خطبة عن فضل العشر الأواخر وليلة القدر وأحكام الاعتكاف وزكاة الفطر
محمد المطري
خطبة عن فضل العشر الأواخر وليلة القدر وأحكام الاعتكاف وزكاة الفطر
الحمد لله كما وصف نفسَه، وفوق ما يصفه خلقُه، له الأسماء الحسنى، والصفات العلى، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، الرحمن على العرش استوى، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، مَنْ يتَّبِعْ سُنَّته فقد اهتدى، ومَنْ يرغَبْ عن سُنَّته فقد ضل وغوى، صلى الله عليه وعلى أزواجه وذريته، وعلى أصحابه ومن اتبعه. أما بعد:
فقد أقسم الله تعالى في كتابه بالفجر وليال عشر فقال سبحانه: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر: 1 - 5]، هل فيما أقسم الله به كفايةٌ لذي عقل؟ أقسم الله بأوقات مباركة، يستحب فيها العمل الصالح، ففي الفجر حين ينشق الصبح يؤدي المسلم صلاة الفجر، ومن أفضل الأوقات لتلاوة القرآن وقت الفجر إلى طلوع الشمس، قال الله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]، وبورك لهذه الأمة في بكورها، في أمور دينها ودنياها، والليالي العشر هي العشر الأواخر من رمضان على أحد القولين في تفسير الآية، وأقسم الله بكل شفع ووتر، ويدخل في ذلك الصلاةُ الشفعُ التي هي ركعتان أو أربع، والصلاة الوتر التي هي ثلاث ركعات أو ركعة، وكما أقسم الله بالفجر حين يأتي أقسم بالليل حين يسري وينقضي، كما قال الله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ * وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} [المدثر: 33، 34]، وقال سبحانه: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 17، 18]، فتقليب الله لليل والنهار فيه آيات لأولي الأبصار، وبذلك تنقضي الأعمار، وقد جعل الله الليل والنهار يخلف أحدهما الآخر لعبادته فيهما، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62]، فعلى العاقل أن يغتنم أوقات الليل والنهار فيما يقربه من الرحمن، ولا سيما في شهر رمضان، فقد قال الله عن رمضان: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]، وكذلك عمر الإنسان أياما معدودات، سرعان ما تنقضي أعمارنا كما ينقضي رمضان، دخلنا فيه فإذا بنا نخرج منه، والسعيد من اغتنم رمضان، واغتنم ما بقي من حياته فأصلح ما بينه وبين ربه، فعمرك أيها الإنسان ينقضي كل يوم، فاغتنم حياتك قبل موتك.
أيها المسلمون، إنما الأعمال بالخواتيم، وهكذا آخر شهر رمضان خيرٌ من أوله، فمن فرَّط في أوله فبقي له آخره، وآخر رمضان أفضل من أول رمضان، فلا تكسل أيها المسلم عن عبادة الله، فقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يجتهد في آخر رمضان أكثر من أوله، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله».
أيها المسلمون، العشر الأواخر من رمضان فيها ليلة القدر، ليلة خير من ألف شهر، قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 1 – 5].
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر} أي: إنا ابتدأنا إنزال القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر في شهر رمضان، وقال بعض المفسرين: أُنزِل القرآنُ في ليلة القدر جملة واحدة إلى السماء الدنيا، ثم أُنزِل مفرَّقا خلال ثلاث وعشرين سنة، وكلا القولين صحيح. ثم فخم الله شأن هذه الليلة التي أنزل فيها القرآن فقال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} يعني: وأي شيء أدراك ما فضل ليلة القدر؟ وقد سميت ليلة القدر لعِظَم قدرِها وفضلِها عند الله، ولأنه يُقدَّر فيها ما يكون في ذلك العام من الأعمار والأرزاق وغير ذلك كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 2، 4].
أيها المسلمون، ليلة القدر تتنقل في العشر الأواخر من رمضان، وأرجى ما تكون في ليالي الأوتار، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان))، فقد تكون ليلةُ القدر في ليلة إحدى وعشرين، أو ليلةِ ثلاثٍ وعشرين، أو ليلةِ خمسٍ وعشرين، أو ليلةِ سبعٍ وعشرين، وهي أرجاها، وقد تكون في ليلةِ تسعٍ وعشرين.
أيها المسلمون، الليالي العشر تبدأ من غروب شمس يوم عشرين من رمضان، وقال بعض العلماء: إذا كان رمضان تسعا وعشرين ليلة فأرجى ليالي العشر الأشفاع باعتبار آخر رمضان؛ لأنها ليال عشر سواء كان رمضان ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين يوما، فعلى المسلم الحريص على ليلة القدر أن يقوم جميع الليالي العشرِ الأواخر من رمضان، فيكون قد علم أنه قام ليلة القدر بيقين.
قال الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي: ليلة القدر العمل الصالح فيها أفضلُ من العمل الصالح في ألف شهر، والألفُ الشهرُ ثلاثٌ وثمانون سنة وأربعةُ أشهر، فهي ليلة مباركة، يضاعف فيها أجرُ العملِ الصالح أضعافا كثيرة، فمن قرأ في ليلة القدر مثلا خمسة أجزاءٍ من القرآن فهو أكثر أجرا ممن يقرأ خمسة أجزاء في مدة ألف شهر، ومن صلى مثلا في ليلة القدر عشرين ركعة فهو أكثر أجرا ممن يصلي عشرين ركعة في كل ليلة في مدة ألف شهر، وهكذا من سبح الله أو استغفره أو تصدق، فأجره يضاعف حتى يكون أفضل ممن عمل ذلك العملَ الصالح في ثلاث وثمانين سنة، أجر عظيم جدا على أي عمل صالح في تلك الليلة المباركة، فقد رحم الله هذه الأمةَ القصيرةَ الأعمارِ بالنسبة إلى أعمار من قبلها، فجعل للمسلمين في كل رمضان ليلةً واحدةً بعمر طويل، فمن حُرمِ خيرُها فقد حُرِم الخيرُ العظيم، في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدم من ذنبه)).
ثم أخبرنا الله سبحانه عن ليلة القدر فقال: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} أي: في ليلة القدر يكثر هبوط الملائكة من السماء إلى الأرض مع الروح الأمين جبريل عليه السلام، ونزول الملائكة يكون بإذن ربهم، وفي تلك الليلةِ يُقَدِّر اللهُ أمورا كثيرة عظيمة تكون في تلك السنة من الخيرات والبركات والأرزاق والآجال كما قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4]، وهذا هو التقدير السنوي من السنة إلى مثلها، مما يُطلِع الله عليه ملائكته، وهو غير التقدير الذي كتبه الله في اللوح المحفوظ من قبل خلق السماوات والأرض، كما قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22]، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة))، فلا يكون شيء في الكون إلا بمشيئة الله سبحانه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2]، فكل ما يكون قد علمه الله، وكتبه في اللوح المحفوظ، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70]، وقال سبحانه: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29].
ثم قال الله تعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} أي: ليلة القدر سالمة من كل شر لكثرة خيرها وبركتها، وتُسلِّم الملائكةُ فيها على المصلين والذاكرين، من غروب الشمس إلى طلوع الفجر. فليلة القدر تبدأ بغروب الشمس، وتنتهي بطلوع الفجر، فعلى المسلم أن يجتهد في ليالي العشر الأواخر بأنواع العبادات من صلاة وتلاوة وتسبيح وتهليل وتحميد وتكبير واستغفار ودعاء بخير الدنيا والآخرة وصلاةٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقةٍ وغير ذلك من أنواع العبادات، ففي العشر الأواخر ليلة أعظم من ألف شهر، فالمحروم من حرم خيرها، والموفق من وفقه الله لعبادته فيها.
أيها المسلمون، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان طلبا لليلة القدر، والاعتكاف هو: اللبث في المسجد لطاعة الله عز وجل، وهو سنة مؤكدة، داوم عليه النبي عليه الصلاة والسلام كل عام، ويتأكد استحبابه في العشر الأواخر من رمضان، ويشرع الاعتكاف في كل وقت في جميع المساجد، ورحبة المسجد لها حكم المسجد، وكذا الغرف المبنية داخل المسجد الملحقة به يجوز الاعتكاف فيها إن كانت تابعة للمسجد وجزءا منه، ولا يصح الاعتكاف في الغرف التي بجوار المسجد المهيئة للسكنى وإن كانت أبوابها إلى المسجد.
أيها المسلمون، الاعتكاف نوعان: اعتكاف تطوع، يجوز تركه بعد الشروع فيه، وإن لم يُكمل ما نواه، واعتكاف واجب، وهو الاعتكاف المنذور، يجب إكماله وفاءً بالنذر، وإن نذر اعتكافا متتابعا وجب التتابع فيه.
وعلى المعتكف أن ينوي المكث في المسجد تقربا إلى الله، ولا حد لأقل الاعتكاف، فيصح الاعتكاف في أي وقت ليلا أو نهارا قدر ما يسمى اعتكافا ولو وقتا يسيرا، فينبغي لمن قصد المسجد أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه، والأفضل ألا يقل الاعتكاف عن يوم أو ليلة.
واعتكاف العشر الأواخر من رمضان يبدأ من غروب شمس يوم العشرين؛ ليبدأ المعتكف اعتكافه من أول ليلة إحدى وعشرين، وينتهي اعتكاف العشر الأواخر بغروب شمس آخر يوم من رمضان، ومن نوى أن يعتكف العشر الأواخر تطوعا ثم بدا له أن يترك الاعتكاف فله ذلك، ويؤجر على ما مضى من اعتكافه، ويجوز للمعتكف الخروج من المسجد لما لا بد منه، كالخروج لقضاء الحاجة والوضوء ولو إلى بيته إن لم يكن للمسجد حمامات، ويجوز أن يخرج إلى بيته للأكل والشرب أو إلى السوق لشراء طعام، ولا يتأخر بعد فراغه من الحاجة التي خرج لأجلها، والأفضل للمعتكف أن يأكل ويشرب في المسجد إذا تيسر له ذلك، مع صيانة المسجد من بقايا الطعام ونحو ذلك، وإن أجنب المعتكف وجب عليه الخروج من المسجد للاغتسال في حمامات المسجد أو في بيته، وهو في حال خروجه من المسجد لما لا بد منه معتكف، فإن جامع زوجته بطل اعتكافه، وإن باشرها بما دون الجماع فأنزل بطل اعتكافه، قال الله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، ويجوز للمعتكف أن يصافح زوجته بلا شهوة، ويبطل الاعتكاف أيضا بالخروج من المسجد عمداً لغير حاجة، وإن قلَّ وقت الخروج، فإن كان الاعتكاف تطوعا وخرج بلا حاجة انتهى اعتكافه بخروجه، وكان له الأجر بقدر اعتكافه، ثم له أن يستأنف اعتكافا جديدا إن شاء، وللمتطوع أن يجعل اعتكافه متقطعا.
