خطبة عن جماعة التبليغ
عبدالله بن رجا الروقي
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور إنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده اللهُ فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلتَنظُر نَفسٌ ما قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبيرٌ بِما تَعمَلونَ﴾
أما بعد فإن الله عزوجل أمر بالاعتصام بالكتاب والسنة، ونهى عن التفرق قال تعالى : ﴿وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا﴾
وقال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
فالواجب على المسلمين أن يكونوا جماعةً واحدةً على هَدي النبي ﷺ،
وأن يحذروا التفرُّقَ قال تعالى: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّذينَ تَفَرَّقوا وَاختَلَفوا مِن بَعدِ ما جاءَهُمُ البَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُم عَذابٌ عَظيمٌ﴾
وقد كانت هذه البلادُ على جماعةٍ واحدةٍ حتى جاءت جماعاتٌ وافدةٌ تريدُ أن تُفرِّقَ جماعةَ المسلمين، وتُضعِفَ كلمتَهم.
وإن من هذه الجماعاتِ الوافدة الجماعةَ المعروفةَ بجماعة التبليغ، ويُسمَّون أيضا بالأحباب.
وأصلُ هذه الجماعةِ من الهند فمؤسسُها هو محمدُ إلياسَ الكاندهلوي، وهو رجلٌ صوفيٌّ قُبوري، ثم صار له اتباعٌ بعد ذلك في بلدانِ العالم، ومنها هذه البلادُ فهم من بني جلدتِنا، لكنهم على غير دعوتِنا؛ فجماعةُ التبليغِ مخالفون لدعوة النبيِّ ﷺ من وجوهٍ، منها تفسيرُهم لكلمة التوحيدِ( لا إله إلا الله ) بأن معناها لا خالقَ، ولا رازقَ إلا الله ، وهذا حقٌ لكنه ليس معنى هذه الكلمةِ العظيمةِ؛ بل معناها لامعبودَ بحق إلا اللهُ، وهذا هو التوحيدُ الذي بُعثت الرسلُ بالدعوة إليه، قال تعالى: ﴿وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ ﴾
وقد كان النبيُّ ﷺ يدعو إلى التوحيدِ، ويأمر بالدعوة إليه قال ﷺ لمعاذِ بن جبلٍ لما بعثه إلى اليمن: ( وليكن أولُ ماتدعوهم إليه شهادةَ أن لا إله إلا الله ).
وجماعةُ التبليغ لايدعون إلى التوحيد، ولاينهون عن الشرك؛ بل عندهم شركٌ وبدعٌ، وهذه كبارُ مساجدِهم في الهند تجدُ فيها قبورَ زعمائهم مخالفين في ذلك نهيَ النبيِّ ﷺ في قوله: ( لعنةُ الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجدَ )
ومن طريقتهم أنهم يدعون إلى الله بغير علم، ويُخرجون الجُهّالَ للدعوة، وهذا مخالفٌ لأمر الله ولسنةِ النبيِّ ﷺ قال تعالى: ﴿قُل هذِهِ سَبيلي أَدعو إِلَى اللَّهِ عَلى بَصيرَةٍ أَنا وَمَنِ اتَّبَعَني وَسُبحانَ اللَّهِ وَما أَنا مِنَ المُشرِكينَ﴾.
والبصيرةُ هي العلمُ فكل دعوةٍ لاتقومُ على العلم الشرعيِّ فهي مخالفةٌ لهَديِ النبيِّ ﷺ ولهذا فإن نبينا ﷺ لم يَبعث للدعوة إلى الله إلا أهلَ العلم.
بل إن هذه الجماعةَ تُزهِّدُ في العلم وتَصدُّ أتباعَها عن دروس العلم، والعلماء.
ومن المخالفات عندهم أنهم يُحَدِدون أياماً للدعوة على كل واحدٍ منهم أن يقوم بها، وهي: ثلاثةُ أيام كلَّ شهر، وأربعون يوماً كلَّ سنة، وأربعةُ أشهرٍ مرةً في العمر؛ فيَخرجون هذه الأيامَ، والشهورَ ويتركون أهلَهم، مع حاجةِ أهلِهم إليهم، وهذا أمرٌ محرمٌ لأن فيه تضييعاً لما أوجبه اللهُ من رعايةِ الأهلِ قال ﷺ : كفى بالمرء إثماً أن يُضيَّعَ من يَعول.
وهم يتعبدون لله بتحديد الخروجِ للدعوة بهذه الأيامِ، وهذا نوعٌ من البدعِ أيضا.
هدانا الله وجميعَ المسلمين للحق ووفقنا للعمل به.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الحمدلله رب العالمين، وأشهد أن لاإله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فإن العلماءَ قد تكلموا عن هذه الجماعةِ ومن ذلك سؤال مُوجَّهٌ للجنة الدائمةِ للإفتاء برئاسة الشيخِ عبدالعزيزِ بنِ بازٍ رحمه الله ذكر فيه السائلُ بعضَ أعمالِ جماعةِ التبليغِ فأجابوا بمايلي:
ماذكرتَه من أعمالِ هذه الجماعةِ كلُّه بدعةٌ فلا تجوزُ مشاركتُهم حتى يلتزموا بالكتابِ والسنةِ ويتركوا البدعَ . انتهى.
وقال الشيخُ صالحٌ الفوزان - عضو هيئةِ كبارِ العلماء -:
بلادُنا ولله الحمدُ جماعةٌ واحدةٌ، كلُّ أفرادها وكل حاضرتها وباديتها تسيرُ على منهج الكتاب والسنة يوالي بعضهم بعضًا، ويُحبُّ بعضهم بعضًا .
أما هذه الجماعاتُ الوافدةُ فيجب أن لا نتقبلَها لأنها تريدُ أن تنحرفَ بنا أو تفرقنا، وتجعلَ هذا تبليغياً وهذا إخوانياً...لِمَ هذا التفرقُ؟؟ هذا كفرٌ بنعمة الله تعالى حيث يقول الله تعالى: { وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً } .
نحن على جماعةٍ واحدةٍ وعلى وَحدَةٍ وعلى بَيِّنةٍ من أمرنا، فلماذا نستبدلُ الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟!! .
لماذا نتنازلُ عمّا أكرمنا الله عز وجل به من الاجتماع والأُلفةِ والطريقِ الصحيحِ وننتمي إلى أحزابٍ تُفرِّقنا وتشتت شملنا وتزرع العداوة بيننا، هذا لا يجوز أبدًا.
انتهى كلامه حفظه الله.
وصدق الشيخُ - حفظه الله - فهذه البلادُ جماعة واحدة تحت حكم إمام واحد وهو خادمُ الحرمين الشريفين حفظه الله؛ فعلينا أن نعرفَ قدر هذه النعمةِ، وأن نكون يداً واحدة، فلا مكان بيننا للجماعات، والفرق الهالكة، قال ﷺ :
افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة. رواه أبو داود والترمذي.
فالمسلمون سيفترقون - كما أخبر النبيُّ ﷺ على ثلاث وسبعين فرقة لن ينجوَ منها إلا واحدة، وهي الجماعةُ التي هي على سُنة النبي ﷺ.
فنسأل اللهَ أن نكون من هذه الجماعةَ الناجيةَ، وأن يجنبنا سُبُل الضلال.
اللهم اهدنا وسددنا وجنبنا المحرمات والفتن ما ظهر منها وما بطن ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام...