خطبة عيد الأضحى المبارك 1436هـ
عاصم بن محمد الغامدي
1436/12/10 - 2015/09/23 19:57PM
[align=justify]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وجعلنا من الذين استخدمهم لنصرة دينه، وتوعية خلقه.
خطبة عيد الأضحى 1436هـ
الخطبة الأولى:
«اللهم ربنا لك الحمد، ملءَ السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهلَ الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد».
لك الحمد من ضعيف يطلبُ نصرتَك.
لك الحمد من صحيح يعرف فضلك.
لك الحمد من فقير يطلبُ غناك.
لك الحمد من غني يبوء بنعمك.
لك الحمد من ذليلٍ يطلبُ عزك.
لك الحمد من مهموم يرجو فرجك.
لك الحمد أنت أهل الحمد تباركت وتعاليت.
ما دعوناك إلا حسنَ ظنٍ بك، وما رجوناك إلا ثقةً فيك، وما خفناك إلا تصديقًا بوعدك ووعيدك.
لك الحمد يا رحمن ما هل صيبُ
وما تاب يا من يقبل التوب مذنبُ
لك الحمد ما هاج الغرام، وما همى الـ
غمام، وما غنى الحمام المطرِّبُ
والصلاة والسلام، على علم الأعلام، وإمام كل إمام، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بسنته واتبع هداه، أما بعد عباد الله:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فالتقوى عبادة الأخفياء، ونجاة الأولياء، وطريق الأصفياء، من اتقى الله جعل له نورًا يمشي به، ونوله رحمته، وأدخله في المغفور لهم، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورًا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم}.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
هذه أيام الذكر، والشكر لله تعالى، فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدُنا -أهلَ الإسلام-وهي أيام أكل وشرب». [رواه الترمذي وقال: حسن صحيح].
وفي رواية: «ألا وإن هذه الأيامَ أيامُ أكلٍ وشرب، وذكر الله عز وجل». [سنن أبي داود].
والشكر أيها المسلمون رأس العبادات، الذي لا تستقيم إلا به، قال الله جل جلاله: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}، وقال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}، أي: عن شكره، فإنّه لا يبيح شيئًا ويعاقب من فعله، ولكن يسأله عن الواجب الذي أوجبه معه.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
عباد الله:
هذه الأيام يُضاعِف الله فيها أجر العاملين، ويعتِق من عباده من النار ما لا يعتقه في غيرها، فوجب علينا شكره سبحانه وتعالى، بالقلب، والقول، والفعل.
فشكره بالقلب تأليهه، والإيمان بأسمائه وصفاته عز وجل، وإخلاص العبادة له وحده، {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين* لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}.
وشكره باللسان، ذكره، وحمده، والاعتراف بفضله، ففي الحديث الصحيح عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها». [أخرجه مسلم].
وفي حديث آخر: «الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر». [أخرجه البخاري].
وكل فعلٍ حسن يحبه الله من صلاة، وزكاة، وصيام، وحج، فهو من الشكر الذي يؤجر فاعله.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
أيها المسلمون:
إخواننا في عدد من البلدان، يعانون من تسلط الظالمين، سُفكت دماؤهم، انتهكت أعراضهم، دمرت مساكنهم، وسلبت حرياتهم، ومصاب المسلمين في كل الأرض مصابنا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَثلُ المسلمين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». [أخرجه مسلم].
والموفق من استشعر -بعد تأمل حال إخوانه-نعمة الله عليه، فمن كان يخرج من منزله آمنًا مطمئنًا، ليس كمن يخرج من منزله، وهو يظن أن لن يعود، أو يعود وهو يظن أن لن يخرج.
ومن كان قادرًا على التجول في طرقات مدينته، والسفر إلى أي بقعة يريدها، ليس كمن حبس في حيه، يقرع سمعه أزيزُ الرصاص، وضرباتُ المدافع، وهديرُ الطائرات، وهو لا يجد من ذلك مخرجًا.
ومن كان يجد قوته وقوت أهله كل يوم، ليس كمن يخاطر بنفسه وصحته ليجد لطفله لقمة تسد رمقه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم معافى في جسده، آمنًا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها». [رواه الترمذي، وقال: حسن غريب، وحسنه ابن حجر].
وما نعيشه بحمد الله من أمن وأمان في هذه البلاد، انعكس على أكثر من مليوني حاجٍ، قصدوا البيت العتيق، ووقفوا بالمشاعر المقدسة، وهم يشهدون بنعمة الله عليهم في إتمام حجهم، وتيسير نسكهم.
