خطبة /رسالة إلى النائمين عن الصلاة 21/6/1439هـ / سليمان السلامة

سليمان السلامة
1439/07/03 - 2018/03/20 08:20AM

رسالة إلى النائمين عن الصلاة

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدُ الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، أما بعد:

فإليكم يا عباد الله قصة رؤيا في المنام، عجيبة، مخيفة، منذرة، مفزعة، مقلقة، رآها رجل لا يكذب، وعبرها وفسرها من لا يكذب، لم يعبرها متطفل على تفسير الرؤى، ولم يعبرها متاجر بتعبير الرؤى.

فيا ترى ما هي الرؤيا؟ من رآها؟ من عبرها وفسرها؟

أما الرائي لها فهو الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم، وأما المعبر لها فهم ملائكة الرحمن عليهم السلام.

عباد الله: إليكم الرؤيا التي رواها البخاري في صحيحه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي انطلق، وإن انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه، فيتدهده الحجر ها هنا، فيتبع الحجر فيأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى، قال: قلت لهما: سبحان الله ما هذان؟ ثم قالا لي: أما إنا سنخبرك، أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة.

عباد الله: إن كنتم تتعجبون من هذه الرؤيا فرسولنا تعجب منها وقال: سبحان الله ما هذان؟

رجل مضطجع، وملك معه صخرة، يضرب بها رأس المضطجع، فما أشدها وآلمها من ضربة تشدخ وتهشم الرأس وتكسره تكسيراً، ثم تتدحرج الصخرة، فإذا ذهب الملك ليأتي بالصخرة ليضرب بها رأس المضطجع مرة أخرى، وجد رأسه عاد كما كان سليماً، فيضربه مرة أخرى، وهكذا ضربة بعد ضربة ومرة بعد مرة، في عذاب متكرر متوالي. أين يا مسلمون مكان هذا العذاب؟ إنه في البرزخ، عذاب برزخي في القبر.

 

تلكم هي عقوبة من يتعمد النوم عن الصلوات المكتوبة، أما من غلبة النوم مع بذل الأسباب المعينة على الاستيقاظ للصلاة وصدق في حرصه على الاستيقاظ فلا إثم عليه، ويصلي إذا استيقظ، قال صلى الله عليه وسلم: "ليس في النوم تفريط" رواه مسلم.

معشر المؤمنين: إن من أشنع السيئات وأعظم الموبقات النوم عن الصلوات المكتوبات، حتى أصبح أولئك اللامبالون يستغرقون في نومهم، غير مبالين بصلاة تفوتهم أو صلاة يخرج وقتها، المهم أن يهنأ بنومه، لا يستشعرون ضرورة الاستيقاظ للصلاة، أضاعوا الصلاة واعتذروا بالنوم، لكن الاعتذار بالنوم لا يكون بالغياب عن الجامعة أو المدرسة، ولا بالغياب عن الوظيفة، ولا يفوت رحلة وسفراً ويعتذر بالنوم.

أيها النائم عن الصلوات المكتوبات: ألا تخشى أن يحرمك الله لذة النوم أو يحرمك من النوم، فتعيش قلقاً لا تعرف معه للنوم لذة، ألا تخشى أن يصيبك من العذاب مثل ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم من عذاب الذي ينام عن الصلاة المكتوبة؟ أيتحمل رأسك ضربة بحجر من ملك؟ فكيف بضربات؟!!

يا من ينامون عن الصلوات المكتوبة: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، ألستم تحبون الله؟ ألستم تطمعون بدخول الجنة؟ ألستم تؤملون تكفير السيئات؟ ألستم تريدون راحة في الدنيا والآخرة؟

إذاً ما بالكم بالنوم للصلوات مضيعون؟

يا عبد الله يا من زينت له نفسه النوم عن الصلاة كم من الصلوات خسرت أجورها وفضائلها بسبب نومك؟

ألا يدعوك إيمانك وحبك لربك أن تقف مع نفسك وقفة محاسبة، وقفة مراجعة، وقفة تصحيح، وقفة تدارك، قبل أن تقول يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله.

التوبة التوبة، والبدار البدار في أداء الصلاة بوقتها، هل سمعت أو قرأت الفتوى الشهيرة للإمام المبجل ابن باز رحمنا الله وإياه إذ أفتى بقوله: "من يتعمد ضبط الساعة إلى ما بعد طلوع الشمس حتى لا يصلي فريضة الفجر في وقتها، فهذا قد تعمد تركها في وقتها، وهو كافر بهذا عند جمع كثير من أهل العلم كفراً أكبر".

يا عبد الله: انج بنفسك، يا من نام عن الصلاة، أقبل على الله وابذل الأسباب المعينة من تركيب منبه، وتوصية من يوقظك، ومصاحبة المصلين، ادع الله أن يعينك على الصلاة، وإذا أذنبت بادر إلى الاستغفار. كن عوناً لوالديك وزوجتك حينما يوقظونك للصلاة، عاقب نفسك حينما تنام عن الصلاة، اجعل أولى وأهم شيء عندك المحافظة على الصلاة، كن رعاك الله من (الخَلَفْ) وتكن من (الخَلْف) (الخَلَف) المتبعون لخير سلف المقتدون بالصالحين، (الخلْف) الناكصون على أعقابهم الراجعون إلى الوراء.

قال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا}

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة....

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله... أما بعد:

يا عبد الله: اعلم رعاك الله أنك لست مخيراً بأن تقوم أو لا تقوم للصلاة، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً}.

وتذكر أن سهرك لو كان على طاعة أو قراءة قرآن، ومنعك ذلك من الاستيقاظ للصلاة لكان سهراً محرماً، فكيف بسهرٍ على لغو ولهو، أتراه سهراً مباحاً أم محرماً؟

يا عبد الله: لذة الصلاة لا تعدلها لذة السهر ولا لذة النوم.

أيها النائم عن الصلاة، أترضى أن يهينك أحد أو يعتدي على كرامتك؟ أظنك لا ترضى؟ أليس كذلك؟

لكنك في الحقيقة قد رضيت بإهانة الشيطان لك، إهانة شنيعة، ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة، فقال: بال الشيطان في أذنه" رواه البخاري ومسلم.

محافظتك على الصلاة فيها حفظ لكرامتك من إهانة الشيطان لك.

يامن ضيع صلاته بسبب نومه إن ضعفت نفسك وغلبك هواك فتذكر الرؤيا التي رآها نبيك محمد صلى الله عليه وسلم في عقوبة من ينام عن الصلاة المكتوبة: "أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه، فيتدهده الحجر ها هنا، فيتبعُ الحجر فيأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى".

 

ربنا اجعلنا من الذين هم على صلاتهم يحافظون، والذين هم على صلاتهم دائمون، واجعلنا من ورثة الفردوس.

ربنا اجعل الصلاة قرة عين لنا ولذريتنا، ربنا اجعلنا مقيمي الصلاة وذرياتنا.

ربنا أذقنا لذة وحلاوة الصلاة والوقوف بين يديك.

ربنا اجعل صلاتنا لنا نورا، ربنا حبب الصلاة لقلوبنا

نعوذ بك يا رب أن نكون من المضيعين للصلاة.

المرفقات

رسالة-إلى-النائمين-عن-الصلاة

رسالة-إلى-النائمين-عن-الصلاة

رسالة-إلى-النائمين-عن-الصلاة-1

رسالة-إلى-النائمين-عن-الصلاة-2

المشاهدات 1706 | التعليقات 1

بارك الله فيك شيخ سليمان بداية مشرقة ولفتة مهمة حول شعيرة عظيمة هي صلاح من أراد صلاح الحال وهي نجاح لمن أراد نجاح المآل ..

رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ..