خطبة جامع الديره بمحافظة حريملاء بعنوان ( فضل شهر محرم وصيام عاشوراء)
راشد الناصر
1436/01/07 - 2014/10/31 06:19AM
الخطبة الأولى
أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى حق التقوى، وأنيبوا إليه واستغفروه، ففي الإنابة والتقوى الخير والفلاح في الدنيا والأخرى. وَمَن يَتَّقِ ?للَّهَ يُكَفّرْ عَنْهُ سَيّئَـاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [الطلاق:5]، وَأَنِـيبُواْ إِلَى رَبّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ [الزمر:54].
أيها المؤمنون، ها نحن قد ودعنا عاماً هجرياً كاملاً، قد مضى بما أودعناه فيه، ولا رجعة له إلى يوم الدين، قد طويت أيامه، وأحصيت أعماله من حسن وسيء، وعمل صالح أو خبيث، ولا نزال نطوي الأيام حتى يقف عمر كل واحد منا حيث كتب له من السنين والأيام فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34]، والعاقل من اتعظ بمرور أيامه وطي سجلاته، واستعد لما أمامه، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل، وَاتَّبِعُـواْ أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُـمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ?لسَّـاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِى لَكُـنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِى كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الزمر:55-58].
عباد الله، نحن الآن في شهر الله المحرم أول شهور السنة الهجرية، وهذا الشهر الفضيل هو من الأشهر الحرم التي قال الله تعالى فيها: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَـابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماوات والأرض َمِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذالِكَ الدّينُ الْقَيّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ [التوبة:36]، وفي صحيح البخاري: ((السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان)). ولهذا فإن هذه الشهور الحرم لها حرمتها، والذنب فيها أعظم من غيرها، كما أن العمل الصالح فيها أعظم أجراً كما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما.
وقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام الترغيب في صيام شهر المحرم حيث قال: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم)) مسلم.
أما اليوم العاشر منه فقد اختص بفضيلة لم يفُقْه فيها إلا يوم عرفة المبارك، وقد كان النبي يراعي هذا الفضل ويعنى به، فعن ابن عباس قال: (ما رأيت النبي يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان) البخاري. ومعنى يتحرى أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه.
وقد بين لنا النبي فضل صيام يوم عاشوراء فقال: ((صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)) رواه مسلم، فيا له من فضل عظيم لا يفوِّته إلا المحروم، ، فالذنوب كثيرة، والتقصير حاصل، والتوبة والاستغفار يغفل عنها الكثير منا.وخاصة من كبائر الذنوب التي لاتزول الا بالاقلاع والتوبة النصوح مثل الزنا والربا وغيرها من الموبقات
عباد الله وقد أمر النبي بصوم يوم التاسع معه استحباباً، مخالفةً لليهود والنصارى، فعن ابن عباس قال: حين صام رسول الله يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال: ((فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع)) قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله . مسلم.
ولو صام العاشر والحادي عشر لكفى لوروده في بعض الأحاديث، ولو صام اليوم العاشر وحده لم يكره له ذلك، كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
بارك الله لي ولكم في القران العطيم ........
الخطبة الثانية
اما بعد
عباد الله، اعلموا أن يوم عاشوراء لا يميز عن غيره من الأيام بفرح أو حزن، إذ إن هذا من صنيع الضالين والمبتدعين، فقد كان هذا اليوم عند اليهود عيداً، كما أشار إلى ذلك أبو موسى الأشعري في الحديث الصحيح، وهو عند الرافضة يوم مأتم وحزن بحجة أنه اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي رضي الله عنه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن ذلك: فصارت طائفة جاهلة ظالمة إما ملحدة منافقة، وإما ضالة غاوية تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة، وتظهر فيه شعار الجاهلية من لطم الخدود وشق الجيوب والتعزي بعزاء الجاهلية وإنشاد قصائد الحزن، ورواية الأخبار التي فيها كذب كثير، والصدق فيها ليس فيه إلا تجديد الحزن والتعصب وإثارة الشحناء والحرب، وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام والتوسل بذلك إلى سب السابقين الأولين، وشر هؤلاء وضررهم على أهل الإسلام لا يحصيه الرجل الفصيح في الكلام. اهـ
واحرصوا ـ رحمكم الله ـ على صيام يوم عاشوراء محتسبين الأجر من الله تعالى سائلين منه القبول والإعانة.
الجمعه 7/1/1436هـ
المشاهدات 2739 | التعليقات 2
أللهم أمين
وإياكم
وإياكم
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
زادك الله من فضله وبارك فيك وفي علمك ونفع بك شيخ راشد النصر.
تعديل التعليق