خطبة عاشوراء وفرعون والرافضة

حسين بن حمزة حسين
1446/01/04 - 2024/07/10 18:10PM
عباد الله : اتَّقُوا اللهَ وَعَظِّمُوهُ، واعلموا أن يوم الثلاثاء القادم هو اليوم العَاشِرِ مِنْ شهرمّحرم؛ وهُوَ يَومُ عَاشُورَاءَ؛ وَفِيهِ وَقَعَ حَدَثٌ عَظِيمٌ، وَنَصْرٌ لِلمُؤمِنينَ مُبِينٌ، وَذُلٌ للطُّغَاةِ الكَافِرِينَ، أعْلَى اللهُ تَعَالَى فِيهِ الحَقَّ وَأظْهَرَه، وَأزْهَقَ البَاطِلَ وَدَحَرَهُ، نَصَرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ وأهلك الطاغية فِرْعَونَ وَجُنُودِه. وَقِصَّةُ مُوسَى وَفِرْعَونَ مِنْ أَشْهَرِ مَا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى مِنْ قَصَصِ أَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ؛ وَفِيهَا ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ، وَعِبَرةٌ لِلمُعْتَبِرِينَ: { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }، قال تَعَالى: { وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ، فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } . عِبادَ اللهِ: أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَبْرَزِ الْعِبَرِ فِي هَذِهِ القِصَّةِ: بَيَانُ كَمَالِ قُدْرَةِ اللهِ جَلَّ وَعَلا؛ يُصَرِّفُ الكَونَ كَيفَ يَشَاءُ؛ جَعَلَ البَحْرَ لِمُوسَى طَرِيقًا يَبَسًا، ولِفِرْعَونَ هَلَاكًا وغَرَقًا؛ فَسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ومِنْ أَبْرَزِ الْعِبَرِ: أنَّ النَّصْرَ بِيَدِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا وَهُوَ نَاصِرٌ أَوْلِيَاءَهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ) ؛ لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، الخَلْقُ خَلْقُهُ وَالمُلْكُ مُلْكُه؛ وَقَدْ يَتَخَلَّفُ النَّصْرُ عَنِ المُؤمِنِينَ زَمَنًا يُقَدِّرُهُ اللهُ عَزَّ وجلَّ؛ وَلِحِكْمَةٍ يُرِيدُهَا سُبْحَانَهُ، وَقَد يَتَخَلَّفُ النَّصْرُ لِأسْبَابٍ مِنَ العِبَادِ؛ َكَالتَّقْصِيرِ فِي الوَاجِبَاتِ وارتِكَابِ المُحَرَّمَاتِ، وَتَرْكِ الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنكَرِ؛ قَالَ تَعَالَى: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ، الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)، ومن العبر في هذه القصة : أَنَّ البَاطِلَ مَهمَا عَلا زَبَدُهُ, وَارتَفَعَ دُخَانُهُ, إِلاَّ أَنَّهُ وَاهٍ وَمَهزُومٍ، فَفِرعَونُ أَطغَى الطُّغَاةِ! مَا تَرَكَ شَيئًا مِن الْفَسادِ إلَّا فَعَلَهُ وَلا سُوءٍ إلَّا نَشَرَهُ، فأَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولى إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبرَةً لِمَن يَخشَى،  نَصَرَ اللهُ تَعَالَى مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ يوم العاشر من شهر الله المحرّم فخّلد الله هذه الذكرى بصيَامه،  فَصَامَ موسى عليه السلام وأمر قومه بصيامه، شكرًا للهِ تَعَالى، وصامه نبيُّنا محمدٍ صلى الله عليه وحثنّا على صيامه، قال صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: (صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، ويستحب صيامَ التَّاسِعُ مَعَهُ، لِتَحْقِيقِ مُخَالَفَةِ اليَهُودِ؛ فَإِنْ لَمْ يُفْعَلْ فَالحَادِيَ عَشَر؛ لِقَولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، ولَا يُشرَعُ فِي عَاشُورَاءَ وَلَا فِي غَيرِهِ أيُّ عَمَلٍ لَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمِ؛ والذي ثَبَتَ فِي هَذَا اليومِ إنَّمَا هُوَ الصِّيام. بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيْمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيْهِ مِنَ الْآيِات وَالذِّكْرِ الحَكِيْمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيْلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ. الخطبة الثانية: أَمَّا بَعْدُ: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنه في اليوم العاشر من شهر الله المحرم لعام 61 بعد الهجرة ، كانت مصيبة نشأت بعدها فتنة عظيمة، تَبَنّى كِبْرها الرافضةُ أعزكم الله وأذلهّم، وعَدُوهُ بالنصر- الخوَنة قديما وحديثا- وخذَلوه وترَكوه يُقتل -عليهم من الله ما يستحقّون -هو والعشرات من أهل بيته الأطهار، أُستشهِدَ الحسين بن علي -رضي الله عنه وأرضاه- سِبْطُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- خير شباب أهل الجنة، فنعتقد نحن أهل السنّة والجماعة  أن الحسين -رضي الله عنه- قُتل مظلوماً، ونبرأ إلى الله من كلِ فاجرٍ شقيٍ قاتَلَه، أو أعَان على قتْله، أو رضِيَ بقتله، ونعتقد أنَّ ما أصابه فمن كرامةِ اللهِ له، وإعلاءٍ لمنـزلته؛ فبلَّغه الله بهذا المُصاب منازلَ الشهداء، فنصْبر ونحتسب، كما أمرنا ربنا عز وجل، ونتمثل قول الله عز وجل ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) ونبرأ إلى الله تعالى مما يفعله الرافضة في هذا اليوم وفي غيره من الأيام، فلا نعظِّمه بأنواع التعظيم التي لا تصرف إلا لله؛ كالدعاء والاستغاثة، ولا نجعل له ولا لغيره من آل البيت الطيبين ما هو من خصائص الأنبياء والمرسلين؛ كالعصمة والتشريع، ولا نجعل يوم استشهاد الحسين يوم صراخٍ ونياحةٍ ولطمٍ للخدود وشقٍ للجيوب، وضربٍ بالسلاسل والخناجر ونهر للدم وتأجيج القلوب على كره أهل السنة والجماعة، فكل ذلك من علامات الجاهلية ودين المجوسيّة، أذلهم الله وأخزاهم، وما من فتنة وشر في زماننا وفي كل زمان على أهل السنة والجماعة إلا والرافضة لهم سبْق الأذى والغدر فيه والتاريخ مليء شاهدٌ بذلك، وأخيرا هذه غزة دمّرت وملايين المسلمين هجروا ومئات الآلاف جرحوا وعشرات الآلاف قتلوا ناهيك من فقدوا تحت الأنقاض وكل ذلك بسبب تمكين الرافضة لليهود ...لكن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه ...وسلم في الحديث( إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء, فقيل هذه غدرة فلان بن فلان ) أخرجه مسلم؛ ونقول حسبنا الله ونعم الوكيل  فرحمة الله على الحسين وآل بيته، ولنا ولسائر المسلمين أحياءً وميتين، وصلوات ربي وسلامه على نبينا محمد وآله والصحب والتابعين، ،
المشاهدات 470 | التعليقات 0