خطبة عن عشر ذي الحجة

خبطة جمعة : فضل عشر ذي الحجة  كتبها : خالد خضران الدلبحي العتيبي  الجمش -  الدوادمي
 

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :

عباد الله إن من نعم الله عز وجل على عباده أن جعل لهم أوقاتاً تَعظم فيها أعمالهم  ولو قارنت بين أعمارِ هذه الأمةِ بغيرها من الأمم لوجدتَ أن الفرق كبيرٌ فهذه الأمة أعمارها قصيرة  جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال ( أعمارُ أمتي ما بين الستينِ والسبعين ) رواه الترمذي وهذا هو الغالبُ وحتى الإنسان إذا بلغ هذا العمر أو بلغ أكثرَ من ذلك فالذي يصرف في عبادة الله شيءٌ قليلٌ وهذا القليلُ يشوبه ما يشوبه من الرياء ومن التقصير والنقص ، فلا يصفو العمر كلُه في طاعة الله سبحانه وتعالى ، ولكن من رحمة الله سبحانه بهذه الأمة أن جعل لها أزماناً مباركة .

عبادَ الله إن من الأيامِ المباركةِ التي هي أفضلُ أيامِ العام على الإطلاق أيامُ عشر ذي الحجة ولعظم شأنِ هذه الأيامِ أقسمَ الله بها في كتابه فقال تعالى وَالْفَجْرِ ( 1 ) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ( 2 ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : هي عشر ذي الحجة .

وجاء في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال ( ما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنَّ أحبُ إلى اللهِ من هذهِ الأيامِ العشر : قالوا ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ قال ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء ))

فليحرص المسلم على كثرةِ الأعمالِ الصالحةِ بجميع أنواعها في هذه الأيام العشرِ ومن هذه الأعمالِ الصالحةِ :

أولا ً : الصيامُ فيسن صيام تسع ذي الحجة لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها والصيام من أفضل الأعمال فقد جاء عن أبي أمامةَ رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله : دلني على عمل أدخل به الجنة : قال (( عليك بالصوم فإنه لا مثلَ له )) .

قال النووي رحمه الله تعالى ( صيامها مستحبٌ استحباباً شديداً )

ومن أعظمها صياماً صيامُ يومِ عرفة وهو اليوم التاسع أما اليوم العاشر فهو يوم عيد لا يجوز صيامه  

وهذا بالنسبة لمن كان ليس حاجاً أما الحاج فالسنةُ في حقه أنه لا يصومُ يوم عرفة بل يفطره حتى يتقوى بالفطرِ على الدعاءِ وهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم .

ومن الأعمال الصالحة المستحبةِ كثرةُ ذكرِ اللهِ ومن ذلك التكبيرُ يقول المسلم ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) يجهر بها الرجال وأما المرأة فتكبر بقدر ما تسمع نفسها  .

يقول الله تعالى ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)  قال ابن عباس رضي الله عنهما : الأيام المعلومات هي أيام العشر .

وجاء في البخاري أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما )

ومن الأعمال الصالحة حج بيت الله الحرام  .

 ومن الأعمال الصالحة ذبح الأضاحي وسنتكلم إن شاء الله تعالى عن أحكام الأضحية في الخطبة القادمة  . 

 والمسلمُ يحرصُ في هذه الدنيا عبادَ الله على التزودِ من الأعمالِ الصالحةِ قال تعالى ( وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) ويحذر من تضييع الأوقات فالوقت هو حياةُ الإنسانِ قال الحسن البصري : ابنُ آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب بعضك ذهب كلك  .

والإنسان عند الموت ما ذا يتمنى ؟

له أمنية واحدة أتريد أن تعرف هذه الأمنية فاسمع إلى قوله تعالى  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ -   وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ - وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المنافقون : 11 )

 يتمنى أن يؤخر له في عمره حتى يتصدق وحتى يكن من الصالحين ولكن الموت له وقت محدد لا يتقدمه العبد ولا يتأخر عنه قال تعالى  (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف : 34 )

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم ممن يغتنمون هذا الأزمان المباركة بكثرةِ الأعمال الصالحة وأن لا يجعلنا من الغافلين .

 

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :

عبادَ الله من أراد أن يضحي فإنه يمسك من أول ليلة من ليالي العشر عن شعره وأظفاره وعن بشرته أخرج مسلم في صحيحه عن أم سلمة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره )

وفي لفظ ( عن بشرته )

والإمساكُ يبدأ من حين رؤية هلال ذي الحجة فإذا ثبتت رؤية هلال ذي الحجة وذلك بعد غروب شمس يوم التاسع والعشرين من شهر ذي القعدة فإنه يجب الإمساك وإذا لم يُرى الهلال فإننا نكمل شهر ذي القعدة كاملاً ويبدأ الإمساك من غروب شمسِ آخر يومٍ من ذي القَعدة وأما ما يقوله البعض الإمساك يبدأ من الساعة الثانيةَ عشر فهذا ليس صحيحاً

وهذا الإمساك واجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( فليمسك ) والأمر للوجوب .

والذي يمسك هو الذي يريد أن يضحي أما الذي يُضحى عنه فإنه لا يمسك كالزوجة والأبناء والبنات وهذا القول هو الصحيح .

وإذا لم يكن في نية الإنسان أن يضحي ثم نوى أن يضحي فيجب عليه الإمساك من حين النية وإذا وكَّل إنسانٌ آخر في الأضحية فإن الذي يمسك هو صاحب الأضحية أما الوكيل فلا يمسك .

اللهم وفقنا لاغتنام هذه العشر بطاعتك اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك...

 

 

 

 

المرفقات

1717040404_خطبة عشر ذي الحجة.docx

المشاهدات 799 | التعليقات 0