خطبة عيد الأضحى المبارك 1439

الشيخ السيد مراد سلامة
1439/11/25 - 2018/08/07 18:12PM
خطبة عيد الأضحى المبارك 1439
(يا أمة الإسلام اعتصمي بحبل الله ولا تخافي الضيعة)

الشيخ السيد مراد سلامة

الحمد لله حمداً حمداً... والشكر له شكراً شكراً...

الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

الله أكبر عدد ما ذكر الله ذاكرٌ وكبّر.. الله أكبر عدد ما حمد الله حامد وشكر.. الله أكبر ما سطع فجر الإسلام وأسفر.. الله أكبر كلما لبّى حاج وكبّر.. والحمد لله على نعمائه التي لا تحصر وعلى آلائه التي لا تقدر والحمد لله جعل يوم العيد فرحاً وبشراً وثواباً فهو في كل سنة يتكرر.

وأشهد أن لا إله إلا الله كل شيء عنده بأجل مقدَّر.. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أنصَحُ من دعا إلى الله وبشَّرَ وأنذر... صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم المحشر.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعه، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [سورة التوبة: 119].

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

يا أمتي إن يكن باللهِ مُعْتَصَمي   ***   لاندكَّ كلُّ كيـان الكفــر من فـــرَق ِ
البذلُ لله نصـــرٌ لا اندحـــار لــه   ***   والسعيُ من دونهِ زخمٌ من العَرَق ِ !
مليارُنا اليوم صفــرٌ لا اعتداد به   ***   لأنّ مليـــارنا حبــــرٌ علــى ورق ِ
يا أمّة الغيثِ يا آمالَ مرتقــــبٍ   ***   والأرضُ تهتفُ من وجدانِ منسحق ِ
مدّتْ إليك ِ ذراعَ المستغيثِ رجا   ***   فاستفتحي باســم ربّي كلَّ منغـــلق ِ ..
وأجهشت، ونداءُ الشوقِ في فمها:   ***   خذي بحاري وبرّي واملأي طرقي
عودي لسيرتك الأولى هدى وسنا   ***   صوني البريّة عن مستنقّع الغـــَـرَق
آمنتُ يا أمتي بالنصر فاعتصمي   ***   واستنزلي الفتح.. وامضي للعُلا.. وثقي
في ظل الظروف التي تمر بها الأمة وفي ظل التحديات العالمية وفي ظل أجواء العولمة يخشى كثير من أبناء الأمة الإسلامية على الإسلام وعلى المسلمين من تلك الظروف ومن هذه التحديات ويعيش في قلق وأرق فقد رمى العالم الأمة الإسلام عن قوس واحد وسخروا آلاتهم العالمية المرئية والسمعية والمقروءة وسخروا آلاتهم العسكرية للنيل من الأمة ومن مقدساتها ..........

في ظل تلك التحديات نقول ونصرخ:

يا أمة الإسلام يا حماة الإسلام لا تخافوا الضيعة ولا تخشوا إلا الله

إن كنتم من أهل الله فلا تخافوا الضيعة ولا تكالب الأعداء يقول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال: 36]

 إن كنتم مؤمنين حقا فاعلموا أن الله يدافع عن الذين آمنوا{ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 38 - 41]

إن كنتم من أولياء لله فاعلموا أن من آذاكم فقد آذنه مولاكم بالحرب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ " ([1])

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

 فإن كنتم من أهل الله فثقوا في وعده 

وإن لم تكونوا كذلك فاجتهدوا أن تكونوا من أهله

تأملوا في قصة أم إسماعيل و ثقتها الكاملة في الله و ردها بلا تردد على زوجها أن الله لا يضيع أهله

 عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ المِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لِتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ البَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ، فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى المَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: رَبِّ {إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ} [إبراهيم: 37]- حَتَّى بَلَغَ - {يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37] " وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى، أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ، فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ المَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا» فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ صَهٍ - تُرِيدُ نَفْسَهَا -، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ، حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ - أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ -، لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا " قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا المَلَكُ: لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ ....)( [2])

لا تخافوا الضيعة بسبب مكر العداء

قال الله-سبحانه وتعالى-: (وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [آل عمران:54] وقال أيضاً فيما مضى من الأمم السابقة: (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ * قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) [النمل:48-51].

بغي وعدوان، قال الحق-سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم) [يونس:23]، (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) [فاطر:43].

بل الأمر على صورة العموم والشمول في كل الأنواع التي يواجه فيها هذا الدين، فالله-سبحانه وتعالى- قال في محكم كتابه وبليغ آياته ومعجز كلامه -جل وعلا-: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف:8].

أين من اجتمع لقتله –صلى الله عليه وسلم-ليلة الهجرة؟

 أين عبد الله بن أبي؟

أين مردة المنافقين؟

 أين الأحزاب؟

 أين بنو النضير؟

أين من حاربوا رسول الله–صلى الله عليه وسلم-؟ ....

أين الذين اشعلوا نار الردة بعد موت الحبيب –صلى الله عليه وسلم- ارتدوا على أدبارهم أمام ثبات أهل اليقين

أين الذين قادوا الحروب الصليبية؟

أين هولاكو وجنوده؟

أين جيوش الاستعمار؟

دحرهم الله وأبادهم وأبقى راية الإسلام خفاقة ترفرف في سماء الدنيا

يا صاح لا تخشى على الإسلام بدونك بل الخشية عليك بدون الإسلام

يا أمة الإسلام لا تخافوا الضيعة بالفقر لان الله هو الغني الرزاق

متى اتقيتم الله تعالى واعتصمتم بكتابه فاعلموا أن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين

[وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ].(الأعراف:96).

[وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا].(الطلاق:2/3).

[وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ].(المائدة:66).

[فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا.يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا].(نوح:9/12).

اسمعوا إلى وعد الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة: 28]

يقول السعدي – رحمه الله

وقوله: { وَإِنْ خِفْتُمْ } أيها المسلمون { عَيْلَةً } أي: فقرا وحاجة، من منع المشركين من قربان المسجد الحرام، بأن تنقطع الأسباب التي بينكم وبينهم من الأمور الدنيوية، { فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } فليس الرزق مقصورا على باب واحد، ومحل واحد، بل لا ينغلق باب إلا وفتح غيره أبواب كثيرة، فإن فضل اللّه واسع، وجوده عظيم، خصوصا لمن ترك شيئا لوجهه الكريم، فإن اللّه أكرم الأكرمين.

وقد أنجز اللّه وعده، فإن اللّه قد أغنى المسلمين من فضله، وبسط لهم من الأرزاق ما كانوا به من أكبر الأغنياء والملوك.

وقوله: { إِنْ شَاءَ } تعليق للإغناء بالمشيئة، لأن الغنى في الدنيا، ليس من لوازم الإيمان، ولا يدل على محبة اللّه، فلهذا علقه اللّه بالمشيئة.

فإن اللّه يعطي الدنيا، من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان والدين، إلا من يحب.

{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي: علمه واسع، يعلم من يليق به الغنى، ومن لا يليق، ويضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها.([3])

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

أمة الإسلام اتقوا الله في أنفسكم

 ولا تخافوا الضيعة على أبنائكم

كثير من الناس ربما تزل قدمه بعد ثبوتها فيقع فيما حرم الله تعالى و يتعدى حدوده فإذا سألته لماذا تفعل هكذا؟

يقول أؤمن مستقبل الأبناء !!!!!!!!

أقول لك أيها الوالد اتق الله وثق بأن الله لن يضيع أبنائك

اسمعوا إلى الطريق الأمثل لتامين مستقبل الأبناء و الأجيال قال الله تعالى { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا}   [النساء 9] .

بَيَّن في هذه الآية أن الذي ينبغي للمسلم أن يدخره لعياله التقوى والصلاح لا المال؛ لأنه لم يقل فليجمعوا المال وليكثروا لهم العقار وليخلفوا الأثاث بل قال: {فَلْيَتَّقُوا اللهَ} فإنه يتولى الصالحين. اهـ.

دخل "مقاتل بن سليمان" رحمه الله، على "المنصور" رحمه الله ، يوم بُويعَ بالخلافة،

فقال له "المنصور" عِظني يا "مقاتل"!

فقال: أعظُك بما رأيت أم بما سمعت؟

قال: بما رأيت.

قال: يا أمير المؤمنين!

إن عمر بن عبد العزيز أنجب أحد عشر ولدا ً وترك ثمانية عشر دينارا ً ، كُفّنَ بخمسة دنانير ، واشتُريَ له قبر بأربعة دنانير وَوزّع الباقي على أبنائه.

وهشام بن عبد الملك أنجب أحد عشر ولدا ً ، وكان نصيب كلّ ولد ٍ من التركة مليون دينار.

والله...  يا أمير المؤمنين :

لقد رأيت في يوم ٍ واحد ٍ أحد أبناء عمر بن عبد العزيز يتصدق بمائة فرس للجهاد في سبيل الله ،

وأحد أبناء هشام يتسول في الأسواق.

وقد سأل الناس عمر بن عبدالعزيز وهو على فراش الموت : ماذا تركت لأبنائك يا عمر ؟ قال : تركت لهم تقوى الله ، فإن كانوا صالحين فالله تعالى يتولى الصالحين ، وإن كانوا غير ذلك فلن أترك لهم ما يعينهم على معصية الله تعالى .

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

يا أمة الإسلام لا تخافي الضيعة في صحراء الضلالة والغواية طالما اعتصمتي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

الاعتصام بحبل الله يعصمك من الضلالة، والاعتصام بالله يعصمك من الهلاك، فالسائر إلى الله كالسائر على الطريق، خطرُ انحرافه عن الهدف، هو الضلال، وخطر  الهلاك وهو على الطريق هو الموتُ، و هو أن يقوى عليك عدوُّك.

الاعتصام بحبل الله يوجب الهداية واتّباع الدليل والاعتصام بالله يوجب القوَّة والعُدة والسلاح، الاعتصام بحبل الله هو أن تبحث عن الأدلة في الكتاب والسنة، وأن تبقى في حياتك اليومية وفي كل نشاطاتك وفق المنهج القويم والصراط المستقيم، والاعتصام بالله ينبغي أن تتوكَّل عليه، وأن تلجأ إليه، وأن تدعوَه ليلاً و نهاراً.

( الاعتصام بكتاب الله تعالى هو سبيل المنعة والقوة، وهو سبيل النصر والتمكين والعزة والكرامة، ولقد سجلت أمة الإسلام في التاريخ مكانة مرموقة وسؤدداً عظيماً يوم أن تمسك المسلمون بدينهم، واعتزوا بتعاليم ربهم وتمسكوا بسنة نبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم -، والتمسوا العزة في دين الله فأعزهم الله سبحانه، وأظهرهم على أعدائهم، فحافظوا على قيادتهم للإنسانية، وريادتهم للبشرية ما بقوا معتصمين بحبل الله، متآلفين على قلب رجل واحد، فهابهم أعداؤهم، وحسبوا لهم ألف حساب وحساب، وحين وقع الخلاف بين أبناء الأمة، وتنازعوا فيما بينهم ضاعت هيبتهم من قلوب أعدائهم، وأصابهم الوهن والضعف، فتداعت عليهم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها وذهبت ريحهم وتبددت قوتهم، وأصبحت بلاد العالم الإسلامي لقمة سائغة، يتطاول عليها القاصي والداني، ويتجرأ عليها الضعفاء قبل الأقوياء.

   لذلك يخاطبنا رب العزة والجلال بضرورة الاعتصام والوحدة والبعد عن الاختلاف والفرقة حتى يعود للأمة مجدها وعزتها وسؤددها، وذلك في الآيات الآتية:

قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} ([4])

 قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-«أَلَا وَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا , كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ»([5])

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.

كل عام أنتم بخير و تقبل الله منا و منكم صالح و خالص الأعمال و الأقوال

[1] - أخرجه البخارى (5/2384 ، رقم 6137)

[2] -أخرجه البخاري (3/147 و4/172)

[3] - تفسير السعدي (ص: 333)

[4] - الاعتصام بكتاب الله تعالى سبيل لوحدة الأمة د هيثم خضير عباس

[5] - أخرجه البيهقي (10/114 ، رقم 20123) . وأخرجه أيضًا : الحاكم (1/171 ، رقم 318) . وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1 /125)

المرفقات

عيد-الأضحى-المبارك

عيد-الأضحى-المبارك

المشاهدات 2606 | التعليقات 0