خطبة عاصفة الحزم للدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي - الجمعة 14/6/1436هــ
د صالح بن مقبل العصيمي
1436/06/12 - 2015/04/01 19:41PM
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ،ونستعينُهُ،ونستغفِرُهُ،ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ،وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللَّهِ، مَا زَالَ الرَّافِضَةُ مُنْذُ الْعَهْدِ الصَّفْوِيِّ ، يَحَلُمُونَ بِإِقَامَةِ إِمْبِرَاطُورِيَّةٍ رَافِضِيَّةٍ مَجُوسِيَّةٍ فَارِسِيَّةٍ ، فِي قَلْبِ الْعَالِمِ الْإِسْلَامِيِّ ؛ وَهُوَ هَدَفٌ بَعيدُ الْمَدَى ، يَشْتَعِلُ وَيَخْمُدُ، يَضْعُفُ وَيَنْشَطُ،حَتَّى سَعَى الْخُومَيْنِيُّ الْهَالِكُ،لِبَعْثِهِ مِنْ جَدِيدٍ. وَمُنْذُ قَامَتْ ثَوْرَتُهُ، مُنْذُ قُرَابَةِ الثَّلَاثِينَ عَامًا؛وَلَا هَمٌّ لِهَذِهِ الطَّائِفَةِ الْمَجُوسِيَّةِ الصَّفْوِيَّةِ الْخَبِيثَةِ؛ إِلَّا السُّنَّةَ وَالْقَضَاءَ عَلَى أَهْلِهَا، وَفِي كُلِّ زَمَنٍ لَهُمْ مُسَمًّى،لَا يُغِيِّرُ مِنَ الْحَقِيقَةِ شَيْئًا؛ فَقَدْ سَعَتْ مَطَامِعُ الصَّفْوِيَّةِ الرَّافِضِيَّةِ لِاِسْتِغْلاَلِ أَوضاعِ الْيَمَنِ،مُنْذُ عَشْرِ سَنَوَاتٍ وَلَكِنْ بِمُسَمًّى جَدِيدٍ؛ وَهُوَ الْحُوثِيَّةُ . وَهِيَ طَائِفَةٌ كَانَتْ فِي بِدَايَتِهَا شِيعِيَّةً زَيْدِيَّةً ، وَلَكِنَّ مَلاَلَي طَهْرَانَ وَقُمْ؛ أَغَرُوهُمْ بِالْأَمْوَالِ،وَقَدَّمُوا لَهُمُ الْمِنَحَ الدِّراسِيَّةَ، وَالتَّسْهِيلَاتِ الْمَالِيَّةَ؛حَتَّى حَوَّلُوهُمْ مِنْ طَائِفَةٍ زَيْدِيَّةٍ شِيعِيَّةٍ، هُمْ أَقُرْبُ لِأَهِلِ السِّنَّةِ مِنْ قُرْبِهِمْ لِلْرَّافِضَةِ، حَوَّلُوهُمْ إِلَى فِرْقَةٍ جَعْفَرِيَّةٍ اِثْنَي عَشْرِيَّةٍ ؛ فَبَاعَتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ دِينَهَا بِدُنْياهَا،وَأَمَانَ بِلَادِهَا لِمَلاَلِيِ إِيرَانَ .
لَقَدِ تَأَسَّسَتْ هَذِهِ الْحَرَكَةُ الْحُوثِيَّةُ الْخَبِيثَةُ، فِي صَعْدَةَ، شَمَالِ الْيَمَنِ، أَسَّسَهَا بَدْرُ الدِّينِ الْحُوثِيُّ ، الَّذِي شَقَّ صَفَّ الطَّائِفَةِ الزَّيْدِيَّةِ، بِسَبَبِ زِيارَاتِهِ الْمُتَكَرِّرَةِ لِإِيرَانَ، وَاِعْتِناقِهِ لِلْمَذْهَبِ الرَّافِضِيِّ،وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِ اِبْنُهُ الْأَكْبَرُ حُسَيْنُ، الَّذِي تَأَثَّرَ بِثَوْرَةِ الْخُومَيْنِيِّ فِي إِيرَانَ، وَعَادَ إِلَى الْيَمَنِ - بَعْدَ دَوَرَاتٍ مُكَثَّفَةٍ - لِيُلْقِيَ عَلَى شَبَابِ صَعْدَهَ الدُّرُوسَ وَالْمُحَاضَرَاتِ،وَأَقَامَ- بِتَمْوِيلٍ صَفْوِي - الْعَشَرَاتِ مِنَ الْمَدَارِسِ ، فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَنَاطِقِ الْيَمَنِيَّةِ؛ فَأَغْرَى آلَافَ الشَّبَابِ بِمَذْهَبِهِ الْجَدِيدِ؛ حَيْثُ وَفَّرَ لَهُمُ السَّكَنَ وَالطّعامَ، وَأَغْرَاهُمْ بِالْأَمْوَالِ، وَأَقَامَ لَهُمُ الدَّوْرَاتِ الْعَلْمِيَّةَ الْمُكَثَّفَةَ،وَخَاصَّةً فِي الْإِجَازَاتِ .
عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ أَهَمِّ الْعَقَائِدِ الَّتِي تَبَنَّاهَا الْمَذْهَبُ الْحُوثِيُّ : الْقَوْلُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مُحَرَّفٌ،وَإِنَّهُ مِنْ تَأْلِيفِ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّ الْقُرْآنَ الْحَقِيقِيَّ؛ هُوَ قُرْآنُ فَاطِمَةَ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،الْمُخَبَّأُ - بِحَسْبِ زَعْمِهِمْ - فِي السِّرْدَابِ، مَعَ الْمَهْدِيِّ الْمَزْعُومِ . وَلِذَا قَامَ الْحُوثُيُّونَ،فِي عَامِ أَلْفٍ،وَأَرْبَعِمَائَةٍ،وَثَلَاثَةٍ، وَثَلاثِينَ؛ مِنَ الْهَجْرَةِ؛ بِتَمْزيقِ آلَافِ الْمَصَاحِفِ،وَدَهْسِهَا بِالْأَقْدَامِ؛ حَيْثُ اِقْتَحَمُوا بَعْضَ دُورِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، وَعَبَثُوا بِكُلِّ الْمُحْتَوَيَاتِ . كَمَا قَامَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الْبَغِيضَةُ بِنَسْفِ الْعَشَرَاتِ مِنَ الْمَسَاجِدِ فِي صَعْدَةَ وَغَيْرِهَا . كَمَا أَنْكَرَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ السَّنَةَ ، وَهَذَا لَيْسَ غَرِيبًا عَلَيهِمْ ؛ فَمَنْ أَنَكِرَ القرآنَ لَنْ يُبَالِيَ بإنكارِ السَّنَةِ . فَبَدْرُ الدِّينِ الْحُوثِيُّ هَاجَمَ الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنَ، فِي كَثِيرٍ مِنْ مُؤَلِّفَاتِهِ، وَاِتَّهَمَ الإمَامَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ: الْبُخَارِيَّ وَمُسَلَّمَ ، رحمَهُمَا اللهُ ، بِالْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللهِ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَيَقُولُ عَدْنَانُ الْجُنَيْدُ، أَحَدُّ عُلَمَائِهِمْ : إِنَّ الرَّسُولَ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ ، لَمْ يَأْتِ إلّا بالقرآنِ . وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ مَا القرآنُ عِنْدَهُمْ ؟! وَلَا يَخْفَى عَلَى مُسْلِمٍ أَنْ إنكارَ السَّنَةِ كُفْرٌ ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهَا لَمْ يُؤْمِنْ بالقرآنِ ، قَالَ تَعَالَى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). لَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ مُفَصِّلَةً لِمَا أُجْمِلَ فِي القرآنِ ؛ وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ عَرَفَنَا الصَّلَوَاتِ : أَعْدَادَهَا ، وأوقَاتِها ، وَالزَّكَواتِ : أَنْصِبَتَهَا ، وَمَقَادِيرَهَا ، وَالْحَجَّ : أَرْكَانَهُ ، وَتَفَاصِيلَهُ ؟ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَحْكَامِ . بَلْ وَقَعَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ فِي الشِّرْكِ الأَكْبَرِ، عِنْدَمَا عَبْدَ أَتْبَاعُهَا الأَضْرِحَةَ،وَالْقُبُورَ،وَاِسْتَغَاثُوا بِالأَمْوَاتِ، وَأَحَلُّوْا كَبِيرَةَ الزِّنَا بِاسْمِ الْمُتْعَةِ؛فَالتَّمَتُّعُ بِالنِّساءِ؛ مَا كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ أَهْلِ الْيَمَنِ،وَلَا عِنْدَ زَيْدِيَّتِهِمْ، أَعْدَلِ فِرَقِ الشِّيعَةِ . وَلَكِنَّ بَدْرَ الدِّينِ الْحُوثِيَّ، أَفْتَى لَهُمْ بِالْمُتْعَةِ،بَلْ وَحَثَّ مُقَاتِلِيهِ عَلَى التَّمَتُّعِ،وَقَالَ بِأَنَّ التَّمَتُّعَ مَعَ مُجَاهِدِيِهِ - وَإِنْ شِئْتَ قُلْ إِرْهَابِيِّيهِ- أَكْثَرُ ثَوابًا مِنَ التَّمَتُّعِ مَعَ غَيْرِهِمْ . وَأَمَّا عَنِ اِسْتِبَاحَتِهِمْ لأَعرَاضِ صَحَابَةِ النَّبِيِّ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلْمَ؛فَحَدِّثْ، وَلَا حَرَجَ؛ حَتَّى قَالَ بَدْرُ الدِّينِ الحوثِيُّ : أَنَا أُؤْمِنُ بِتَكْفيرِهِمْ . وَقَالَ الْهَالِكُ الحوثِيُّ الْخَبِيثُ : كُلُّ سَيِّئَةٍ فِي هَذِهِ الأمَّةِ، وَكُلُّ ظُلْمٍ وَقَعَ لَهَا،وَكُلُّ مُعَانَاتِهَا؛ مَسْؤُولٌ عَنْهَا أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ،وَعُثْمَانُ . وَقَالُوا كَلاَمًا بَشِعًا،عَنْ خِيرَةِ صَحَابَةِ أَحْمَدَ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ تَأْبَى النُّفُوسُ الْمُؤْمِنَةُ سَمَاعَهُ. هَذِهِ هِيَ أَخْلَاقُ الْحُوثِيِّينَ مَعَ الْجِيلِ الْعَظِيمِ :
قُلْ خَيْرَ قَوْلٍ فِي صَحَابَةِ أَحَمْدَ وَاِمْدَحْ جَمِيعَ الآلِ وَالنِّسْوَانِ
وَمِنْ عَقَائِدِ الحوثيينَ:خُرُوجُ الْمَهْدِيِّ المُنتَظَرِ،وَالَّذِي مِنْ أَهَمِّ أَهدَافِهِ عِنْدَ الرَّافِضَةِ- قَاتَلَهُمُ اللهُ- كَمَا فِي الأنوَارِ : هَدْمُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ .
عِبَادَ اللَّهِ،إِنَّ الْفِرْقَةَ الحوثِيَّةَ؛ فِرْقَةٌ إِرْهَابِيَّةٌ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ بِقَتْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ حَتَّى قَالَ مُحَافِظُ الحوثيينَ فِي صَعْدَةَ : أَهْلُ السُّنَّةِ نَوَاصِبُ، وَقتلُهُمْ قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ .
وَ مُنْذُ نَشْأَةِ هَذِهِ الطَّائِفَةَ؛لَا هَمَّ لَهَا إِلَّا ضَرْبَ الْمَسَاجِدِ بِالصَّوَارِيخِ، وَهَدْمَهَا عَلَى رُؤُوسِ أَهْلِهَا، وَوصَلَ بِهُمُ الْحَالُ إِلَى أَنَّهُمْ حَوَّلُوا جُزْءًا مِنْ مَسْجِدِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى مُجْتَمَعٍ لِتَنَاوَلِ الْقَاتِ، وَمُشَاهَدَةِ الْقَنَوَاتِ . وَجَرَائِمُهُمْ فِي (دمَاجْ) لَا تَخْفَى عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ لَبِيبٍ؛ فَهَدَّمُوا الْمَسَاجِدَ ، وَمِنْهَا مَسْجِدُ أَحَدِ مُحَدِّثِيِ الْعَصْرِ؛الْعَلاَّمَةِ: مُقْبِلِ الْوَادِعِيِّ-رحمَهُ اللَّهُ- حَيْثُ قَصَفُوهُ بِالصَّوَارِيخِ، وَأَفْسَدُوا بُنْيانَهُ ؛ فَأَهَانُوا بُيُوتَ اللَّهِ، وَعَطَّلُوا الْمَسَاجِدَ مِنْ الصَّلَوَاتِ ، قَالَ تَعَالَى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة : 114 ) . وَاِسْتَبَاحُوا الدِّماءَ الزَّكِيَّةَ لِأَهْلِ (دِمَاج)،بَلَدِ الْعَلْمِ وَالْحَدِيثِ ، بَلْ وَمَنَعُوهُمْ مِنَ الْحَجِّ . وَلَا يَخْفَى سَعُيهُمْ - مُنْذُ سنواتٍ- لاِشْعَالِ حَرْبٍ مَعَ بِلادِنَا، فِي مَوْسِمِ الْحَجِّ، بَلْ وَمَدْحَ حُسَينُ الْحُوثِيُّ، الْجَرِيمَةَ الَّتِي أَقدمَ عَلَيهَا الْخُومَيْنِيُّ، فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ الشَّرِيفِ،وَقَالَ: إِنَّ الْخُومَيْنِيَّ هُوَ الَّذِي عَرَفَ الْحَجِّ بِمَعْنَاهُ، وَعرفَ كَيْفَ يَتَعَامَلُ مَعَ الْحَجِّ .
عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ اِرْتِبَاطَ الْحٌوثِيينَ بِإيرانَ، وَفِكْرِهُمُ الرَّافِضِيِّ الْجَعْفَرِيِّ ؛ اِرْتِبَاطٌ وَثِيقٌ ، لَا يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ لَبِيبٍ، بَدَأَ مِنْ حِينِ قَامَ بَدْرُ الدِّينِ الحُوثِيُّ - عَلَيهِ مِنَ اللهِ مَا يَسْتَحِقُّ- بِزِيارَةِ طِهْرَانَ، وَمَكْثَ فِيهَا سَنَوَاتٍ، فَرَضَعُ أَفْكَارَهُمْ ، وتَشَرَّبَ مُعْتَقَدَاتِهِمْ . وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ،وَهُوَ يَنْشُرُ ثَوْرَتَهُمْ، وَيُخَطِّطُ لِنَشِرِ هَذَا الْمَذْهَبِ الْفَاسِدِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَرَسَائِلُهُ مَعَ آياتِ إِيرانَ مَعْرُوفَةٌ وَمَشْهُورَةٌ . لَقَدْ اِسْتَغْلَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ أَوْجَاعَ أَهَالِي الْيمنِ،الْاِقْتِصَادِيَّةَ وَالْقُبَلِيَّةَ،وَأَطْمَاعَ بَعْضِ مَنْ بَاعُوا دِيَنَهُمْ مِنْ أَهْلِهَا؛بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ؛ حَتَّى اِسْتَوْلَوا عَلَى غَالِبِ دِيَارِهِمْ ؛ فَطَمُوحُهُمْ لَنْ يَنْتَهِيَ إِلَّا بِهِدْمِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ . وَكَانَتْ ثَالِثَةُ الأَثَافِي؛ خُرُوجُهُمُ الْمُسَلَّحُ عَلَى حَاكِمِ بِلَادِهِمْ ، وَاِسْتِيلَاؤُهُمْ -بِقُوَّةِ السِّلاَحِ- عَلَى مُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَةِ. لَقَدْ خَرَجَتِ الأَفَاعِي مِنْ جُحُورِهَا تَسْعَى ؛لِتَنْفُثَ سُمُومَهَا فِي جَسَدِ هَذَا الْبَلَدِ، الَّذِي كَانَ آمِنًا مُطْمَئِنًا؛ فَكَانَ لاَبُدَ لِهَذِهِ الأَفَاعِي أَنْ تَعُوَدَ إِلَى جُحُورِهَا؛ حينما اِسْتَعَانَتْ الْيَمَنُ - بَعْدَ اِسْتِعانَتِهَا بِاللهِ- بِحامِيةِ الدِّيَارِ الإِسْلَامِيَّةِ الْمَمْلَكَةِ الْعُرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ -حَرَسَهَا اللهِ- لإنْقَاذِهِمْ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الْفِرْقَةِ ؛ فَاِسْتَجَابَتْ الْمَمْلَكَةُ الْعُرَبِيَّةُ السُّعُودِيَّةُ لِهَذَا النِّدَاءِ، قَالَ تَعَالَى : (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) . لَقَدْ سَجَّلَ التَّارِيخُ بِمِدَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، لِحَكِيمِ وَحَاكِمِ بِلَادِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، الْمَلِكِ سَلْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ- سَلَّمَهُ اللهُ وَحَفِظَهُ - مَوْقَفَهُ التَّارِيخِيَّ الْحَازِمَ وَالْحَاسِمَ، مِنْ الْبُغَاةِ الْحُوثِيِّينَ، الَّذِينَ بَغَوا عَلَى أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحِكْمَةِ، فِي دَوْلَةِ الْيَمَنِ الشَّقِيقَةِ العَزِيزَةِ؛فَعَاثُوا فِيهَا فَسَادًا وَإِفْسَادًا؛ فَرَوَّعُوا الْآمِنِينَ، وَقَتَّلُوا الرُّكَعَ السَّاجِدِينَ، وَهَدَّمُوا الْمَسَاجِدَ وَالْمَدَارِسَ؛ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْ شَرِّهِمُ الصِّغَارُ وَ الْكِبَارُ، الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ، وَقَدْ نَصَحَهُمْ عَنْ غِيِّهِمُ النَّاصِحُونَ ، وَحَذَّرَهَمْ مِنْ مَغَبَّةِ فِعْلِهِمُ الْمُخْلِصُونَ، وَدَعَاهُمْ لِلسِّلْمِ الْمُسَالِمُونَ؛ وَلَكِنَّهُمْ أَبَوا إِلَّا عُلُوًّا وِاِسْتِكْبَارًا .
لَقَدْ بَاعُوا دِينَهُمْ وَبِلَادَهُمْ لِقُوَىً خَارِجِيَّةٍ؛ فَأَصْبَحُوا عُمَلَاءَ ، خَوَنَةَ لِلدِّينِ وَلِلْوَطَنِ ؛ فَكَانَ لاَبُدَّ مِنْ قَرَارٍ حَازِمٍ حَاسِمٍ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَصْدُرَ - بَعْدَ تَوْفِيقِ اللهِ- إِلَّا مِنْ مَلِكٍ حَازِمٍ حَكِيمٍ ؛ فَكَانَ الْقَرَارُ الْمُسَدِّدُ مِنْ مَلِيكِنَا،وَوَلِيِّ أَمْرِنَا - سَلَمَهُ اللهُ- ذَلِكَ الْقَرَارُ الَّذِي وَحَّدَ الدُّوَلَ الْعَرَبِيَّةَ وَالْإِسْلَامِيَّةَ فِي وَحْدَةٍ فَرِيدَةٍ، قَلَّ نَظِيرُهَا فِي الْعُقُودِ الْمُتَأَخِّرَةِ؛فَالتَفَّ حَوْلَ الْمَمْلَكَةِ الْعُرْبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ -حَرَسَهَا اللهِ- دُوَلُ الْخَلِيجِ،وَعَامَّةُ الدُّوَلِ الْعُرْبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ؛ لِإِنْقَاذِ الْيَمَنِ مِنَ الْمَتَاعِبِ،وَتَخْلِيصِهَا مِنَ الْمَصَاعِبِ،وَإِيقَافِ تَتَرَةِ الْعَصْرِ عِنْدَ حَدِّهِمْ،وَوِقَايَةِ دُوَلِ الْخَلِيجِ مِنْ شَرِّهِمْ ، وَحِمَايَةِ الْمُقَدِّسَاتِ الإِسلَامِيَّةِ مِنْ بَطْشِهِمْ، وَحِمَايَةِ أَبْنَاءِ الْيمَنِ مِنَ: الْقَتْلِ،وَالتَّشْرِيدِ ، وَالتَّرْوِيعِ،وَالتَّخْوِيفِ،وَالتَّجْوِيعِ؛وَلِذَا فَإِنَّ كُلَّ عَاقِلٍ مُخْلِصٍ،وَغَيُورٍ عَلَى دِينِهِ ؛لِيَقِفُ مَعَ قَرَارِ الْحَرْبِ،وَعَاصِفَةِ الْحَزْمِ؛نُصْرَةً،وتَأْيِيدًا،وَمَهَابَةً،وَإِجْلَالًا.
نَصَرَنَا اللهُ عَلَى الْمُعْتَدِينَ الْبَاغِينَ،وَحَفِظَ لَنَا الْأَمْنَ،وَالْأَمَانَ؛إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوه.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ الْعَاصِفَةَ الَّتِي أَعَزَّ اللهِ بِهَا السَّنَّةَ، وَقَمَعَ بِهَا الْبِدْعَةَ، وَأَخْمَدَ بِهَا الْفِتْنَةَ، تَسْعَى لِتَخْلِيصِ الْيَمَنِ مِنْ شَرٍّ أَحَاطَ بِهَا،حَيْثُ كَانَتْ عَلَى وَشْكِ التَّفَرُّقِ، وَالتَّشَتُّتِ ، وَالتَّشَرْذُمِ،فَسَلَّمَهَا اللهُ مِنْ هَذَا الشَّرِّ . وَلَقَدْ زادَ هَذَا الْقرارُ مِنْ تَقْدِيرِ كَافَّةِ الدُّوَلِ،لِلْمَمْلَكَةِ الْعُرْبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ، وَأَثْبَتَ بِحَقِّ أَنَّهَا قَائِدَةُ الْعَالِمِ الإِسْلَامِيِّ وَلَا رِيَبَ . وَلَمْ لَا، وَقَدْ خَصَّهَا اللهِ بِخَدَمَةِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ ؟ ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مِنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ).
عِبَادَ اللَّهِ، لَقَدْ سَعِدَتْ الأَنْفُسُ الْخَائِفَةُ، وَاِطْمَأَنَّتِ الْقُلُوبُ الْوَجِلَةُ الْوَاجِفَةُ،وَاِرْتَفَعَتْ مَعْنَوِيَّاتُ أَهَالِي هَذِهِ الْبِلَادِ؛ وَهِيَ تَرَى الْعِزَّةَ فِي ( عَاصِفَةِ الْحَزْمِ )،عَلَى أَرَضِ الْوَاقِعِ؛ وَلَيْسَتْ شِعَارَاتٍ تُرَدُّدُ .إِنَّ رَايَةَ هَذَا الْجِهَادِ الْمُقَدَّسِ،مِنْ أَكْثَرِ رَايَاتِ الْجِهَادِ فِي هَذَا الْعَصْرِ وُضُوحًا؛فَهِي تَحْتَ قِيَادَةِ وَلِيِّ أَمْرٍ،مَعَ وِحْدَةِ صَفٍّ،أَيَّدَهُ الْعُلَمَاءُ فِي كَافَّةِ الصِّقَاعِ وَالْبِقاعِ . وَإِنِّي لَأَبْتَهِلُ إِلَى اللهِ الْعَلِيِّ الْقَدِيرِ؛أَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا مِنْ كُلِّ شَرِّ، وَأَنْ يَقِيهَا الْفِتَنَ: مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَمَا بَطَنَ،وَسَائِرَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُعِيدَ الْأَمْنَ،وَالْأَمَانَ،وَالْاِسْتِقْرَارَ؛ لِبِلَادِ الْيَمَنِ،وَسَائِرِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ .
الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ,وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا,لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى،وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى،الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ،الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ،وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ،الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ،«اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ». اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ،وَأَوْلَادَهُمْ،وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ،وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ،وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
إنَّ الحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ،ونستعينُهُ،ونستغفِرُهُ،ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ،وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللَّهِ، مَا زَالَ الرَّافِضَةُ مُنْذُ الْعَهْدِ الصَّفْوِيِّ ، يَحَلُمُونَ بِإِقَامَةِ إِمْبِرَاطُورِيَّةٍ رَافِضِيَّةٍ مَجُوسِيَّةٍ فَارِسِيَّةٍ ، فِي قَلْبِ الْعَالِمِ الْإِسْلَامِيِّ ؛ وَهُوَ هَدَفٌ بَعيدُ الْمَدَى ، يَشْتَعِلُ وَيَخْمُدُ، يَضْعُفُ وَيَنْشَطُ،حَتَّى سَعَى الْخُومَيْنِيُّ الْهَالِكُ،لِبَعْثِهِ مِنْ جَدِيدٍ. وَمُنْذُ قَامَتْ ثَوْرَتُهُ، مُنْذُ قُرَابَةِ الثَّلَاثِينَ عَامًا؛وَلَا هَمٌّ لِهَذِهِ الطَّائِفَةِ الْمَجُوسِيَّةِ الصَّفْوِيَّةِ الْخَبِيثَةِ؛ إِلَّا السُّنَّةَ وَالْقَضَاءَ عَلَى أَهْلِهَا، وَفِي كُلِّ زَمَنٍ لَهُمْ مُسَمًّى،لَا يُغِيِّرُ مِنَ الْحَقِيقَةِ شَيْئًا؛ فَقَدْ سَعَتْ مَطَامِعُ الصَّفْوِيَّةِ الرَّافِضِيَّةِ لِاِسْتِغْلاَلِ أَوضاعِ الْيَمَنِ،مُنْذُ عَشْرِ سَنَوَاتٍ وَلَكِنْ بِمُسَمًّى جَدِيدٍ؛ وَهُوَ الْحُوثِيَّةُ . وَهِيَ طَائِفَةٌ كَانَتْ فِي بِدَايَتِهَا شِيعِيَّةً زَيْدِيَّةً ، وَلَكِنَّ مَلاَلَي طَهْرَانَ وَقُمْ؛ أَغَرُوهُمْ بِالْأَمْوَالِ،وَقَدَّمُوا لَهُمُ الْمِنَحَ الدِّراسِيَّةَ، وَالتَّسْهِيلَاتِ الْمَالِيَّةَ؛حَتَّى حَوَّلُوهُمْ مِنْ طَائِفَةٍ زَيْدِيَّةٍ شِيعِيَّةٍ، هُمْ أَقُرْبُ لِأَهِلِ السِّنَّةِ مِنْ قُرْبِهِمْ لِلْرَّافِضَةِ، حَوَّلُوهُمْ إِلَى فِرْقَةٍ جَعْفَرِيَّةٍ اِثْنَي عَشْرِيَّةٍ ؛ فَبَاعَتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ دِينَهَا بِدُنْياهَا،وَأَمَانَ بِلَادِهَا لِمَلاَلِيِ إِيرَانَ .
لَقَدِ تَأَسَّسَتْ هَذِهِ الْحَرَكَةُ الْحُوثِيَّةُ الْخَبِيثَةُ، فِي صَعْدَةَ، شَمَالِ الْيَمَنِ، أَسَّسَهَا بَدْرُ الدِّينِ الْحُوثِيُّ ، الَّذِي شَقَّ صَفَّ الطَّائِفَةِ الزَّيْدِيَّةِ، بِسَبَبِ زِيارَاتِهِ الْمُتَكَرِّرَةِ لِإِيرَانَ، وَاِعْتِناقِهِ لِلْمَذْهَبِ الرَّافِضِيِّ،وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِ اِبْنُهُ الْأَكْبَرُ حُسَيْنُ، الَّذِي تَأَثَّرَ بِثَوْرَةِ الْخُومَيْنِيِّ فِي إِيرَانَ، وَعَادَ إِلَى الْيَمَنِ - بَعْدَ دَوَرَاتٍ مُكَثَّفَةٍ - لِيُلْقِيَ عَلَى شَبَابِ صَعْدَهَ الدُّرُوسَ وَالْمُحَاضَرَاتِ،وَأَقَامَ- بِتَمْوِيلٍ صَفْوِي - الْعَشَرَاتِ مِنَ الْمَدَارِسِ ، فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَنَاطِقِ الْيَمَنِيَّةِ؛ فَأَغْرَى آلَافَ الشَّبَابِ بِمَذْهَبِهِ الْجَدِيدِ؛ حَيْثُ وَفَّرَ لَهُمُ السَّكَنَ وَالطّعامَ، وَأَغْرَاهُمْ بِالْأَمْوَالِ، وَأَقَامَ لَهُمُ الدَّوْرَاتِ الْعَلْمِيَّةَ الْمُكَثَّفَةَ،وَخَاصَّةً فِي الْإِجَازَاتِ .
عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ أَهَمِّ الْعَقَائِدِ الَّتِي تَبَنَّاهَا الْمَذْهَبُ الْحُوثِيُّ : الْقَوْلُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مُحَرَّفٌ،وَإِنَّهُ مِنْ تَأْلِيفِ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّ الْقُرْآنَ الْحَقِيقِيَّ؛ هُوَ قُرْآنُ فَاطِمَةَ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،الْمُخَبَّأُ - بِحَسْبِ زَعْمِهِمْ - فِي السِّرْدَابِ، مَعَ الْمَهْدِيِّ الْمَزْعُومِ . وَلِذَا قَامَ الْحُوثُيُّونَ،فِي عَامِ أَلْفٍ،وَأَرْبَعِمَائَةٍ،وَثَلَاثَةٍ، وَثَلاثِينَ؛ مِنَ الْهَجْرَةِ؛ بِتَمْزيقِ آلَافِ الْمَصَاحِفِ،وَدَهْسِهَا بِالْأَقْدَامِ؛ حَيْثُ اِقْتَحَمُوا بَعْضَ دُورِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، وَعَبَثُوا بِكُلِّ الْمُحْتَوَيَاتِ . كَمَا قَامَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الْبَغِيضَةُ بِنَسْفِ الْعَشَرَاتِ مِنَ الْمَسَاجِدِ فِي صَعْدَةَ وَغَيْرِهَا . كَمَا أَنْكَرَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ السَّنَةَ ، وَهَذَا لَيْسَ غَرِيبًا عَلَيهِمْ ؛ فَمَنْ أَنَكِرَ القرآنَ لَنْ يُبَالِيَ بإنكارِ السَّنَةِ . فَبَدْرُ الدِّينِ الْحُوثِيُّ هَاجَمَ الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنَ، فِي كَثِيرٍ مِنْ مُؤَلِّفَاتِهِ، وَاِتَّهَمَ الإمَامَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ: الْبُخَارِيَّ وَمُسَلَّمَ ، رحمَهُمَا اللهُ ، بِالْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللهِ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَيَقُولُ عَدْنَانُ الْجُنَيْدُ، أَحَدُّ عُلَمَائِهِمْ : إِنَّ الرَّسُولَ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ ، لَمْ يَأْتِ إلّا بالقرآنِ . وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ مَا القرآنُ عِنْدَهُمْ ؟! وَلَا يَخْفَى عَلَى مُسْلِمٍ أَنْ إنكارَ السَّنَةِ كُفْرٌ ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهَا لَمْ يُؤْمِنْ بالقرآنِ ، قَالَ تَعَالَى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). لَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ مُفَصِّلَةً لِمَا أُجْمِلَ فِي القرآنِ ؛ وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ عَرَفَنَا الصَّلَوَاتِ : أَعْدَادَهَا ، وأوقَاتِها ، وَالزَّكَواتِ : أَنْصِبَتَهَا ، وَمَقَادِيرَهَا ، وَالْحَجَّ : أَرْكَانَهُ ، وَتَفَاصِيلَهُ ؟ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَحْكَامِ . بَلْ وَقَعَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ فِي الشِّرْكِ الأَكْبَرِ، عِنْدَمَا عَبْدَ أَتْبَاعُهَا الأَضْرِحَةَ،وَالْقُبُورَ،وَاِسْتَغَاثُوا بِالأَمْوَاتِ، وَأَحَلُّوْا كَبِيرَةَ الزِّنَا بِاسْمِ الْمُتْعَةِ؛فَالتَّمَتُّعُ بِالنِّساءِ؛ مَا كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ أَهْلِ الْيَمَنِ،وَلَا عِنْدَ زَيْدِيَّتِهِمْ، أَعْدَلِ فِرَقِ الشِّيعَةِ . وَلَكِنَّ بَدْرَ الدِّينِ الْحُوثِيَّ، أَفْتَى لَهُمْ بِالْمُتْعَةِ،بَلْ وَحَثَّ مُقَاتِلِيهِ عَلَى التَّمَتُّعِ،وَقَالَ بِأَنَّ التَّمَتُّعَ مَعَ مُجَاهِدِيِهِ - وَإِنْ شِئْتَ قُلْ إِرْهَابِيِّيهِ- أَكْثَرُ ثَوابًا مِنَ التَّمَتُّعِ مَعَ غَيْرِهِمْ . وَأَمَّا عَنِ اِسْتِبَاحَتِهِمْ لأَعرَاضِ صَحَابَةِ النَّبِيِّ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلْمَ؛فَحَدِّثْ، وَلَا حَرَجَ؛ حَتَّى قَالَ بَدْرُ الدِّينِ الحوثِيُّ : أَنَا أُؤْمِنُ بِتَكْفيرِهِمْ . وَقَالَ الْهَالِكُ الحوثِيُّ الْخَبِيثُ : كُلُّ سَيِّئَةٍ فِي هَذِهِ الأمَّةِ، وَكُلُّ ظُلْمٍ وَقَعَ لَهَا،وَكُلُّ مُعَانَاتِهَا؛ مَسْؤُولٌ عَنْهَا أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ،وَعُثْمَانُ . وَقَالُوا كَلاَمًا بَشِعًا،عَنْ خِيرَةِ صَحَابَةِ أَحْمَدَ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ تَأْبَى النُّفُوسُ الْمُؤْمِنَةُ سَمَاعَهُ. هَذِهِ هِيَ أَخْلَاقُ الْحُوثِيِّينَ مَعَ الْجِيلِ الْعَظِيمِ :
قُلْ خَيْرَ قَوْلٍ فِي صَحَابَةِ أَحَمْدَ وَاِمْدَحْ جَمِيعَ الآلِ وَالنِّسْوَانِ
وَمِنْ عَقَائِدِ الحوثيينَ:خُرُوجُ الْمَهْدِيِّ المُنتَظَرِ،وَالَّذِي مِنْ أَهَمِّ أَهدَافِهِ عِنْدَ الرَّافِضَةِ- قَاتَلَهُمُ اللهُ- كَمَا فِي الأنوَارِ : هَدْمُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ .
عِبَادَ اللَّهِ،إِنَّ الْفِرْقَةَ الحوثِيَّةَ؛ فِرْقَةٌ إِرْهَابِيَّةٌ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ بِقَتْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ حَتَّى قَالَ مُحَافِظُ الحوثيينَ فِي صَعْدَةَ : أَهْلُ السُّنَّةِ نَوَاصِبُ، وَقتلُهُمْ قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ .
وَ مُنْذُ نَشْأَةِ هَذِهِ الطَّائِفَةَ؛لَا هَمَّ لَهَا إِلَّا ضَرْبَ الْمَسَاجِدِ بِالصَّوَارِيخِ، وَهَدْمَهَا عَلَى رُؤُوسِ أَهْلِهَا، وَوصَلَ بِهُمُ الْحَالُ إِلَى أَنَّهُمْ حَوَّلُوا جُزْءًا مِنْ مَسْجِدِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى مُجْتَمَعٍ لِتَنَاوَلِ الْقَاتِ، وَمُشَاهَدَةِ الْقَنَوَاتِ . وَجَرَائِمُهُمْ فِي (دمَاجْ) لَا تَخْفَى عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ لَبِيبٍ؛ فَهَدَّمُوا الْمَسَاجِدَ ، وَمِنْهَا مَسْجِدُ أَحَدِ مُحَدِّثِيِ الْعَصْرِ؛الْعَلاَّمَةِ: مُقْبِلِ الْوَادِعِيِّ-رحمَهُ اللَّهُ- حَيْثُ قَصَفُوهُ بِالصَّوَارِيخِ، وَأَفْسَدُوا بُنْيانَهُ ؛ فَأَهَانُوا بُيُوتَ اللَّهِ، وَعَطَّلُوا الْمَسَاجِدَ مِنْ الصَّلَوَاتِ ، قَالَ تَعَالَى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة : 114 ) . وَاِسْتَبَاحُوا الدِّماءَ الزَّكِيَّةَ لِأَهْلِ (دِمَاج)،بَلَدِ الْعَلْمِ وَالْحَدِيثِ ، بَلْ وَمَنَعُوهُمْ مِنَ الْحَجِّ . وَلَا يَخْفَى سَعُيهُمْ - مُنْذُ سنواتٍ- لاِشْعَالِ حَرْبٍ مَعَ بِلادِنَا، فِي مَوْسِمِ الْحَجِّ، بَلْ وَمَدْحَ حُسَينُ الْحُوثِيُّ، الْجَرِيمَةَ الَّتِي أَقدمَ عَلَيهَا الْخُومَيْنِيُّ، فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ الشَّرِيفِ،وَقَالَ: إِنَّ الْخُومَيْنِيَّ هُوَ الَّذِي عَرَفَ الْحَجِّ بِمَعْنَاهُ، وَعرفَ كَيْفَ يَتَعَامَلُ مَعَ الْحَجِّ .
عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ اِرْتِبَاطَ الْحٌوثِيينَ بِإيرانَ، وَفِكْرِهُمُ الرَّافِضِيِّ الْجَعْفَرِيِّ ؛ اِرْتِبَاطٌ وَثِيقٌ ، لَا يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ لَبِيبٍ، بَدَأَ مِنْ حِينِ قَامَ بَدْرُ الدِّينِ الحُوثِيُّ - عَلَيهِ مِنَ اللهِ مَا يَسْتَحِقُّ- بِزِيارَةِ طِهْرَانَ، وَمَكْثَ فِيهَا سَنَوَاتٍ، فَرَضَعُ أَفْكَارَهُمْ ، وتَشَرَّبَ مُعْتَقَدَاتِهِمْ . وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ،وَهُوَ يَنْشُرُ ثَوْرَتَهُمْ، وَيُخَطِّطُ لِنَشِرِ هَذَا الْمَذْهَبِ الْفَاسِدِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَرَسَائِلُهُ مَعَ آياتِ إِيرانَ مَعْرُوفَةٌ وَمَشْهُورَةٌ . لَقَدْ اِسْتَغْلَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ أَوْجَاعَ أَهَالِي الْيمنِ،الْاِقْتِصَادِيَّةَ وَالْقُبَلِيَّةَ،وَأَطْمَاعَ بَعْضِ مَنْ بَاعُوا دِيَنَهُمْ مِنْ أَهْلِهَا؛بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ؛ حَتَّى اِسْتَوْلَوا عَلَى غَالِبِ دِيَارِهِمْ ؛ فَطَمُوحُهُمْ لَنْ يَنْتَهِيَ إِلَّا بِهِدْمِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ . وَكَانَتْ ثَالِثَةُ الأَثَافِي؛ خُرُوجُهُمُ الْمُسَلَّحُ عَلَى حَاكِمِ بِلَادِهِمْ ، وَاِسْتِيلَاؤُهُمْ -بِقُوَّةِ السِّلاَحِ- عَلَى مُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَةِ. لَقَدْ خَرَجَتِ الأَفَاعِي مِنْ جُحُورِهَا تَسْعَى ؛لِتَنْفُثَ سُمُومَهَا فِي جَسَدِ هَذَا الْبَلَدِ، الَّذِي كَانَ آمِنًا مُطْمَئِنًا؛ فَكَانَ لاَبُدَ لِهَذِهِ الأَفَاعِي أَنْ تَعُوَدَ إِلَى جُحُورِهَا؛ حينما اِسْتَعَانَتْ الْيَمَنُ - بَعْدَ اِسْتِعانَتِهَا بِاللهِ- بِحامِيةِ الدِّيَارِ الإِسْلَامِيَّةِ الْمَمْلَكَةِ الْعُرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ -حَرَسَهَا اللهِ- لإنْقَاذِهِمْ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الْفِرْقَةِ ؛ فَاِسْتَجَابَتْ الْمَمْلَكَةُ الْعُرَبِيَّةُ السُّعُودِيَّةُ لِهَذَا النِّدَاءِ، قَالَ تَعَالَى : (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) . لَقَدْ سَجَّلَ التَّارِيخُ بِمِدَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، لِحَكِيمِ وَحَاكِمِ بِلَادِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، الْمَلِكِ سَلْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ- سَلَّمَهُ اللهُ وَحَفِظَهُ - مَوْقَفَهُ التَّارِيخِيَّ الْحَازِمَ وَالْحَاسِمَ، مِنْ الْبُغَاةِ الْحُوثِيِّينَ، الَّذِينَ بَغَوا عَلَى أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحِكْمَةِ، فِي دَوْلَةِ الْيَمَنِ الشَّقِيقَةِ العَزِيزَةِ؛فَعَاثُوا فِيهَا فَسَادًا وَإِفْسَادًا؛ فَرَوَّعُوا الْآمِنِينَ، وَقَتَّلُوا الرُّكَعَ السَّاجِدِينَ، وَهَدَّمُوا الْمَسَاجِدَ وَالْمَدَارِسَ؛ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْ شَرِّهِمُ الصِّغَارُ وَ الْكِبَارُ، الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ، وَقَدْ نَصَحَهُمْ عَنْ غِيِّهِمُ النَّاصِحُونَ ، وَحَذَّرَهَمْ مِنْ مَغَبَّةِ فِعْلِهِمُ الْمُخْلِصُونَ، وَدَعَاهُمْ لِلسِّلْمِ الْمُسَالِمُونَ؛ وَلَكِنَّهُمْ أَبَوا إِلَّا عُلُوًّا وِاِسْتِكْبَارًا .
