خُطْبَة عَنْ (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ لاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ)
محمد البدر
1441/06/04 - 2020/01/29 22:36PM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾.
كان النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسوي الصفوف كأنما يسوي القداح، وكان يمر بالصف ويمسح المناكب والصدور،ويأمرهم بالاستواء والأئمة اليوم لا يفعلون ذلك، فعلى الإمام إقامة السنة والاعتناء بتسوية الصفوف فيلتفت يميناً ويساراً، ويستقبل الناس بوجهه ،ويقول الألفاظ التي وردة في السنة منها على سبيل المثال "اسْتَوُوا"سَوُّوا صُفُوفَكُمْ "لاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ "تَرَاصُّوا"يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا يكبر حتى يتأكد من تسوية الصفوف لأنها أمانة في عنقه لا ينبغي التهاون والتساهل بها، فالكثير من الناس هذه الأيام أفرادا وجماعات يتساهل ويتهاون ويفرط في إقامة الصفوف وبعض الأئمة هداهم الله للسنة يكبر للصلاة مباشرةً ولا يهتم بتسوية الصفوف بحجة أن مسجده كبير أو أن عدد المصلين كثير أو لا يريد أن يغضب بعض المصلين وكلُّ هـذا بسب الجهل بأمور الشريعة ،والبعُد عن هدي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،والجهل بأحكام الإمامة ،وجهل المأمومين بأحكام المساجد ، وبعض الأئمة هداهم الله للسنة يدخل المحراب ويهمس قائلا : استووا بل واستبدل الكثير من الناس اللفظ الصحيح للتسوية بلفظ مخالف وهو(اِسْتَقِيمُوا) وربما كررها أكثر مرة أو مرتين أو ثلاثة.فاتقوا الله يا عِبَادَ اللَّهِ في هذه السنة وتعاونوا وتناصحوا فيما بينكم وإياكم ثم إياكم أن تضيعوها ولا تهجروها فالقلوب أصبحت متنافرة بسبب ترك هذه السنة فالله الله بالاقتداء بالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.فَعَنْ النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَوِّي صُفُوفَنَا ،حَتَّى كَأنَّمَا يُسَوِّي بِهَا القِدَاحَ حَتَّى رَأى أنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ ، خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ فَرَأَى رَجُلاً بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ فَقَالَ «عِبَادَ اللهِ،لتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ،أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَعَنْ النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ» ثَلَاثًا «وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ»قَالَ:فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَلْزَقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَةِ صَاحِبِهِ وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ.وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ«وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ »مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُصُّوا صُفُوفَكُمْ وَقَارِبُوا بَيْنَهَا وَحَاذُوا بِالأَعْنَاقِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ.والحَذَفُ :غَنَمٌ سُودٌ صِغَارٌ. ومن السنة لين المؤمن مع إخوانه إذا كان في الصف قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خِيَارُكُمْ أَلْيَنُكُمْ مَنَاكِبَ فِي الصَّلاَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ : و مَعْنَاهُ إِنَّهُ إِذَا كَانَ فِي الصَّفّ وَأَمَرَهُ أَحَد بِالِاسْتِوَاءِ أَوْ بِوَضْعِ يَده عَلَى مَنْكِبه يَنْقَاد وَلَا يَتَكَبَّر ..إلخ. ومن السنة يا عِبَادَ اللَّهِ إتمام الصف الأول فالأول فلا يقام أي صف جديد إلا بعد إتمام الذي قبله قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « أتِمُّوا الصَّفَّ المُقَدَّمَ ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ في الصَّفِّ المُؤَخَّرِ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.ومن السنة سد الفرج فاذا وجدتم فرجة أمامكم فتقدموا إليها ولو كنتم تصلون فلا بأس واحذروا من قطع الصفوف وفضل ميامن الصفوف قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ وَمَنْ سَدَّ فُرْجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ » رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.ومن كان حريصا علي العمل بالسنة في صلاته فليبشر قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاَةِ وَيَقُولُ « اسْتَوُوا وَلاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ لِيَلِنِى مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلاَفًا.رَوَاهُ مُسْلِم .فاتقي الله يامن تضم قدميك أو تفرج بينهما فتخل بالصف و تؤذي المصلين بجوارك وتجعل في الصف فرجة وخلل فاتقوا الله عِبَادَ اللَّهِ وتعاونوا على تسوية الصفوف.أَقُولُ قَوْلِي هَذَا.
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ:من السنة عدم الإصطفاف بين السواري (الأعمدة) لأنها تقطع الصفوف؛ ولأنها موضع صلاة إخواننا من الجن؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْه قَالَ فِي الصَّلاَةِ بَيْنَ السَّوَارِى: كُنَّا نُنْهَى عَنِ الصَّلاةِ بَيْنَ الأَسَاطِينِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوَارِى وَنُطْرَدُ عَنْهَا وَقَالَ:(لَا تُصَلُّوا بَيْنَ الْأَسَاطِينِ وَأَتِمُّوا الصُّفُوفَ).وَعَنْ قُرَّةُ بن إِيَاسٍ الْمُزَنِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوَارِى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . قَالَ الْقُرْطُبِيّ : رُوِيَ أَنَّ سَبَب كَرَاهَة ذَلِكَ أَنَّهُ مُصَلَّى الْجِنّ الْمُؤْمِنِينَ .إنْتَهَى .وقد أجاز بعض العلماء الصلاة بين السواري عند الضيق وعدم سعة المسجد للمصلين..الا وصلوا ...
المرفقات
سَوُّوا-صُفُوفَكُمْ-لاَ-تَخْتَلِفُو
سَوُّوا-صُفُوفَكُمْ-لاَ-تَخْتَلِفُو