خُطْبَةِ عِيدِ الأَضْحَى المُبَارَكِ 1438هـ
محمد البدر
الخطبة الأولى :
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ
لَقَدِ اجتَمَعَ لَكُمُ اليَومَ عِيدَانِ : العِيدُ الأَكبَرِ عَيدُ الأَضحى وَعَيدُ الأُسبُوعِ يَومُ الجُمُعَةِ ، وَقَد مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ مَتَى اجتَمَعَتِ في يَومٍ وَاحِدٍ ، سَقَطَ وُجُوبُ الجُمُعَةِ وَحُضُورُهُا عَمَّن صَلَّى العِيدَ ، وَيُصَلِّي مَكَانَهَا صَلاةَ الظَّهرِ إِن شَاءَ ، وَإِنْ شَاءَ صَلَّى الجُمُعَةَ وَهُوَ الأَفضَلُ . فَعَن زَيدِ بنِ أَرقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بنَ أَبي سُفيَانَ سَأَلَهُ : هَل شَهِدتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِيدَينِ اجتَمَعَا في يَومٍ وَاحِدٍ ؟ قَالَ : نَعَم ، قَالَ : فَكَيفَ صَنَعَ ؟ قَالَ :صَلَّى العِيدَ ثم رَخَّصَ في الجُمُعَةِ ، فَقَالَ : مَن شَاءَ أَن يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :اجتَمَعَ في يَومِكُم هَذَا عِيدَانِ ، فَمَن شَاءَ أَجزَأَهُ مِنَ الجُمُعَةِ ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ
عِبَادَ اللهِ: إن من أعظم نعم الله بعد نعمة الإسلام نعمة الأمن في الأوطان، نعمة الأمن والاستقرار في الأوطان فالأمن من نعم الله توجب الشكر، وإن مما يحقق الأمن هو توحيد الله وعدم الشرك به ،وهو الذي تتحقق به الصلة بالله جل وعلا، والتي بسببها يعم الأمن أرجاء المجتمعات، قَالَ تَعَالَى:﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النور:55].
عِبَادَ اللهِ:إياكم والبدع فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ومن البدع تخصيص أيام العيد لزيارة الأموات.
عِبَادَ اللهِ: بعد صلاتنا هذه يبدأ ذبح الأضاحي قربة لله فإيّاكم والشِّركَ بالله والذّبح لغير الله والدّعاءِ والاستِعانة والاستِغاثة والاستِعاذة والنذر والتوكُّل والخوف والرجاء ونحو ذلك من العبادة لغير الله ، قَالَ تَعَالَى﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾وينتهي بنهاية اليوم الثالث عشر ، فَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ« إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِى يَوْمِنَا هَذَا نُصَلِّى ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِى شَيْءٍ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عِبَادَ اللهِ:الصلاةَ الصلاةَ فإنها عمودُ الإسلام وناهيَةٌ عن الفحشاء والمنكر والبغي فأقيموها في بيوتِ الله جماعة؛ وأدّوا زكاةَ أموالِكم طيّبةً بها نفوسُكم ،وعليكم ببرِّ الوالدين وصِلَة الأرحام ،وأحسنوا الرعايةَ للزوجات والأولادِ والخدَم ومن ولاّكم الله أمرَه، وأدّوا حقوقهم، واحمِلوهم على ما ينفعهم، وجنِّبوهم ما يضرّهم، قَالَ تَعَالَى: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ ﴾ وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ
عِبَادَ اللهِ:اياكم وقتلَ النفس التي حرَّم الله الا بالحق ، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِى فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
واجتنبوا الرّبا؛ فإنه يمحَق بركة المال والأعمار، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ ، وَإِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
واجتنبوا الزِّنا؛ قال تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً).وإيّاكم وعملَ قومِ لوطٍ؛ فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ » قَالَهَا ثَلاَثاً. رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
واحذروا واجتنبوا شرب الدخان وتعاطي المسكراتِ و المخدِّرات ؛ فإنّها من الموبِقاتٌ المهلِكات، فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.ولاتأكل أموال الناس بالباطل ولا تظلمَوهم؛ فإنه « مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.ولا تأكل أموالَ اليتامى بغير حق ؛ وإيّاكم وقذفَ المحصنات الغافلات .
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ
واحذروا من الغيبةَ والنميمة؛ فقد حرَّمها الله في كتابه.
وإيّاكم وإسبالَ الثياب والفخرَ والخُيَلاء: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِى النَّارِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ويجب تحذير الناشئة من الحماس غير المنضبط بضوابط الشرع , وأن يكون الحكم على الأشياء بعيداً عن العواطف ومجانباً للتشنجات ، وأخذ الحقوق ورفع الظلم إنما يكون بالطرق المشروعة والخطأ لا يعالج بالخطأ .
قال الحسن البصري رحمه الله : الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم وإذا أدبرت عرفها الجاهل.
عِبَادَ اللهِ:بحمدلله وبفضله أن الصوت يصل إلى مصلى النساء فلا يحتاج إلى الذهاب إليهن كما كان من هدي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لذا نقول لهن وبالله التوفيق قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا(32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾.وَقَالَ تَعَالَى﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.الا وصلوا عباد الله ...