خطبة عن العفاف وإفساد اليهود لها في المجتمعات

 الحمدلله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيُّكم أحسن عملا ، أحمده وهو أهل الحمد في الأرض والسماوات العلى ، وأثني عليه الخير كلَّه وهو القاهر على عرشه أعتلى ، وأصلي وأسلّم على خير الملا نبينا محمدٍ عليه وعلى آله وصحبه والكرام الأُلَى ، وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم المعاد أما بعد : فاتقوا الله - عباد الله - فالتقوى وقاية من المعاصي والمنكرات جلّابٌ للعطايا والخيرات ( ومن يتق الله يجعل له من أمره يُسرا * ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفّر عنه سيئاته ويُعظم له أجرا )  عباد الله : معنى من معاني الفضيلة والرفعة والنزاهة هو عنوان لمن اصطفاهم الله تعالى وشرفٌ للمؤمن وقدسية لنفوس المؤمنين أمر الله به وحذر من الطرق الموصلة لهدمه أو خدش جنابه أو تجفيف منابعه على نطاق الأسرة والمجتمع ألا وهو العفاف وأصل العفاف هو الكف عن مالايحل ويجمُل والعفاف بمعناه الواسع يُطلق على العفاف عن الحرام وأموال الناس وأعراضهم حتى العفاف عن الشبهات التي هي درجةٌ رفيعة أسعد الناس بها المتقون ، وإن أهم العفاف الذي ينبغي أن يعضّ عليه ابن آدم أن يحفظ نفسه من أن يقرب مواقع الخنا ويجتنب كل طريق يُوصل إلى الفاحشة والزنا وهو في شبابه حتى لايتدنس عِرْضُه بالرذيلة والحرام قبل الزواج وأن يُعجّل بالنكاح إن استطاع إلى ذلك سبيلاً ( وليستعفف الذين لايجدون نكاحاً حتى يُغنيَهم الله من فضله . . ) وقال جل وعلا في صفات المؤمنين ( والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ماملكت أيمانُهم فإنهم غير ملُومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) وقال جل وعلا : ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) وتأمل قولَه  جل وعلا : " ولا تقربوا " ولم يقلْ ولا تفعلوا الزنا أو لاتزنوا ؛ لأن قربان الزنا وكل طريق يوصل إليه وإن لم يكن بشكلٍ مباشر هو من خطوات الشيطان ، فهو يتناول كلُ طريق من إطالة الحديث مع النساء والإختلاط والرسائل التي بها رموز غرامية ونحوِ ذلك ، ولذا قال جلا وعلا في سورة النور : ( يا أيها الذين آمنوا لاتتبعوا خطوات الشيطان ومن يتّبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمُنكر . . ) . وكان من جُملة دعاءه عليه الصلاة والسلام : " اللهم إني أسألك الهُدى والتُقى والعفاف والغِنى " ولعل أشهر قصة في العفاف ، قصة نبي الله يوسُفَ عليه السلام حينما همت به امرأة العزيز فعفّ وزكّاه الله ، كيف لا ؟ ! وهو نبي كريم له عند الله مقامٌ سامٍ ومنزلةٌ رفيعة ، فقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام  أنه الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ، ومع كل ماأوتي يوسفَ عليه السلام من كرم نسب وعفّة نفس لم يركُن إلى عفته ونصيبه من الفضيلة ، بل كان يدعو عليه الصلاة والسلام ويقول : ( رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهُن أصب إليهم وأكن من الجاهلين ) .  عباد الله : عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى  سنن الدارمي بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الحياء والعفاف والعي عي اللسان لاعي القلب والفقه من الإيمان ، وهن مما يزدن في الآخرة وينقصن في الدنيا "عباد الله : إن من حفظ نفسه من الفواحش لحريّ أن يسود ويسوّد في الدنيا والآخرة وأما كرامة الله فإن من السبعة الذين يظلهم الله في ظلّه يوم لاظل إلا ظلُّه جل وعلا : " رجلٌ دعته امرأة ذاتُ منصب وجمال فقال إني أخاف الله " وورد في العِقد الفريد لابن عبدربه أن عمر بن الخطاب الخليفة الراشد رضي الله عنه يقول : " المروءة مروءتان : مروءةٌ ظاهرة ومروءة باطنة ، فالمروءة الظاهرة الرِّياش - أي اللباس - والمروءة الباطنة العفاف " وفي الآداب الشرعية لابن مُفلِح عن ابن عمر رضي الله عنه قال : " نحنُ معشر قُريش نعُدُّ الحِلم والجود السؤدد ، ونعدُّ العفاف وإصلاح المال المروءة " ويقول الشافعي رضي الله عنه : " الفضائل أربع : إحداها :  الحكمة وقِوامُها الفكرة ، والثانية : العفّة وقِوامُها الشهوة ، والثالثة : القوّة وقِوامُها الغضب ، والرابعة : العدل وقِوامُهُ في اعتدال قوى النفس " عباد الله : كان الكثير من العرب وهم في جاهليتهم من أعفّ الناس عن الأعراض والرذيلة لأن كثيرٌ منهم يعدون الزنا دناءة وسَفالَة ونقص مروءة ومما ورد في ذلك مارواه ابن عدالبر عن أبي حازم بن دينار قال : " كان أهل الجاهليّة أبرّ منكم ، هذا قائلهم قال - وهو مسكين الدارمي - :
ناري ونارُ الجار واحدةٌ * وإليه قبليْ يُنزلُ القدرُ
ماضرّ جاري إذ أُجاورُه * أن لايكون لُبابُه سترُ
أعمى إذا ماجارتي برزَت * حتى يُواري جارتي الخدرُ
ويقول عنترة بن شداد :
وأغضُ طَرفي إن بدت لي جارتي * حتى يُواري جارتي مأواها
 : ويقول بشار بن بُرد 
وإنّي لعِفٌّ عن زيارة جارتي * وإنّي لمشنوءٌ إليّ اغتيابُها 
إذا غاب عنها بعلُها لم أكن لها * زؤوراً ولم تأنس إليّ كِلابُها 
ولم أك طلّاباً أحاديث سرِّها * ولا عالماً من أيّ حوكِ ثيابِها 
عباد الله : إن ثمار العفاف والعفة المخرج من الشدائد والمِحن وفي السنّة شاهد وهو حديث ابن عمر رضي الله عنه المتفق عليه في الثلاثة نفر الذين انطبقت عليهم الصخرة حينما آووا إلى الغار للمبيت فدعَوا الله بصالح أعمالهم وكان فيهم رجلٌ يحب ابنة عمٍِّ له كأشدّ مايُحب الرجالُ النساء ، فأرادها عن نفسِها فامتنعت فألمت بها سنة من السنين فجاءته فأعطاها عشرين ومائة دينار على أن تُخلّي بينها وبين نفسها ففعلت ، حتى إذا قدرتُ عليها قالت : اتق الله ولاتفض الخاتم إلا بحقه ، فانصرف عنها وهي أحبُ الناس إليّه وترك الذهب الذي أعطاها لها  وقال : " اللهم إن كنت عملت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنّا مانحنُ فيه " فانفرجت الصخرة لما دعوُا الله جميعاً وخرجوا يمشون .
ومن ثمار العفة : سلامة العبد في دينه وأخلاقه وعرضه ، وهذا رأس مال العبد لأنه إذا فسد هؤلاء الثلاث فسد العبد وأفسد المجتمع . . فاللهم سلّم لنا ديننا وأعراضنا وأخلاقنا من المفسدات والدنايا يارب البرايا ياكريم العطايا ، أقول ماسمعتُم وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم . 
