خطبة عيد الأضحى + خطبة الجمعة يوم العيد (مختصرة ومشكولة) PDF + DOC
عبدالله اليابس
خطبة العيد
خطبة عيد الأضحى الجمعة 10/12/1441هـ
الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.
اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَنْ حَجَّ البَيْتَ فِيْ غَابِرِ السَنَواتِ.. اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَنْ تَمَنَّى الحَجَّ وَلَمْ يُدْرِكِ الأُمْنِيَاتِ.. اللهُ أَكْبَرُ عَدَدَ مَنْ سَبَّحَ فِي الأَرْضِ وَالسَمَاوَاتِ..
اللهُ أَكْبَرُ لَا مَنٌّ وَلَا بَطَرُ *** وَلَا اِخْتِلَاقٌ وَلَا زُورٌ وَلَا هَذَرُ
اللهُ أَكْبَرُ مَا شَعَّتْ بِعَالَمِنَا *** شمْسُ الحَقِيقَةِ يَتْلُو آَيَهَا القَمَرُ
لِيُؤْمِنَ الجَاحِدُ الـمَفْتُونُ مُعْتَبِرًا *** وَيَهْتَدِي بِضِيَاءِ الحَقِّ مَنْ كَفَرُوا
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ الْوَجْهِ الأَنْوَر، وَالْجَبِينِ الأَزْهَر، أَنْصَحُ مَنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَبَشَّرَ وَأَنْذَر، وَأَفْضَلُ مَنْ صَلَّى وَزَكَّى وَصَامَ وَحَجَّ وَاعْتَمَر.
صَلُّوا عَلَى الـمُخْتَارِ فَهْوَ شَفِيعُكُمْ *** فِي يَومِ يُبْعَثُ كُلُّ طِفْلٍ أَشْيَبَا
صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا وَتَرَحَّمُوا *** وَرِدُوا بِهِ حَوْضَ الكَرَامَة ِمَشْرَبًا
صَلَّى وَسَلَّمَ ذُو الجَلَالِ عَلَيْكَ يَا *** مَنْ نُورُ طَلْعَتِهِ يَشُقُّ الغَيْهَبَا
فاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ تَسْلِيمَاً مَدِيدَاً.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُم صَالِحَ الأَعْمَالِ.. وَعِيدُكُمْ مُبَارَكٌ.. هَنِيئًا لَكُمْ عِيدُ الأَضْحَى، هَنِيئًا لَكُمْ يَومُ الحَجِّ الأَكْبَرِ، يَومٌ يُهْرَاقُ فِيهِ الدَّمُ، وَيُوضَعُ فِيهِ الشَّعْرُ، وَيُقْضَى فِيهِ التَّفَثْ، وَتَحِلُّ فِيهِ الحُرَم، الوُقُوفُ فِي لَيْلَتِهِ، وَالرَّمْيُ وَالنَّحْرُ وَالطَّوَافُ فِي صَبِيحَتِهِ، فَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ يَوْمٍ.
يَا أَهْلَ العِيدِ.. سَنَةٌ تَارِيْخِيَّةٌ.. عَدَدُ الحُجَّاجِ فِيْهَا مَحْدُودٌ.. الكَثِيْرُ يَتَمَنَّى الحَجَّ.. الـمـَالُ مَوْجُودُ وَالصِّحَةُ مُتَوَافِرَةٌ.. وَلَا يَسْتَطِيعُ الوَاحِدُ مِنَّا إِلَى الحَجِّ سَبِيْلاً.. جَاءَ فِي الحَدِيْثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (تَعَجَّلُوا إِلَى الحَجِّ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعرِضُ لَهُ)، وَهِيَ رِسَالَةٌ لِكُلِّ مَنْ فَرَّطَ وَتَهاَوَنَ وَسَوَّفَ فِي أَداءِ هَذِهِ الفَريضَةِ العَظِيْمَةِ، وَالرُّكْنِ الرَّكِيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، بِالـمُـبَادَرَةِ إِلَى الحَجِّ فِي العَامِ القَادِمِ بإِذْنِ اللهِ تَعَالَى.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.
أَيْهُا الإِخْوَةُ.. إنَّ أَظْهَرَ عِبَادَةٍ لِهَذَا اليَومِ: ذَبْحُ الأَضَاحِي..
رَوَى اِبْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: (مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا)
هَذِهِ العِبَادَةُ العَظِيْمَةُ ثَوَابُهَا عَظِيمٌ: رَوَى التِرمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: (مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَومَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، وَإِنَّهُ لَتَأْتِي يَومَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا).
اتَّقُوا اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ، فَاذْبَحُوهَا بِرِفْقٍ، وَأَحِدُّوا السِّكِينَ، وَلا تَحُدُّوهَا وَهِيَ تَنْظُرُ، وَلا تَذْبَحُوهَا وَأُخْتُهَا تَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَأَمِرُّوا السِّكِّينَ بِقُوَّةٍ وَسُرْعَةٍ، وَلا تَكْسِرُوا رَقَبَتَهَا أَوْ تَبْدَأُوا بِسَلْخِهَا قَبْلَ تَمَامِ مَوْتِهَا.
ألا وإن من السُّنَّةِ أَنْ يَذْبَحَ الْمُضَحِّي أُضْحِيتَهُ بنَفْسِهِ، وَمَنْ كَانَ لا يُحْسِنُ الذَّبْحَ فَالسنةُ أن َيْحَضُرَ ذَبْحَهَا، وَيُسَمِّي الْمُضَحِّي أُضْحِيَتِهِ فَيَقُولُ إِذَا أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ عَلَى جَنْبِهَا الأَيْسَرِ مُتَّجِهَةً إِلَى الْقِبْلَةِ: بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، وَكُلُوا مِنَ الأَضَاحِي وَاهْدُوا وَتَصَدَّقُوا، وَأَخْلِصُوا النِيَّةَ فِيْهَا: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ}.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيات وَالذِّكْرَ الْحَكِيمَ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُم، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
اللهُ أَكْبَرُ (سَبْعًا).. الْحَمْدُ للهِ عَلَى إحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَاِمْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الداعي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ وَسُلَّمُ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَإِخْوَانِهِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَاِقْتَفَى أثَرَهُ وَاِسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقَوْا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى.. وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَنا عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى..
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. هَذَا اليَوْمُ هُوَ أَفْضَلِ أَيَّامِ العَامِ عَلَى الإِطْلَاق.. يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَفْضَلُ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَومُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ القَرَّ)، وَاليَوْمَ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ.. وَغَدًا يَوْمُ القَرِّ.
اِجْعَلْ كُلَّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِكَ فِي هَذَا اليَومَ عَمَلاً صَالِحًا، اِتَقِ اللهِ فِي سَائِرِ أَمْرِكَ، اِنْوِ نِيَةَ العَمَلِ الصَّالِحِ فِي كُلِّ شَأْنِكَ، صَلَاتُكَ العِيدَ عِبَادَةٌ، وَسَمَاعُ الخُطْبَةِ طَاعَةٌ، وَذَبْحُكَ الأُضْحِيَةَ نُسُكٌ وَاِقْتِدَاءٌ بِأَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَكْلُكَ مِنْ أُضْحِيَتِكَ بَعْدَ ذَبْحِهَا سُنَّةٌ، وَتَهْنِئَتُكَ وَالدِيَكَ وَأَقَارِبَكَ بِالعِيدِ صِلَةُ رَحِمْ، وَرَاحَتُكُ خِلَالَ اليَوْمِ طَاعَةٌ تَنْوِي بِهَا التَّقَوِّي عَلَى مَا بَعْدَهَا مِنَ الطَاعَاتِ، مَعَ الـمُحَافَظَةِ عَلَى الفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَالتَّكْبِيرِ أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ، مَعَ أَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالـمَسَاءِ، جَعَلَكَ اللهُ مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنتَ، وَعَمَرَ وَقْتَكَ بِالخَيْرِ وَالطَّاعَةِ.
يَا أَهْلَ العِيْدِ.. لَقَدِ اِجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ.. عِيدُ الأَضْحَى وَعِيدُ الجُمُعَةِ.. وَقَدْ حَصَلَ مِثْلُ هَذَا فِيْ عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِلْنَاسِ: (قَدِ اِجْتَمَعَ فِي يَومِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ).
فَمَنْ صَلَّى العِيدَ مَعَنَا فَقَدْ سَقَطَتْ عَنْهُ صَلَاةُ الجُمُعَةِ؛ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا ظُهْرَاً.. وَلَوْ حَضَرَ صَلَاةَ الجُمُعَةِ فَخَيرٌ إِلَى خَيرٍ.. وَإِنَّا مُصَلُّوا الجُمُعَةِ فِي هَذَا الجَامِعِ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى..
يَا أَهْلَ العِيْدِ.. ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللهُ ضَحَايَاكُمْ، وَكُلُوا مِنْهَا، وَتَصَدَّقُوا، وَتَهَادُوا، وَأْحيُوا سُنَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلَامُ، { ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ}.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.
أسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَقْبَلَ مِنَّا وَمِنَ الْحُجَّاجِ، وأن يُعينَهُم على أَداءِ نُسُكِهِم بِسَلامَةٍ وقَبول.. وَأَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاهُمْ وَوَالِدِينَا وَالْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ مِنْ عُتَقَائِهِ مِنَ النَّارِ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِصَلَاحِ الْقُلُوبِ وَالْأَعْمَالِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
اللَّهُمَّ آَمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاِجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِي مَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاِتَّبَعَ رِضَاكَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالـمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالـمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ.
عِبَادَ اللهِ.. إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالـمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ، فَاِذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاِشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
-------------------------------------------
خطبة الجمعة
جمعة عيد الأضحى الجمعة 10/12/1441هـ
الحَمْدُ للهِ أَعْظَمَ لِلْمُتَّقِينَ العَامِلِينَ أُجُورَهُمْ، وَشَرَحَ بِالهُدَى وَالخَيْرَاتِ صُدُورَهُمْ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَفَّقَ عِبَادَهُ لِلطَّاعَاتِ وَأَعَانَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، خَيْرُ مَنْ عَلَّمَ أَحْكَامَ الدِّينِ وَأَبَانَ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَهْلِ الهُدَى وَالإِيمَانِ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِيمَانٍ وَإِحْسَانٍ مَا تَعَاقَبَ الزَّمَانُ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا.
أَمَّا بَعْدُ.. فَاِتَّقَوْا اللهَ عِبادَ اللهِ حَقَّ تُقاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.. إِنَّ الْعِيدَ مَظْهَرٌ إِسْلامِيٌّ عَظِيمٌ شَرَعَهُ اللهُ لَنَا، وَجَاءَتْ السُّنَّة ُبِإِظْهَارِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ فِيهِ.
فِي الْعِيدِ مَظَاهِرٌ حَمِيدَةٌ يَنْبَغِي تَشْجِيعُهَا وَالْعَمَلُ عَلَى بَقَائِهَا وَتَكْثِيرُهَا، فَمِنْهَا التَّزَاوُرُ لِلسَّلامِ وَالتَّهْنِئَةِ بِالْعِيدِ، وَصِلَةُ الأَرْحَامِ، وَالتَّوْسِعَةُ عَلَى الأَهْلِ مِنْ زَوْجَاتٍ وَأَوْلادٍ وَإِلَبْاسُهُمُ الْجَدِيدَ بِهَدَايَا الْعِيدِ .
وَمِنْ ذَلِكَ: السَّعْيُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُلُوبِ الْحَيَّةِ التِي تَلْتَمِسُ الأَجْرَ إِلَى إِصْلاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ بَيْنَ الْمُتَهَاجِرِينَ فَالْعِيدُ فُرْصَةٌ سَانِحَةٌ يَحْسُنُ اسْتِغْلالُهَا لِذَلِكَ ! وَلا يَحْسُنُ بِنَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ نَعْرِفَ أُنَاسَاً بَيْنَهُمْ تَقَاطُعٌ ثُمَّ نَتْرُكُهُمْ. وَالْهَجْرُ مِنَ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مُحَرَّمٌ، وَقَدْ تَكَاثَرَتِ الأَدِلَّةُ فِي ذَلِكَ، فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وعن فَضالةَ بنِ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ فَهُوَ فِي النَّارِ إِلَّا أَنْ يَتَدَارَكَهُ اللهُ بِرَحْمَتِهِ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ الْهَجْرَ يَزُولُ بِالسَّلامِ وَالْكَلامِ وَزَوَالِ الْوَحْشَةِ وَالشَّحْنَاءِ، وَأَمَّا التَّصَالُحُ لِلسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ أَوْ مُجَامَلَةً وَإِرْضَاءً لِلآخَرِينِ وَالْقُلُوبُ مَا تَزَالُ تَحْمِلُ الْحِقْدَ وَالْبَغْضَاءَ فَلا يُفِيدُ.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيات وَالذِّكْرَ الْحَكِيمَ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُم وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَقَيَّومُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرَضِين، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين
أَمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقَوْا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. إِنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا هُوَ آخِرُ الأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ وَأَوَّلُ الأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير} وَقَالَ فِي شَأْنِ الْحَجِيجِ: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
فَهُوَ يَوْمٌ فَاضِلٌ وَزَمَنٌ مٌبَارَكٌ فَلا يَنْبَغِي أَنْ نَغْفَلَ عَنِ الطَّاعَةِ فِيهِ، وَإِنَّ مِنَ الأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَذَا الْيَوْمِ: أَنَّهُ أَفْضَلُ أَيَّامِ الذَّبْحِ لِلأَضَاحِي لِأَنَّهُ مِنَ الْعَشْرِ، وَالْعَمَلُ فِيهَا مُضَاعَفٌ، وَيَمْتَدُّ هَذَا الْفَضْلُ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ اليَوْم.
أَلَا وَإِنَّ الأَيَّامَ الثَّلاثَةَ التِي بَعْدَ الْعِيدِ هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْ أَحْكَامِهَا: أَنَّهَا وَقْتٌ لِذَبْحِ الأَضَاحِي فِي نَهَارِهَا وَلَيْلِهَا، وَلَكِنْ يَحْرُمُ صَوْمُهَا إِلَّا لِلْحاَجِّ الْمُتَمَتِّعَ أَوِ الْقَارِنِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ، فَعَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ اَلتَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ اَلْهَدْيَ. رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
وَعَلَيْهِ فَمَنْ كَانَ مُعْتَادَاً أَنْ يَصُومَ الأَيَّامَ الْبِيضَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَلْيَتْرُكِ الْيَوْمَ الأَوَّلَ مِنْهَا وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَلا يَصُمْهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيَصُومُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَه.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً، اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والْمُسلِمِينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ، اللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلاَ تَحْرِمْنَا اللَّهُمَّ أكْرِمنَا ولا تُهنَّا، اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ، وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين .
المرفقات
خطبة-عيد-الأضحى-10-12-1441
خطبة-عيد-الأضحى-10-12-1441
خطبة-عيد-الأضحى-10-12-1441-2
خطبة-عيد-الأضحى-10-12-1441-2
جمعة-عيد-الأضحى-10-12-1441
جمعة-عيد-الأضحى-10-12-1441
جمعة-عيد-الأضحى-10-12-1441-2
جمعة-عيد-الأضحى-10-12-1441-2
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق