خطبة : ( عاشوراء صبر وشكر )

عبدالله البصري
1445/01/09 - 2023/07/27 12:03PM

عاشوراء صبر وشكر   10/ 1/ 1445

 

الخطبة الأولى : 


أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ، وَاذكُرُوهُ وَلا تَنسَوهُ ، وَاصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، أَنتُمُ اليَومَ صَائِمُونَ ، وَصَومُكُم هَذَا شُكرٌ مِنكُم للهِ ، وَقَبلَكُم صَامَ إِمَامُ الشَّاكِرِينَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَمِن قَبلِهِ صَامَ مُوسَى عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، في يَومٍ مِن أَيَّامِ اللهِ العَظِيمَةِ ، نَصَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَيهِ السَّلامُ وَمَن مَعَهُ مِنَ المُؤمِنِينَ ، وَأَهلَكَ فِرعَونَ وَمَن تَبِعَهُ مِنَ المُجرِمِينَ ، فَكَانَ هَذَا اليَومُ آيَةً وَعِبرَةً ، آيَةٌ لأَهلِ الإِيمَانِ وَالإِحسَانِ لِئَلاَّ يَيأَسُوا وَلا يَقنَطُوا ، وَعِبرَةٌ لأَهلِ الكُفرِ وَالطُّغيَانِ لِئَلاَّ يَتَكَبَّرُوا وَيَطغَوا . عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ المَدِينَةَ فَوَجَدَ اليَهُودَ صِيَامًا يَومَ عَاشُورَاءَ ، فَقَالَ لَهُم رَسُولُ اللهِ : " مَا هَذَا اليَومُ الَّذِي تَصُومُونَ ؟! " فَقَالُوا : هَذَا يَومٌ عَظِيمٌ أَنجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَومَهُ ، وَأَغرَقَ فِرعَونَ وَقَومَهُ ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكرًا فَنَحنُ نَصُومُهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " نَحنُ أَحَقُّ وَأَولى بِمُوسَى مِنكُم " فَصَامَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ . رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد كَانَ فِرعَونُ مَثَلاً لِلكُفرِ وَالظُّلمِ وَالبَغيِ ، وَرَمزًا لِلطُّغيَانِ وَالفَسَادِ وَالإِفسَادِ ، تَكَبَّرَ وَتَجَبَّرَ وَعَلا ، وَأَعلَنَ لِلنَّاسِ كَذِبًا وَزُورًا أَنَّهُ رَبُّهُمُ الأَعلَى ، قَالَ تَعَالى : " وَقَالَ فِرعَونُ يَا أَيُّهَا المَلأُ مَا عَلِمتُ لَكُم مِن إِلَهٍ غَيرِي " وَقَالَ جَلَّ وَعَلا : " فَكَذَّبَ وَعَصَى . ثم أَدبَرَ يَسعَى . فَحَشَرَ فَنَادَى . فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعلَى " وَقَالَ تَعَالى : " وَنَادَى فِرعَونُ في قَومِهِ قَالَ يَا قَومِ أَلَيسَ لي مُلكُ مِصرَ وَهَذِهِ الأَنهَارُ تَجرِي مِن تَحتي أَفَلا تُبصِرُونَ " وَقَالَ تَعَالى : " إِنَّ فِرعَونَ عَلا في الأَرضِ وَجَعَلَ أَهلَهَا شِيَعًا يَستَضعِفُ طَائِفَةً مِنهُم يُذَبِّحُ أَبنَاءَهُم وَيَستَحيِي نِسَاءَهُم إِنَّهُ كَانَ مِنَ المُفسِدِينَ " وَلم يَكتَفِ المُجرِمُ الأَفَّاكُ بِذَلِكَ وَلم يَقِفْ عِندَهُ ، بَل تَجَاوَزَ حَتى أَلزَمَ النَّاسَ بِمَا يَرَاهُ ، وَأَرغَمَهُم عَلَى قَبُولِ ضَلالِهِ وَعَمَاهُ ، فَقَالَ : " مَا أُرِيكُم إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهدِيكُم إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ " وَعِندَمَا أَرسَلَ اللهُ إِلَيهِ نَبِيَّهُ مُوسَى لِيَدُلَّهُ عَلَى اللهِ وَيُذَكِّرَهُ بِأَيَّامِهِ وَيَدعُوَهُ لِلإِسلامِ وَالإِيمَانِ ، لم يَزِدْهُ ذَلِكَ إِلاَّ طُغيَانًا كَبِيرًا ، وَسَامَ المُؤمِنِينَ سُوءَ العَذَابِ ، قَالَ " سَنُقَتِّلُ أَبنَاءَهُم وَنَستَحيِي نِسَاءَهُم وَإِنَّا فَوقَهُم قَاهِرُونَ " وَمِن حِكمَةِ اللهِ تَعَالى أَنَّهُ أَمهَلَهُ وَلم يُعَاجِلْهُ ، وَأَرَاهُ مِنَ الآيَاتِ مَا