خطبة : ( رمضان أقبل ... فيا باغي الخير أقبل )
عبدالله البصري
1438/08/29 - 2017/05/25 15:30PM
رمضان أقبل ... فيا باغي الخير أقبل 29 / 8 / 1438
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، سَوَاءٌ استَيقَظَت قُلُوبُنَا مِن رَقَدَاتِ الغَفلَةِ وَانتَبَهَت ، فَتَيَقَّنَّا أَنَّ أَنَفسَ مَا صُرِفَت لَهُ الأَوقَاتُ وَأُمضِيَت فِيهِ السَّاعَاتُ ، هُوَ عِبَادَةُ رَبِّ الأَرضِ وَالسَّماوَاتِ ، أَمِ استَولى عَلَينَا ضَعفُ النُّفُوسِ وَخَوَرُ العَزَائِمِ ، وَأَخَذَت بِنَا الدُّنيَا في مَسَارِبِهَا وَتِهنَا في دُرُوبِهَا ، وَشَغَلَتنَا زَخَارِفُهَا وَصَرَفَنَا مَتَاعُهَا عَمَّا خُلِقنَا لَهُ ، فَإِنَّنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ في طَرِيقِ الآخِرَةِ مَاضُونَ ، وَإِلى اللهِ عَلَى الدَّوَامِ سَائِرُونَ ، وَإِلَيهِ عَن قَرِيبٍ صَائِرُونَ ، وَعَلَى مَا أَعَدَّهُ لَنَا قَادِمُونَ ، وَهُوَ - تَعَالَى - قَد خَلَقنَا لأَمرٍ عَظِيمٍ وَغَايَةٍ جَلِيلَةٍ ، وَجَعَلَ جَزَاءَ الطَّاعَةِ الجَنَّةَ بِفَضلِهِ ، وَنَتِيجَةَ المَعصِيَةِ النَّارَ بِعَدلِهِ " فَمَن ثَقُلَت مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ . وَمَن خَفَّت مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم في جَهَنَّمَ خَالِدُونَ "
" فَأَمَّا مَن ثَقُلَت مَوَازِينُهُ . فَهُوَ في عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ . وَأَمَّا مَن خَفَّت مَوَازِينُهُ . فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ . وَمَا أَدرَاكَ مَا هِيَهْ . نَارٌ حَامِيَةٌ "
وَإِنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الأَزمِنَةُ الفَاضِلَةُ مِن أَنسَبِ أَوقَاتِ الجِدِّ في الطَّاعَةِ ، وَأَحرَاهَا بِالتَّوبَةِ وَالإِنَابَةِ ، وَكَانَ شَهرُ رَمَضَانَ مِن مَوَاسِمِ الجُودِ الإلَهِيِّ العَمِيمِ ، حَيثُ تُصَفَّدُ الشَّيَاطِينُ وَتُغلَقُ أَبوَابُ النِّيرَانِ ، وَيُنَادِي مُنَادِي الخَيرِ وَتُفتَحُ أَبوَابُ الجِنَانِ ، وَتُقَالُ العَثرَاتُ وَتُمحَى السَّيِّئَاتُ ، وَتُوَزَّعُ الجَوَائِزُ الرَّبَّانِيَّةُ عَلَى الأَصفِيَاءِ وَالمُجتَهِدِينَ ، كَانَ لِزَامًا عَلَينَا أَن نَنتَبِهَ مِن غَفَلاتِنَا ، وَأَن نَستَيقِظَ مِن رَقَدَاتِنَا ، وَأَن نَتَوَاصَى عَلَى تَحصِيلِ مَرضَاةِ الرَّبِّ العَظِيمِ في هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ ، قَبلَ أَن يَجتَذِبَنَا دُعَاةُ البَاطِلِ ، الَّذِينَ يَتَعَاظَمُ كَيدُهُم في أَعظَمِ الشُّهُورِ ، وَيُسرِفُونَ في إِغوَاءِ الخَلقِ بِاللَّهوِ وَالفُجُورِ ، وَيَسرِقُونَ الأَوقَاتَ بِمَا يَعرِضُونَهُ وَيُذِيعُونَهُ ، وَيُفسِدُونَ القُلُوبَ بِمَا يَنشُرُونَهُ وَيُشِيعُونَهُ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد صَامَتِ الأُمَّةُ فِيمَا مَضَى دُهُورًا ، وَمَرَّ رَمَضَانُ بِكَثِيرٍ مِنَّا شُهُورًا ، فَهَل ازدَدْنَا مِنَ اللهِ قُربًا ؟!
