خطبة عيد الأضحى لعام 1435: ((ماذا علَّمنا الإسلام؟ وما سبب ضعْفنا وذلّنا؟))

أحمد بن ناصر الطيار
1435/12/07 - 2014/10/01 04:14AM
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَقَيُّومُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ, الَّذِي لَا فَوْزَ إِلَّا فِي طَاعَتِهِ، وَلَا عِزَّ إِلَّا فِي التَّذَلُّلِ لِعَظَمَتِهِ، وَلَا غِنًى إِلَّا فِي الِافْتِقَارِ إِلَى رَحْمَتِهِ، وَلَا هُدًى إِلَّا فِي الِاسْتِهْدَاءِ بِنُورِهِ، وَلَا حَيَاةَ إِلَّا فِي رِضَاهُ، وَلَا نَعِيمَ إِلَّا فِي قُرْبِهِ، الَّذِي إِذَا أُطِيعَ شَكَرَ، وَإِذَا عُصِيَ تَابَ وَغَفَرَ، وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ، وَإِذَا عُومِلَ أَثَابَ.
سُبْحَانَه وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ, وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ, وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي إِلَهِيَّتِهِ ولا فِي رُبُوبِيَّتِهِ، وَلَا شَبِيهَ لَهُ فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.
سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَأَمْلَاكُهَا، وَالنُّجُومُ وَأَفْلَاكُهَا، وَالْأَرْضُ وَسُكَّانُهَا، وَالْبِحَارُ وَحِيتَانُهَا، وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ, وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَالرِّمَالُ، وَكُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ ، وَكُلُّ حَيٍّ وَمَيِّتٍ {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَلِمَةٌ قَامَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَبِهَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَشَرَعَ شَرَائِعَهُ، وَلِأَجْلِهَا نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ، وَوُضِعَتِ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِهَا انْقَسَمَتِ الْخَلِيقَةُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ, وَالْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ، وَعَنْهَا وَعَنْ حُقُوقِهَا السُّؤَالُ وَالْحِسَابُ، وَعَلَيْهَا يَقَعُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، وَعَلَيْهَا نُصِبَتِ الْقِبْلَةُ، وَعَلَيْهَا أُسِّسَتِ الْمِلَّةُ، وَلِأَجْلِهَا جُرِّدَتْ سُيُوفُ الْجِهَادِ، وَهِيَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّلَامِ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَسَفِيرُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبَادِهِ، الْمَبْعُوثُ بِالدِّينِ الْقَوِيمِ, وَالْمَنْهَجِ الْمُسْتَقِيمِ، أَرْسَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَإِمَامًا لِلْمُتَّقِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ.
صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ, وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ, وَأَصْحَابِهِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله , الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

أمة الإسلام: أوصيكم ونفسي بما وصَّى الله به الأولين من قَبلنا, {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}.
معاشر المسلمين: لقد منَّ الله تعالى على البشرية بدينٍ وشريعةٍ سمحة, لبَّتْ حاجاتِهم, ونظَّمتْ حياتَهم, فلا سعادة ولا عزَّ لهم إلا بها.
خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الشَّامِ ليتسلم القدس من النصارى, وَمَعه أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رضي الله عنهما, فَأَتَوْا عَلَى مَخَاضَةٍ, وَعُمَرُ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ, فَنَزَلَ عَنْهَا وَخَلَعَ خُفَّيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَلَى عَاتِقِهِ، وَأَخَذَ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ فَخَاضَ بِهَا الْمَخَاضَةَ ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, أَنْتَ تَفْعَلُ هَذَا؟، مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ رأوكَ ، فَقَالَ عُمَرُ: لَو قال ذَا غَيْرُكَ يا أَبَا عُبَيْدَةَ!, إِنَّا كُنَّا أَذَلَّ قَوْمٍ, فَأَعَزَّنَا اللَّهُ بِالإِسْلاَمِ, فَمَهْمَا ابْتغينا الْعِزَّةَ بِغَيْرِ مَا أَعَزَّنَا اللَّهُ بِهِ: أَذَلَّنَا اللَّهُ.

وما تمرُّ به أمَّتُنا من ضعفٍ وذلٍّ وتفرق, إلا بسبب ابْتعادها عن تعاليم دينها, ومصدرِ عزِّها وشرفِها.
هذا الدينُ العظيمُ يومَ أنْ تمسَّكنا به, وطئتْ أقدامُنا حدُود الصين وفرنسا, ونشرنا العدلَ والأمان في ربوع الأرض, وما إنْ تخلّينا عنه حتى وطئتْ أقدامهم بلاد المسلمين, مُحتلين مُغتصبين, ولا نستطيع أنْ ننفرد في شؤوننا إلا بالرجوع إليهم, وأخذِ الإذن منهم.
فماذا علَّمنا الإسلام؟

علمنا الإسلام أنْ نكون أقوياء أعزاء, وإلا لَأَكَلَنا الشرقُ والغرب كما هو حالنا اليوم, {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}.
فلا ينبغي أن نكون عالةً على الأمم الأخرى, نأكل ونلبس مما يصنعونه ويُنتجونه, بل يجب علينا أنْ نُغنيَ أنفسنا بأنفسنا.
ونحن إذا لم نكن في الْمُقدمة أصبحنا في الْمُؤَخَّرَة, ولا خيار غير ذلك في هذا الزمن أبدًا, فها نحن نرى ثُلَّةً أقليَّةً تُهدد أمن كثيرٍ من دولنا, بل وتستولي على عواصم ودولٍ أُخرى, وأقرب مثالٍ لذلك الحركةُ الحوثيةُ الرافضية, التي تُحركها دولةٌ حاقدةٌ حقيرة, وما كان ذلك إلا بسبب ضعفنا وتناحرنا.
يقول العلامةُ رشيد رضا رحمه الله: "إنَّ مَشِيئَتَهُ تَعَالَى إِنَّمَا تَنْفُذُ بِمُقْتَضَى سُنَنِهِ الْعَامَّةِ, فِي تَغْيِيرِ أَحْوَالِ الْأُمَمِ بِتَغْيِيرِهِمْ مَا فِي أَنْفُسِهِمْ ، وَفِي سَلْبِ مُلْكِ الظَّالِمِينَ وَإِيرَاثِ الْأَرْضِ لِلصَّالِحِينَ.
وأَقُولُ وَلَا أَخْشَى فِي الْحَقِّ لَوْمَةَ لَائِمٍ: أَيَظُنُّ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ تَنَازُعَ الْأُمَمِ وَالدُّوَلِ عَلَى مَمَالِكِهِمْ, وَسَلْبِهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ, مُخَالِفٌ لِعَدْلِ اللهِ الْعَامِّ, وَسُنَنِهِ الْحَكِيمَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ؟ كَلَّا, إِنَّهُ تَعَالَى مَا فَرَّطَ فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ، وَلَكِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ فَرَّطُوا فَذَاقُوا جَزَاءَ تَفْرِيطِهِمْ ، فَإِنْ تَابُوا وَأَصْلَحُوا تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ، وَإِلَّا فَقَدَ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ. ا.ه كلامه
إنَّ تسلُّطَ الأعداءِ علينا ليس بسببِ قُوَّتِهِم وتَفَوُّقِهِم, بل بسبب ضعفنا وعدمِ اعتمادنا على أنفسنا بعد الله تعالى.

علَّمنا الإسلام أنْ نستمد القوة والعزة من ربِّنا جل جلاله, وذلك باعتمادِنا عليه أولاً ثم على أنفسنا وإخواننا, لا أنْ نَرْتَمِيَ في أحضان أعدائنا, ونتخذَهم أولياءَ وأُمناء, وقد ذمَّ الهَ تعالى المنافقين فيما سلكوه من موالاة الكافرين فقال:{الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}.
أي هل ينشدون العزة والقوة من الأعداء, الذين لا يهنؤون بعيشٍ حتى يرونا مُتفرقين مُتناحرين, كما هو الحال هذه الأيام.
وهؤلاء قد ساء ظنهم بالله, وضعف يقينهم بنصره لعباده المؤمنين، ولحظوا بعضَ الأسباب التي عند الكافرين، فاتخذوا الكافرين أولياء يتعززون بهم ويستنصرون.
فيا أيها المنافقون: "ما دمتم تطلبون العزة والنَّصْر، ألا تطلبونها ممن هي عنده؟. أتطلبونها من بشرٍ أمثالِكم؟. وعندما تطلبون العزة منهم, فذلك لأنكم لا تملكون عزةً ذاتية، فلو كانت عندكم عزةٌ ذاتيةٌ لما طلبتمُ العزةَ مِنْ عند الكافرين.
ومن الْمُمْكن أنْ يكونَ عَزيزُ اليوم ذليلَ الغد, وقويُّ اليوم ضعيفَ الغد.
فإن أردتم عزةً حقَّةً: فاطلبوها ممَّن لا تتغيَّر عزَّتُه وهو الحق سبحانه وتعالى: {فَإِنَّ العِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً}".


فيا من تُحاربون الإسلام, لا تُتعبوا أنفسكم, فوالهم لن تُفلحَ خُطَطُكُم, ولن ينفعُكُم مَكْرُكُمْ, فالهم وعد وعدًا لا يُخلفه: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)}, { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ}.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

