلَّى العيد والجُمُعَةَ وَهُوَ الأَفضَلُ . فَعَن أَبي هُرَيرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ عَن رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ قَالَ:( اجتَمَعَ في يَومِكُم هَذَا عِيدَانِ ، فَمَن شَاءَ أَجزَأَهُ مِنَ الجُمُعَةِ ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ).
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ .
"إخْوَةَ الإِيْمَانِ والعقيدة: مِنْ أَجْلِ الْعَقِيدَةِ وَتَرْسِيخِهَا، بَعَثَ اللهُ الرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ الكُتُبَ، قَالَ تَعَالَى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}.
وقَالَ تَعَالَى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ) ، فلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، عَقِيدَةٌ يَدِينُ بِهَا الْمُؤْمِنُ لِلْوَاحِدِ الدَّيَّانِ، فَالْخُضُوعُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ عِنْدَ بَابِهِ، وَاللاَّئِذُ الْقَوِيُّ مَنْ لاَذَ بِجَنَابِهِ.
مَكَثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةٍ يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَشْرَ سَنَوَاتٍ يَبْدَأُ فِي التَّوْحِيدِ وَيُعِيدُ. سَكَرَاتُ الْمَوْتِ تُعَالِجُ رُوحَهُ الشَّرِيفَةُ وَهُوَ يَصِيحُ فِي التَّوْحِيدِ... فيمن؟! فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَالصَّحَابَةِ الْكِرَامِ أُسُودُ التَّوْحِيدِ، كُلُّ هَذَا لِيَبْعَثَ رِسَالَةً قَوِيَّةً لِلأُمَّةِ أَنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ رَأْسُهَا، وَهُوَ تَاجُهَا وَهُوَ أَوَّلُ وَآخِرُ أَمْرِهَا.
فَيَا أَهْلَ التَّوْحَيدِ تَعَالُوْا سَوِيًّا نُقَلِّبُ مَوَاجِعَ وَاقِعَنَا مَعَ التَّوْحِيدِ، تَعَالُوا لِنَذْرِفَ دَمْعَةً عَلَى عَتَبَةِ التَّوْحِيدِ.
إَنَّ هُنَاكَ صَنَمًا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ مَوْجُودٌ فِي بُيُوتِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ مَوْجُودٌ فِي شَوَارِعِنَا وَأَسْوَاقِنَا وَأَفْعَالِنَا وَأَقْوَالِنَا إِلاَّ مَا رَحِمَ اللهُ، إَنَّهُ صَنَمُ الْهَوَى، قَالَ سُبْحَانَهُ: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتّخَذَ إِلَـَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلّهُ اللّهُ عَلَىَ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىَ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىَ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللّهِ أَفَلاَ تَذَكّرُونَ}.
مَا اجْتُرِحَتِ السَّيِّئَاتُ إِلاَّ اتِّبَاعًا لِلْهَوَى، وَمَا تُرِكَتِ الْوَاجِبَاتُ إِلاَّ خُضُوعًا لِلْهَوَى.
كَمْ هَمَّ الْهَائِمُونَ مِنْ شَبَابِنَا فِي سِرْدَابِ التَّبَعِيَّةِ، تَشَبُّهًا بِالْكُفَّارِ حَذْوَ القِذَّةِ بِالْقِذَّةِ، أَلَيْسَ هَذَا جَرْحٌ لِلتَّوْحِيدِ؟
كَمْ هِيَ الْمَجَالِسُ وَالْبَرَامِجُ وَالْمُسَلْسَلاَتِ الَّتِي يُسْتَهْزِأُ فِيهَا بِدِينِ اللهِ وَبِأَهْلِ الدِّينِ وَيُجْلَسُ أَمَامَهَا؛ بَلْ وَيَضْحَكُ لَهَا أَبْنَاءِ التَّوْحِيدِ، أَلَيْسَ هَذَا جَرْحٌ لِلتَّوْحِيدِ؟
كَمْ هَمَّ الْمُعْتَدُونَ عَلَى شَرْعِ اللهِ...نَصَّبُوا أَنْفُسَهُمْ فْي كِتَابَاتِهِمْ وَأَحَادِيثِهِمْ مُفْتِينَ وَمُحَلِّلِينَ وَمُحَرِّمِينَ: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـَذَا حَلاَلٌ وَهَـَذَا حَرَامٌ لّتَفْتَرُواْ عَلَىَ اللّهِ الْكَذِبَ إِنّ الّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىَ اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أَلَيْسَ هَذَا جَرْحٌ لِلتَّوْحِيدِ؟!
حُبُّ الْكُفَّارِ وَمُوَالاَتِهِمْ وَالتَّشَبُّهُ بِهِمْ أَلَيْسَ هَذَا جَرْحٌ لِلتَّوْحِيدِ؟ !