لَقَدْ بَاعُوا دِينَهُمْ وَبِلَادَهُمْ لِقُوَىً خَارِجِيَّةٍ؛ فَأَصْبَحُوا عُمَلَاءَ ، خَوَنَةَ لِلدِّينِ وَلِلْوَطَنِ ؛ فَكَانَ لاَبُدَّ مِنْ قَرَارٍ حَازِمٍ حَاسِمٍ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَصْدُرَ - بَعْدَ تَوْفِيقِ اللهِ- إِلَّا مِنْ مَلِكٍ حَازِمٍ حَكِيمٍ ؛ فَكَانَ الْقَرَارُ الْمُسَدِّدُ مِنْ مَلِيكِنَا،وَوَلِيِّ أَمْرِنَا - سَلَمَهُ اللهُ- ذَلِكَ الْقَرَارُ الَّذِي وَحَّدَ الدُّوَلَ الْعَرَبِيَّةَ وَالْإِسْلَامِيَّةَ فِي وَحْدَةٍ فَرِيدَةٍ، قَلَّ نَظِيرُهَا فِي الْعُقُودِ الْمُتَأَخِّرَةِ؛فَالتَفَّ حَوْلَ الْمَمْلَكَةِ الْعُرْبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ -حَرَسَهَا اللهِ- دُوَلُ الْخَلِيجِ،وَعَامَّةُ الدُّوَلِ الْعُرْبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ؛ لِإِنْقَاذِ الْيَمَنِ مِنَ الْمَتَاعِبِ،وَتَخْلِيصِهَا مِنَ الْمَصَاعِبِ،وَإِيقَافِ تَتَرَةِ الْعَصْرِ عِنْدَ حَدِّهِمْ،وَوِقَايَةِ دُوَلِ الْخَلِيجِ مِنْ شَرِّهِمْ ، وَحِمَايَةِ الْمُقَدِّسَاتِ الإِسلَامِيَّةِ مِنْ بَطْشِهِمْ، وَحِمَايَةِ أَبْنَاءِ الْيمَنِ مِنَ: الْقَتْلِ،وَالتَّشْرِيدِ ، وَالتَّرْوِيعِ،وَالتَّخْوِيفِ،وَالتَّجْوِيعِ؛وَلِذَا فَإِنَّ كُلَّ عَاقِلٍ مُخْلِصٍ،وَغَيُورٍ عَلَى دِينِهِ ؛لِيَقِفُ مَعَ قَرَارِ الْحَرْبِ،وَعَاصِفَةِ الْحَزْمِ؛نُصْرَةً،وتَأْيِيدًا،وَمَهَابَةً،وَإِجْلَالًا.
نَصَرَنَا اللهُ عَلَى الْمُعْتَدِينَ الْبَاغِينَ،وَحَفِظَ لَنَا الْأَمْنَ،وَالْأَمَانَ؛إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوه.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ الْعَاصِفَةَ الَّتِي أَعَزَّ اللهِ بِهَا السَّنَّةَ، وَقَمَعَ بِهَا الْبِدْعَةَ، وَأَخْمَدَ بِهَا الْفِتْنَةَ، تَسْعَى لِتَخْلِيصِ الْيَمَنِ مِنْ شَرٍّ أَحَاطَ بِهَا،حَيْثُ كَانَتْ عَلَى وَشْكِ التَّفَرُّقِ، وَالتَّشَتُّتِ ، وَالتَّشَرْذُمِ،فَسَلَّمَهَا اللهُ مِنْ هَذَا الشَّرِّ . وَلَقَدْ زادَ هَذَا الْقرارُ مِنْ تَقْدِيرِ كَافَّةِ الدُّوَلِ،لِلْمَمْلَكَةِ الْعُرْبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ، وَأَثْبَتَ بِحَقِّ أَنَّهَا قَائِدَةُ الْعَالِمِ الإِسْلَامِيِّ وَلَا رِيَبَ . وَلَمْ لَا، وَقَدْ خَصَّهَا اللهِ بِخَدَمَةِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ ؟ ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مِنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ).
عِبَادَ اللَّهِ، لَقَدْ سَعِدَتْ الأَنْفُسُ الْخَائِفَةُ، وَاِطْمَأَنَّتِ الْقُلُوبُ الْوَجِلَةُ الْوَاجِفَةُ،وَاِرْتَفَعَتْ مَعْنَوِيَّاتُ أَهَالِي هَذِهِ الْبِلَادِ؛ وَهِيَ تَرَى الْعِزَّةَ فِي ( عَاصِفَةِ الْحَزْمِ )،عَلَى أَرَضِ الْوَاقِعِ؛ وَلَيْسَتْ شِعَارَاتٍ تُرَدُّدُ .إِنَّ رَايَةَ هَذَا الْجِهَادِ الْمُقَدَّسِ،مِنْ أَكْثَرِ رَايَاتِ الْجِهَادِ فِي هَذَا الْعَصْرِ وُضُوحًا؛فَهِي تَحْتَ قِيَادَةِ وَلِيِّ أَمْرٍ،مَعَ وِحْدَةِ صَفٍّ،أَيَّدَهُ الْعُلَمَاءُ فِي كَافَّةِ الصِّقَاعِ وَالْبِقاعِ . وَإِنِّي لَأَبْتَهِلُ إِلَى اللهِ الْعَلِيِّ الْقَدِيرِ؛أَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا مِنْ كُلِّ شَرِّ، وَأَنْ يَقِيهَا الْفِتَنَ: مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَمَا بَطَنَ،وَسَائِرَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُعِيدَ الْأَمْنَ،وَالْأَمَانَ،وَالْاِسْتِقْرَارَ؛ لِبِلَادِ الْيَمَنِ،وَسَائِرِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ .
الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ,وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا,لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى،وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى،الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ،حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ،الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ،وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ،الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ،«اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ». اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ،وَأَوْلَادَهُمْ،وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ،وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ،وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
المرفقات
676.doc
مشكولة.docx
مشكولة.docx
مشكولة.pdf
مشكولة.pdf
غير مشكولة.docx
غير مشكولة.docx
المشاهدات 3826 | التعليقات 2
جزاك الله خيرا
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق