خطبة عن مادة الشبو والمخدرات واستهداف الشباب بها ( خطبة مختصرة )
أيوب بن عبدالرحمن الثنيان
الحمدلله الذي أرسل رسوله بالنور والبينات وأحل لعباده الطيبات وحرّم عليهم الخبائث والمحرّمات ، يعصم من يشاء برحمته من الشرور والآفات ، ويبتلي من يشاء بحكمته وعدله أهل الجهالة والخطيئات ، نحمده في سائر الأوقات ونصلي ونسلم على رسوله الذي اصطفاه على سائر البريّات وكمّله بالفضائل والطاعات صلاة وسلاماً موصولاً لآله وصحبه أولي المعالي والكرامات ومن تبعهم بإحسان مادامت الأرض والسماوات أما بعد :
فاتقوا الله - عباد الله - فالتقوى رأس بضاعة العبد عند الله ، وقد عُصم من الفتن من لربه اتقى ولنفسه من الموبقات وقى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقْهِ فأولئك هم الفائزون ) .
عباد الله : أنعم الله على المسلم بالعقل والتمييز بين مايضر وينفع وبين الحق والباطل وبالعقل الذي هو مناط التكليف وبأثر العقل على الجوارح يؤجر أو يؤزر العبد فمن لايدلّه عقله على طريق الخير فيتبعه أو على طريق الشر فيجتنه ويدع هواه فإنه مصيره دارَ الشقاء والله أشقى كثيرا من الجن والإنس بسبب أن لهم قلوبٌ لايعقلون بها ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوبٌ لايعقلون بها ولهم أعينٌ لايبصرون بها ولهم آذانٌ لايسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) ولا يحل لمسلم أن يتناول أو يتعاطى مايُذهب عقله وفكره ولذا حرّم الله الخمر ، وهم اسمٌ لكل مايُذهب العقل كما أخبر بذلك المصطفى عليه الصلاة والسلام حيث قال : " والخمر ماخامر العقل " كما هو عند البخاري ومسلم ، وكتاب الله صريحٌ بالأمر بالإجتناب لكل خمرولكل مايغطي العقل أياً كان جنسه ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنوه لعلكم تُفلحون ) .
ومن يتعمّد إذهاب عقله فقد ارتكب جُرماً عظيماً وذنباً كبيراً من كبائر الذنوب وجزاؤه إذا لم يتب أن الله يسقيه من ردغة الخبال وهو قيح وصديد أهل النار ، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من شرب الخمر لم تُقبل له صلاة أربعين صباحاً ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد لم تُقبل له صلاة أربعين صباحاً ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً ، فإن عاد الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً ، فإن تاب لم يتب الله عليه وسقاة من نهر الخبال " أخرجه الترمذي وأحمد وعبدالرزاق والطبراني وغيرهم وهذا يدلل على أن العبد يرتخي عزمه وتفسد إرادته غالباً ويستولي عليه الشيطان إلا من رحم الله ، فينبغي لمن ابتُلي بهذا الداء أن يحذر من عاقبة فعله ومصيره ويحذر من حرمان دخول الجنة بسبب إدمانه على هذا الفعل الشنيع وفي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لايدخلون الجنة : مدمن الخمر ، وقاطع الرحم ، ومُصدّقٌ بالسحر " رواه الإمام أحمد وابن حبّان وهو حديث صحيح لغيره ، علماً أنه من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة كما ورد بذلك الدليل ، ومن أشد ماقيل في الخمر ماودر عن ابن عمر رضي الله عنه قال : " من شرب الخمر فلم ينتشِ - أي لم يسكُر - لم تُقبل له صلاة ، مادام في جوفه أو عروقه منها شيء ، وإن مات مات كافراً ، وإن انتشى لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة ، وإن مات فيها مات كافراً " وهذا القول يرويه عنه مجاهد التابعي رحمه الله وهو في صحيح النسائي والكفر المذكور كفرٌ دون كفر فهو كفر غير مخرج من الملة .
عباد الله : المخدرات هي أشدّ من الخمر على العقل وأشد ضرراً على النفس والأسرة والمجتمع فشرها خطير وضررها كبير وهي داءٌ مستطير دمّرت - بسبب قلة الوعي والديانة - عقول الكثير من الشباب ، وما وُجد منها في هذه الأيام لم يوجد من قبل ، فليت الأمر اقتصر على المواد المخدرة من النبات ، بل طالت أيدي العابثين المفسدين هذه المواد بتصنيع مركّز انبثق عن مواد مخدرة أشدّ فتكاً بالعقل البشري والجهاز العصبي المركزي للإنسان ، استعمل فيها المفسدون خبرتهم لتدمير الشعوب والمجتمعات الإنسانية ، لينتجوا مادة خطيرة تُسمّى ( الشبو ) ولها تسميات عدّة وتكمن خطورة هذه المادة في كونها تدمر الخلايا العصبية للإنسان وتأتي بالهلوسة السمعية والبصرية وشحوب الوجه الشديد فيتحول شاب في العشرين بسبب الإدمان إلى منظر عجوز كأنه في الثمانين من عمُره والجرعة الزائدة منه قاتلة على الفور مع تسببه بالجلطات الدماغية وتلف خلايا المخ ونقص الوزن وتقرّح الأسنان والتهاب الكبد والرئة وتلفهما مع الوقت والإدمان الطويل والإكتئاب والمزاج الحاد والأمراض النفسية وغيرها عافانا الله وإياكم فاللهم احفظ شباب وفتيات المسلمين من شر المخدرات ومن كل سوء وفتنة وبلاء يارب العالمين أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إِنه هو الغفور الرحيم
الحمدلله الذي أنعم على كثيرٍ من عباده بنعمة العافية وهو أهل النعم الظاهرة والخافية والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد الذي بعثه ربه بالشريعة الغراء الوافية صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أهل النفوس السامية وعلى من تبعهم بإحسان من النفوس الموالية أما بعد :
فاتقوا الله - ياعباد الله - ( واتقوا يوماً تُرجعون فيه إلى الله ثمّ توفّى كل نفسٍ ماكسبت وهم لايُظلمون )
عباد الله : إن شرّ المخدرات - أجارنا الله وإياكم والمسلمين - دائماً مرتبطٌ بالجريمة وقد أثبتت الدراسات ذلك بما لايدع مجالاً للشك ، ولكن كيف نحمي أنفسنا ومن نعول من شرّ المخدرات وويلاتها ؟ ويتم ذلك بعدة أمور منها :
- أولها مخافة الله تعالى وتقواه فالمتقي لله يحذر من أن يُدخل في بطنه وجوفه شيءٌ حرّم الله تناوله .
- وكذلك قيام ولي الأمر بما أمر الله به من الرقابة على من يعول واكتناف أهله وذريته بالنصح والتوجيه والإعتبار بأحوال من سقطوا في هذا الوكر الخبيث
- والحرص على الصحبة الصالحة وإن كانت من أبعد الناس عنك نسباً ، والحذر من الصحبة السيئة وإن كان من أقرب الناس إليك .- وملء وقت الفراغ بما ينفع فإن الفراغ مفسدة للمرء وهو مشغلٌ نفسه لامحالة إما بخير أو شر
- والحذر من السقوط في فخ التجربة والإستطلاع فهذا فخ وكماشة أوقعت الكثير من الشباب فإياك أخي الشاب أن تقع في الأمر وكُن على وعي من أن من امتدت يده للخبائث الصغار فسوف تمتد يده للخبائث الكبار غالباً ، فمن امتدت يده لتجريب السيجارة فسوف تمتد يده لتناول المخدرات إلا من رحم الله ، لأن الحصانة الذاتية في الأصل مفقودة فاعرف محل الخلل وإياك والزلل
عباد الله : يجب علينا - معشرالأخوة - التعاون مع الجهات الأمنية لصدّ كيد الأعداء في الداخل والخارج ممن يريد الفتك بشبابنا واجترارهم لأوكار المخدرات فإن هذا واجب ديني تجاه هذه الفئة الباغيه من المهربين والمروّجين - قطع الله شرّهم عن العباد - امتثالاً لقول الله جلا وعلا : ( وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) ومن كان يعرف مبتلى بذلك لامروجاً ولا مهرّباً فليبلغ عنه بسرّية تامة وبخطوات تُرشد لها الجهات المختصة لعلاجه من حالة الإدمان التي يعيشها فإن في ذلك إنقاذاً لنفس من جحيم الشرور . . ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه . .