خطبة: تَطْهيرُ الأخلاقِ مِن صفاتِ النّفاق

وليد بن محمد العباد
1445/05/02 - 2023/11/16 14:26PM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: تَطْهيرُ الأخلاقِ مِن صفاتِ النّفاق

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ، نَحمدُه ونَستعينُه ونَستهديه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهده اللهُ فلا مُضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأَشهدُ أنّ محمّدًا عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا، أمّا بعدُ عبادَ الله

للمنافقينَ خِصالٌ بَيَّنها رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، حتّى لا يَقَعَ المسلمُ فيها، فإنّ مَن تَشبّهَ بقومٍ فهو منهم، قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: آيَةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَب، وإذ وَعَدَ أَخلَف، وإذا اؤْتُمِنَ خَان. وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فيه كانَ مُنافِقًا خالِصًا، ومَنْ كانت فيه خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كانت فيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفاقِ حتّى يَدَعَها: أذا حَدّثَ كَذّب، وَإذا عاهَدَ غَدَر، وإذا وَعَدَ أْخْلَف، وإذا خاصَمَ فَجَر. تلك خمسُ صفاتٍ للمنافقِ يَجْدُرُ بالمسلمِ الحذرُ منها، وهي أنّه إذا حَدَّثَ كَذَب، والكذِبُ خَصْلَةٌ ذميمة، فهو يَهدي إلى الفُجور، والفجورُ يَهدي إلى النّار، فلا يَجوزُ للمسلمِ أنْ يَكذبَ في حديثِه، حتّى لا تَكونَ فيه خَصلةٌ مِن النّفاق، ومنها أنّه إذا وَعَدَ أَخلَف، وما أَقبحَها مِن صفة، وهي أنْ يَعِدَ النّاسَ وفي نيّتِه عدمُ الوفاءِ بوعدِه، أو أنْ يكونَ في نيّتِه الوفاءُ ثُمَّ يُخْلِفُ وَعْدَه مِن غيرِ عُذْرٍ أو اعتِذار، وبذلك يَكونُ قد تَشبّهَ بالمنافقين، وأمّا إذا تَخَلَّفَ لِعُذْرٍ واعْتَذَرَ مِمَّنْ وَاعَدَه فليس منهم. وإخلافُ الوعدِ يَتضمّنُ الكذبَ ويَجمعُ الرّذائل، قيلَ للإمامِ أحمدَ رحمَه الله: كَيْفَ تَعْرِفُ الْكَذَّابِينَ؟ قَالَ: بِمَوَاعِيدِهِمْ. فعلى المسلمِ أنْ يَجتهدَ في الوفاءِ بوعدِه حتّى لا تَكونَ فيه خَصلةٌ مِن النّفاق. ومنها أنّه إذا عَاهَدَ غَدَر، وهذه صفةٌ دنيئةٌ عندما يَغدُرُ المرءُ بمَن عاهدَه ووَثِقَ به، فالمؤمنُ مأمورٌ أنْ يَحترمَ العهودَ والمواثيقَ فإنّه سيُسألُ عنها، قالَ تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً). فعلى المسلمِ أنْ يَتَجَنّبَ الغَدْرَ حتّى لا تَكونَ فيه خَصلةٌ مِن النّفاق. ومنها أنّه إذا خَاصمَ فَجَر، فيَدَّعِي ما ليس له بالجِدالِ والافتراءِ والبُهتان، ويَتَّهِمُ النّاسَ بالباطلِ ويَعْتَدِي عليهم بالشّتْمِ وبَذِيءِ الكلامِ، فلا يَنبغي للمؤمنِ أنْ يَفْجُرَ في خصومتِه حتّى لا يَكونَ فيه خَصلةٌ مِن النّفاق. ومنها أنّه إذا اؤْتُمِنَ خَان: ويَكفي لشناعةِ تلك الصّفةِ أنّ المتّصفَ بها يُطلقُ عليه خائن، فقد خَانَ اللهَ ورسولَه وخَانَ المؤمنين، ومِن الخيانةِ تَضييعُ الصّلاةِ بتأخيرِها أو تركِها، ومنها خيانةُ المسلمينَ بتضييعِ حقوقِهم وغِشِّهم وعدمِ النّصحِ لهم، فالمؤمنُ لا يَخونُ الأمانةَ حتّى لا تَكونَ فيه خَصلةٌ مِن النّفاق. فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، واجتنبوا صفاتِ أهلِ النّفاق، فإنّها تُغضبُ الرّحمنَ وتُرضي الشّيطان، وتُفسدُ العلاقاتِ وتَهدمُ المجتمعات، فمَن سَلِمَ منها فَلْيَحْمَدِ الله، ومَن وَقَعَ في شيءٍ منها فليُبادرْ إلى تركِها والتّوبةِ منها، فالمؤمنُ إذا حَدَّثَ صَدَق، وإذا وَعَدَ وَفَى، مُلتزِمٌ بعهدِه، مُطيعٌ لربِّه، مُتّبِعٌّ لسنَّةِ نبيِّه، هّيِّنٌ لَيَّنٌ سَمْحٌ أَمينٌ نَاصحٌ لإخوانِه المسلمين، فبذلك تُحفظُ القِيَم، وتُرعى الذّمم، وتَسْعَدُ الأمم، فإنّما الأممُ الأخلاقُ ما بَقِيَتْ، فإنْ همُ ذَهبتْ أخلاقُهم ذَهبوا. اللهمّ طَهِّرْ قٌلُوبَنا مِن النّفاق، وأَعمالَنا مِن الرِّياء، وأَلْسِنَتَنا مِنَ الكَذِب، وأَعْيُنَنا مِنَ الخِيانَة، إنّك تَعلمُ خائنةَ الأعينِ وما تُخفي الصّدور، اللهمّ اهْدِنا لأَحسنِ الأخلاقِ لا يَهدي لأحسنِها إلا أنت، واصْرفْ عنّا سيّئَها لا يَصرفُ عنّا سيّئَها إلا أنت، يا ذا الجلالِ والإكرام.

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:

اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.

اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشّركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأَنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في غزّةَ وفلسطينَ، وفي كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ عليك باليهودِ ومَن ناصرَهم فإنّهم لا يُعجزونَك، اللهمّ أَنزلْ بهم بأسَك الذي لا يُرَدُّ عن القومِ المجرمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصّالحةَ النّاصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رَشَدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدّعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.

دعاء الاستسقاء: اللهمّ أنت اللهُ لا إلهَ إلا أنت ،،، اللهمّ أَغِثْنَا ،،،

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 3/ 5/ 1445هـ

المشاهدات 1184 | التعليقات 0