================ الخطبة الثانية ================
الحمدلله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى الآل والصحب أجمعين ومن تبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين ، أما بعد : 
عباد الله : إن العفّة والفضيلة تُحارب في بلادنا وفي بلاد المسلمين عامّة ، والغرب يتربص بالأسرة المسلمة الدوائر ، فيُسلّط عليهم كل مجون وانحراف من خلال القنوات أو اللاهثين ورائها من خلال الجوالات ، وهذا ينبغي الحذر منه وتوجيه رب الأسرة لمن تحت يده من النساء والبنات خاصّة لأن المرأة مستهدفة من قِبل أعداء الأسلام من كل حدب وصوب ، لأنهم يعلمون أن الأسرة المسلمة لايُمكن أن تكونَ متماسكة صلبة  تُغيظ الأعداء إلا إذا كان المرأة - والتي هي قاعدة البيت - صالحة في نفسها مُصلحة لشؤون أولادها قائمة على تربيتهم بقيَم الفضيلة والنزاهة والصلاح والإستقامة ، وإذا تحقق ذلك استقامت الأسرة وأثمرت ثماراً يجنيه الوالدين فيما بعد . 
عباد الله : إن أكثر من يقف على قنوات الإفساد في العالم هم اليهود وكذلك أجهزة الإعلام فهم يسيطرون على الكثير منها حول العالم أجمع ولذلك ينظرون أنه لايمكن أن يسيطروا على الشعوب إلا بعد إفسادهم وجعلهم عبيداً للشهوات بداية من الفرد وكذلك الأسرة ونهاية بالمجتمع بأسره ، سعوا لضرب الدول بعضها ببعض ( كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لايُحب المفسدين ) فهم الذين أفسدوا المرأة الأوروبية االمسيحية لتي كان لباسها محتشماً قبل الثورة الفرنسية عن طريق عملاء لهم قبل حوالي قرنين من الزمان فخلعت الحجاب ولبست لباساً يكشف الشعر والوجه وبعض أجزاء الجسم ، مع أن الإنجيل أمرها بعدم كشف شعرها وحذرها من فتنة الرجال ، ولكنّه العمى والضلال ، ومن ثمَّ انتقل اللبس الفاضح المهين للمرأة إلى الدول الأخرى وبهذا يشهد كُتّاب وساسة لديهم بأن اليهود وعملائهم سببٌ لشيوع الرذيلة في المجتمعات الأوروبية ومن يُقارن بحجاب المرأة قبل مائة وخمسين سنة وبين حجابها اليوم في العالم أجمع يجد فرقاً شاسعاً وبوناً عظيماً ، ومن ثمّ بعد ذلك تأثر بعض العلمانيين الذي يعيشون في البلدان الإسلامية بهذا التحوّل الذي يعدونه نورانياً ، وأخذوا يبثونه في مجتمعاتٍ مسلمة ؛ فظهرت ثورات على الحجاب في بعض البلدان الإسلامية وأوقعت معها ضحايا يردن الحريّة - بزعمهن - فصار اللباس العاري منتشراً في كثيرٍ من البلدان العربية والإسلامية ، واليوم يُحظر الحجاب في كثير من الدول الأوروبية والمرأة لديهم رخيصة يجرّونها إلى مواقع الرذيلة والخنا ، ولا تسل عن آثار فقد العفة في تلك المجتمعات وغيرها في الشرق والغرب من كثرة أبناء الزنا والرذيلة والشذوذ الجنسي ، وقتل النساء وانتشار الجريمة بسبب تلك الشهوات ، وكذلك الإنسان يكون ، إذا لم يكن له رادعٌ من دينٍ وخُلقٍ وعفة يكون كالبهيمة أجلّكم الله ( ولقد ذرأنا لجنهم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوبٌ لايفقهون بها ولها أعينٌ لايبصون بها ولهم آذانٌ لايسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) .
ثم صلوا وسلموا على هادي البشرية وصاحب النفس الزكيّة فاللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين .
المشاهدات 557 | التعليقات 0