خطبة: صور من البيوع المحرمة.
أبو ناصر فرج الدوسري
وَبعَدُ: فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ حَقَّ تُقَاتِهِ، اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغوا إليه الوَسِيلَةَ، واعْتَصِمَوا بِحَبلِه وَاسْعَوا إِلى مَرْضَاتِهِ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا﴾
أَيُّها النَّاسُ، شَرَائعُ الإسْلاَمِ بَعدَ تَوحِيدِ اللهِ وَإِخْلاَصِ العِبَادَةِ لَهُ نَوعَانِ: عِبَادَاتٌ وَمُعَامَلاَتٌ، فَالعِبادَاتُ هِيَ كُلُّ مَا يَكُونُ بَينَ العَبدِ وَرَبِّه مِنْ صَلاَةٍ وَصَومٍ وَزَكَاةٍ وَنَذْرٍ وَطَاعَةٍ للأوَامِرِ وَاجْتِنَابٍ للنّوَاهِي، وَالمعَامَلاتُ هِيَ مَا يَكُونَ بَينَ العَبْدِ وَبَينَ غَيرِهِ مِمَّا يَتَعَامَلُ بِهِ النَّاسُ مِنْ مُعَامَلاتٍ، وَأَهَمُّهَا مَا يَتَعَامَلُ بِهِ النَّاسُ فِي مَجَالِ الأَموَالِ بِالبَيعِ وَالشِّرَاءِ وَالإِجَارَةِ وَنَحوِهَا، وَالمُسْلِمُ مُطَالَبٌ بِأَنْ تَكُونَ عِبَادَاتُهُ وَمَعَامَلاَتهُ صَحِيحَةً عَلَى المَنْهَجِ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ وَبَيَّنَهُ رَسُولُهُ الكَرِيمُ ﷺ، وَلَمَّا كَانَ كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ يَهْتَمّ بِأَمرِ العِبَادَاتِ وَيَسأَلُ عَنْهَا وَيَحرِصُ عَلَى مَعْرِفَةِ أَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا وَسُنَنِهَا وَمُسْتَحَبَّاتِهَا، وَهَذَا هُوَ المطْلُوبُ منَ المُسْلِمِ أَنْ يَعبُدَ اللهَ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَأنْ يَتَقرَّبَ إليه بِمَا شَرَعَهُ وَعَلَى وَفْقِ مَا أُمِرَ بِهِ، لَكِنَّ الكَثِيرَ مِنَ النَّاسِ لاَ يَهتمُّ بِجَانِبِ المُعَامَلاَتِ مَع النَّاسِ بيعًا وَشرِاءً وَإجَارةً، مَع أَنَّ البَلِيَّةَ بِهَا عَظِيمَةٌ وَالسَّلاَمَةَ مِنَ الخَطَأِ فِيهَا أَصعبُ، وَهَذَا سَببُهُ جَهلُ النَّاسِ بِأَحْكَامِهَا وَظَنُّهم أَنَّ المُحَاسَبَةَ عَلَيهَا يَسِيرَةٌ.
أَيُّها الإخْوةُ، إِنَّ التَّعَامُلَ مَعَ النَّاسِ بَيعًا وَشِرَاءً وَنحَو ذلك أمرٌ خَطِيرٌ وَعَظيمٌ، وَلَقدْ جَاءَ الوَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى مَنْ غَشَّ فِيها أَو خَدَعَ أَو أخذَ مَالَ أخِيه المُسْلِمِ بغَيرِ حَقٍّ، عَن أَبِي أُمَامةَ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينهِ فَقَدْ أَوجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَليهِ الجَنَّةَ)، فَقَالَ لَهُ رَجلٌ: وَإنْ كَانَ شَيئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:(وَإنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ) رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وَاللهُ تَعَالَى حِينَ يَجْمَعُ العِبادَ يومَ القِيامةِ يَقْتَصُّ بحُكمِهِ وَعَدْلِهِ لِبَعْضِهم مِنْ بَعضٍ، فَلاَ يَدَعُ لِصَاحِبِ حَقٍّ حَقًّا، وَلاَ لمَظْلومٍ مَظْلَمَةً، حَتَّى يَقْضِي سُبحَانَهُ بَينَ الخَلاَئِقِ، وَيُؤتَى كُلُّ إنْسَانٍ كِتابًا لاَ يُغَادِرُ صَغِيرةً وَلاَ كَبيرةً إلاَّ أحْصَاهَا.
وَمِنْ عِظَمِ البَليَّةِ وَخَطَرِ المُصِيبَةِ أَنَّ فِئَامًا مِنَ النَّاسِ لاَ يُلقُونَ لِجَانِبِ المُعَامَلةِ مَعَ الآخَرِينَ بَالاً، فَرُبَّمَا تَرى الرَّجُلَ كَثِيرَ الصَّلاَةِ وَالصَّوِمِ وَالزُّهْدِ وَالعبَادَةِ، وَلَكِنَّهُ إِذَا بَاعَ أَو اشْتَرَى غشَّ وَخَدَعَ وَأَكَلَ أَمَوالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ، بَلْ لرُبَّمَا احْتَالَ بِأنْوَاعِ الحِيَلِ عَلَى ذَلِكَ.
لَمَّا كَاَنَ الأَمرُ كَذِلِكَ ـ أَيُّهَا الإخْوَةُ ـ رَأينَا أَنْ نُنَبِّهَ عَلَى بَعضِ المُعَامَلاَتِ المُحَرَّمَةِ الَّتِي تَكْثرُ بَينَ النَّاسِ، حَتَّى يَنْجُوَ المُسْلِمُ الحَرِيصُ مِنَ الُوقُوعِ في مَظَالمِ العِبَادِ، وَلِيَعْلَمَ النَّاسُ جَمِيعًا شَرعَ اللهِ، فَتَقُومَ عَليهمُ الحُجَّةُ، فَيعْلَمهُ مَنْ جَهِلَهُ.
وَمَع ذَلِكَ فَقدِ انْتَشَرَتِ المُعَامَلاَتُ المُحَرَّمَةُ بَينَ التُّجَّارِ، وَفَشَتْ فِي الأسْوَاقِ، وَوَقَعَ النَّاسُ فِيهَا مَا بَينَ عَالمٍ بِحُرْمَتِهَا مُتَهَاوِنٍ بِهَا، وَبينَ جَاهِلٍ حُرْمَتَهَا، وَهِيَ أكثرُ مِنْ أَن تُحْصَى وَأَعظَمُ مِنْ أن تُحيطَ بِهَا خُطبةُ جُمعَةٍ، وَلَكِنَّ المُسلمَ الحَرِيصَ عَلَى صِيَانَةِ مَالِهِ مِنَ الحَرَامِ يَتَّعِظُ بِالقَلِيلِ وَيَسْأَلُ عَنِ المُشْتَبِهِ.
من البيوع المحرمة، بيع الغرر كبيع اليانصيب، (أنت وحظك) وهذا حرام ولا يجوز.
فلابد أن يعلم المشتري السلعة، وصفتها، وأن يراها، ويعاينها قبل الشراء؛ ولذلك إذا باع لك شيء وقال: لا تفتشه، ولا تفتحه، إما أن تأخذه بكيفيته هذه، وحالته، وإلا انصرف، فلا يجوز له أن يفعل ذلك، وهو مجرم في حق الشرع؛ لأن بيع الغرر لا يجوز، فلابد أن يعاينه المشتري، وأن يفحصه؛ لكي لا يحدث غرر، وانخداع في عقد البيع، وهذه المسألة توجد أحياناً مع الأسف حتى في بعض المحلات التجارية، فإنهم يجعلون في شيء مغطى شيئاً مخفياً، ويبيعونها، ويقولون: أنت وحظك، فقد يخرج لك شيء سعره أقل مما دفعت، اشتري ما بداخل هذه، أنت وحظك، كلمة: أنت وحظك حرام لا تجوز، لابد من فتحها، ومعرفة ما بداخلها قبل البيع، وقبل تسليم الثمن، وعقد العقد، وإلا لا يجوز هذا أبدا، وأما الأشياء التي لا يمكن فتحها كأسطوانات الأكسجين، فيكفي أن يعلم المشتري صفة ما بداخلها، والكمية المضغوطة فيها بالتفصيل، فيجوز عند ذلك البيع.
ومن البيوع المحرمة: ما يحدث من حراج السيارات، فيأتي بالسيارة وينادي عليها ويقول: كومة من حديد، أمامك كومة من حديد افحصها أنت، يظنون أنهم بفعلهم هذا يسلمون من تبيين العيوب، كذبوا والله، كذبوا على الله وعلى عباد الله، بل وعلى أنفسهم، مادام أنه يعلم بأن في السيارة عيوباً، يلزمه شرعاً أن يبينها، وكلمة كومة من حديد، لا تنجيه عند الله عز وجل.
