خطبة عيد الأضحى

عنان عنان
1436/12/07 - 2015/09/20 06:58AM
بسم الله الرحمن الرحيم

عباد الله: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا الصلاةُ ثم النحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سُنتنا ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم عجله لأهلهِ ليس من النسُكِ في شيءٍ " [رواه البخاري].
عباد الله: إن لكلِّ أمةٍ من الأممِ عيداً يعودُ عليهم في يومٍ معلومٍ يتضمن عقيدتَها وأخلاقَها وأسلوبَ حياتِها وأما عيد الفطر وعيد الأضحى فقد شرعهما الله لأمة الإسلام ليبينَ فيه معالمَ الإسلام
عن أنسٍ-رضي الله عنه-قال: قدم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-المدينة ولهم يومانِ يلعبون فيهما قال: ما هذانِ اليومانِ؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال: قد أبدلكما اللهُ خيراً منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطر " [رواه أبو داود والنسائي ].
فعيد الأضحى هو فرحة المسلمين به يفرحون وبه يتمُّ الحجاجُ جميعَ أركانِ الإسلام وبه يؤجرون ففي يومه الصلاةُ والتكبير والتهليل ثم الذبحُ وفي الذبح أجر وفي إطعام الأهل منها أجر وفي الإهداء منها أجر وفي الصدقة ببعضها أجر وهكذا تستمر رحى العبادة لا يحول بينك وبينها إلا الموت فأبواب الخيرات كثيرة وميسرة وطرق البرِّ ممهدةٌ وواسعةٌ فليستكثر المسلم من أنواع الطاعات لحياته الأبدية بقدر ما يوفقه الله-تعالى- ويوم النحر هو أعظم الأيام عند الله-تبارك وتعالى- قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر ثم يومُ القرِّ " [رواه أبو داود].

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله***الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله: إن العيد من شعائر الإسلام العظيمة والعيد يتضمن معانيَ ساميةً جليلةً ومقاصدَ عظيمةً
أُولى معاني العيد في الإسلام توحيد الله-تعالى- بإفراد الله-عز وجل-بالعبادة كالدعاء والخوف والرجاء والإستعاذة والإستعانة والتوكل والرغبة والرهبة والذبح والحلف والنذر لله-تبارك وتعالى-
وهذا التوحيد هو أصل الدين وهو تحقيق معنى لا إله إلا الله فالتوحيد هو الأمر العظيم الذي بتحقيقه يدخل الإنسان جناتِ النَّعيمِ وإذا ضيعه الإنسان لا ينفعه عمل وخُلِّد في النَّار أبداً فتمسكْ أيها المسلم بهذا الأصل العظيم فهو حقُّ اللهِ عليك وعهد اللهِ الذي أخذه على بني آدم وقد أكد الله في القرآن العظيم توحيدَ العبادةِ وعظَّم شأنَها فمن وفى بحقِّ الله-تعالى- وفى اللهُ له بوعده تفضلاً منه سبحانه عن معاذِ بنِ جبلٍ-رضي الله عنه-قال: قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً وحقُّ العبادِ على الله ألا يُعذِّبَ من لا يُشرِكُ به شيئاً " [رواه البخاري]. فالتوحيد أول الأمر وآخره واحذر من نواقض التوحيد ومنغصاته فلا نذبح إلا لله ولا نسجد إلا لله ولا نحلف إلا بالله ونجتنب الشركَ بجميع أنواعه والسحرَ ومظاهرَه ونحذرُ من التطيرِ والتشاؤم والتمائمِ والذهاب إلى العرافينَ والكُّهان.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله***الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله: وثاني معاني التوحيد تحقيق شهادةِ أن محمداً رسول الله التي ننطق بها في صلاتنا إن معنى هذه الشهادة طاعةُ أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- وإجتناب نهيه وتصديق أخباره وعبادة الله بما شرع لا بالأهواءِ والبدعِ مع محبته وتوقيره ومن توقير الرسول-صلى الله عليه وسلم- وطاعته توقيرُ صحابته وأهل بيته وأزواجه أمهاتِ المؤمنين فلا نذكرهم إلا بالجميل ومن طعن فيهم أو أحداً منهم فاتهمْه على الإسلام.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله***الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله: اعلموا أن الله-تبارك وتعالى- لا يقبل منك عملاً إلا ما كان خالصاً لله متابعاً فيه للنبي-صلى الله عليه وسلم- فالبدعة مردودة على صاحبها والشرك مخرج صاحبَه من الملة فمن كان يرجو لقاء ربِّه فليعملْ عملاً صالحاً ولا يشركْ بعبادةِ ربِّه أحداً.
اعلموا أن الله-عز وجل- حذر من البدع والمحدثات وأمر ونبينا-صلى الله عليه وسلم- بمجانبة أهل الأهواء والخُرافات فقد كثرت في هذه الأزمان الفِرق الضالة والمناهج المنحرفة والأحزاب السياسية
فتمسكوا بسنة نبيكم واتبعوا سبيلَ سلفِكم الصالحِ تكونوا من الناجين
" وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السُبلَ فتفرقَ بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ".

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله***الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله: إن من حكم العيد ومنافعه العُظمى التواصلَ بين المسلمين والتزوارَ وتقاربَ القلوب وإرتفاعَ الوحشة وإنطفاءَ نار الأحقاد والضغائن والحسد فالتراحم والتعاون والتعاطف صفة المؤمنين فيما بينهم
" مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم كمثلِ الجسدِ الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى ". فتفقدوا إخوانَكم المحتاجينَ والمتضريرينَ وكونوا معهم بالدعم الماديِّ والمعنوي مع الإجتهاد لهم بالدعاء.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله***الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله: الصلاةَ الصلاةَ حافظوا عليها حيثُ يُنادى بها فإنها عِماد الإسلام وناهية عن الفحشاء والآثام هي العهد بين العبد وربِّه من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع وأول ما يُسأَلُ
العبدُ عنه يومَ القيامةِ هي الصلاة أدوا زكاةَ أموالكم عن رضا نفسٍ تطهروا بها نفوسَكم وتحفظوا بها أموالكم من المهالك وتحسنوا بها إلى الفقراء وتُثابوا على ذلك أعظمَ الثوابِ فقد تفضل الله-عز وجل-عليكم بالكثير ورضيَ منكم اليسيرَ عليكم ببرِّ الوالدين وصلةِ الأرحام والإحسان إلى الأيتام
فذلك عمل يعجل الله ثوابَه في الدنيا مع ما يدخره الله لصاحبه في الآخرة من حُسنِ الثوابِ
أُرعوا حقوقَ الجار في الحديث: " لا يؤمن من لا يأمن جارُه بوائقَه " أي شره.
أُمروا بالمعروفِ وأنهوْا عن المنكر بضوابطه الشرعية فإنهما حارسانِ للمجتمع.

أياكم وقتلَ النفس المحرمة وفعلَ الفحشاء فقد قرن الله-عز وجل-ذلك في كتابه بالشرك بالله-عز وجل- إياكم والربا فإنها محقٌ للكسب وغضبٌ للربِّ وإياكم والرشوةَ وشهادةَ الزور فإنهما مضيعتانِ للحقوقِ مؤيدتانِ بالباطل لعن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي وقرن شهادةَ الزور بالشرك بالله-عز وجل-
إياكم والزنا فقد قال سبحانه: " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساءَ سبيلاً ".
إياكم والخمر وأنواعَ المُسكرات والمخدرات فإنها تغضب الربَّ وتفسد القلب وتختال العقل وتدمر البدن وتمسخ الخُلقَ الفاضلَ وتفتِّك بالمجتمع
قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " كلُّ مسكرٍ حرامٌ وإن على الله عهداً لمن يشربُ المُسكرَ أن يسقيَه من طينةِ الخَبالِ قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: عرقُ أهل النار أو عُصارة أهل النار " [رواه مسلم]. واحذروا جميعاً من الذنوب والمعاصي والسيئات.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله***الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله: اعلموا أن السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف وتحريم الخروجِ عليهم ونزع اليد من طاعتهم من أصول الإسلام ودعائمه العظامِ فإن الخروجَ عليهم بأنواعه المتعددة كالمظاهرات والإعتصاماتِ وغيرِها كلُّها مما حرمها علماء السنة وأجمعوا على تحريمها لدلالة كتاب و سنة النبي-صلى الله عليه وسلم- ولما تجر وجرت على المسلمين من المفاسد من ذهاب الأمن والأمان والأعراضِ والبلدانِ أكثرَ بكثيرٍ من المصالح المُرجوة لأجل هذه المفاسد جاء أكثر من مائة حديث عن النبي-صلى الله عليه وسلم- في السمع والطاعة والنهي والخروج على أئمة الجوْر.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله***الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

اعلموا أنكم لن ترجعوا إلى عزِّ الإسلام وعزة المؤمنين إلا بالرجوع إلى ربِّكم والتمسك بسنة نبيكم-صلى الله عليه وسلم- فإنكم إذا تركتم دينَكم وتركتم الجهاد الذي أفتى به العلماء أنه جهاد شرعي وتمسكتم بالدنيا سلط الله عليكم الذُلَّ والمهانةَ.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله***الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

يا نساء المسلمين: اتقين الله في واجباتكنَّ أحسنينَ إلى أولادكنَّ بتربيةِ الإسلامِ النَّافعةِ أحسنينَ إلى الأزواجِ بالعشرةِ الطيبةِ وبحفظِ الزوج في عرضه وماله وبيته ورعايةِ حقوق أقاربه وضبفه وجيرانه
قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها دخلت من أيِّ أبواب الجنَّةِ شاءت ".
أيتها المسلمة: عليكِ أن تشكري نعمةَ اللهِ عليكِ حيث حفظ لكِ الإسلامُ حقوقِ كامةً ولا تنخدعي بالدعاياتِ الوافدة فإن مكانتَكِ في الإسلام أحسنُ مكانةً واحذري أيتها المسلمة: من دعاةِ الرذيلةِ وأهل الفجور والسُفور الذين ينشرون لباس الفسق والحرام كعباياتِ الكتف أو الضيقة أو النقاب الكاشف أو غيرها من التشبه بالكافرات مما يُنافي حياءَ المرأة ودينَها الإسلامي ولا تكثرن من الخروج من بيوتكنَّ " وقرن في بيوتكنَّ ولا تبرجنَ تبرجَ الجاهليةِ الأولى ولا تخضعنَ بالقولِ فيطمعَ الذي في قلبه مرض ". كما على الرجال أن يتقوا الله في النساء فإنهن أسيرات عندكم فارفقوا بهنَّ وأحسنوا عشرتهنَّ.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله***الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله: أشكروا الله على نعمه الظاهرةِ والباطنةِ أشكروه على نعمة الإسلام احمدوه وأشكروه على نعمة الأمن والسلامة والإيمان وتيسر الأرزاق والمنافع والتمتع بالطيبات التي لا تُحصى وشكرُ الله على ذلك بطاعة الله ودوامها وإجتناب معصيته وملازمةِ التوبةِ وإستغلال هذه النعم بمرضاةِ الله.

عباد الله: جرت عادة بعض الناس أنه يخصُّ المقابرَ بزيارةِ أقاربه الأموات يومَ العيد وهذا لم يجرِ عليه عملُ السلف وهو من الأمور المحدثة الخاطئة فلتكنْ زيارتُهم في أيِّ يومٍ من أيام السنة والدعاءُ لهم كُلَّ وقتٍ بالرضوان والمغفرةِ والجنة.
عباد الله: كان السلف يهنئون بعضَهم بعضاً في العيد ومن هنا أقول للجميع: تقبل الله منِّا ومنكم
وأعاده علينا باليُمن والبركات والخيرات والمسرات.

اللهم تقبل صلاتنا وأجعل أعيادنا كلَّها أعيادِ خيرٍ وسلامٍ ياربَّ العالمين
اللهم وفق ولاة أمورنا للعمل بكتابك وتطبيق سنة نبيك محمد-صلى الله عليه وسلم-
وارزقهم البِطانةَ الصالحة التي تعينهم على فعلِ الخير ياربَّ العالمين.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم أعن إخواننَا في سوريا اللهم أعن إخواننا في فلسطين اللهم أعن إخواننَا في العراق اللهم أعن المسلمين في كل مكان اللهم يا رافع السماء ارفع البلاء عن الشام اللهم أطعم جائعهم واشفِ مريضَهم وداوِ جرحاحَهم يا أرحم الراحمين.

"وصلِّ اللهمَّ على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ".
المشاهدات 1734 | التعليقات 0