عَلَى مِثلِهِ يُؤمِنُ كُلُّ مَن كَانَ لَهُ قَلبٌ وَسَمعٌ وَعَقلٌ ، نَعَم أَيُّهَا المُؤمِنُونَ ، لَقَد أَمهَلَهُ تَعَالى لَكِنَّهُ لم يُهمِلْهُ ، وَتَرَكَهُ وَلَكِنَّهُ لم يَنسَهُ ، بَل أَجَّلَهُ لِحِكَمٍ يَعلَمُهَا سُبحَانَهُ ، فَصَالَ وَجَالَ وَظَلَمَ ، وَبَغَى وَسَيطَرَ وَتَحَكَّمَ ، وَاعتَدَى وَقَتَلَ وَأَهلَكَ الحَرثَ وَالنَّسلَ ؛ لِيَأخُذَهُ اللهُ بَعدَ ذَلِكَ أَخذًا شَدِيدًا ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللهَ لَيُملي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَم يُفلِتْهُ " ثُمَّ قَرَأَ : " وَكَذَلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَلِيمٌ شَدِيد " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . وَفي اللَّيلَةِ المَوعُودَةِ ، أَمَرَ اللهُ تَعَالى نَبِيَّهُ مُوسَى أَن يَسرِيَ بِقَومِهِ فِرَارًا بِدِينِهِم إِلى مَكَانٍ يَستَطِيعُونَ فِيهِ أَن يُظهِرُوهُ وَيَعبُدُوا رَبَّهُم ، فَخَرَجَ بِهِم لَيلاً إِلى الأَرضِ المُقَدَّسَةِ ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ فِرعَونَ ، أَبى لِكِبرِهِ وَطُغيَانِهِ أَن يَترُكَهُم وَشَأنَهُم ، وَمَنَعَهُ اغتِرَارُهُ بِقُوَّتِهِ وَجَبَرُوتِهِ أَن يُخَلِّيَ بَينَهُم وَبَينَ عِبَادَةِ رَبِّهِم ، وَعَزَمَ عَلَى أَن يَقضِيَ عَلَيهِم وَيُبِيدَهُم ، وَقَالَ " إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرذِمَةٌ قَلِيلُونَ . وَإِنَّهُم لَنَا لَغَائِظُونَ . وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ " فَأَتبَعَ القَومَ بِجُنُودِهِ وَأَدرَكَهُم عِندَ شَاطِئِ البَحرِ ، فَلَمَّا رَآهُ قَومُ مُوسَى بَلَغَ الخَوفُ بِهِم مَدَاهُ ، إِذِ البَحرُ مِن أَمَامِهِم ، وَفِرعَونُ وَقَومُهُ مِن وَرَائِهِم ، فَأَيقَنُوا بِالهَلاكِ ، وَقَالُوا لِمُوسَى إِنَّا لَمُدرَكُونَ ، فَقَالَ نَبيُّ اللهِ مُوسَى قَولَةَ الوَاثِقِ بِرَبِّهِ وَنَصرِهِ وَتَأيِيدِهِ : "  كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهدِينِ " وَلم تَتَأَخَّرِ الإِجَابَةُ كَثِيرًا ، فَكَانَ الأَمرُ أَنِ " اضرِبْ بِعَصَاكَ البَحرَ " وَمَاذَا يُغني ضَربُ رَجُلٍ لِلبَحرِ بِعَصَاهُ ، لَكِنَّهُ الأَخذُ بِالسَّبَبِ ، فَضَرَبَ مُوسَى البَحرَ فَانفَلَقَ ، فَكَانَ كُلُّ فِرقٍ كَالطَّودِ العَظِيمِ " وَأَزلَفنَا ثَمَّ الآخَرِينَ . وَأَنجَينَا مُوسَى وَمَن مَعَهُ أَجمَعِينَ " أَنجَى اللهُ مُوسَى وَقَومَهُ ، وَأَغرَقَ فِرعَونَ وَحِزبَهُ ، وَقَالَ تَعَالى لِفِرعَونَ " فَاليَومَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَن خَلفَكَ آيَةً " فَيَمُوتُ فِرعَونُ وَتَطفُو جُثَّتُهُ عَلَى المَاءِ ؛ لِتَظَلَّ عِبرَةً لِكُلِّ مَن بَعدَهُ إِلى أَن يَشَاءَ اللهُ . قَالَ اللهُ تَعَالى : " وَاستَكبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ في الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُم إِلَينَا لا يُرجَعُونَ . فَأَخَذنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذنَاهُم في اليَمِّ فَانظُرْ كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالمِينَ " أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّهَا عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ، وَلِلكَافِرِينَ أَمثَالُهَا ، وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ؛ فَلَيسَ فِرعَونُ وَحدَهُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مَصِيرُهُ بِقَدرِ ظُلمِهِ ، وَلَيسَ مُوسَى وَقَومُهُ هُمُ الوَحِيدِينَ الَّذِينَ يُمَكَّنُونَ بَعدَ طَردٍ وَتَشرِيدٍ ، بَل إِنَّ مَعرَكَةَ الحَقِّ مَعَ البَاطِلِ مُستَمِرَّةٌ مُمتَدَّةٌ ، وَمَا قِصَّةُ مُوسَى وَفِرعَونَ إِلاَّ مِثَالٌ لِهَذِهِ المَعرَكَةِ ، وَمَوكِبُ الحَقِّ عَلَى امتِدَادِ الزَّمَانِ يُوَاجِهُ الضَّلالَ وَالطُّغيَانَ ، وَيُجَابِهُ البَغيَ وَالتَّهدِيدَ وَالتَّشرِيدَ ، وَالمُؤمِنُونَ وَإِن كَانُوا يَعِيشُونَ مضطَهَدِينَ في أَغلَبِ الأَحيَانِ وَفي أَكثَرِ البُلدَانِ ، وَتَتَحَكَّمُ فِيهِم قُوَى الشَّرِّ وَيَتَكَالَبُ عَلَيهِم أَعدَاءُ للهِ وَأَعدَاءُ دِينِهِ وَيَسُومُونَهُم سُوءَ العَذَابِ ، حَتى يَكُونَ حَالُهُم وَلِسَانُ مَقَالِهِم في أَكثَرِ الأَحيَانِ " مَتى نَصرُ اللهِ " ؟! إِلاَّ أَنَّهُم مَعَ هَذَا كُلِّهِ سَيُنصَرُونَ ، وَسَيَمُنُّ اللهُ عَلَيهِم بِالتَّمكِينِ كَمَا مَنَّ عَلَى مُوسَى وَقَومِهِ وَمَكَّنَهُم في أَرضٍ استُعبِدُوا فِيهَا وأُهِينُوا وعُذِّبُوا " وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا في الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُم في الأَرضِ وَنُرِيَ فِرعَونَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنهُم مَا كَانُوا يَحذَرُونَ " وَمَا عَاشُورَاءَ إِلاَّ ذِكرَى بِأَنَّ نَصرَ اللهِ قَرِيبٌ ، وَأَنَّهُ تَعَالى مَعَ المُؤمِنِينَ يَسمَعُ وَيَرَى ، وَيَعلَمُ حَالَهُم سِرًّا وَجَهرًا ، وَكَمَا كَانَ مَعَ مُوسَى وَقَومِهِ في زَمَانِ فِرعَونَ ، فَهُوَ مَعَ المُؤمِنِينَ في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ ، وَمَهمَا كَانَت قُوَّةُ الجَبَابِرَةِ ، فَلا بُدَّ لِلحَقِّ أَن يَظهَرَ مَهمَا استُضعِفَ أَنصَارُهُ وَأُهِينُوا ، وَلا بُدَّ لِلبَاطِلِ أَن يَزهَقَ مَهمَا بَلَغَت قُوَّتُهُ وَبَطشُهُ " بَل نَقذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ " وَإِذَا زَهَقَ البَاطِلُ تَمَّت نِعمَةُ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ ، وَكَانَ وَاجِبًا عَلَيهِمُ الشُّكرُ للهِ عَلَى نِعمَتِهِ ، وَحَمدُهُ عَلَى لُطفِهِ وَحِكمَتِهِ ، قَالَ سُبحَانَهُ : " فَقُطِعَ دَابِرُ القَومِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ " وَمِن هُنَا كَانَ صِيَامُ نَبيِّ اللهِ مُوسَى لِهَذَا اليَومِ شُكرًا للهِ عَلَى إِنجَائِهِ وَقَومِهِ وَإِهلاكِ فِرعَونَ وَقَومِهِ . فَلْنَحمَدِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ عَلَى تَوفِيقِهِ لِعِبَادِهِ بِصِيَامِ هَذَا اليَومِ شُكرًا ، وَلْنَحذَرْ مِن أَن يُدَاخِلَنَا شَكٌّ في نَصرِ اللهِ لِعِبَادِهِ " قَد خَلَت مِن قَبلِكُم سُنَنٌ فَسِيرُوا في الأَرضِ فَانظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ " " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلكِ تُؤتي المُلكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ . تُولِجُ اللَّيلَ في النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ في اللَّيلِ وَتُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَتَرزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيرِ حِسَابٍ . لا يَتَّخِذِ المُؤمِنُونَ الكَافِرِينَ أَولِيَاءَ مِن دُونِ المُؤمِنِينَ وَمَن يَفعَلْ ذَلِكَ فَلَيسَ مِنَ اللهِ في شَيءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنهُم تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفسَهُ وَإِلى اللهِ المَصِيرُ "