ويباح للمعتكف الكلام المباح، ولا ينبغي له تعمد الصمت، ولا الإكثار من الكلام بلا حاجة، ولا الخوض فيما لا يعنيه، فإنَّ المقصود من الاعتكاف التفرغ لعبادة الله، فيستحب للمعتكف أن يكثر من الصلاة، وتلاوة القرآن وتدبره، والذكر، والدعاء، والاستغفار، والتفكر، والتعلم والتعليم، ونحو ذلك من الطاعات التي تقربه إلى الله تعالى.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم وجميع المسلمين، وأسال الله أن يرزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
ففي آخر رمضان تشرع زكاة الفطر، وهي واجبة على كل مسلم ومسلمة، سواء كان غنيا أو فقيرا، ما دام يملك أكثر من قوت يومه، روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حرٍ أو عبدٍ، رجلٍ أو امرأةٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ، صاعا من تمر، أو صاعا من شعير».
أيها المسلمون، يجب أن يُخرج المسلم زكاة الفطر عن نفسه، وعمن تلزمه نفقته، ولا تجب إلا على مَنْ فضل عن قوته، وقوت من تلزمه نفقته وحوائجه الضرورية في يوم العيد وليلته.
والواجب في زكاة الفطر صاع من غالب قوت أهل البلد من بر، أو شعير، أو تمر، أو ذرة، أو أرز، أو غير ذلك من الأقوات، ولا يجزئ إخراج السكر؛ لأنه ليس قوتا، والصاع أربعة أمداد، والـمُد ملء الكفين المتوسطتين، فالصاع أربع حفَنَات بكفَّي رجلٍ معتدلِ الكفين، واختلف الفقهاء المعاصرون في تقدير الـنصف الصاع بالموازين العصرية، وهو يختلف باختلاف الطعام الموزون، فحدد بعض الفقهاء المعاصرين الصاع من البُر بـ 2 كيلو وأربعين جراما، والصاع من الأرز 2 كيلو تقريبا، والأصح جواز إخراج الدقيق في زكاة الفطر، والمعتبر في الدقيق الوزن لا الكيل بالصاع؛ لأن الحب إذا طحن انتشرت أجزاؤه، وأكثر الفقهاء أنه لا يجزئ إخراج قيمة الطعام، وقيل: يجزئ إخراج قيمة الطعام، والقول الأول أحوط وأفضل، ومن أخذ بالقول الثاني فقد أحسن، ولا إنكار في المسائل الاجتهادية لا على المجتهد ولا على من أخذ بقوله، والله الكريم يتقبل من الجميع بفضله ورحمته.
وتجب زكاة الفطر بغروب الشمس من ليلة العيد، فيجب إخراجها عمن مات بعد الغروب دون من وُلِد، ولا تجب الفطرة على الجنين، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، فإن أخرها متعمدا أو نسيانا فيخرجها قضاء، ويجوز تسليمها إلى من يتولى جمعها من جهة الحاكم المسلم أو أن يخرجها بنفسه ويعطيها الفقراء، ولا يجوز أن يعطيها لأقاربه الأصول والفروع، والأصول هم الآباء والأمهات والأجداد والجدات، والفروع هم الأبناء والبنات والأحفاد، ويجوز أن يعطيها لغيرهم من الأقارب المحتاجين كالإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات، ويجوز أن تعطي الجماعة زكاة فطرها لفقير واحد، وأن يعطي الواحد زكاته لعددٍ من الفقراء، وإن أعطي الفقير زكاة الفطر يجوز له أن يخرجها عن نفسه وأهله، ولو أخرج إنسان الفطرة عن أجنبي بغير إذنه لا يجزئه؛ لأنها عبادة لا تسقط عن المكلف بها بغير إذنه، فإن أذن فأخرج عنه أجزأه، فلا بد من النية في أداء العبادات.
نسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يحبب إلينا الإيمان، وأن يوفقنا للعلم النافع المقتضي العمل الصالح.
اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علما.
اللهم ارزقنا طاعتك وطاعة رسولك، ووفقنا للعمل بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
عباد الله، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45].
المرفقات
1711183302_خطبة عن زكاة الفطر والاعتكاف وفضل ليلة القدر والعشر الأواخر.docx
1711183320_خطبة عن زكاة الفطر والاعتكاف وفضل ليلة القدر والعشر الأواخر.pdf