خطبة: عِبَرٌ وسُلْوَان في مِحْنَةِ السُّودَان

وليد بن محمد العباد
1444/10/21 - 2023/05/11 16:28PM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: عِبَرٌ وسُلوان في محنةِ السّودان

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله

لقد شَهِدَ العالمُ ببالغِ الأسى ما حلَّ بإخوانِنا في السّودان، والذي يَحْزَنُ له كلُّ مسلم، فبلادُ السّودانِ تَرْبِطُها بالأمّةِ روابطُ العِرْقِ والدّين، بلدٌ مباركٌ وشعبٌ طيّبٌ وتاريخٌ مجيد، بلدُ العلمِ والأمانةِ والإيمان، بلدٌ يُشْرِفُ على سبعِ دولٍ متجاورة، وهو همزةُ الوصلِ إلى أفريقيا لنشرِ الإسلامِ وتعاليمِه السّمحة، إنّه مُلتقى النّيليْنِ وبلدُ الثّرواتِ الغذائيّةِ والزّراعيّةِ والحيوانيّة، ولكنْ عندما حَلَّ بينَهم التّنافسُ والتّنازعُ والشّقاق، ذَهَبَ كلُّ شيءٍ (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) فزالَ الأمنُ ودُمّرَتْ مُقوِّماتُ الحياة، ونُهِبَتِ الثّرواتُ والخيرات، ووقعَ الفقرُ والخوفُ وشُرّدَ الأبرياءُ وأُرِيقَتِ الدّماء، فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، واعرفوا قيمةَ ما أنتم فيه مِن نعمةِ الأمنِ والأمان، وحافظوا عليها ففيها قِوَامُ الدّنيا والدّين، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَنْ أَصبحَ منكم آمنًا في سِربِهِ، مُعافًى في جسدِهِ، عندَهُ قوتُ يومِهِ، فَكَأنَّما حِيزتْ لَهُ الدُّنيا. فحافظوا على تلك النّعمةِ بالتّمسّكِ بدينِكم، والطّاعةِ بالمعروفِ لولاةِ أمرِكم، وعدمِ الخروجِ عليهم والحرصِ على الجماعة، فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومَنْ شَذَّ شَذَّ في النّار، وكانَ سببًا للفتنةِ والشّرِّ والدّمار (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) وقد بادرتْ حكومةُ المملكةِ العربيّةِ السّعوديّةِ أيّدَها الله، للوقوفِ بجانبِ الأشّقاءِ في السّودان، والمساهمةِ في حلِّ الأزمةِ منذُ بدايتِها، ثمّ تلا ذلك توجيهٌ كريمٌ مِنْ خادمِ الحرمينِ الشّريفينِ ووليِّ عهدِه وفّقَهم الله، بتقديمِ مساعداتٍ عاجلة، وتنظيمِ حملةٍ شعبيّةٍ مباركة، عن طريقِ مَنَصَّةِ ساهم، لتمكينِ المواطنينَ والمقيمينَ والمحسنين، مِن المساهمةِ في التّبرّعِ للشّعبِ السّودانيِّ الشّقيق، لتخفيفِ معاناتِهم، ومواساتِهم في محنتِهم، ومَدِّ يَدِ العونِ لهم، فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وبادروا في المساهمةِ في تلك الحملةِ المباركة، فقد قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى. وأكثروا لهم ولعمومِ المسلمينَ مِن الدّعاء، أنْ يُصْلِحَ اللهُ حالَهم ويَكْشِفَ عنهم الفتنَ والبلاء، إنّه سميعٌ الدّعاء.

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأصلي وأسلمُ على خاتمِ النبيّين، نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمّا بعد عبادَ الله

اتّقوا اللهَ حقَّ التّقوى (يا أيّها الذينَ آمنوا اتّقوا اللهَ حقَّ تقاتِهِ ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون)

اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، اللهمّ وَفّقْ خادمَ الحرمينِ الشّريفينِ ووليَّ عهدِه بتوفيقِك، وأّيّدْهم بتأييدِك، وأَعْلِ بهم دينَك، اللهمّ وفّقْهم لما فيه صلاحُ العبادِ والبلاد، واجْزِهم عمّا يُقَدّمونَه للإسلامِ والمسلمينَ خيرَ الجزاءِ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، عن بلدِنا وعن سائرِ بلادِ المسلمين، اللهمّ فَرِّجْ عنْ إخوانِنا في السّودان، اللهمّ احفظْهم بحفظِك، واكشفْ عنهم هذه الفتنة، واكفهم شرَّ المفسدين، واجمعْ كلمتَهم على الحقِّ والهُدى والدّين، يا ربَّ العالمين. اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 22/ 10/ 1444هـ

المشاهدات 1772 | التعليقات 0