خطبة : ( رسالة من الوباء إلى قلوب العقلاء )

عبدالله البصري
1441/10/12 - 2020/06/04 14:49PM
رسالة من الوباء إلى قلوب العقلاء 13 / 10/ 1441
 
 
الخطبة الأولى :
 
أَمَّا بَعدُ ، فَإِنَّ خَيرَ مَا تَمَسَّكَ العَبدُ بِهِ مِن عُرَى النَّجَاةِ تَقوَى اللهِ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا " " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا " " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعظِمْ لَهُ أَجرًا "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مَاذَا تَكتُبُ الأَقلامُ في هَذِهِ الأَيَّامِ ، وَمَاذَا عَسَى الأَلسِنَةُ أَن تَقُولَ وَعَمَّ سَنَتَحَدَّثُ ، بَل وَمَا الَّذِي يَعتَلِجُ في قَلبِ كُلِّ مُسلِمٍ في هَذِهِ السَّاعَةِ ، بَعدَ أَكثَرَ مِن سَبعِينَ يَومًا مُنِعَ فِيهَا مِنَ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ ؟!
لم يَكُنْ مَا حَدَثَ صَيحَةً وَلا زِلزَالاً ، وَلا طُوفَانًا وَلا فَيَضَانًا ، بَل كَانَ أَقَلَّ مِن ذَلِكَ وَأَصغَرَ وَأَحقَرَ ، وَأَدَقَّ مِن أَن تَرَاهُ العُيُونُ أَو يَصِفَهُ الوَاصِفُونَ ، لَولا أَنَّهُ زَلزَلَ الحَيَاةَ في الأَرضِ كُلِّهَا ، وَغَيَّرَ خِطَطًا وَأَفشَلَ مَشرُوعَاتٍ ، وَأَوقَفَ أَعمَالاً وَشَلَّ حَرَكَاتٍ ، وَهَزَّ اقتِصَادًا وَأَرهَقَ مُوَازَنَاتٍ ، وَزَهَّدَ مَفتُونِينَ بِالحَيَاةِ المَادِّيَّةِ وَقَطَعَ عَلائِقَهُم بِهَا بِالكُلِّيَّةِ ، وَأَعَادَ إِلى عُقُولِهِم شَيئًا مِن رُشدِهَا وَكَشَفَ الغِطَاءَ عَن أَعيُنِهِم ، وَأَيقَظَهُم مِن سُبَاتِهِم وَرَقدَتِهِم ، وَنَبَّهَهُم مِن غَفلَتِهِم سَكرَتِهِم ، فَاقتَنَعُوا بِأَنْ لا قِيمَةَ لِلحَيَاةِ وَلا طَعمَ لَهَا وَلا لَونَ ، إِلاَّ بِالقِيَمِ الرُّوحِيَّةِ وَالمَبَادِئِ الإِنسَانِيَّةِ ، وَخَاصَّةً مَا جَاءَ مِن عِندِ خَالِقِ الأَرضِ وَالسَّمَاءِ ، وَمُنزِلِ الكُتُبِ وَمُرسِلِ الأَنبِيَاءِ " أَلا يَعلَمُ مَن خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ "
مَا أَضعَفَ الإِنسَانَ مَعَ شِدَّةِ بَأسِهِ ! وَمَا أَقَلَّ حِيلَتَهُ مَعَ حِدَّةِ ذَكَائِهِ ! بَينَمَا هُوَ مُغتَرٌّ بِقُوَّتِهِ مُعتَزٌّ بِغِنَاهُ ، فَخُورٌ بِمَا وَصَلَ إِلَيهِ مِن عِلمٍ دُنيَوِيٍّ وَتَقَدُّمٍ مَادِيٍّ ، يَظُنُّ أَنَّهُ قَد مَلَكَ البَرَّ وَالبَحرَ ، أَو أَنَّه قَد سَخَّرَ الفَضَاءَ وَطَاوَلَ عَنَانَ السَّمَاءِ ، إِذَا بِهِ يُفَاجَأُ بِمَا لم يَكُنْ في حِسبَانِهِ ، رِجَالُ أَعمَالٍ وَقَادَةٌ كَانُوا غَارِقِينَ في مُؤَسَّسَاتِهِم وَسِيَاسَاتِهِم ، وَمُوَظَّفُونَ في مَكَاتِبِهِم وَعُمَّالٌ في أَعمَالِهِم ، وَطَائِرَاٌت في سَمَائِهَا وَسَيَّارَاتٌ في شَوَارِعِهَا ، وَبَوَاخِرُ تَمخُرُ في البِحَارِ وَمُدُنٌ تَعُجُّ بِالحَرَكَةِ ، وَأَسوَاقٌ غَارِقَةٌ في البَيعِ وَالشِّرَاءِ وَالضَّوضَاءِ ، بَل وَانشِغَالٌ بِكَثِيرٍ مِنَ القَضَايَا الجَانِبِيَّةِ وَخُرُوجٌ عَن جَادَّةِ الجِدِّ ، وَإِغرَاقٌ في اللَّهوِ وَاللَّعِبِ وَالهَزْلِ ، وَانحِرَافٌ مِن هَذَا المَخلُوقِ الضَّعِيفِ عَمَّا خُلِقَ لَهُ ، وَانصِرَافٌ مِنهُ عَمَّا أُوجِدَ لأَجلِهِ ، حَتى يَكَادُ يُؤَلِّهُ نَفسَهُ وَيَجعَلُ لَهَا القُدرَةَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ وَيَحسِبُ أَنَّهُ عَلَى عِلمٍ بِكُلِّ شَيءٍ ، وَيَظُنُّ أَنَّ إِلَيهِ المَرجِعَ في التَّحلِيلِ وَالتَّحرِيمِ وَالتَّشرِيعِ ، وَيَشَاءُ اللهُ – تَعَالى - أَن يَكسِرَ طُغيَانَ هَذَا المَخلُوقِ وأَن يُطَمْئِنَ مِن كِبرِهِ وَيُرغِمَ أَنفَهُ ، وَأَن يُظهِرَ لَهُ حَجمَهُ الحَقِيقِيَّ وَيُوقِفَهُ عَلَى شِدَّةِ ضَعفِهِ ، فَيُسَلِّطُ عَلَيهِ مَخلُوقًا لا يَرَاهُ ، فَتَتَغَيَّرُ أَحوَالُ العَالَمِ في أَيَّامٍ مَعدُودَةٍ ، وَيَنحَرِفُ المَسَارُ وَتَتَوَقَّفُ الحَرَكَةُ ، وَتَتَعَطَّلُ الحَيَاةُ وَيَهتَزُّ الاقتِصَادُ ، وَتُقَطَّعُ العَلائِقُ وَتَنفَصِمُ العُرَى ، وَيَتَبَاعَدُ المُتَقَارِبُونَ وَيَتَنَاكَرُ المُتَآلِفُونَ ، وَيَمرَضُ أُنَاسٌ وَيَمُوتُ آخَرُونَ ، وَيَلزَمُ كُلٌّ بَيتَهُ وَيَفِرُّ مِمَّن حَولَهُ . وَيَشَاءُ - جَلَّ وَعَلا - أَن يُقِرَّ النَّاسُ بِفَقرِهِم إِلَيهِ وَوُجُوبِ رُجُوعِهِم إِلَيهِ وَتَوَكُّلِهِم عَلَيهِ ، وَلُزُومِ تَركِهِم لِلمَعَاصِي وَاجتِنَابِ المُنكَرَاتِ ، وَضَرُورَةِ اللَّهَجِ بِالدَّعَوَاتِ وَالتَّحَصُّنِ بِالأَذكَارِ وَالتَّعَوُّذَاتِ . وَيَشَاءُ – تَعَالى - أَن يُظهِرَ لَهُم جَوَانِبَ مِنَ الإِعجَازِ الشَّرعِيِّ في التَّعَامُلِ مَعَ الأَوبِئَةِ وَسُبُلِ الوِقَايَةِ مِنهَا ، كَالحِرصِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَالنَّظَافَةِ ، وَاجتِنَابِ الخَبَائِثِ مِنَ الأَطعِمَةِ وَالمَشرُوبَاتِ ، وَعَدَمِ مُخَالَطَةِ الصَّحِيحِ لِلمَرِيضِ مَرَضًا مُعدِيًا . وَيَشَاءُ – تَعَالى - فَوقَ ذَلِكَ كُلِّهِ أَن يُظهِرَ لِلنَّاسِ عَورَاتِ ضَالِّينَ مُضِلِّينَ فَاتِنِينَ مَفتُونِينَ ، اعتَادُوا عَلَى الاستِهزَاءِ بِالدِّينِ ، وَالدَّعوَةِ لِلضَّلالِ وَالفُجُورِ وَنَشرِ العُهرِ وَالسُّفُورِ ، لِيَجِدُوا أَنفُسَهُم في ظِلِّ هَذَا الوَبَاءِ فَارِغِينَ بِلا عَمَلٍ ، فَلا هُم مَعَ عُلَمَاءِ الشَّرعِ الَّذِينَ يَسعَونَ لِتَحقِيقِ أَعظَمِ أَسبَابِ رَفعِ البَلاءِ بِالتَّوبَةِ وَالدُّعَاءِ ، وَلا مَعَ عُلَمَاءِ الطِّبِّ الَّذِينَ يُعَالِجُونَ المَرضَى وَيُقَدِّمُونَ النَّصَائِحَ الوِقَائِيَّةَ وَيُحَارِبُونَ في الصُّفُوفِ الأَمَامِيَّةِ ، وَلا مَعَ الجِهَاتِ الرَّسمِيَّةِ الَّتي تُدِيرُ الأَزمَةَ بِحِكمَةٍ وَتَسعَى في مَصَالِحِ النَّاسِ بِجِدٍّ وَحَزمٍ ، وَإِنَّمَا هُم كَعَادَةِ المُنَافِقِينَ في كُلِّ زَمَانٍ ، مُرجِفُونَ كَاذِبُونَ ، يُشَوِّشُونَ عَلَى المُصلِحِينَ النَّاصِحِينَ ، فَأَرَادَ اللهُ فَضحَهُم لِيَحذَرَ النَّاسُ مِنهُم وَيَتَّقُوا شَرَّهُم ، وِلِيَعرِفُوا لِمَن تَكُونُ القِيَادَةُ وَالسِّيَادَةُ ؟! وَمَن هُم أَهلُ البَذلِ وَالعَطَاءِ وَالرِّيَادَةِ ؟! وَلِيَعلَمَ النَّاسُ أَنَّ السَّاسَةَ الحُكَمَاءَ ، وَالعُلَمَاءَ وَالفُقَهَاءَ ، وَرِجَالَ الأَمنِ وَالأَطِبَّاءَ ، هُم أَبطَالُ هَذِهِ المَوَاقِفِ ، وَلِتَعلَمَ المُجتَمَعَاتُ أَنَّ أَنشِطَةَ اللَّعِبِ وَالرِّيَاضَةِ ، وَبَرَامِجَ التَّرفِيهِ والسِّيَاحَةِ ، لا وُجُودَ لَهَا عِندَ المَصَائِبِ وَالأَزمَاتِ ، مَعَ الإِيمَانِ بِمَحدُودِيَّةِ الأَسبَابِ المَادِّيَّةِ ، وَاليَقِينِ بِضَعفِ القُوَى البَشَرِيَّةِ ، وَأَنْ لا مَفَرَّ لِلنَّاسِ مِمَّا قَضَى اللهُ إِلاَّ إِلَيهِ ، فَهَا هِيَ الحَضَارَةُ المَادِّيَّةُ مَعَ مَا وَصَلَت إِلَيهِ مِن تَقَدُّمٍ ، لم تُقَدِّمْ بَعدَ كُلِّ هَذَا الانهِيَارِ الصِّحِّيِّ وَالاقتِصَادِيِّ شَيئًا يُذكَرُ في إِيقَافِ الوَبَاءِ أَو رَفعِ البَلاءِ ، فَالحَمدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ ثَمَّةَ كَلامًا كَثِيرًا بَعدَ طُولِ الصَّمتِ فِيمَا مَضَى ، وَلَكِنَّ خَيرَ الكَلامِ مَا قَلَّ وَدَلَّ ، وَإِنَّ مِمَّا يُلحَظُ في هَذِهِ الأَزمَةِ أَنَّ النَّاسَ قَد جَعَلُوا يَهتَمُّونَ اهتِمَامًا