خطبة عن الإخلاص لله تعالى

عبدالله عوض الأسمري
1439/09/11 - 2018/05/26 14:07PM

خطبة عن الإخلاص لله تعالى

الخطبة الأولى

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وبعد ..

اوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

أن الإخلاص لله تعالى من أعظم الأصول في دين الإسلام ويجب تحقيقه في كل العبادات والطاعات لله تعالي والابتعاد عن كل ما يضاد الإخلاص وينافيه من الرياء والسمعة والعجب والتكبر والغرور ولذلك فان الإخلاص في العمل هو أن يقصد به وجه الله عز وجل ولا نقصد مدحاً ولا ثناءً من أحد من الناس ولا شيئاً من أمور الدنيا والحديث في ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " أنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته لله ورسوله فهجرته إلي الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلي ما هاجر إليه " رواه البخاري ومسلم .

عباد الله : إن القلب ملك الجوارح والجوارح تتبع القلب فان صلح القلب صلحت الجوارح كلها وان فسد القلب فسدت الجوارح كلها ومن أجل أعمال القلوب الإخلاص لله تعالي . ولهذا قال سفيان الثوري رحمه الله تعالي : ما عالجت شيئاً عليٌ أشد من نيتي أنها تنقلب عليٌ فالقلوب كثيرة التقلب والتحول في قصدها ونياتها .

وقيل في تعريف الإخلاص : أقوال كثيرة فقال العز بن عبد السلام " الإخلاص أن يفعل المكلف الطاعة خالصة لله وحده لا يريد بها تعظيماً من الناس ولا توفيراً ولا جلب نفع دنيوي ولا دفع ضرر دنيوي " .

وقيل الإخلاص " تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين " أي من الرياء ومدح الناس وقال بعضهم المخلص هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عز وجل ولا يجب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله "

وقال حذيفة: (الإخلاص أن تستوي أفعال العبد في الظاهر والباطن) فصلاته أمام الناس وصلاته لوحده سواء وأما إن كان يصلي أمام الناس بصلاة خاشعة متأنية وصلاته لوحده صلاة غير خاشعة ولا متأنية فصلاته رياء للناس وإذا كان لا يتصدق لوحده لكنه إذا رأي الناس فإنه يحب أن يتصدق أمامهم حتى يمتدحوه ويثنوا عليه ويحب ويرغب في هذا المدح والثناء فإنه قصد بعمله مدح الناس له ودخل في الرياء وذهب الإخلاص ولم يكسب أجراً وهكذا سائر الأعمال إذا قصد مدح الناس له فإنه محبط لعمله ويذهب الأجر إذا بدأ الرياء من أول الطاعة إلي آخرها أما إذا بدأ الطاعة قاصداً وجه الله تعالي ثم طرأ عليه الرياء أثناء الطاعة فإنه يجب عليه أن يكرهه بقلبه هذا المدح أو الإعجاب الذي يأتي القلب فإن لم يكرهه بقلبه وقبله وأحبه فإنه يحبط العمل الذي حصل فيه المدح لأنها لم تكن الطاعة خالصة كاملة لله تعالي .

عباد الله     أن الله أمرنا بالإخلاص في آيات كثيرة منها قوله تعالي : { فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين} سورة غافر 14 وقوله تعالي : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } البينة : 5

*ومن قصص السلف في الإخلاص قال محمد بن واسع رحمه الله : أدركت رجالاً كان الرجل منهم يكون مع امرأته على وسادة واحدة قد بلٌ ما تحته من الدموع لا تشعر به زوجته ,  ولقد أدركت رجالاً يقوم أحدهم في الصف في الصلاة فتسيل دموعه على خده ولا يشعر به الذي بجانبه وذلك لشدة الإخلاص لله تعالي واستشعارهم لعظمة الله تعالى ولما مات علي بن الحسن رضي الله عنه وجدوه يعول مائة بيت في المدينة كان يعطيهم الطعام سراً دون أن يدري به أحد إخلاصاً لله تعالي ولما مات انقطع الطعام عنهم فعرفوا أنه هو الذي كان يعطيهم الطعام .

فرحم الله السلف الصالح ما أشد إخفاءهم لأعمالهم الصالحة وهذا دليل إخلاصهم لله تعالي لأن العمل الصالح كلما كان سراً كان الإخلاص فيه أكثر , نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ونعوذ بالله أن نشرك به ونحن نعلم ونستغفره ما لا نعلم .

أقول ما سمعتم واستغفروا الله العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مبارك فيه والصلاة والسلام على محمد وبعد ...

من علامات الإخلاص لله تعالى أن يستوي عند المخلص رؤية الناس له وهو على الطاعة أو عدم رؤيتهم له وتستوي صلاته وصدقته وعبادته مع الناس أو لوحده فهي سواء ، اما اذا كان عند الناس اجتهد في الطاعة وحسنها وإذا كان لوحده فإنه لا يحسنها فإن هذا يحتاج إلى أن يراجع اخلاصه فقد يكون دخله الرياء والاعجاب .

ومن علامات الإخلاص أن المخلص لله تعالى لا يرغب ولايحب  مدح الناس وثناءهم له بل يكره ذلك بقلبه يقول سيدنا عمر رضي الله عنه : ( تعاهد قلبك ) أي أسال نفسك لا حظ هذا العمل ماذا تريد به؟ ما الخواطر التي تأتيك وانت تعمله ؟ وما الأهداف التي ترغبها من هذا العمل ؟ وما الدوافع والمقاصد التي تقصده من هذا العمل ؟  فإن كنت تريد وجه الله عز وجل والأجر من الله فالحمد لله  وإن كنت تريد هدفا أو ثناء من أحد أو شيئاً من أمور الدنيا نقول عليك التوبة إلى الله وأن تصحح النية لله تعالى وأعلم أن الناس لا ينفعوك .  

الا وصلوا وسلموا على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصبحه وسلم ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) اللهم اعز الإسلام والمسلمين واذل الشرك والمشركين اللهم اغفر لنا ذنوبنا ولوالدينا وجميع المسلمين الأحياء منه والأموات الله اتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين واقم الصلاة.

 

 

 

 

المرفقات

عن-الإخلاص-لله-تعالى

عن-الإخلاص-لله-تعالى

المشاهدات 8327 | التعليقات 0