((خطبة عن الخسوف))
algehani algehani
1440/11/14 - 2019/07/17 17:49PM
خطبة عن الخسوف
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
الحمد لله القائل: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاء أَفَلاَ تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ * وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .
لا شكَّ (عباد الله) أنَّ الشمسَ والقمر من أعظمِ آيات الله -عزّ وجلّ- الدالّةِ على عظيم قدرته
وهذه الآياتُ العظيمة قد اعتاد عليها الناس، وربما غفَل بعضُ الخلق عن التفكُّر فيها، فيُحدِث الله -عزّ وجلّ- عليها من الطواري والحوادِث والتغيُّرات الكونية ما يبعثُ المسلمَ على التفكُّر والتذكّر، فلو اجتمع الإنسُ والجنّ على أن يُغيِّروا من نظام هذا الكون شيئًا لم يستطيعوا، أو على أن يعيدوا للقمَر ضوءَه لم يفلِحوا
في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خسفَت الشمس في عهدِ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فصلّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس، فقام فأطال القيام، ثمّ وصفَت الصلاةَ إلى أن قالت: ثم انصرفَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد انجلتِ الشمس، فخطب الناسَ، فحمِد الله وأثنى عليه، ثم قال: “إنَّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله -عزّ وجلّ-، يخوّف بهما عبادَه، لا يخسِفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبِّروا وصلّوا وتصدّقوا“، ثم قال: “أيّها الناس، والله ما مِن أحدٍ أغير من الله أن يزنيَ عبدُه أو تزني أمتُه، والله لو تعلَمون ما أعلم لضحِكتم قليلاً ولبكَيتم كثيرًا” .
وفي رواية في الصحيحين أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمرهم أن يتعوّذوا بالله من عذاب القبر .
وفي الصحيحين أيضًا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- تقدّم في هذه الصلاة ثم تأخّر، وقال: “إني رأيتُ الجنة، فتناولتُ عنقودًا لو أصبتُه لأكلتم منه ما بقِيت الدنيا، ورأيتُ النار، فما رأيتُ منظرًا كاليوم قطُّ أفظع، ورأيتُ أكثرَ أهلها النساء“، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: “بكفرهِنّ“، قيل: يكفرنَ بالله؟! قال: “يكفرن العشر، ويكفرنَ الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهنّ الدهرَ كلَّه ثم رأَت منك شيئًا قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قطّ”
وفي الصحيحين أيضًا من حديث أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته تلك: “ما من شيء كنتُ لم أره إلا رأيتُه في صلاتي هذه -أو قال:- في موقفي هذا، حتى الجنة والنار، ولقد أوحي إليّ أنكم تفتنون في القبور مثلَ أو قريبًا من فتنة الدجال، يؤتَى أحدُكم فيقال له: ما عِلمُك في هذا الرجل؟ فأما المؤمن -أو الموقن- فيقول: محمد رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، جاءنا بالبينات والهدى، فآمنّا واتبعنا وأجبنا، فيقال: نم صالحًا، قد علِمنا إن كنتَ لموقنًا، وأمّا المنافق -أو المرتاب- فيقول: لا أدري، سمعتُ الناس يقولون شيئًا فقلته” .
وقد بيّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في خطبتِه بعد أن فزع فزعًا شديدًا عندما رأى هذا الخسوفَ للشّمس، حتى أخطأ في الدِّرع -صلى الله عليه وسلم-، وذلك الفزعُ بسبب أنَّ الخسوفَ والكسوف من علامات الساعة ومن علامات العذاب، لذلك سُمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه في سجوده: “يا ربّ، ألم تعدني أن لا تعذِّبهم وأنا فيهم؟!.
فكان يبتهل إلى الله -عز وجلّ- أن لا يُنزل العذابَ بأمته رحمةً منه -صلى الله عليه وسلم بهم.
وذكر -صلى الله عليه وسلم- في خطبتِه بعضَ أحوالِ الآخرة ممّا رآه في صلاته تنبيهًا وتذكيرًا للمؤمنين، فمِن ذلك عذابُ القبر - وبيّن صلى الله عليه وسلم- أنه لا ينجو منه إلاّ من كان مؤمنًا موقنًا، عندها يثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئه فإستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانيه
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَحْمُودِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالصَّلاَةُ وَالسّلامُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَعَلَى الصَّحْبِ والآلِ،
أَمَّا بَعْدُ:عباد الله
في خطبة الخسوف أخبرصلى الله عليه وسلم- أنّ الله -عز وجل- يغضب ويغار عندما تُنتهَك حرماته - وفيه تنبيه على أنّ الخسوفَ والكسوف علامة على الغضَب والعذاب.
وكان مما نبّه عنه صلى الله عليه وسلم( الزنا ) فهو موجِبٌ لغضَب الله -عزّ وجلّ- وأليم عقابه. فالله -عز وجل- يغار ويغضب من انتهاك هذه
الحرمات أو مما أحاط بها من حرمات عندما قال سبحانه: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزّنَى)
حذر جل وعلا من الإقتراب منه بأيِّ حالٍ من الأحوال، سواء كان الوقوع في الزنا أو قربان الزنا، أو أيّ شيء يوصل إلى هذه الفاحشةِ الموجبة لغضب الله -عزّ وجلّ- وسخطه وأليم عقابه.
سواء كانت هذه الأسباب الموصلة إليه اختلاط أو سفور أو تبرّج أو دعوة إلى الرذيلة كما ينادي بذلك الذين يحبّون أن تشيعَ الفاحشة في الذين آمنوا، ومن ذلك الاستهزاء بما أحاط الله -عزّ وجلّ به هذه المحارم، فقد أحاطها عزّ وجلّ- بسياجٍ منيع من الحرمات، فالاستهزاء بذلك وانتهاكُ ذلك موجبٌ لعِقاب الله -عزّ وجلّ-ونقص الأرزاق والخوف وغير ذلك من العقوبات، كلُّ هذا بسبب ذنوب العباد.
ولاتستمعوا (عباد الله) إلى المتحَذلقين ممن يقولون إنّ هذه التغيّرات الكونيةَ لها أسبابٌ طبيعيّة معروفة، وليست بسبب الذنوب، فنقول لهؤلاء الغافلين عن آيات الله -عزّ وجلّ- بأن كونَها معروفةً أو أنّ لها أسبابًا طبيعية لا يخرِجُها من كونها مقدَّرةً من عند الله عزّ وجل، فالله سبحانه هو خالق الأشياء والحوادثِ وأسبابها ومسبّباتها ( إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون) .
ألا وإن كثيراً من أسباب العقوبات وعلامات العذاب قد ظهَرت، فعلى المسلمين جميعًا أن يتوبوا إلى الله -عزّ وجلّ-، وأن يخلِصوا له التوبةَ النصوح، وأن يستغفروه ويتوبوا إليه، فإنّ الله -عزّ وجلّ- يبسُط يدَه بالليل ليتوب مسيء النّهار، ورحمتُه سبحانه وسِعت كلَّ شيء، (وَاللَّهُ يَدْعُواْ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ)
ويقول جل وعلا (قُلْ يا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إنه هو الغفور الرحيم )
ويقول سبحانه
(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء) .
فاللهم لا تؤاخذَنا بذنوبنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السّفهاء منا، وأغفر لنا وأرحمنا إنك أنت الغفور الرحيم .
هذا وصلوا رحمكم الله على إمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين فقد أمركم الله بذلك فقال عز من قائل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وآله الطيبين الطاهرين، .
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشرك والمشركين، ودمّر أعداء الدين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر،
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
(ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار)
(عباد الله) إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي
يعظكم لعلكم تذكرون
فأذكروا الله العظيم الجليل يذكركم
وأشكروه على نعمه يزدكم
ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون