خطبة عيد الأضحى ( والحياة الهانئة ) 1445هـ
خالد الكناني
خطبة عيد الأضحى ( والحياة الهانئة ) 1445هـ
الحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر
الله أكبر ما هبت نسمات فج هذا اليوم الأنور ، الله أكبر ما تنفس الصبح بهذا العيد الأكبر ، الله أكبرُ ما أشرقت شمس اليوم على الحجيج فأضاءت أجواء الحرم الأطهر
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
أيها المؤمنون : اتقوا الله حق تقواه واشكروه على نعمه وهداه ، والتزموا أوامره ونواهيه تنالوا رضاه ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)
الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد
أيها المؤمنون :
إن الحياة الهانئةَ المستقرة والمعيشةَ الآمنة المطمئنة ، مطلب طبيعي يبتغيه الجميع على هذه المعمورة ، وينشده كل أحد ، ويسعى لتحقيقه كل فردٍ ، كيف لا وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن من حاز الأمن والعافية والسكينة فقد حاز الدنيا ، قال صلى الله عليه وسلم : (( من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ))
ويتحقق ذلك لمن تمسك بمنهج الله وحقق التوحيد الخالص ، ولم يشرك به جل في علاه ، قال تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}
أيها المسلمون : إن من سنن الله تعالى الربانية أن من آمن به وعمل صالحا من عباده يهديهم بإيمانهم إلى السعادة والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) وقال تعالى : ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14)
هذا الصنف من الناس حققوا التوحيد ، وحافظوا على الفرائض ، وتزودوا من الصالحات .
وفي المقابل أن من أعرض عن منهج الله وبارز بالمعاصي والمخالفات فإن حياته ضنك وآخرته شقاء
((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)
الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد
عباد الله : إن الأسرة هي النواة الأولى لتكوين أفراد صالحين ، رسالتها في التربية والرعاية عظيمة ، قال صلى الله عليه وسلم : ((الرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ))
الوالدان مسئوليتهما عظيمة في مجال التوجيه والإرشاد والنصح والتربية ، هما قدوة يقتدي بهما الأولاد في البيت ، فلا بد أن يرى الأولاد منهما الصدق والعبادة والرحمة ومكارم الأخلاق .
يقول صلى الله عليه وسلم : ((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ))
الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد
أيها المسلمون إن من حكم العيد ومنافعه العظمى ، التواصل بين المسلمين والتزاور وتقارب القلوب ، والتآلف ، التراحم والتعاون والتعاطف صفة المؤمنين فيما بينهم
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ))
عباد الله المحبة بين المسلمين والتواد غاية عظمى من غايات الإسلام ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ»
عباد الله حقوق العباد اعتنى الاسلام فيها فحرم سفك الدماءوانتهاك الإعراض وأكل الأموال بالباطل .
فقد جاء في خطبته صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في حجة الوداع
«إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ [ص:890]، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ .. ))
قوموا بالحقوق فلا يحل سفك الدماء المعصومة ، ولا أكل أموال الناس بالباطل ، وحرم الله الغيبة والنميمة ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ، ولا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً .
عودوا المريض وصلوا الأرحام وأطعموا الجائع وأعطوا الفقير ووفوا حق الأجير وبروا الوالدين وأحسنوا إليهما واستوصوا بالنساء خيرا عاملهن بالمحبة والتقدير والإكرام والاحترام ، وأحفظوا أولادكم وأحسنوا أدبهم وتربيتهم وأنفقوا عليهم .
وغضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم ، اجتنبوا الغش والخداع والكذب والزور ، واللعن والسب والشتم
يا من ابتُلي بالدخان والشيشة والخمر والمخدرات بادر بادر قبل أن ينزل بك ما تحاذر ، بادر إلى تركها قبل أن تدعك طريحا وتذرك صريعا وتقتلك سريعا
يامن ابتلي بالذنوب والمعاصي أقبل على مولاك منكسرا ولذ بباب جوده معتذرا
«إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» . الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين وقدوة الناس أجمعين
الله أكبر3 الله أكبر 3 الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله أسلوا الله المغفرة والرضوان في هذا اليوم العظيم يوم النحر يوم الحج الأكبر شرع الله فيه كثير من المناسك : الرمي والهدي والحلق والطواف والسعي والأضاحي والتكبير ، والفرح بالعيد فرح شكر لله على التوفيق
عباد الله الأضحية قربة جليلة ونسيكة عظيمة ومعلم ٌ ظاهرٌ وشعيرة لا ينبغي للمُوسرِ تركها
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا»
واختاروا من الأضاحي أفضلها وأحسنها ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا»
، وحاذروا العيوب المانعة من الإجزاء أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ، الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ، الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ، الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرَةُ، الَّتِي لَا تُنْقِي "
ووقت الذبح المعتبر من بعد صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق
تقبل الله ضحاياكم ورضي عنكم وأرضاكم وحقق في الخير مناكم وأسعدكم ولا أشقاكم وعاودتكم السعود ما عاد عيدٌ واخضرَّ عود
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله هذا يوم التسامح هذا يوم التصافح فتصافحوا وتسامحوا وتراحموا وكونوا عباد الله إخوانا
صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، قال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
اللهم أعز الاسلام والمسلمين ، واجعل بلادنا آمنة وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمِنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحبه وترضاه يا رب العلمين ، اللهم احفظ حجاج بيتك الحرام واجعل حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا يا رب العالمين ، اللهم اجعلنا من المقبولين وارحمنا برجمتك يا ارحم الرحمين واغفر لنا أجمعين ولوالدينا وجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا ارحم الراحمين
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
المرفقات
1718275506_خطبة عيد الأضحى.pdf