خطبة حق المسلم على المسلم - قصيرة ومختصرة

سعيد الشهراني
1444/06/17 - 2023/01/10 12:02PM

الخطبة الأولى :

الحمد لله الذي جعل المؤمنين إخوة في الإيمان، وشرع لهم من الأسباب ما تقوم به تلك الأخوة، وتستمر على مدى الزمان، أحمده وأشكره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما .        أما بعد :                                             

أيها الناس : اتقوا الله عباد الله واعلموا أن الإسلامُ جعل للمُسْلِم حقوقًا على أخيه المُسْلِم؛ حِفاظًا على الأخوة الإيمانية, وتقويةً  للتَّرابط بين المسلمين؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ, وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ, وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ, وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ, وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ, وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» رواه مسلم .

الحقُّ الأوَّل: تُسَلِّمُ عليه إذا لَقِيتَه, وتَرُدُّ عليه السَّلامَ إذا سلَّم عليكَ؛ وإفشاءُ السَّلامِ من خَيرِ أعمالِ الإسلام, فقد سأل رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» رواه البخاري ومسلم. ومن السُّنة إلقاءُ السَّلامِ, أمَّا ردُّه فهو واجب, ويتعيَّن الردُّ على المُسلَّم عليه, وإنْ لم يَرُدْ أَثِمَ؛ لقوله تعالى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)؛ ومِنْ فَوائِد إفشاءِ السَّلام: تَصْفِيَةُ القلوب, وتَطْهِيرُها من الضَّغائن, وزَرْعُ المحبَّةِ والمودَّة فيها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا, وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ»

الحقُّ الثَّاني: تُجِيبُه إذا دَعَاكَ؛ ولا تتأخَّر عن الدَّعوةِ إلاَّ من عُذرٍ مُعْتَبَر. وتَنْوِي بإجابته إكرامَ أخيكَ المُسْلِمَ لِتُثَابَ عليه, فتَنْقَلِب العادةُ إلى عِبادة. ولا تُمَيِّز في إجابة الدَّعوة بين فقيرٍ وغَنِي؛ لأنَّ في عدم إجابة الفقير كَسْراً لخاطِرِه. وألاَّ يتأخَّرَ من أجل صومِه بل يَحْضُر, فإنْ كان صاحِبُه يُسرُّ بأكْلِه أفْطَرَ؛ لأنه مِنْ أحَبِّ الأعمال إلى الله تعالى, وإلاَّ دعا له بالخير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ, فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ [أي: يدعو], وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ» رواه مسلم.

وينبغي التَأَدُّبُ بآدابِ الزِّيارة: فيحضر في الوقت المُناسِب؛ فلا يتأخَّر عليهم فيقلقهم, ولا يُعجِّل المجيء فيفاجئهم قبل الاستعداد, ويَطْرقُ البابَ بِرِفْقٍ, ويُعرِّف بنفسِه, ويَغُضُّ بصرَه, ولا يرفع صوتَه, ولا يتصدَّر المجلسَ, بل يتواضع ويقعد حيث يُجْلِسُه صاحِبُ البيت, ولا يُكْثِر التأمُّلَ فيما حوله, ولا يُحاول التَّجَسُّسَ على أهل البيت, ولا يُطِيل الزِّيارةَ دون ضرورة, ويستأذن عند انصرافه, ولا يُغادر إلاَّ أنٍ يأذَنَ له صاحِبُ البيت, ويَشْكُر صاحِبَ الضِّيافة على حُسْنِ استضافته, فمَنْ لم يشكر الناسَ لم يشكر الله.

الحقُّ الثَّالث: تَنْصَحُ له إذا طَلَبَ مِنْكَ النَّصِيحةَ؛ والنَّصِيحةُ مِنْ خُلُقِ الأنبياء عليهم السلام؛ لأنهم أنْصَحُ الخَلْقِ ؛ ونَبِيُّنا الكريمُ محمدٌ صلى الله عليه وسلم هو أعْظَمُ الخَلْقِ نُصْحاً, وأكثَرُهم شَفَقَةً على أُمَّتِه, ونُصْحاً لهم, وخوفاً عليهم.  والنَّصِيحَةُ: هي القيام بحقوق المنصوح له مع المَحَبَّةِ الصَّادقة وتكون النصيحة خُفْيَةً ونيته فيها الإصلاح مع اختيار الأسلوب المناسب للنصح .

الحقُّ الرَّابع: تُشَمِّتُه إذا عَطَسَ وحَمِدَ اللهَ, واللهُ تعالى يُحِبُّ العُطاسَ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطَاسَ, وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ, فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ - أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ» رواه البخاري. ولا يُشَمَّتْ إلاَّ مَنْ حَمِدَ اللهَ تعالى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ؛ فَشَمِّتُوهُ. فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ؛ فَلاَ تُشَمِّتُوهُ» رواه مسلم.

قلت ماسمعتم  واستغفر الله العلي العظيم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين, حمدا كثيرا مباركا فيه, يفعل ما يشاء ويخلق ما يريد, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وسلم, وبعد:

الحقُّ الخامس: تَعُودُه إذا مَرِضَ؛ ويتأكَّد هذا الحَقُّ إذا كان المَرِيضُ من ذَوِي الأرحام, أو كان جاراً. واللهُ تعالى يُعاتِبُ عبدَه يوم القيامة على تَرْكِهِ لِعِيادَةِ المَرِيض؛ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ - يَوْمَ القِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ! مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ! كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟! قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ؛ فَلَمْ تَعُدْهُ, أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ؛ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ» رواه مسلم.

وفي عِيادَةِ المَرِيضِ أَجْرٌ عَظِيمٌ, وثوابٌ كَبِير؛ وعائِدُ المَرِيضِ تُصَلِّي عليه الملائكةُ وتَسْتغفِرُ له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ, وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ» رواه الترمذي

الحقُّ السَّادس: تَتْبَعُ جَنازَتَه إذا مَاتَ؛ ومن فوائِد ذلك: أنْ يَعْلَمَ المرءُ مِقدارَ ضَعْفِه, ويتذكَّرَ مَصِيرَه ومآلَه, فيستعد لذلك بالتَّزَوُّدِ من الصَّالحات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عُودُوا المَرْضَى, وَاتَّبِعُوا الجَنَائِزَ؛ تُذَكِّرُكُمْ الآخِرَةَ» رواه أحمد. ويقولُ جِبْرِيلُ عليه السلام: «يَا مُحَمَّدُ! عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ ). فاليومَ يُصَلَّى على أخيه, وغدًا يُصَلَّى عليه؛ لأنَّ الموتَ حَقٌّ على الجَمِيع, وإنما هي آجَالٌ, قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} ويَتَذَكَّر – وهو يَحْمِلُ أخاه على عُنُقِه – أنه سَيُحْمَلُ غدًا على الأعناق إلى المقابر مَهْمَا طال به العُمُرُ, وعلا به المَنْصِبُ, فلا بُدَّ من الخروج من هذه الدنيا ؛ فاللهم إنا نسألك عيش السعداء ؛ وموت الشهداء ومرافقة الأنبياء ..

هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة ....

اللهم إنا نسألك زيادة في الإيمان ؛ وبركة في العمر ؛ وصحة في الجسد ؛ وسعة في الرزق ؛ وتوبة قبل الموت ؛ وشهادة عند الموت ؛ ومغفرة بعد الموت ؛ وعفوا عند الحساب ؛ وأمانا من العذاب ؛ ونسألك ياربنا الفردوس الأعلى من الجنة وأن ترزقنا النظر إلى وجهة الكريم برحمتك يا أرحم الرحمين ..

اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولوالد والدينا ...

عباد الله :

اذكروا الله العلي العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون .

المشاهدات 3308 | التعليقات 0