خطبة جمعة : عمل المؤمن لا ينقضي إلا بالموت
عايد القزلان التميمي
1444/10/01 - 2023/04/21 09:57AM
الخطبة الأولى الحمد لله أتم علينا شهر رمضان، فالعباد اليوم رجلان: رجل مقبولة أعماله، فائز برضا الرحمن، ورجل تعيس وشقي من حزب الشيطان. وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الواحد الديان، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله وصفوته من خلقه، خير من صام وصلى وقام، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى الصحب والتابعين لهم بإحسان.
أما بعد فيا أيها المؤمنون : أوصيكم ونفسي بتقوى الله
عباد الله : لقد انقضى رمضان، وذهبت أيامه، وتم صيامه وقيامه، وطويت صحائفه بما قدمنا فيها من خير أو شر, نسأل الله أن نكون من المقبولين ومن العتقاء من النار .
أيها المؤمنون : وقد كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من ردِّه، وهؤلاء هم الذين مدحهم الله بقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}،
فعن عائشة رضي الله عنها قالت :سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) قَالَتْ عَائِشَةُ : أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ ؟ قَالَ : لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ ! وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ((حديث صحيح رواه أحمد والترمذي وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.
وإن من علامات قبول العمل : إتباع الحسنة بالحسنة، والمداومة على فعل الطاعة، والبعد عن المعصية. وإن من ثواب الحسنة: الحسنة بعدها.
أيها المسلم يا من اعتاد حضور المساجد، وعمارة بيوت الله بأنواع الذكر والصلاة، أثبت على الطريق، وحافظ على الجمع والجماعات، وإياك أن تكون ممن قال الله فيهم: {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً}،
ويا من وفقه الله لقيام الليل، لا تحرم نفسك هذا الفضل في بقية العام، فقد شرع الله لك قيام الليل في جميع الليال، وقد سئل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن أفضل الصلاة بعد الفريضة؟ فقال: «صلاة الليل» (رواه مسلم) .
وقد مدح الله عباده المؤمنين بقوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} .
فاحرص يا عبدالله على صلاة الليل ولو أن توتر بثلاث ركعات، أو ركعة واحدة على الأقل. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أوتروا يا أهل القرآن، فإن الله وتر يحب الوتر» .
ويا من تلذّذ بالصيام، لا تحرم نفسك منه بقية العام، واعلم أن الله شرع لك صيام الإثنين والخميس، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر.
وأفضل الصيام صيام داود عليه السلام ، كان يصوم يوما ويفطر يوماً.
عباد الله ولقد حثنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على صيام الست من شوال لأن في صيامها مع رمضان، يعدل صيام الدهر كله، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فيكون رمضان عن عشرة أشهر، والست من شوال عن شهرين.
ويا عبد الله : يا من كان يسأل ربه كل يوم ويدعوه في القنوت وعند الإفطار، لا تحرم نفسك من الدعاء بقية العام، فإن الدعاء هو العبادة، كما قال ربنا ـ سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
وقال صلى الله عليه وسلم «الدعاء هو العبادة» (رواه أبو داود والترمذي).
بارك الله لي ولكم .....
الخطبة الثانية:
الحمد لله الرحيم الرحمن وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له شهادةَ إسلامٍ وإيمانٍ وإحسانٍ، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبد الله ورسوله صلوات الله وسلامُه عليه، وعلى آله وأصحابهِ الأخيار، ومن تبِعَهم بإحسانٍ
أما بعد :
فيا عباد الله فإن كان رمضان قد انقضى فإن عمل المؤمن لا ينقضي إلا بالموت، قال الله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} يعني الموت،
فالواجب على كل مسلم المحافظة على طاعة الله والاجتهاد في عبادته في كل وقت وحين، ومستقيما على دينه يعبد الله ويحافظ على الأعمال الصالحة في الشهور كلها وفي الأعوام جميعها ,
وهذا هو معنى قول الله تبارك وتعالى (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) أي استقاموا على طاعة الله، وداوموا على عبادته تعالى واستمروا في فعل الخير ، فهؤلاء هم أهل الربح والسعادة والفوز والغنيمة في الدنيا والآخرة.
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ...
المرفقات
1682060221_عمل المؤمن لا ينقضي إلا بالموت.docx