 

 

الخطبة الثانية :

 

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى حَقَّ التَّقوَى ، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ الصَّائِمُونَ في هَذَا اليَومِ العَظِيمِ شُكرًا للهِ ، هَنِيئًا لَكُم تَوفِيقُ اللهِ لَكُم لِشُكرِهِ وَذِكرِهِ ، فَالشُّكرُ سَبَبٌ لِرِضَا اللهِ عَن عِبَادِهِ ، وَأَمَانٌ لَهُم مِن عَذَابِهِ وَمَقتِهِ ، وَسَبَبٌ لِزِيَادَةِ النِّعَمِ وَحُلُولِ البَرَكَةِ فِيهَا ، وَهُوَ سَبِيلٌ لِنَيلِ الأَجرِ الجَزِيلِ في الآخِرَةِ ، قَالَ تَعَالى : " وَإِن تَشكُرُوا يَرضَهُ لَكُم " وَقَالَ تَعَالى : " مَا يَفعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُم إِن شَكَرتُم وَآمَنتُم " وَقَالَ تَعَالى : " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لأَزِيدَنَّكُم " وَقَالَ سُبحَانَهُ : " وَسَيَجزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ " وَأَخِيرًا فَإِنَّ الشُّكرَ عِندَ السَّرَّاءِ ، وَالصَّبرَ عِندَ الضَّرَّاءِ ، مِن صِفَاتِ النَّبِيِّينَ وَأَتبَاعِهِم مِنَ المُؤمِنِينَ الصَّادِقِينَ ، فَفِي الصَّحِيحَينِ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ : قَامَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَت قَدَمَاهُ ، فَقِيلَ لَهُ : لِمَ تَصنَعُ هَذَا وَقَد غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكِ وَمَا تَأَخَّرَ ؟! قَالَ : " أَفَلا أَكُونُ عَبدًا شَكُورًا " وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن صُهَيبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " عَجَبًا لأَمرِ المُؤمِنِ إِنَّ أَمرَهُ كُلَّهُ خَيرٌ ، وَلَيسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلمُؤمِنِ ، إِن أَصَابَتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ ، وَإِن أَصَابَتهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ " اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ .

المرفقات

1690448618_عاشوراء صبر وشكر.docx

1690448624_عاشوراء صبر وشكر.pdf

المشاهدات 2295 | التعليقات 0