خطبة عن آداب النزهة

الخطبة الأولى :  

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 أما بعد :

عبادَ الله اشكروا الله على نعمه العظيمة الكثيرة  (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) (النحل : 18 ) ومن نعم الله علينا نعمة نزول الأمطار فنسأله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا المطر صيباً نافعاً ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلها سقيا رحمة لا سقيا بلاء وهدم .

عبادَ الله مع هذه الأجواء الجميلة والربيعية ومع بداية الإجازة الفصلية يكثر تنزه الناس وبعضهم ربما سافر بحثاً عن الربيع والأمطار فعليه أن يتنبه لبعض المسائل المهمة :

فمن هذه المسائل : الإكثار من شكر الله سبحانه وتعالى والله وعد بالزيادة لمن شكر قال تعالى (  لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ  )  .

ومن هذه المسائل : التفكر وهو يتنقل ويرى الأرض كيف أنبتت من كل زوج بهيج وأصبحت فراشاً أخضر بعد ما كانت ميتة أن يتذكر قدرةَ الله سبحانه وتعالى على البعث وإحياء العظام وهي رميم  وهذا الدليل من الأدلة العقلية على قدرة الله سبحانه وتعالى على البعث قال تعالى  (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (فصلت : 39 )

كذلك التفكر في نعيمٍ عظيمٍ وهو نعيم الجنة فأنت يا عبدَ الله وأنت ترى جمال هذه المناظر من أشجارٍ ظليلةٍ وأرضٍ خضراءَ وماءٍ يجري هذا يذكرك بنعيمٍ الجنة فمهما رأت عينك من مناظرَ جميلة فاعلم أن في الجنة نعيم لم تراه عين وفيها نعيم لم تسمع به أذن بل فيها نعيمٌ لم يخطر قلب بشر فقد جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى : أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطرَ على قلبِ بشر .

ومن المسائل المهمة : احرص يا عبدَ الله عند خروجك للنزهة في البر أن تأتي بالأذكار الشرعية التي هي حفظ لك ولأهلك ومن ذلك دعاء السفر إن كنت خارجاً في سفر ومن ذلك دعاء الخروج من المنزل تقول [بسمِ الله توكلتُ على الله ولا حول ولا قوةَ إلا بالله ] ومن ذلك إذا نزلت في مكانٍ تقول دعاء نزول المنزل وهو من أسباب حفظ الله لك فربما يكون هناك حيات أو عقارب أو سباع أو أنفسٌ شريرة من الإنس أو الجن جاء في صحيح مسلم عن خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ، تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ .

ومن المسائل المهمة عبادَ الله  : أنه لا يجوز للمسلم أن يقطع الأودية فإن هذا من  إلقاء النفس إلى التهلكة والله سبحانه وتعالى يقول (( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة : 195 ) ويعظم الإثم إذا كان مع الإنسان أناس آخرين كأولاده وزوجته وغيرهم فلو قطع بهم وماتوا بسبب الغرق فإنه يعتبر من القتل الخطأ وعليه الكفارة وكذلك الدية .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا فيما رزقنا وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .

 

الخطبة الثانية :

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

عبادَ الله من المسائل المهمة : على المسلم إذا خرج للنزهة أن يحذر من أذية الناس وهذا له صور:

من هذه الصورة قضاء الحاجة تحت الأشجار التي يستظل بها الناس أو رمي الزجاج أو بقايا النفايات في هذه الأماكن التي يقصدها المتنزهون وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ» قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» يعني اتقوا الذي يكون سبباً في لعنكم والعياذ بالله  فمن خرج للنزهة يأخذ معه كيساً للنفايات ويجمع ما بقي بعد رحلته ويرميه في أقرب مكان مخصص والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( وإماطةُ الأذى عن الطريقِ صدقة )

ومن صور الأذى : إشعال النار في غير أماكنها المخصصة فهذا فيه أذية لمن يقصد المكان بعده وأمرٌ آخر هذا النار ربما أدت إلى حريق في الأماكن التي يكثر فيها الغطاء النباتي فعليك أن تأخذ معك ما تشعل فيه النار وإذا انتهيت تطفئ هذه النار وتتأكد من عدم تركها مشتعلة .

ومن صور الأذى : أذية الناس المتنزهين برفع أصوات المعازف والموسيقى ويدخل في ذلك الشيلات المصحوبة بمؤثرات موسيقية وهي المنتشرة الآن فهذا من الأذى للمسلمين ومن المجاهرة بالمعصية وقد يعرض نفسه لدعوة أحد المسلمين فتصيبه والعياذ بالله .

ومن المسائل على من خرج للبر أن يحرص على الصلاة في وقتها وإن كانوا اثنين فأكثر فالأذان واجب يؤذنون ويقيمون ويصلون جماعة فإن لم يوجد الماء وليس قريباً يمكن الإتيان به فإن المسلم ينتقل للتيمم قال تعالى ( فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً) (النساء : 43 )

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقني وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأن يجعل ما نزل من مطر صيباً نافعاً .

 

 

المرفقات

1704365561_خطبة عن آداب النزهة.docx

المشاهدات 1201 | التعليقات 0