والفرحُ بنجاح موسم الحج، وسلامة ضيوف الرحمن، من الشكر الذي أمر الله به عباده، فقد قال سبحانه: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.
ومن كان من طبيعته وخُلُقه، عدم شكر الناس على معروفهم وإحسانهم، فالغالب أنه لا يشكر الله، قال رسول الهدى عليه الصلاة والسلام: «لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ». [رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني].
والله تعالى يحب مقابلة المعروف بالمعروف، والإحسان بالإحسان، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه». [رواه أبو داود وصححه الألباني].
فاللهم اجز ولاة أمرنا، وحكومة بلادنا، ورجال أمننا، والعاملين على خدمة ضيوفك خيرًا، واجعل ما بذلوه خالصًا لوجهك، متقبلاً عندك، واحفظ على هذه البلاد نعمة الأمن والإيمان، وارزقنا الشكر والإحسان، ومنّ على إخواننا في سائر البلدان بفرج عاجل من عندك، تحقن به دماءهم، وتحفظ أعراضهم، وتفك أسيرهم، وتشفي مريضهم، وتجبر كسرهم، وتدحر عدوهم، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله، بالهدى ودين الحق أرسله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فيا أيها المؤمنات الصالحات، إن لكم في دين الله شأنًا عظيمًا، فأنتم الأمهات، والأخوات، والزوجات، والبنات.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصكن في العيد ببعض التوجيهات.
فاتقين الله تعالى، وأكثرن من الصدقة والاستغفار، واعلمن أن الخير كل الخير في اتباع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، والشر كل الشر في البعد عن نهجه وسنته.
يا نساء المؤمنين:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم». [رواه مسلم].
ومع تنوع وسائل التواصل، وتداخل الثقافات، وسهولة تباهي البعض بما رزقه الله، يتأكد العمل بمفهوم هذا الحديث.
واعلمن يا معشر النساء أنكن مستهدفات، في دينكن، وأخلاقكن، وأفعالكن، {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيمًا}، فحصنّ أنفسكن بالتقوى، وحافظن على بناتكن وبيوتكن بالعفاف والستر، واحذرن من خطوات الشيطان، الذي يأمر بالفحشاء والمنكر، قال صلى الله عليه وسلم: «ما كان الحياء في شيء قط إلا زانه، وما كان الفحش في شيء قط إلا شانه». [رواه ابن عبدالبر وحسنه].
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
عباد الله:
أظهروا الفرح بهذا اليوم، وأعلنوا السرور، فقد كان هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه، حتى في ساعات الشدائد التي كانت تمر بهم أحيانًا، من غزوات وجراح وآلام وهموم، ومن كان قادرًا على الأضحية فليبادر، فهي من تقوى الله تعالى، وأجرها عنده سبحانه عظيم، وإن الدم يقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، ولا حرج على من لم ينو من قبل، أن ينوي ألان، وقد وسّع الله في وقتها حتى آخر أيام التشريق، رحمة منه وفضلاً، إنه هو الجواد الكريم.
اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الواحد، الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، أن تجعلنا من عبادك الشاكرين، وتغفر لنا ذنوبنا كلها، وتعتق من النار رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وأزواجِنا وذرياتنا.
اللهم تقبل من حجاج بيتك حجهم، واغفر ذنوبهم، وردهم إلى أهليهم سالمين غانمين.
اللهم أنزل على إخواننا من رجال الأمن المجاهدين في سبيلك، المرابطين على الحدود، سكينة من عندك، تثبت بها أقدامهم، وتصوب رميهم ورأيهم، وتدحر عدوك وعدوهم.
اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، أيدهم بتأييدك، واجعل العاقبة لهم في الأمر كله.
اللهم ارحم ضعف إخواننا في فلسطين، وسوريا، والعراق، واليمن، وبورما، وكل مكان، اللهم احقن دماءهم، واحفظ أعراضهم، واستر عوراتهم، وأمن روعاتهم، اللهم عليك بعدوك وعدوهم، إنه لا يرد بأسك عن القوم الظالمين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه على الخير وتدله عليه، اللهم وفقه ونائبيه، وإخوانه وأعوانه، لما فيه صلاح البلاد والعباد.
اللهم من أرادنا، وديننا، وبلادنا، وولاتنا، وعلمائنا، بسوء فأشغله بنفسه، ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره يا قوي يا عزيز.
وصل الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جمع وتأليف أخيكم: أبي وتين الغامدي
مكة المكرمة
[/align]
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وجعلنا من الذين استخدمهم لنصرة دينه، وتوعية خلقه.
خطبة عيد الأضحى 1436هـ
الخطبة الأولى:
«اللهم ربنا لك الحمد، ملءَ السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهلَ الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد».
لك الحمد من ضعيف يطلبُ نصرتَك.
لك الحمد من صحيح يعرف فضلك.
لك الحمد من فقير يطلبُ غناك.
لك الحمد من غني يبوء بنعمك.
لك الحمد من ذليلٍ يطلبُ عزك.
لك الحمد من مهموم يرجو فرجك.
لك الحمد أنت أهل الحمد تباركت وتعاليت.
ما دعوناك إلا حسنَ ظنٍ بك، وما رجوناك إلا ثقةً فيك، وما خفناك إلا تصديقًا بوعدك ووعيدك.
لك الحمد يا رحمن ما هل صيبُ
وما تاب يا من يقبل التوب مذنبُ
لك الحمد ما هاج الغرام، وما همى الـ
غمام، وما غنى الحمام المطرِّبُ
والصلاة والسلام، على علم الأعلام، وإمام كل إمام، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بسنته واتبع هداه، أما بعد عباد الله:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فالتقوى عبادة الأخفياء، ونجاة الأولياء، وطريق الأصفياء، من اتقى الله جعل له نورًا يمشي به، ونوله رحمته، وأدخله في المغفور لهم، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورًا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم}.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
هذه أيام الذكر، والشكر لله تعالى، فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدُنا -أهلَ الإسلام-وهي أيام أكل وشرب». [رواه الترمذي وقال: حسن صحيح].
وفي رواية: «ألا وإن هذه الأيامَ أيامُ أكلٍ وشرب، وذكر الله عز وجل». [سنن أبي داود].
والشكر أيها المسلمون رأس العبادات، الذي لا تستقيم إلا به، قال الله جل جلاله: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}، وقال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}، أي: عن شكره، فإنّه لا يبيح شيئًا ويعاقب من فعله، ولكن يسأله عن الواجب الذي أوجبه معه.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
عباد الله:
هذه الأيام يُضاعِف الله فيها أجر العاملين، ويعتِق من عباده من النار ما لا يعتقه في غيرها، فوجب علينا شكره سبحانه وتعالى، بالقلب، والقول، والفعل.
فشكره بالقلب تأليهه، والإيمان بأسمائه وصفاته عز وجل، وإخلاص العبادة له وحده، {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين* لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}.
وشكره باللسان، ذكره، وحمده، والاعتراف بفضله، ففي الحديث الصحيح عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها». [أخرجه مسلم].
وفي حديث آخر: «الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر». [أخرجه البخاري].
وكل فعلٍ حسن يحبه الله من صلاة، وزكاة، وصيام، وحج، فهو من الشكر الذي يؤجر فاعله.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
أيها المسلمون:
إخواننا في عدد من البلدان، يعانون من تسلط الظالمين، سُفكت دماؤهم، انتهكت أعراضهم، دمرت مساكنهم، وسلبت حرياتهم، ومصاب المسلمين في كل الأرض مصابنا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَثلُ المسلمين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». [أخرجه مسلم].
والموفق من استشعر -بعد تأمل حال إخوانه-نعمة الله عليه، فمن كان يخرج من منزله آمنًا مطمئنًا، ليس كمن يخرج من منزله، وهو يظن أن لن يعود، أو يعود وهو يظن أن لن يخرج.
ومن كان قادرًا على التجول في طرقات مدينته، والسفر إلى أي بقعة يريدها، ليس كمن حبس في حيه، يقرع سمعه أزيزُ الرصاص، وضرباتُ المدافع، وهديرُ الطائرات، وهو لا يجد من ذلك مخرجًا.
ومن كان يجد قوته وقوت أهله كل يوم، ليس كمن يخاطر بنفسه وصحته ليجد لطفله لقمة تسد رمقه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم معافى في جسده، آمنًا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها». [رواه الترمذي، وقال: حسن غريب، وحسنه ابن حجر].
وما نعيشه بحمد الله من أمن وأمان في هذه البلاد، انعكس على أكثر من مليوني حاجٍ، قصدوا البيت العتيق، ووقفوا بالمشاعر المقدسة، وهم يشهدون بنعمة الله عليهم في إتمام حجهم، وتيسير نسكهم.
والفرحُ بنجاح موسم الحج، وسلامة ضيوف الرحمن، من الشكر الذي أمر الله به عباده، فقد قال سبحانه: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.
ومن كان من طبيعته وخُلُقه، عدم شكر الناس على معروفهم وإحسانهم، فالغالب أنه لا يشكر الله، قال رسول الهدى عليه الصلاة والسلام: «لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ». [رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني].
والله تعالى يحب مقابلة المعروف بالمعروف، والإحسان بالإحسان، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه». [رواه أبو داود وصححه الألباني].
فاللهم اجز ولاة أمرنا، وحكومة بلادنا، ورجال أمننا، والعاملين على خدمة ضيوفك خيرًا، واجعل ما بذلوه خالصًا لوجهك، متقبلاً عندك، واحفظ على هذه البلاد نعمة الأمن والإيمان، وارزقنا الشكر والإحسان، ومنّ على إخواننا في سائر البلدان بفرج عاجل من عندك، تحقن به دماءهم، وتحفظ أعراضهم، وتفك أسيرهم، وتشفي مريضهم، وتجبر كسرهم، وتدحر عدوهم، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله، بالهدى ودين الحق أرسله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فيا أيها المؤمنات الصالحات، إن لكم في دين الله شأنًا عظيمًا، فأنتم الأمهات، والأخوات، والزوجات، والبنات.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصكن في العيد ببعض التوجيهات.
فاتقين الله تعالى، وأكثرن من الصدقة والاستغفار، واعلمن أن الخير كل الخير في اتباع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، والشر كل الشر في البعد عن نهجه وسنته.
يا نساء المؤمنين:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم». [رواه مسلم].
ومع تنوع وسائل التواصل، وتداخل الثقافات، وسهولة تباهي البعض بما رزقه الله، يتأكد العمل بمفهوم هذا الحديث.
واعلمن يا معشر النساء أنكن مستهدفات، في دينكن، وأخلاقكن، وأفعالكن، {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيمًا}، فحصنّ أنفسكن بالتقوى، وحافظن على بناتكن وبيوتكن بالعفاف والستر، واحذرن من خطوات الشيطان، الذي يأمر بالفحشاء والمنكر، قال صلى الله عليه وسلم: «ما كان الحياء في شيء قط إلا زانه، وما كان الفحش في شيء قط إلا شانه». [رواه ابن عبدالبر وحسنه].
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
عباد الله:
أظهروا الفرح بهذا اليوم، وأعلنوا السرور، فقد كان هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه، حتى في ساعات الشدائد التي كانت تمر بهم أحيانًا، من غزوات وجراح وآلام وهموم، ومن كان قادرًا على الأضحية فليبادر، فهي من تقوى الله تعالى، وأجرها عنده سبحانه عظيم، وإن الدم يقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، ولا حرج على من لم ينو من قبل، أن ينوي ألان، وقد وسّع الله في وقتها حتى آخر أيام التشريق، رحمة منه وفضلاً، إنه هو الجواد الكريم.
اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الواحد، الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، أن تجعلنا من عبادك الشاكرين، وتغفر لنا ذنوبنا كلها، وتعتق من النار رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وأزواجِنا وذرياتنا.
اللهم تقبل من حجاج بيتك حجهم، واغفر ذنوبهم، وردهم إلى أهليهم سالمين غانمين.
اللهم أنزل على إخواننا من رجال الأمن المجاهدين في سبيلك، المرابطين على الحدود، سكينة من عندك، تثبت بها أقدامهم، وتصوب رميهم ورأيهم، وتدحر عدوك وعدوهم.
اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، أيدهم بتأييدك، واجعل العاقبة لهم في الأمر كله.
اللهم ارحم ضعف إخواننا في فلسطين، وسوريا، والعراق، واليمن، وبورما، وكل مكان، اللهم احقن دماءهم، واحفظ أعراضهم، واستر عوراتهم، وأمن روعاتهم، اللهم عليك بعدوك وعدوهم، إنه لا يرد بأسك عن القوم الظالمين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه على الخير وتدله عليه، اللهم وفقه ونائبيه، وإخوانه وأعوانه، لما فيه صلاح البلاد والعباد.
اللهم من أرادنا، وديننا، وبلادنا، وولاتنا، وعلمائنا، بسوء فأشغله بنفسه، ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره يا قوي يا عزيز.
وصل الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جمع وتأليف أخيكم: أبي وتين الغامدي
مكة المكرمة
[/align]
المرفقات
خطبة عيد الأضحى 1436هـ.pdf
خطبة عيد الأضحى 1436هـ.pdf