هَلِ امتَلأَت قُلُوبُنَا إِيمَانًا وَتَقوًى ؟!
هَل نَحنُ بَعدَ كُلِّ رَمَضَانَ أَحسنُ مِنَّا قَبلَهُ ؟
إِنَّ في الوَاقِعِ خَيرًا كَثِيرًا وَللهِ الحَمدُ وَالمِنَّةُ ، وَثَمَّةَ نَمَاذِجُ صَالِحَةٌ يُقتَدَى بِهَا ، في التَّعَبُّدِ وَالتَّأَلُّهِ ، وَفي المُنَافَسَةِ في الطَّاعَاتِ وَاستِبَاقِ الخَيرَاتِ ، وَفي حِفظِ الصِّيَامِ وَطُولِ القِيَامِ ، وَفي الجُودِ وَالإِنفَاقِ وَتَفطِيرِ الصَّائِمِينَ وَالإِحسَانِ إِلى المُحتَاجِينَ ، لَكِنَّ فِيهِ أيضًا مَا يُؤلِمُ القَلبَ وَيَكسِرُ الخَاطِرَ ، وَيَستَوجِبُ النُّصحَ لِلنَّفسِ وَلِلآخَرِينَ ، بِوُجُوبِ بِذلِ الجُهدِ في إِصلاحِ القُلُوبِ ، وَمُحَاوَلَةِ تَغيِيرِ الأَحوَالِ لِلأَحسَنِ ، إِذْ إِنَّ رَمَضَانَ يَدخَلُ وَيَخرُجُ ، وَفِينَا مَن لم يُحِسَّ بِأَنَّهُ قَد مَرَّ بِهِ مَوسِمُ تِجَارَةٍ أُخرَوِيَّةٍ ، فَهُوَ لِهَذَا بَاقٍ عَلَى خُمُولِهِ وَكَسَلِهِ ، لم يُتَاجِرْ وَلم يُرَابِحْ ، وَلم يُسَابِقْ وَلَم يُنَافِسْ ، لم تَشهَدْ لَهُ المَسَاجِدُ بِعِمَارَتِهَا في طَاعَةٍ ، وَلا الجَمَاعَاتُ بِحُضُورِهِ في فَرِيضَةٍ أَو نَافِلَةٍ ، وَلا المَصَاحِفُ بِطُولِ نَظَرٍ فِيهَا وَتِلاوَةٍ لها آنَاءَ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ ، وَلا مَشرُوعَاتُ البِرِّ بِمُسَاهَمَةٍ فِيهَا وَلَو بِقَلِيلٍ ، وَإِلاَّ فَإِنَّ الأُمَّةَ لَو تَجَهَّزت لِهَذَا الشَّهرِ وَأَعَدَّت لَهُ عُدَّتَهُ ، وَشَمَّرَ النَّاسُ جَمِيعًا عَن سَوَاعِدِ الجِدِّ ، وَشَدُّوا مَآزِرَهُم في الطَّاعَةِ ، وَأَكثَرُوا مِمَّا يُقَرِّبُهُم إِلى اللهِ وَالدَّارِ الآخِرَةَ ، لَرَأَينَا بَعدَ رَمَضَانَ أُمَّةً جَدِيدَةً ، تُولَدُ وَتَحيَا حَيَاةً مُغَايِرَةً لِمَا كَانَ قَبلَهُ .
فَرقُ كَبِيرُ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - بَينَ مَن يَقدُمُ عَلَى رَمَضَانَ بِنِيَّةٍ حَسَنَةٍ لاكتِسَابِ الحَسَنَاتِ بِتَكثِيرِ الطَّاعَاتِ ، وَعَزِيمَةٍ قَوِيَّةٍ عَلَى فِعلِ الخَيرِ وَتَنوِيعِ القُرُبَاتِ ، وَنَفسٍ مَشحُونَةٍ بِالصَّبرِ وَالمُصابَرَةِ وَالمُجَاهَدَةِ ، وَكَفٍّ سَخِيَّةٍ وَيَدٍ نَدِيَّةٍ ، وَبَينَ مَن يَعِيشُ أَيَّامَهُ في الأَمَانِيِّ وَالأَحلامِ ، أَو يَقضِيهَا مَشغُولاً بِتَحصِيلِ مَصلَحَةٍ دُنيَوِيَّةٍ بِبِيَعٍ أَو شِرَاءٍ ، أَو تَكَثُّرٍ بِسُؤَالٍ وَاستِعطَاءٍ ، أَوِ استِغرَاقٍ في النَّومِ وَاللَّعِبِ وَمُشَاهَدَةِ القَنَوَاتِ ، أَو تَفَنُّنٍ في تَنَاوُلِ أَصنَافِ المَأكُولاتِ وَالمَشرُوبَاتِ .
إِنَّ مَعُونَةَ اللهِ لِعِبَادِهِ في شَهرِهِم ، بَل وَفي كُلِّ زَمَانِهِم وَدَهرِهِم ، مَقرُونَةٌ بِمُرابَطَتِهِم وَصَبرِهِم ، وَمُنَافَسَتِهِم في الصَّالِحَاتِ ، وَاستِبَاقِهِم الخَيرَاتِ ، وَمُسَارَعَتِهِم إِلى أَسَبَابِ المَغفِرَةِ ، وَفي الحَديثِ القُدسِيِّ الَّذِي رَوَّاهُ الشَّيخَانِ ، يَقُولُ اللهُ – تَبَارَكَ وَتَعَالى - : " أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني ، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي ، وَإِنْ ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُهُ في مَلأٍ خَيرٍ مِنهُم ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبرٍ تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً "
أَلا فَلْيَعُدْ كُلٌّ مِنَّا إِلى نَفسِهِ ، وَلْيُثِرْ فِيهَا كَوَامِنَ الشَّوقِ إِلى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – وَلْيَستَحضِرْ أَنَّ الجَنَّةَ دَارُ المُتَّقِينَ ، وَأَنَّ فِيهَا النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءَ وَالصَّالِحِينَ ، وَقَد كَانَ كُلُّ أُولَئِكَ مُشَمِّرِينَ ، وَإِلى مَا يُرضِي اللهَ سَبَّاقِينَ ، وَقَد قَالَ مُوسَى – عَلَيهِ السَّلامُ - : " وَعَجِلْتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضَى " وَكَانَ مِن دُعَاءِ الحَبِيبِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في صَلاتِهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : " وَأَسأَلُكَ الرِّضَا بِالقَضَاءِ ، وَبَردَ العَيشِ بَعدَ المَوتِ ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلى وَجهِكَ ، وَالشَّوقَ إِلى لِقَائِكَ " رَوَاهُ النَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
فَأَينَ مَن يُرِيدُ بَردَ العَيشِ بَعدَ المَوتِ ؟
أَينَ مَن يُرِيدُ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلى وَجهِ اللهِ الكَرِيمِ ؟
هَلِ اشتَقتُم إِلى لِقَاءِ اللهِ - عِبَادَ اللهِ - ؟!
لا بُدَّ أَنَّ كُلاًّ مِنَّا كَذَلِكَ ، وَإِلاَّ فَمَا قِيمَةُ حَيَاتِنَا وَأَيُّ ثَمَرَةٍ لَهَا ؟!