شَدِيدًا بِتَنظِيفِ كُلِّ مَا حَولَهُم وَتَطهِيرِهِ وَتَنقِيَتِهِ ، حَتى الشَّوَارِعُ وَالطُّرُقَاتُ وَالأَسوَاقُ وَالمَحَلاتُ وَالآلاتُ وَالأَدَوَاتُ ، وَهَذَا فِعلٌ جَمِيلٌ وَتَصَرُّفٌ حَكِيمٌ ، وَاجتِهَادٌ مَحمُودٌ وَأَخذٌ بِالأَسبَابِ مَشرُوعٌ ، وَلَكِنَّ وَرَاءَهُ دَرسًا عَظِيمًا يَجِبُ أَلاَّ نَغفَلَ عَنهُ جَمِيعًا ، أَلا وَهُوَ أَنَّنَا بِحَاجَةٍ مَعَ تَنظِيفِ الأَجسَادِ وَتَطهِيرِ الظَّاهِرِ ، إِلى تَنظِيفِ البَاطِنِ وَتَنقِيَةِ السَّرَائِرِ ، وَكَمَا نَحرِصُ عَلَى نَظَافَةِ مَا نَتَنَاوَلُهُ وَنَلمَسُهُ أَو مَا نَأكُلُهُ وَنَلبَسُهُ ، فَلا بُدَّ مِنَ الحِرصِ عَلَى الطُّهرِ المَعنَوِيِّ وَالنَّقَاءِ الدَّاخِلِيِّ ، بِتَحصِينِ قُلُوبِنَا مِن أَمرَاضِ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ ، وَتَطهِيرِهَا مِنَ الشِّركِ وَالشَّكِّ وَالنِّفَاقِ وَسَيِّئِ الأَخلاقِ ، وَتَخلِيصِهَا مِنَ الآفَاتِ المُهلِكَةِ كَالكِبرِ وَالغِلِّ وَالحِقدِ وَالحَسَدِ ، نَحتَاجُ إِلى تَطهِيرِ أَلسِنَتِنَا وَأَعيُنِنَا وَأَسمَاعِنَا وَأَيدِينَا ، مِنَ الكَذِبِ وَقَولِ السُّوءِ وَالبَذَاءَةِ ، وَالغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالاستِهزَاءِ ، وَمِنَ النَّظَرِ إِلى المُحَرَّمَاتِ وَهَتكِ العَورَاتِ ، وَمِنِ استِمَاعِ مَا لا يَحِلُّ استِمَاعُهُ ، وَمِنَ التَّعَامُلِ بِالتَّدلِيسِ وَالخِدَاعِ وَالغِشِّ ، وَإِيذَاءِ النَّاسِ وَالاعتِدَاءِ وَالبَطْشِ ، نَحتَاجُ إِلى تَطهِيرِ أَرزَاقِنَا مِن أَكلِ الحَرَامِ أَوِ التَّهَاوُنِ بِتَنَاوُلِ المُشتَبَهِ ، وَإِلى تَصفِيَةِ أَعمَالِنَا وَتَنقِيَةِ أَخلاقِنَا وَتَنظِيفِ بُيُوتِنَا وَمُجتَمَعَاتِنَا ، وَإِصلاحِ أَنفُسِنَا وَمَن تَحتَ أَيدِينَا ، فَإِنَّهُ مَا نَزَلَ بَلاءٌ إِلاَّ بِذَنبٍ ، وَلا رُفِعَ إِلاَّ بِتَوبَةٍ وَتَغيِيرٍ لِلأَحسَنِ " وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم وَيَعفُو عَن كَثِيرٍ . وَمَا أَنتُم بِمُعجِزِينَ في الأَرضِ وَمَا لَكُم مِن دُونِ اللهِ مِن وَليٍّ وَلا نَصِيرٍ " نَسأَلُ اللهَ أَن يُزِيلَ الغُمَّةَ عَنِ الأُمَّةِ ، وَأَن يَرفَعَ الوَبَاءَ وَيَدفَعَ عَنَّا البَلاءَ ، وَأَن يُحيِيَنَا حَيَاةً طَيِّبَةً وَيُمَتِّعَنَا مَتَاعًا حَسَنًا ، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ...
 
 
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى ، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى ، وَاعلَمُوا أَنَّ النَّاجِيَ مِنَ هَذَا البَلاءِ ، لَيسَ هُوَ الَّذِي يَرتَفِعُ الوَبَاءُ دُونَ أَن يُصَابَ بِالدَّاءِ ، ذَلِكُم أَنَّ مَن لم يَمُتِ اليَومَ بِسَبَبِ هَذَا الدَّاءِ ، مَاتَ بِغَيرِهِ إِذَا حَانَ أَجلُهُ ، وَلَن تَمُوتَ نَفسٌ حَتَّى تَستَكمِلَ أَجَلَهَا وَتَستَوفِيَ رِزقَهَا ، وَإِنَّمَا النَّجَاةُ الحَقِيقِيَّةُ هِيَ النَّجَاةُ في الآخِرَةِ " فَمَن زُحزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدخِلَ الجَنَّةَ فَقَد فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ " أَلا فَمَا أَجدَرَنَا أَن نَفهَمَ الرِّسَالَةَ الَّتي بُعِثَت لَنَا مَعَ هَذَا الوَبَاءِ ، فَنُسَارِعَ بِالتَّوبَةِ وَنُبَادِرَ بِالأَوبَةِ ، وَنُعِيدَ تَرتِيبَ حَيَاتِنَا وَنَسِيرَ عَلَى مَا يُرضِي رَبَّنَا ، فَإِنَّهُ – تَعَالى - وَمِن رَحمَتِهِ بِعِبَادِهِ ، يُرسِلُ إِلَيهِم هَذِهِ النُّذُرَ لِيُذَكِّرَهُم فَيَرجِعُوا ، وَيَستَعتِبُهُم بها لِيَنتَبِهُوا وَيَتُوبُوا ، وَإِلاَّ فَلَو شَاءَ لَتَرَكَهُم في غَيِّهِم يَعمَهُونَ ، ثم أَخَذَهُم بِعَدلِهِ أَخذَ عَزِيزٍ مُقتَدِرٍ . وَإِنَّهُ كَمَا حَلَّ بِالعَالَمِ اليَومَ هَذَا الوَبَاءُ ، فَإِنَّ لَهُ مَا يُمَاثِلُهُ أَو مَا هُوَ أَشَدُّ مِنهُ ، وَلَئِن عَادَ النَّاسُ إِلى مَا كَانُوا عَلَيهِ ، لَتَكُونَنَّ عَاقِبَتُهُم أَشَدَّ وَأَنكَى ، فَالحَذَرَ الحَذَرَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَحرِصْ عَلَى فِعلِ الأَسبَابِ الشَّرعِيَّةِ الَّتي نَتَحَصَّنُ بِهَا مِن كُلِّ شَرٍّ ، مَعَ حِرصِنَا عَلَى الأَسبَابِ المَادِّيَّةِ وَالاحتِرَازَاتِ الصِّحِّيَّةِ ، الَّتي يَأمُرُ بِهَا الوُلاةُ وَالخُبَرَاءُ وَيَفرِضُهَا المَسؤُولُونَ والأَطِبَّاءُ " عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجعَلْنَا فِتنَةً لِلقَومِ الظَّالِمِينَ . وَنَجِّنَا بِرَحمَتِكَ مِنَ القَومِ الكَافِرِينَ "
المرفقات

رسالة-من-الوباء-إلى-قلوب-العقلاء

رسالة-من-الوباء-إلى-قلوب-العقلاء

رسالة-من-الوباء-إلى-قلوب-العقلاء-2

رسالة-من-الوباء-إلى-قلوب-العقلاء-2

المشاهدات 2716 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا