خطبة عن مكانة العلم وبيان فضله

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1446/02/11 - 2024/08/15 17:39PM
الحَمْدُ للهِ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهِ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريِكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرسوُلُهُ صلى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَصَحْبِهِ وسلم تسليما كثيرا أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقوُا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّنَا بَعْدَ غَدٍ نَسْتَقْبِلَ عَاماً دِرَاسِياً جَدِيداً نَسْأَلُ اللهُ أَنْ يَجْعَلَهُ حَافِلاً بِالتَّوْفِيقِ وَالنَّجَاحِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ العِلْمُ أَسَاسُ نَهْضَةُ الأُمَمُ وَتَقَدُمُهَا وَرِفْعَةُ الشُّعُوبِ وَازْدِهَارُهَا وَمَا مِنْ أُمَّةٍ نَالَتْ حَظاً مِنْ الرِّفْعَةِ وَالعُلُوِ وَبَلَغَتْ مَنزِلَةً عَالَيةً إِلَّا كَانَ العِلْمُ أَسَاسَهَا وَالمَعْرِفَةُ سَبِيلَهَا وَلِذَلِكَ اِهْتَمَّ الإِسْلَامُ بِالعِلْمِ فَأَمَرَ بِالقِرَاءَةِ لِأَنَّهَا سَبِيلُ العِلْمِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ (( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ )) وَأَقْسَمَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى بِأَدَوَاتِ العِلْمِ وَوَسَائِلِ تَحْصِيلِهِ تَنبِيهاً إِلَى أَهَمِيةِ كِتَابَةِ العِلْمِ وَتَوْثِيقِهِ فَقَالَ تَعَالَى (( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ )) وَعَمِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى تَعْلِيمِ أُمَّتَهُ القِرَاءَةَ وَالكِتَابَةَ فَكَانَ أَوّلَ مَنْ سَعَى لِمَحْوِ الأُمِّيَةِ حِينَ جَعَل فِدَاءَ أَسْرَى بَدْرٍ أَنْ يُعَلِّمَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرةً مِنْ المُسْلِمِينَ القِرَاءَةَ وَالكِتَابَةَ وَرَفَعَ الإِسْلَامُ شَأْنَ العَالِمِ وَالمُتَعَلِمِ قَالَ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )) وَنَفَى سُبْحَانَهُ المساواةَ بَيْنَ مَنْ يَعْلَمُ وَمَنْ لا يَعْلَمُ قالَ جَلَّ وَعَلَا (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ))
أَيُّها المؤِمِنوُنَ رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ ( إِنَّ اللَّهَ عز وجل وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةُ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ) هَذا الفَضْلُ وَهُوَ فَضْلُ مُعَلِّمِ النِّاسِ الخَيْرَ شامِلٌ لِكُلِّ مَنْ عَلَّمَ غَيْرَهُ ما يَنْفَعُهُ في ديِنِهِ وَدُنْياهُ مِنْ عُلوُمِ الدِّيِنِ وَمِنْ علوُمِ الدُّنْيا فَسابِقوُا أَيُّها الإِخْوَةُ وَاحْتَسِبوُا الأَجْرَ عِنْدَ اللهِ تَعالَىَ سابِقوُا إِلَىَ نَيْلِ هذا الفَضْلِ أَنْ يُصَلِّي اللهُ عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ السَّماءِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةُ وَحَتَّى الحوُتُ في البَحْرِ ذاكَ فَضْلٌ عَظيمٌ يَنالُهُ كُلُّ مَنْ عَلَّمَ غَيْرَهُ خَيْرًا وَلَوْ كانَ ذَلِكَ في حرفٍ أَوْ أَدْنَى ما يَكوُنُ مِنَ التَّعْليِمِ كَما أَنَّهُ يُدْرِكُهُ أوُلئِكَ الَّذيِنَ يُساهِموُنَ وَيُشارِكوُنَ في تَعْليِمِ النَّاسِ الخَيْرَ بمالهِمْ وَجُهْدِهِمْ وَمُتابَعَتِهِمْ وَحِرْصِهِمْ فاحْتَسِبوُا الأَجْرَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى في مُتابَعَةِ أَوْلادِكُمْ وَحَثِّهِمْ عَلَىَ التَّعَلُّمِ وَاْكْتِسَابِ المَعْرِفَةِ وَعَلَىَ تَحْصيِلِ العُلوُمِ النَّافِعَةِ وَالجِدِّ وَالاجْتِهادِ فَإِنَّ في ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ في ديِنِكُمْ وَدُنْياكُمْ أَسْأَلُ اللهُ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا العَامَ الدِّرَاسِيِّ الجَدِيدَ عَامَ خَيْرٍ وَبَرَكَةٍ وَأَنْ يُوَفِقَ أَبْنَاءَنَا فِي جَمِيعِ مَرَاحِلِهِمْ لِكُلِّ خَيْرٍ وَفَضِيلِةٍ وَأَنْ يَرْزُقَهُمْ العِلُمَ النَّافِعَ وَالعَمَلَ الصَّالِحَ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنْ الآيَاتِ وَالحِكْمَةِ أَقوُلُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنبٍ وَخَطِيئَةٍ فَاسْتَغْفروُهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفوُرُ الرَّحيمُ
الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً كَثِيرًا لَهُ الْحَمْدُ وَلَهُ الفضل وَلَهُ الثَّناءُ الْحَسَنُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أمَّا بَعْدُ فَاتقوا الله عباد الله واعْلَمُوا أَنَّ بِنَاءَ الْأَجْيَالِ مَسْؤُولِيَّةُ الْجَمِيعِ وَهْيَ مَسْؤُولِيَّةٌ يَجِبُ عَلَينَا أَنْ نَقُومَ بِهَا كَمَا يَنْبَغِي وَأَنْ نَتَعَاوَنَ فِي سَبِيلِ تَحْقِيقِ النَّجَاحِ فالمَسِيرَة التَّعلِيمِيَّة تَحتَاجُ إِلَى تَضَافُرِ الجُهُودِ لإِنْجَاحِهَا فَلاَ تَقَعُ المَسؤُولِيَّةُ عَلَى المَدْرَسَةِ وَحْدَهَا وإنما يُشَارِكُهَا البَيْتُ وَالمُجتَمَعُ وَكُلُّ مَنْ لَهُ عَلاَقَةٌ بِعَمَلِيَّةِ التَّعْلِيمِ فتَعَاوَنُواْ عَلَى ذَلِكَ كُلُّ قَدْرَ اِسْتِطَاعَتِهِ مُمتَثِلِينَ أَمْرَ رَبِّكُمْ القَائِلُ سُبْحَانَهُ ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ) وَأَيُّ تَعَاوُنٍ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ نُضِيءَ لِلأَجْيَالِ الطَّرِيقَ بِالعِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ
لِنَغْرِسَ فِي قُلُوبِ الأبناء حُبَّ الْعِلْمِ وَتَوْقِيرِ المُعَلِمِينَ وَاحْتِرَامِهِمْ
وَلْنُوصِي أَبْنَاءَنَا بِالْجِدِّ وَالاِجْتِهَادِ فِي طَلَبِ العِلْمِ وَتَحْصِيلِهِ إِنَّ الدَّوْلَةَ وَفَّقَهَا اللهُ تَبْذُلُ أَمْوالاً طائِلَةً فِي العَمَلِيِّةِ التَّعْليِمِيَّةِ فَالتَّعْليِمُ في هَذِهِ البِلادِ وَللهِ الحَمْدُ بِالمَجَانِ وَبِدُونِ مُقَابِلٍ وَهَذِهِ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى تَسْتَحِقُ الشُّكْرَ وَالثَّنَاءَ لَهُ سُبْحَانَهُ أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْزِيَ القائِمينَ عَلَىَ التَّعْليِمِ فِي بِلَادِنَا خَيْرَ الجَزَاءِ وَأَنْ يُوَفِّقَ المُعَلِمِينَ والأَسَاتِذَةَ فِي المَدَارِسِ والمَعَاهِدِ والكُلِيَاتِ للِقِيَامِ بِهَذَا العَمَلِ الشَّرِيفِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ وَأَنْ يُوَفِقَ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا بِمُخْتَلَفِ مَرَاحِلِهِمْ التَّعْلِيمِيَةِ لِيَنْهَلُوا مِنْ العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ وَيَكُونُوا لَبِنَةً صَالِحَةً فِي المُجْتَمَعِ يَنفَعُ اللهُ بِهِمُ البِلَادَ وَالعِبَادَ
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمْ اللهُ عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ وَاَجْعَلْ بَلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ يَا رَبَ العَالَمِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا وَأَيِّدْهُم بِالحَقِّ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَام اللَّهمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ اللَّهمَّ اخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَبِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا وَبَلِّغْنَا فِيمَا يُرْضِـيكَ آمَالَنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عِبَاْدَ اَللهِ )) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (( فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))
المرفقات

1723732767_خطبة الجمعة 12 صفر 1446هـ عن مكانة العلم وبيان فضله.pdf

1723732790_خطبة الجمعة 12 صفر 1446هـ عن مكانة العلم وبيان فضله.docx

المشاهدات 1377 | التعليقات 0