أَفَتَرَونَهُ يَنَالُ بَردَ العَيشِ في القَبرِ وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلى وَجهِ اللهِ في الجَنَّةِ عَبدٌ استَولَت عَلَى قَلبِهِ الشُّبُهَاتُ وَامتَلَكَتهُ الشَّهَوَاتُ ، وَأَهلَكَتهُ جَوَائِحُ المَعَاصِي وَرَانَت عَلَيهِ السَّيِّئَاتُ ، أَو عَجَزَ عَنِ استِيعَابِ عَظِيمِ الأَجرِ في الصَّبرِ وَتَقدِيمِ الصَّالِحَاتِ البَاقِيَاتِ ؟!
تَأَمَّلُوا – عِبَادَ اللهِ – قَولَ رَبِّكُم – جَلَّ وَعَلا - : " مَن ذَا الَّذِي يُقرِضُ اللهَ قَرضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أضعافًا كَثِيرَةً " لِتَعلَمُوا أَنَّ اللهَ – تَعَالَى – قَدِ استَقرَضَكُم أَموَالَكُم وَأَعمَارَكُم وَأَعمَالَكُم ، لِيُوَفِّيَكُم أَجَورَكُم وَيُضَاعِفَ حَسَنَاتِكُم ، وَقَد حَدَاكُم – سُبحَانَهُ - إِلى المُسَابَقَةِ وَالمُسَارَعَةِ وَالمُنَافَسَةِ ، فَقَالَ – تَعَالى - : " فَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ " وَقَالَ : " وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ "
وَقَالَ : " سَابِقُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا كَعَرضِ السَّمَاءِ وَالأَرضِ أُعِدَّت لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ "
وَقَالَ : " وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُولَئِكَ المُقَرَّبُونَ . في جَنَّاتِ النَّعِيمِ "
وَقَالَ : " إِنَّ الأَبرَارَ لَفِي نَعِيمٍ . عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ . تَعرِفُ في وُجُوهِهِم نَضرَةَ النَّعِيمِ . يُسقَونَ مِن رَحِيقٍ مَختُومٍ . خِتَامُهُ مِسكٌ وَفي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ "
فَاللهَ اللهَ – عِبَادَ اللهِ – وَكُونُوا مَعَ السَّابِقِينَ ، وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِنَ الرُّكونِ إِلى القَاعِدِينَ ، وَإِذَا ضَعُفَتِ العَزَائِمُ أَو خَارَتِ القُوَى ، أَو شَحَّتِ النُّفُوسُ أَو بَخِلَت ، فَحَدِّثُوهَا بِيَومٍ تَدخُلُونَ فِيهِ الجَنَّةَ ، فَلا يَكُونُ شَيءٌ في ذَلِكَ اليَومِ بَعدَ نَعِيمِ دُخُولِهَا أَعَظمَ مِن نَعِيمِ رُؤيَةِ وَجهِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – فِيهَا ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " إِذَا دَخَلَ أَهلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ ، قَالَ : يَقُولُ اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - : تُرِيدُونَ شَيئًا أَزِيدُكُم ؟ فَيَقُولُونَ : أَلَم تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا ؟ أَلَم تُدخِلْنَا الجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ ؟ قَالَ : فَيَكشِفُ الحِجَابَ ، فَمَا أُعطُوا شَيئًا أَحَبَّ إِلَيهِم مِنَ النَّظَرِ إِلى رَبِّهِم - عَزَّ وَجَلَّ - " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
فَحَيَّهَلا إِنْ كُنتَ ذَا هِمَّةٍ فَقَد
حَدَا بِكَ حَادِي الشَّوقِ فَاطوِ المَرَاحِلا
حَدَا بِكَ حَادِي الشَّوقِ فَاطوِ المَرَاحِلا
وَلا تَنتَظِرْ بِالسَّيرِ رُفقَةَ قَاعِدٍ
وَدَعْهُ فَإِنَّ العَزمَ يَكفِيكَ حَامِلا
وَدَعْهُ فَإِنَّ العَزمَ يَكفِيكَ حَامِلا
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلاً . أُولَئِكَ لَهُم جَنَّاتُ عَدنٍ تَجرِي مِن تَحتِهِمُ الأَنهَارُ يُحَلَّونَ فِيهَا مِن أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلبَسُونَ ثِيَابًا خُضرًا مِن سُندُسٍ وَإِستَبرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَت مُرتَفَقًا "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ كَمَا أَمَرَكُم يُنجِزْ لَكُم مَا وَعَدَكُم " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا " " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا " " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعظِمْ لَهُ أَجرًا "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، هَذَا رَمَضَانُ قَد حَضَرَكُم ، فَأَعِدُّوا العُدَّةَ وَأَصلِحُوا النِّيَّةَ ، وَاعزِمُوا عَلَى الطَّاعَةِ وَاسلُكُوا طَرِيقَ الصَّالِحَاتِ وَالحَسَنَاتِ يَزِدْكُم رَبُّكُم مِنهَا وَيُبَارِكْ لَكُم فِيهَا ، فَإِنَّ الرَّبَّ - تَعَالى - غَفُورٌ شَكُورٌ ، لا يُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلاً ، وَلا يَرُدُّ مَن أَقبَلَ عَلِيهِ مُؤَمِّلاً ، قَالَ - تَعَالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقنَاهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرجُونَ تِجَارَةً لَن تَبُورَ . لِيُوَفِّيَهُم أُجُورَهُم وَيَزِيدَهُم مِن فَضلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ "
وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَمَن يَقتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسنًا إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ "
وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " إِنْ تُقرِضُوا اللهَ قَرضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ "
وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " فَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ . وَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ "
إِنَّ النُّفُوسَ عَلَى مَا عَوَّدَهَا أَصحَابُهَا ، وَلَيسَ شَيءٌ أَضَرَّ بِها مِنَ الكَسَلِ أَوِ الاستِعجَالِ وَالمَلَلِ ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " الخَيرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ – تَعَالى – في ذَمِّ الكُسَالى : " وَلَو أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُم فَثَبَّطَهُم وَقِيلَ اقعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ "
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " يُستَجَابُ لأَحَدِكُم مَا لم يَعجَلْ يَقُولُ دَعَوتُ فَلَم يُستَجَبْ لي " رَوَاهُ الشَّيخَانِ .
وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " خُذُوا مِنَ الأَعمَالِ مَا تُطِيقُونَ ، فَإِنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ .
فَلْنُعَوِّدِ النُّفُوسَ الإقبَالَ عَلَى الطَّاعَاتِ وَالاستِكثَارَ مِنَ الحَسَنَاتِ ، وَخَاصَّةً في مَوَاسِمِ الخَيرَاتِ ؛ فَإِنَّ للهِ في تِلكَ المَوَاسِمِ نَفحَاتٍ ، فَعَسَى أَن تُصِيبَنَا وَاحِدَةٌ مِنهَا فَنَسعَدَ بِهَا سَعَادَةً نَأمَنُ بَعدَهَا مِنَ النَّارِ وَمَا فِيهَا مِنَ اللَّفَحَاتِ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ "
المرفقات
رمضان أقبل فيا باغي الخير أقبل.doc
رمضان أقبل فيا باغي الخير أقبل.doc
رمضان أقبل فيا باغي الخير أقبل.pdf
رمضان أقبل فيا باغي الخير أقبل.pdf
المشاهدات 1832 | التعليقات 2
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
عبدالعزيز الدلبحي
جزاك الله خير ونفع بعلمك الاسلام والمسلمين كلمات بليغة مؤثرة , اسال الله أن يبلغنا واياك هذا الشهر المبارك ويتقبل منا فيه الصيام والقيام
تعديل التعليق