علَّمَنَا الإسلامُ ألا يستبدّ أحدٌ بأمر الأمة برأيه, بل لابدّ من الشورى وأخذِ آراءِ العقلاء وأهل الرأي, بل أمرنا الإسلامُ بالشورى في أدنى وأقل الأمور, وهي مُشاورةُ الوالدين في فطام ابنهما قبل الحولين, فقال تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا}.
قال العلامةُ رشيد رضا رحمه الله: إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ يُرْشِدُنَا إِلَى الْمُشَاوَرَةِ فِي أَدْنَى أَعْمَالِ تَرْبِيَةِ الْوَلَدِ, وَلَا يُبِيحُ لِأَحَدِ وَالِدَيْهِ الِاسْتِبْدَادَ بِذَلِكَ دُونَ الْآخَرِ, فَهَلْ يُبِيحُ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ أَنْ يَسْتَبِدَّ فِي الْأُمَّةِ كُلِّهَا, وَأَمْرِ تَرْبِيَتِهَا؟.
وَإِقَامَةُ الْعَدْلِ فِيهَا أَعْسَرُ, وَرَحْمَةُ الْأُمَرَاءِ أَوِ الْمُلُوكِ, دُونَ رَحْمَةِ الْوَالِدَيْنِ بِالْوَلَدِ وَأَنْقَصُ؟!. ا.ه كلامه

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


نسأل الله تعالى, أنْ يجعل عيدنا عيداً سعيدًا على جميع المسلمين, وأنْ يُعجِّل بفرجهم ونصرهم, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.
الحمد لله الواحد الأحد ، الفردِ الصمد، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليماً كثيراً..

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الإسلامُ - يا أمة الإسلام- يأمرنا جميعًا - أفرادًا وجماعات, أُسَرًا وحُكومات- بأنْ نستثمرَ أموالَنا في ما ينفعنا في ديننا ودُنيانا, وأنْ نُحسن اسْتغلاله وتنميتَه, قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} أي بِالْإِمْسَاكِ عَنِ الْإِنْفَاقِ فِي الِاسْتِعْدَادِ لِلْقِتَالِ; فَإِنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُكُمْ, وَيُمَكِّنُ الْأَعْدَاءَ مِنْكم فَتَهْلِكُونَ.
والأعداءُ يتربَّصون بنا, ويتحيَّنون الفرصةَ للانقضاضِ علينا, "فَلَوِ انْصَرَف المسلمون عَنِ الِاسْتِعْدَادِ لِلْجِهَادِ, إِلَى تَثْمِيرِ الْأَمْوَالِ لَاغْتَالُوهُمْ ، وَإِصْلَاحُ الْأَمْوَالِ وَاسْتِثْمَارُهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ هُوَ أَسَاسُ الْقُوَّةِ ، فَقُوى الدُّوَلِ عَلَى قَدْرِ ثَرْوَتِهَا ، فَالْأُمَّةُ الَّتِي تُقَصِّرُ فِي تَوْفِيرِ الثَّرْوَةِ, هِيَ الَّتِي تُلْقِي بِأَيْدِيهَا إِلَى التَّهْلُكَةِ ، وَالَّتِي تُقَصِّرُ فِي الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللهِ, لِلِاسْتِعْدَادِ لِقِتَالِ مَنْ يَعْتَدِي عَلَيْهَا, تَكُونُ أَدْنَى إِلَى التَّهْلُكَةِ".

الإسلامُ العظيمُ يأمرنا بالعدل والإنصاف, والكرمِ وإغناءِ الفقراءِ وصلةِ الأرحام, وينهانا عن الظلم والميل بدون حقّ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

"وإِنَّ أُمَّةً يُؤَدِّي أَغْنِيَاؤُهَا مَا فَرَضَ اللهُ عَلَيْهِمْ, لِفُقَرَائِهَا وَلِمَصَالِحِهَا الْعَامَّةِ لَا تَهْلَكُ وَلَا تَخْزَى، وَلَا شَيْءَ أَسْرَعُ فِي إِهْلَاكِ الْأُمَّةِ مِنْ فُشُوِّ الْبُخْلِ, وَمَنْعِ الْحَقِّ فِي أَفْرَادِهَا".
ولو أدَّى الأغنياءُ زكاةَ أموالِهِم, لَمَا بقي فقيرٍ يتضوَّر جوعًا في الدول العربية.
هذه هي تعاليم دِيْنِنَا فلْنفرحْ به, وهذا هو دُستورنا فلْنفخرْ به, {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)}.

فلْنُراجِعْ تعاليمَ دِيْنِنَا إنْ أردنا أنْ تَرْجِعَ إلينا نهضتُنا وعزَّتُنا, وأنْ نستردّ كرامتنا ومجدنا, فالعيب ليس في تمسكنا بديننا كما يزعم البعض, فليس هناك نظامٌ وضعيٌّ يُلبي حاجةَ جميعِ الشعوب, فهذه دُول الغرب, قد وصلوا إلى القمة في صناعتهم وأقوَّتِهم, في حين أنهم يسيرون نحو الهاوية في علاقاتهمُ الاجتماعية, واسْتقرارِهمُ النفسيّ, ويُوجد فيهمْ ملايين الفقراءِ والمشردين, وتكادُ تفتك بهم الأمراض الناجمة عن الزنا والخمر, وينتحر منهمْ عشرات الآلاف سنويًّا.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

نسأل الله تعالى أنْ يعزّنا بالإسلام, وأنْ يُثبتنا عليه حتى نلقاه, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.
المشاهدات 2247 | التعليقات 0