وكذلك لا يجوز أن يبيع شيئاً وقف لله تعالى. فإذا أوقف الرجل وقفاً لا يجوز له أن يبيعه لا يجوز بيع المسجد مثلاً، ولا أرض المسجد ولا أن يبني على أرض المسجد ولا أن يؤجر المسجد أو أرض تابعة للمسجد، ولا يأخذ من كهرباء المسجد، ولا شيئ يملكه جميع المسلمين.
ومن أنواع البيوع المحرمة، بيع ماء الفحل وبيع الميتة، وبيع الدخان والتنباك والسويكة والقات، وبيع الدم، وبيع المضامين, وهو ما في أصلاب الفحول، وبيع حبل الحبلة، وهو حمل الناقة التي في بطنها جنين.
ولا يجوز بيع وسلف، وهو أن يقول: بعتك هذه الدار بمائة على أن تقرضني خمسين؛ قال ﷺ: (لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ).
ومن البيوع المحرمة: الإحتكار، قال رسول الله ﷺ: (لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ) والمحتكر هو الذي يعمد إلى شراء ما يحتاجه الناس فيحبسه، حتى إذا زادت حاجة الناس أخرجه وزاد في سعره، وهو بفعله هذا ظالم، ولهذا، كان لولي الأمر، أن يكره الناس على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند ضرورة الناس إليه، فإنه يجبر التجار على بيع الناس بقيمة المثل لو عُلم أنه محتكر.
ومن البيوع المحرمة: البيع بعد النداء الثاني لصلاة الجمعة، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
ومن البيوع المحرمة: بيع شيء حلال لشخص تعلم أنه يستخدمه في محرم، فإن كنت لا تعلم فالبيع جائز، كبيع العنب لمن يتخذه خمراً، وبيع السلاح أيام الفتنة، أو بيعه لأهل الحرب فكل هذا حرام، ومثله بيع أدوات الزينة على النصارى أيام احتفالاتهم بأعيادهم المحرمة، فكل هذا يعد من البيوع المحرمة، قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ .
فَاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، وَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَإيَّاكُمْ وَالخَوضَ فِي الدُّنْيَا وَنِسْيَانَ الآخِرَةِ، فَإِنَّ الحِسَابَ يَومَ القِيَامَةِ شَدِيدٌ.
-----------------------------------------------------
الحمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَبَاحَ لَنَا مِنَ المَكَاسب أَحَلَّهَا وَأقومَها بِمَصَالح العِبَادِ وَأَولاَهَا، وَحَرَّمَ عَلَينَا كُلَّ كَسبٍ مَبني عَلَى ظُلْمِ النُّفُوسِ وَهَواهَا، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحدَه لاَ شَريكَ لَه بَيَّنَ لِلخَلْقِ طَرِيقَ الهِدَاية، وأشهد أنَّ محمدًا عَبدُهُ وَرَسولُهُ أَزكَى الخَليقَةِ مُعَامَلَةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسليمًا كَثِيرًا.
أمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ أيُّهَا النَّاسُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ الأَمَوالَ الَّتي بَينَ أيديكُم جَعَلَهَا اللهُ فِتْنةً لكُم، فِتنةً فِي تَحْصِيلِهَا وَفِتْنَةً فِي تَمْوِيلِهَا؛ فَأمَّا الفِتْنَةُ فِي تَحْصِيلِهَا فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِتحصِيلِهَا طُرَقًا مُعَيَّنَةً مَبْنيَّةً عَلَى العَدْلِ بَينَ النَّاسِ وَاسْتِقَامَةِ مُعَامَلَتِهم، بِحَيثُ تَكُونُ مِنْ وَجْه طَيِّبٍ لاَ ظُلْمَ فِيهِ وَلاَ عُدْوَانَ، وَلَكنْ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَم يَتَّقِ اللهَ وَلَم يُجْمِلْ فِي الطَّلَبِ، فَصَارَ يَكْتَسِبُ المَالَ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ أُتِيحَ لَهُ مِنْ حَلاَلٍ أَو حَرَامٍ، مِنْ عَدْلٍ أَو ظُلْمٍ، لاَ يُبَالِي بَمَا اكْتَسبَ، فَالحَلاَلُ عِندَهُ مَا حَلَّ بِيَدهِ، وَالحَرَامُ هُوَ مَا لم يَصِلْ إِليهِ، وَأصْبَحَ المالُ أَكْبَرَ هَمِّه وَشُغْلَ قَلْبِه وَنُصْبَ عَينِهِ، إِنْ قَامَ فَهُوَ يُفَكِّرُ فِيهِ، وَإن قَعدَ فَهُوَ يُفَكِّرُ فِيهِ، وَإنْ نَامَ كَانتْ أَحْلاَمُهُ فِيه، فَالمَالُ مِلء قَلْبهِ وَنُصْب عَينِهِ وَسَمْع أُذِنِهِ وَشُغْل فِكْرِهِ يَقَظَةً وَمَنامًا، حَتَّى عِبَادَاتُهُ لَم تَسْلَم؛ فَهُو فِي صَلاَتِه يَقيسُ الأرَاضِي وَيختارُ مِنَ السَّيَّاراتِ وَيُمايزُ بَينَهَا، كَأنَّمَا خُلِقَ لِلمَالِ وَحدَهُ، فَهُو النَّهِمَ الَّذِي لاَ يَشْبَعُ والمفْتُونُ الَّذي لاَ يقْلِع، وَمَعَ ذَلكَ الهَمِّ وَالفِتْنةِ فَلَنْ يَأتِيَهُ مِنَ الرِّزْقِ إلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ، وَلنْ تَموتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وَأَجَلَهَا.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.
أيها المسلمون: هناك أنواعاً وأنواعاً من البيوع الجائزة، والتي أباحتها الشريعة، ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾.
فمن البيوع الجائزة: العربون، وصورته، أن يشتري المشتري شيئاً، ويدفع للبائع جزءاً من قيمته، ويكون عربوناً فيحجز البائع له هذه السلعة مدة معينة يتفقان عليها، فإذا حضر في المدة تم البيع واحتسب العربون من ضمن القيمة، وإلا فهي من حق البائع، هذا جائز ولا بأس به.
ومن البيوع الجائزة: بيع المزاد العلني، فيجوز أن يعلن عن سلعة أو عقار أو أراضي ثم يتزايد الناس عليه، وهذا لا يعارض النهي عن بيع المسلم على بيع أخيه، فإن النهي المقصود بعد تمام البيع، أما المزاد فإن البيع لم يتم بعد.
ومن أنواع البيوع التي أباحتها الشريعة: بيع الأجل، كأن تشتري شيئاً وتدفع ثمنه فيما بعد، سوءا تسلمه دفعة واحدة، أو على أقساط، أو دفعة مقدماً والباقي على أقساط، فهذا جائز ولا حرج فيه، لكن في غير الأصناف الربوية الستة التي نص عليها رسول الله ﷺ.
ومن البيوع الجائزة في الشريعة أيضاً: بيع السلم، وبيع السلم هو عكس بيع الأجل تدفع الثمن الآن، وتستلم المبيع فيما بعد مثاله: لو ذهبت إلى مصنع وطلبت أن يصنع لك خزاناً، فيجوز أن تدفع الثمن كاملاً الآن، والخزان لم يصنع بعد.ويكون الخزان معلوماً موصوفاً في ذمة البائع، ويكون الاستلام بعد شهر، هذا جائز، تدفع الثمن الآن، وتأخذ البضاعة بعد شهر، هذا يسمى بيع السلم وهو مما أباحته الشريعة والحمد لله. لكن هذا النوع من البيع له شروط.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ: السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ . فَقَالَ : (مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ ، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ). فلابد أن يكون المسلم فيه معلوماً، قدره، ووصفه، وثمنه.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ كما أمرَكم بذلك ربُّكم ربُّ العالمينَ فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
وقال ﷺ: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً)، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّد، اللَّهُمَ ارْزُقْنَا مَحَبَّتَهُ وَاتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً، اللَّهُمَّ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَأَدْخِلْنَا فِي شَفَاعَتِهِ وَأَسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ واجْمَعْنَا بِهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَوَالِدِينَا وَأَهَالِينَا وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ!
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظِّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.
رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ. اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
عِبَادَ اللهِ: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ).
https://minbarkhateeb.blogspot.com/2018/10/blog-post_64.html