وَمِنْ آخِرِ مَا جُرِحَ فِيهِ التَّوْحِيدُ؛ بَلْ قُلْ ذُبِحَ التَّوْحِيدُ قَنَوَاتٌ فَضَائِيَّةٌ مُتَخَصِّصَةٌ فِي تَعْلِيمِ السِّحْرِ وَالْكَهَانَةِ وَالشَّعْوَذَةِ، قَنَوَاتٌ لَمْ تَكْتَفِ بِصَبِّ الشَّهَوَاتِ فَوْقَ رُؤُوسِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ تَصُبُّ الكُفْرَ الصُّرَاحَ، يَخْرُجُ فِيهَا سَاحِرٌ تَنْهَالُ عَلَيْهِ الاتِّصَالاَتُ مِمَّنْ يَدَّعُونَ التَّوْحِيدَ، وَفُطِمُوا عَلَى التَّوْحِيدِ وَدَرَسُوا التَّوْحِيدَ، يَسْأَلُونَهُ عَنْ عِلْمِ الْغَيْبِ وَمَا سَيَقَعُ لَهُمْ مُسْتَقْبَلًا، وَتَطْلُبُ بَعْضُ النِّسَاءِ : أَنْ يُفَرِّقَ السَّاحِرُ بَيْنَ زَوْجِهَا وَأُمِّهِ، آلاَفٌ مِنَ الاِتِّصَالاَتِ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.. اللَّهُمَّ إِنَّا نَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا فَعَلَ هَؤُلاَءِ ضِعَافُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ .. يَا أَبْنَاءَ التَّوْحِيدِ كَيْفَ يَنْخَدِعُ بِمِثْلِ هَذَا أَبْنَاءُ التَّوْحِيدِ قَالَ : «مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَإِتْيَانُ الْكَاهِنِ كَمَا يَتَحَقَّقُ بِالذِّهَابِ إِلَيْهِ، فإنه يَتَحَقَّقُ بِمُشَاهَدَةِ تِلْكَ الْبَرَامِجِ الْفَضَائِيَّةِ وَتَصْدِيقِهَا.
بَلِ الْعَجَبَ العُجَابَ أَنْ يَرْتَكِسَ بَعْضُ الْخَيِّرُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى وَصَلَ بِبَعْضِهِمْ أَنْ أَشْغَلَ النَّاسَ بِبَرَامِجَ يُدْعَى فِيهَا النَّاسُ لِحُضُورِ أَعْمَالِ السَّحَرَةِ مِنَ الْمَشْيِ عَلَى الْجَمْرِ أَوِ الْمَشْيِ عَلَى الْحِبَالِ أَوْ جَذْبِ السَّيَّارَةِ بِشَعْرْ الرَّأْسِ أَوِ النَّوْمِ عَلَى الْمَسَامِيرِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ بِالألْعَابِ السِّيركِ، وَالَّذِي عَدَّهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ سِحْرِ التَّخْيِيلِ، وَحَرَّمُوا فِعْلَهُ وَحُضُورَهُ وَمُشَاهَدَتَهُ.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ .
أَيُّهَا النَّاسُ: وَمِنْ أكدِ الأُمُورِ بَعْدَ التَّوْحِيدِ، إِقَامُ الصَّلاةِ، فَمَنْ أقَامَهَا فَقَدْ أقَامَ الدِّينَ، وَمَنْ هَدَمَهَا فَقَدْ هَدَمَ الدِّينَ، وَلاَ حَظَّ فِي الإِسْلاَمِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاَةَ، قَالَ تَعَالَى: {وأقيموا الصلاة}، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}.
احْذَرُوا عباد الله مِنَ التَّهَاوُنِ بِأَمْرِ الصَّلاَةِ، أَوِ التَّفْرِيطِ فِيهَا، أَوْ تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمَشْرُوعِ، فقَدْ جَاءَ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ، وَالتَّهْدِيدُ الأَكِيدُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، قَالَ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}، وَقَالَ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}، وَوَيْلٌ وَغَيٌّ: وَادِيَانِ مِنْ أَوْدِيَةِ جَهَنَّمَ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ .
أَيُّهَا النَّاسُ:
هُنَاكَ حَرْبٌ ضَرُوسٌ، تُجَاهِدُ فِيهَا نُفُوسٌ وَنُفُوسٌ، مَا زَالَ أَهْلُ الْبَلْبَلَةِ، مَا زَالَتْ حَرْبُ الْعَلْمَنَةِ وَاللِّيبْرَالِيَّةِ وَالنِّفَاقِ، تَنْفُخُ كُلَّ يَومٍ أبْوَاقًا وَأَبْوَاق... كُلّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ....مَازَالَتْ نِيرَانُهُمْ مُشْتَعِلَةً، وَحَرْبِهِمُ مُفْتَعَلَة ..... فِي أَحْضَانِ الأَعْدَاءِ ارْتَمَوْا .. وبِشَرْعِ اللهِ اسْتَهْزَءُوا .. وَبِأَهْلِ الْخَيْرِ وَالْعِلْمِ وَالْفَضْلِ شَنَّعُوا ..فوِي كِتَابَاتِهِمْ كَتَبُوا .. وَفِي حِوَارَاتِهِمْ جَادَلُوا .. وَبِشُبَهِهِمْ دَلَّسُوا .. عَلَى حِجَابِ الْمَرْأَةِ نَاحُوا .. وَلِقِيَادَتِهَا للسَّيَّارَةِ صَاحُوا.. وَلِفِقْهِنَا طَعَنُوا، يُذَكُّونَ نَارًا عَلَى حِسَابِ أُخْرَى تَمَشِّيًا مَعَ انـْحِرَافِ أَفْكَارِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ.
لقد ضَاقَ المُنَافِقُونَ بِالمَرْأةِ ذَرْعًا، وَاجْتَهَدُوا وَمَا آلُوا وَسَعًا، يَغْتَنِمُونَ الْفُرَصَ السَّانِحَةَ، وَيَنْدُبُونَ الأَقْلاَمَ الْمَأْجُورَةَ النَّائِحَةَ لِتَسْوِيغِ الاِخْتِلاَطِ وَتَجْوِيزِهِ, فبِأَيِّ شُبْهَةٍ يُشْبِهُونَ، وَبِأَيِّ أَدِلَّةٍ يُشَوِّشُونَ وَالْقُرآنُ والسُّنَّةُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، أَلاَ فَلْيَمْحُوهَا مِنَ الْقُرْآنِ إِنِ اسْتَطَاعُوا.... قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}.
وَبِأَيِّ شُبْهَةٍ سَيَرُدُّونَ عَمَّا فِي البُخَارِي وَمُسْلِم مِنْ قَوْلِهِ: ((إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ)) هَذَا مُجَرَّدُ الدُّخُولِ لَيْسَ إِلاَّ، فَكَيْفَ بِالْمُكْثِ عِنْدَهُنَّ وَالْجُلُوسُ فِي سَاعَاتِ الْعَمَلِ بِجِوَارِهِنَّ.
إِنَّ هَؤُلاَءِ المُنَافِقِينَ قَدْ وَجَدُوا بَابًا لِلاِخْتِلاَطِ عَلَى النَّاسِ، فَدَخَلُوا مِنْ بَابِ الْعَمَلِ وَالْوَظِيفَةِ وَالرِّزْقِ وَالْمَالِ الَّذِي غَرَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بَرِيقَهُ، فَنَادَوُا الْمَرْأَةَ لِتَعْمَلَ فِي اسْتِقْبَالِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَلَى حَدٍّ سَوَاء، أَوْ كَاشِيرَاتٍ فِي الْمُولاَتِ أو مكاتب مختلطة..... دَعَوْهَا للاِجْتِمَاعَاتِ جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ مَعَ الرِّجَالِ بحجة متطلبات العمل، وَمَا إِنْ تَحْدُث مِثْلَ هَذِهِ اللِّقَاءَاتِ المُخْتَلِطَةِ حَتَّى تُصَوَّرُ وَتُزَفُّ لِلْمُجْتَمَعِ لَعَلَّ حَاجِزَ الْحِشْمَةِ وَالْحَيَاءِ يَسْقُطُ أَوْ يَتَصَدَّعُ، فَاتَّقُوا اللهَ فِي أَعْرَاضِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ فِي بَنَاتِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ سَفِينَتَكُمْ مُسْتَهْدَفَةٌ وَأَنَّ طَهَارَتَكُمْ وَنَقَاءَكُمْ مُسْتَهْدَفٌ، فَلِزَامًا عَلَيْنَا أُسَرًا وَبُيُوتًا وَمُعَلِّمِينَ وَدُعَاةً أَنْ نُبَيِّنَ خُطُورَةَ هَذِهِ الأَفْعَالَ وَعَوَاقِبَهَا، وإِنْ سَكَتْنَا عَنْهُمْ أَوْ تَخَاذَلْنَا عَنْ دُورِنَا، فَالنَّارَ التِي تُحْرِقُ غَيْرَنَا، حَتْمًا سَتَمْتَدُّ فَتُحْرِقُ مَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا، بَلْ سَتُحْرِقُنَا.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

عَبَادَ الله إنَّ مِنَ من أصول أهل السنة لُزُومَ الجَمَاعَةِ وَالتَدَيُنَ للهِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِمَنْ وَلَّاهُ اللهُ أَمْرَكُمْ وَبذلِ النُصْحِ لَهُ. فَإِنَّ الإِسْلامَ لا يَقُومُ إِلا بِالجَمَاعَةِ وَالجَمَاعَةَ لا تَقُومُ إِلا بالإمَامَةِ وَالِإمَامَةَ لا تَسْتَقِيمُ إِلا بِالسَمْعِ وَالطَاعَةِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ السَّمعُ وَالطاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ ،إِلا أَنْ يُؤمَرَ بِمَعْصِيَةٍ.. ) الحَدِيثُ. مُتَفَقٌ عَلَيهِ
أَيُّهَا الإخْوَةُ والأخوات :
إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَسْعَى جَاهِداً لِكَيْ يُشْعِلَ الفِتْنَةَ بِطُرُقٍ مُتَعَدِدَةٍ فِي هَذَا البَلَدِ الكَرِيمِ المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السعُودِيَّةِ حَرَسَهَا اللهُ، بَلَدِ الحَرَمَيْنِ وَقَلْعَةِ المُسْلِمِينَ، وَمِنْ طُرُقِهِم الحَدِيثَةِ إِنْشَاءُ مَعَاهِدَ تُدَرِبُ أبْنَاءَنَا عَلَى طُرُقِ إِعْدَادِ الثَورَاتِ وَقَلْبِ أَنْظِمَةِ الحُكْمِ، وَأَكْثَر تَرْكِيزَهُمْ عَلَى بِلادِنَا فَهَاهُم يَسْتَقْبِلُونَ كُلَّ سَنَةٍ عَدَداً مِنْ أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا مِنْ أَبْنَاءِ هَذَا البَلَد وَيُخْرِجُونَهُمْ إِلَى بَعْضِ البِلادِ وَيُغْلِقُونَ عَلَيْهِم الفَنَادِقَ أَيَّاماً وَلَيَالِيَ يُدَرّبُونَهُمْ فِيْهَا عَلَى الإعْدَادِ لِلثَورَاتِ وَالتَّخْرِيبِ وَالإفْسَادِ وَمُوَاجَهَةِ رِجَالِ الأمْنِ وَغَيْرِ ذَلكَ مِمَّا تَحْتَاجهُ الثَورَات..
فَاحْذَرُوا مِنْ هَذِهِ المُلْتَقَيَاتِ ودعاتها ، فَإِنَهَم لا يريدون إِلاّ تَغْيِيرَ أمْنِنَا وَاجْتِمَاعِنَا وَعقيدتنا، ولا يٌرِيدون بِنَا إِلا النُهُوضَ إلَى أَسْفَلِ سَافِلِينَ وَأَيّ سَفَالٍ بَعْدَ الإلْحَادِ وَتَقْدِيمِ الحُريَةِ عَلَى الدِيْنِ وَالتَحَالُف مَعَ أَشَدِ النَاسِ لأَهْلِ السُنّةِ عَدَاوَةً وَبَغْضَاءَ.
إِنَّهُ لَيْسَ سِراً إِذَا قُلْنَا إِنَّ هِذِهِ الجَمَاعَاتِ وَالحَرَكَاتِ المُنْتَسِبَة لِلدِينِ تَسْعَى جَاهِدَةً لِتَغْيِيرِ أَوْضَاعِنَا وَتُخَطِطَ لِلْخُرُوجِ وَالفِتْنَةِ فَهَا هوا أحدَ قادتِهِم، يَقُولُ فِي مَجْمُوعِ رَسَائِلِهِ تَحْتَ عُنْوَانِ مَاذَا نُرِيدُ؟
يقول: (وَنَحْنُ لِهَذَا لا نَعْتَرِفُ بِهَذِهِ التَقْسِيْمَاتِ السِيَاسِيّةِ) ..ثُمّ يَقُولُ ( فَمِصْرَ وَسُورِيّةَ وَالعِرَاقَ وَالحِجَازَ، وَاليَمَنَ وَطَرَابْلُس وَتُونُسَ وَالجَزَائِرَ وَمَرَاكِشَ وَكُلّ شِبْرِ أَرْضٍ فِيهِ مُسْلِمٌ يَقُولُ : لا إِلَهَ إِلا الله ، كُلُ ذَلِكَ وَطَنُنَا الكَبِير الذِي نَسْعَى لِتَحْرِيرِهِ وَإِنْقَاذِهِ وَخَلاصِهِ وَضَمّ أَجْزَائِهِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ) فَهَذَا بِاخْتِصَارٍ مَشْرُوعُ ثَوْرَتِهِم فَهُمْ يَسْعَوْنَ لِلانْقِلاَبِ عَلَى حُكُومَاتِ هَذِهِ البِلادِ وَالاسْتِيْلاءِ عَلَيْهَا دُونَ مُرَاعَاةٍ لِحُكْمِ الشَرْعِ فِيمَا يَتَعَلّقُ بِتَحْرِيمِ الخُرُوجِ عَلَى وُلاةِ الأمُورِ وَلا النَّظَر فِيمَا سَتَجُرُّهُ هَذِهِ المُخَطّطَاتِ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ المُسْلِمِينَ وَإِثَارَةِ الفِتَنِ وَالفَوْضَى وَالاضْطِرَابِ فِي بِلادِهِم .. كُلُّ ذَلِكَ لا يُهِمّهُمْ إِنّمَا المُهِمُ فِي فِكْرِهِم هُوَ الوُصُولُ إِلَى الحُكْمِ بِأَيِّ ثَمَنٍ ولو على حساب الدين وعلى أشلاء وجثث المسلمين والغاية عندهم تبرر الوسيلة. وَالْعِيَاذُ بِاللهِ.
فلذا تجدهم تحالفوا مع سبابةِ أصحاب النبي وتحالفوا مع الصوفية ومع بني ليبرال وعلمان، بل تعاهدوا مع اليهود والنصارى ليتسلموا زمام بعض الدول العربية بعد أن خسروا في معركة الإرهاب ومحاربة الحكام لجؤ لتغيير السلمي وتهييج الشعوب وتعاهدوا مع الغرب لاستلام دفة الحكم في بعض البلاد العربية على أن يفصلوا الدين عن الدولة ويستبدلوا الشريعة وأحكامها بالديمقراطية الكافرة وهي حكم الشعب بالشعب لا بتحكيم شريعة الله في أرضه.
وهاهم اليوم دعاتهم ممن يعيشون بين أظهرنا ومن جنسيتنا ومن أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ينادون بالحريات الغير منضبطة بالشرع لإرضاء الغرب وكسب ثقتهم ، ولأجل ذلك أصبحوا في صحفنا وفي مواقع التواصل الاجتماعي يلمحون ويهونون من أمر الحجاب واختلاط الرجال بالنساء ، وقيادة المرأة للسيارة وتمثيل الصحابة رضي الله عنهم ، بل هم اليوم صرحوا علناً وأفتوا بتكفير بعض حكام دول الخليج تمهيدا للثورات والمظاهرات في دول الخليج العربي وشق عصى الجماعة وتفريق كلمة المسلمين.
فاحذروا عبادَ الله إحذِّروا مِنْ هَذِهِ المُؤَامَرَاتِ وَهَذِهِ الثَورَاتِ وَالمُظَاهَرَاتِ وَاعْتَصِمُوا بِدِينِكُم وَاسْتَمْسِكُوا بِالسَمْعِ وَالطَاعَةِ لِوُلاةِ أَمْرِكُم فَهَذَا هُوَ طَرِيقُ الخَلاصِ مِنْ فِتَنِ الدُنْيَا وَالدِّيْنِ.
يَقُولُ العَلامَةُ عَبْدُ العَزِيزِ بنِ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ :لا أَرَى المُظَاهَرَات النِّسَائِيَّةَ وَالرِجَالِيَّةَ مِنَ العِلاجِ وَلَكِنِّي أَرَى أَنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ الفِتَنِ وَمِنْ أَسْبَابِ الشُرُورِ وَمِنْ أَسْبَابِ ظُلْمِ بَعْضِ النَّاسِ وَالتَعَدِي عَلَى بَعْضِ النَاسِ بِغَيْرِ حَقٍ وَلَكِنّ الأسْبَابِ الشَرْعِيّةِ ، المُكَاتَبَة ، وَالنَّصِيحَة، وَالدَعْوَة إِلَى الخَيْرِ بِالطُرُقِ السَلِيْمَةِ الطُرُقِ التِي سَلَكَهَا أَهْلُ العِلْمِ وَسَلَكَهَا أَصْحَابُ النّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتْبَاعِهِم بِإِحْسَانٍ بِالمُكَاتَبَةِ وَالمُشَافَهَةِ مَعَ الأمِيرِ وَمَعَ السُلْطَانِ وَالاتِصَالِ بِهِ وَمُنَاصَحَتِهِ وَالمُكَاتَبَةِ لَهُ دُونَ التَشْهِيرِ فِي المَنَابِرِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّهُ فَعَلَ كَذَا وَصَارَ مِنْهُ كَذَا، وَاللهُ المُسْتَعَانُ .
وَقَالَ الشَيْخُ العلامة ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللهُ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ خَطَرَ المُظَاهَرَاتِ وَأَنَهَا سَبَّبَتْ أُلُوفَ القَتْلَى فِي بَلَدٍ مُسْلِمٍ قَالَ: (الوَاجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَنْصَحَ بِقَدْرِ المُسْتَطَاعِ، أَمَا أَنْ نُظْهِرَ المُبَارَزَةَ وَالاحْتِجَاجَاتِ عَلَناً فَهَذَا خِلافُ هَدْيِ السَلَفِ، وَقَدْ عَلِمْتُمُ الآنَ أَنَّ هَذِهِ الأُمُور لا تَمُتّ إِلَى الشَرِيعَةِ بِصِلَةٍ وَلا إِلَى الإصْلاحِ بِصِلَةٍ. مَا هِيَ إِلا مَــضَرّة ...، الخَلِيفَةُ المَأْمُونُ قَتَلَ مِنَ العُلَمَاءِ الذِينَ لَمْ يَقُولُوا بِقَوْلِهِ فِي خَلْقِ القُرْآنِ قَتَلَ جَمْعاً مِنَ العُلَمَاءِ وَأَجْبَرِ النَاسَ عَلَى أَنْ يَقُولُوا بِهَذَا القَوْلِ البَاطِلِ، مَا سَمِعْنَا عَنِ الإمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنَ الأئِمَّةِ أَنَّ أَحَداً مِنْهُم اعْتَصَمَ فِي أَيِّ مَسْجِدٍ أَبَداً، وَلا سَمِعْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْشُرُونَ مَعَايِبِهِ، مِنْ أَجْلِ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسُ عَلَيْهِ الحِقْدَ وَالبَغْضَاءَ وَالكَرَاهِيَةَ......... وَلا نُؤَيِّدُ المُظَاهَرَات أَوْ الاعْتِصَامَات أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لا نُؤيِّدهَا إِطْلاقاً، وَيُمْكِنُ الإصْلاحَ بِدُونِهَا، لَكِنْ لا بُدّ أَنَّ هُنَاكَ أَصَـــابِعَ خَفِيّةً دَاخِلِـــــــيّةً أًوْ خَارِجِيةً تُحَاوِلُ بَثَّ مِثْلَ هَذِهِ الأُمُورِ) اهـ .
وقرر العلامة صالح الفوزان حفظه الله وكذلك الشَيْخُ صَالِحُ بْن غُصُونٍ رَحْمَهٌ اللهِ أَنَّ المُظَاهَرَاتَ لَيْسَتْ مِنْ أَعْمَالِ المُسْلِمِينَ وأنها من مَسَالِكِ الخَوَرِاجِ وَأُصُولِهِم فِي إِنْكَارِ المُنْكَرِ بِطَرِيقَةِ الأذَى وَالعُنْفِ وَالمُنَازَعَةِ..).
فَاحْذَرُوا أِيُهَا النَاسُ وَلا سِيَّمَا أَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ احذروا مِنْ دُعَاةِ السُّوءِ دُعَاةِ التَغْيِيرِ وَالمُظَاهَرَاتِ وَالبَيَانَاتِ وَالمُطَالَبَاتِ، فَمَا يُرِيدُونَ إِلا تَغْيِيرَ أَمْنِكُمْ إِلَى خَوْفٍ وَاجْتِمَاعِكُم إِلَى فُرْقَةٍ وَعِزِّكُمْ إِلَى ذُلٍ وَغِنَاكُمْ إِلَى فَقْرٍ وَسُنَّتِكُمْ إِلَى بِدْعَةٍ وَتَوحِيدِكُمْ إِلَى وَثَنِيَّةٍ. والسَّعِيْدُ مَنْ اتُّعِظَ بِغَيْرِهِ وَالشَقِيُ مَنْ صَارَ عِظَةً وَعِبْرَةً لِغَيْرِهِ..

إحذروا ياشباب التوحيد والسنة فهؤلاء أبائكم يحدثونكم اليوم عن شر كانوا فيه سابقاً، من الجهل والجوع والفقر والخوف قبل توحيد هذه البلاد على يد الملك عبدالعزيز ورجاله من أبائكم وأجدادكم رحم الله الأموات وحفظ الأحياء، حتى سلموها لكم بلدة طيبة ورب غفور.. فاحذروا أيها الشباب أن يأتي يوم تحدثونا أَبْنَاءَكُمْ عَنْ نَعِيمٍ وَرَغَدٍ وَأَمْنٍ كُنْتُمْ فِيهِ..
قال تعالى(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا )
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الكريم، وَنَفَعَنِي وَإيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ البَيَانِ والذكر الحكيم، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْغَفُورَ الرَّحْمَنِ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المسلمين.


الخطبة الثانية
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
.الْحَمْدُ للهِ مُدبّرِ الأَحْوَالِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ فِي الحَالِ وَالْمآلِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تفرّدَ بِالْعَظَمَةِ وَالْجَلاَلِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ... أَكْرَمَهُ اللهُ بِأَفْضَلِ الْخِصَالِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ مَا دَامَتِ الأَيَّامُ واللَّيَال.
أَمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اللهِ اعْلَمُوا أَنَّ مِنْ خَيرِ أَعْمَالِكُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ ذَبْحُ الأَضَاحِي
وَالأَضْحِيَةُ مَشْرُوعَةٌ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ،فَضَحُّوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ وَعَنْ أَهْلِيكُمْ تَعَبُّدًا للهِ تَعَالَى وَتَقَرُّبًا إِلَيْهِ وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ رَسُولِهِ . وَيَبْدَأُ وَقْتُ ذَبْحِهَا مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِيدِ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ آخرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.وَالوَاحِدَةُ مِنَ الْغَنَمِ تُجْزِئُ عَنِ الرَّجُلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ، وَمِنَ الْخَطَإِ أَنْ يُضَحِّي الإِنْسَانُ عَنْ أَمْوَاتِهِ مِنْ عِنْدِ نَفْسـِهِ وَيَتْرُكُ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ الأَحْيَاءُ.وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ وَصَايَا بِأَضَاحِي فَلْيَعْمَلْ بِهَا كَمَا ذَكَرَ المُوصِى، فَلَا يَدْخُلْ مَعَ أَصْحَابِهَا أَحَدًا فِي ثَوَابِهَا، وَلاَ يَخْرُج مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَإِنْ نَسِيَ أَصْحَابُهَا فَلْيَنْوِهَا عَنْ وَصِيَّةِ فُلاَنٍ فَيَدْخُلُ فِيهَا كُلُّ مَنْ ذَكَرَ المُوصِي.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يَذْبَحَهَا الْمُضَحِّي بِنَفْسِهِ، وَمَنْ كَانَ لاَ يُحْسِنُ الذَّبْحَ فَلْيَحْضُرْ ذَبْحَهَا، وَيُسَمِّي الْمُضَحِّي أُضْحِيَتَهُ فَيَقُولُ إِذَا أَضَجَعَهَا للِذَّبْحِ عَلَى جَنْبِهَا الأَيْسَرِ مُتَّجِهَةٍ إِلَى الْقِبْلَةِ: بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكْ وَإِنْ كَانَ سَيُشْرِكُ أَحَدًا فَيَقُولُ: عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِي الأَحْيَاءُ وَالأَمْوَاتُ أَوِ الأَحْيَاءُ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ مُوصَى بِذَبْحِهَا فَيَقُولُ: عَنْ فُلاَنٍ أَوْ فُلاَنةٍ وَيُسَمِّي مِنَ الأُضْحِيَةِ لَهُ
وَأَمَّا مَسْحُ الظَّهْرِ للأُضْحِيَةِ فَلاَ أَصْلَ لَهُ وَلَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ.
فَاتَّقُوا اللهَ يَا عِبَادَ اللهِ، وَاقْتَدُوا بِالنَّبِيِّ. وَاتَّقُوا اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ، اذْبَحُوهُا بِرِفْقٍ، وَأَحِدُّوا السِّكِّينَ، وَلاَ تُحِدُّوهَا وَهِيَ تَنْظُرْ، وَلاَ تَذْبَحُوهَا وَأُخْتُهَا تَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَأَمِرُّوا السِّكِّينَ بِقُوةٍ وَسُرْعَةٍ وَلاَ تَلْوُوا يَدَهَا وَرَاءَ عُنُقِهَا فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَعْذِيبًا لَهَا وَإِيلاَمًا دُونَ فَائِدَةٍ . وَلاَ تَكْسِرُوا رَقَبَتَهَا أَوْ تَبْدَأُو بِسَلْخِهَا قَبْلَ تَمَامِ مَوْتِهَا، وَلاَ تَدْفَعُوا لِلْجَزَّارِ أُجْرَتَهُ مِنْهَا، وَاحْذَرُوا ذَبْحَ مَنْ هُوَ تَارِكٌ لِلصَّلاَةِ وَكُلُوا مِنَ الأَضَاحِي، وَاهْدُوا وَتَصَدَّقُوا وَانْبِذُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الشُّحَّ وَالْبُخْلَ، وَإِذَا عَجَزْتَ عَنِ الأُضْحِيَّةِ فَاعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ الهُدَى قَدْ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَالآخَرُ عَنْ مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أَمَتِهِ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ .
ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ والسَّلاَمِ عَلَى نَبِيِّهِ فقَالَ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِينَا مَحَمَّدٍ وَارْضَ اللهمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشدينَ الذِينَ قَضَوْا بِالْحَقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيَ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعنَّا مَعَهُمْ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ. اللهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ والمُسْلِمِينَ، وأذلَّ الشركَ والمُشركينَ، وَدَمِّر أعْداءَ الدينِ، واجْعَلَ هذَا البَلَدَ آمِنًا مُطمئنًا وَسَائِرَ بِلاَدِ المُسْلِمين
اللهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُورِنَا ووفق بالحق إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهد اللهم أصلح لهم بطانتهم وسدد أقوالهم وأعمالهم
اللهُمَّ أَدِمْ عَلَيْنَا نِعْمَةَ الأَمْنِ وَالطَمَأْنِينَةِ وَاجْتِماعَ الكَلِمَةِ اللهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا بِكَيْدٍ فَكِدْهُ وَاجْعَلْ تَدْمِيرَهُ فِي تَدْبِيرِهِ
اللهُمَّ عَليْكَ بِدُعَاةِ الفِتْنَةِ والفُرْقةِ وَالاخْتِلافِ اللهُمَّ عَليْكَ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَكَ اللهُمَّ إِنَّا نَدْرَءُ بِكَ فِي نُحُورِهِم وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِم
اللهُمَّ وَفِّقْ جُنُودَ أمننا لحفظ عقيدة وأمن هذه البلاد اللهُمَّ انْصُرْهُم بِنَصْرِكَ المُؤَزّرِ عَلَى كُلِّ حَاقِدٍ بَاغٍ سَاعٍ فِي الأَرْضِ بِالفَسَادِ يَا رَبَّ العَالمِينَ.
اللهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا بِلادَنَا وَأَمْنَنَا وَوُلاةَ أُمُورِنَا بِسُوءٍ فَعَجِّلْ بِهَلاكِهِ وَخُذْلانِهِ وَهَزِيمَتِهِ وَتَدْمِيرِهِ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
اللهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
اللهُمَّ إنَّا نَسْألُكَ النَصْرَ العَاجِلَ وَالإعَانَةَ لإخْوَانِنَا فِي الشَامِ وَبُورْمَا وَفِي كُلِّ مَكَانٍ ، اللهُمَّ اجْعَلْ لَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ مَخْرَجًا وَفَرجًا، اللهُمَّ نَفّسْ كَرْبَهُمْ، وَيَسِّرْ أَمْرَهُمْ، وَفَرِّجْ هَمَّهُمْ وَاخْذُلْ أَعْدَاءَهُم إِنَّكَ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
اللَهُمَّ اجْمَعْ فِي هَذَا العِيدِ السَّعِيدِ شَمْلَنَا.. وَيَسِّرْ بِكُلِّ خَيْرٍ أَمْرَنَا .. وَحقِقْ وِفَاقَنَا وَأَمْنَنَا.. واجعَلْنَا لَكَ طَائِعِينَ كَمَا أَمَرْتَنَا.. مُتَرَاحِمِينَ كَمَا أَوصَيْتَنَا.. اللهُمَّ لا تَدَعْ لَنَا فِي هَذَا اليَوْمِ السَعِيدِ ذَنْباً إلا غَفَرْتَهُ.. وَلا عَيْباً إلا سَتَرْتَهُ..ولا مَريضاً إلا شَفَيتَهُ.. ولا مُبْتَلا إلا عَافَيْتَهُ..ولا مَيِّتاً إلا رَحِمتَهُ..اللهمَّ اجعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جمعاً مرْحُوماً ..وتَفَرقَنَا مِن بَعْدِهِ تفرقاً مَعْصُوماً.. اللهُمَّ اصْلِحْ لنَا الزَوْجَاتِ ..وَاهْدِ لنَا البَنِينَ والبَنَاتِ.. وارْحَمْ لنَا الآبَاءَ والأُمَّهَاتِ .. اللهم مَنْ كَانَ مِنْهُم حَيّاً فَأحْيِهِ أَسْعَدَ الحَيَاة .. وَمَنْ كَانَ مِنْهُم مَيّتاً فَتَقبَلْهُ بأَوْسَعِ الرَحَماتِ.. وأَسْكِنْهُ عنْدَكَ فَسِيحَ الجَنَّاتِ .. يا رَفِيعَ الدَرَجَاتِ .. يا عظِيمَ البَرَكاتِ ..ومُجِيبَ الدَعَواتِ ..
اللهم أغثنا ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم اسقنا غيثا مغيثا ، هنيئا مريعا سحا غدقا عاجلا غير آجل نافعا غير ضار ، اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك على بلدك الميت ، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا .
اللهم } رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عباد الله :
} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
المشاهدات 2029 | التعليقات 0