خطبة: تصحيحُ السّائد من أخطاءِ الوُضوءِ والصّلاةِ والمساجد
وليد بن محمد العباد
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم
خطبة: تصحيحُ السّائد من أخطاءِ الوُضوءِ والصّلاةِ والمساجد
الخطبة الأولى
إنّ الحمدَ للهِ، نَحمدُه ونَستعينُه ونَستهديه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهده اللهُ فلا مُضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأَشهدُ أنّ محمّدًا عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا، أمّا بعدُ عبادَ الله
مِن حقوقِ المسلمِ على أخيه النّصيحةُ له خصوصًا في دينِه، قالَ العلماءُ: فمَن رأى شخصًا لا يُحسنُ الوُضوءَ أو الصّلاةَ أو شيئًا مِن أمورِ دِينِه؛ فيَجبُ عليه إرشادُه بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة، وسوف نُنَبّهُ على جُملةٍ مِن أخطاءِ الوُضوءِ والصّلاةِ والمساجد، ونُبَيّنُ الصّوابَ فيها بإذنِ اللهِ عزّ وجلّ، ومِن تلك الأخطاءِ عدمُ إسباغِ الوُضوء، فلا يَصِلُ الماءُ إلى كاملِ الوجهِ مِن منابتِ شعرِ الرّأسِ إلى الذَّقَنِ طولًا، ومِن الأُذُنِ إلى الأُذُنِ عَرْضًا، وعدمُ غَسْلِ اليدينِ مِن أطرافِ الأصابعِ إلى المِرفقين، وقد لا يَرتفعُ اللباسُ لضيقِه أو لكثرتِه عن الذّراع، فلا يَصِلُ الماءُ إلى المِرفقينِ فيَبْطُلُ الوُضوءُ وتَبْطُلُ الصّلاة، والواجبُ أنْ يَتَحَقّقَ مِن وصولِ الماءِ إلى كاملِ أعضاءِ الوُضوء، ومِن الأخطاءِ السّرعةُ في الصّلاةِ وعدمُ إتمامِ الرّكوعِ والسّجودِ والرّفعِ منهما، وقد رأى الرّسولُ صلى اللهُ عليه وسلمَ رَجُلًا يُسرعُ في صلاتِه فقالَ له: ارجعْ فَصَلِّ فإنّك لم تُصَلِّ. فالواجبُ الطّمأنينةُ في الصّلاةِ وعدمُ العَجَلَةِ فيها، ومِن الأخطاءِ أداءُ الصّلاةِ بسراويلَ قصيرةٍ إلى الرّكبة، فيَخرجُ شيءٌ مِن الفَخِذِ عندَ الرّكوعِ أو الجلوس، أو يَلْبَسُ البِنْطَالَ فإذا رَكَعَ أو سَجَدَ خَرَجَ شيءٌ مِن مُؤخِّرَتِه، وعورةُ الرَّجُلِ مِن السُّرّةِ إلى الرّكبة، وسَتْرُها شرطٌ لصحّةِ الصّلاة، فإنْ خرجَ شيءٌ منها بَطَلَتْ صلاتُه، والواجبُ أنْ يَلْبَسَ أجملَ وأكملَ لباسٍ للصّلاة، وأنْ يَأتيَها بأحسنِ هيئةٍ وأطيبِ رائحة، قالَ تعالى: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أيْ عندَ كلِّ صلاة، ومِن الأخطاءِ إحضارُ الأطفالِ الصّغارِ دونَ سِنِّ التّمييزِ للمساجد، فيَحصُلُ منهم إزعاجٌ المصلين، وقد يَأتونَ بملابسَ عليها صورٌ أو تكونُ قصيرةً لا تَسْتُرُ عورتَهم، والواجبُ سترُها كالكبار، والمخاطبُ بالتّكليفِ والثّوابِ والعقابِ هنا وليُّهم، فعليه أنْ يَصْحَبَهم للصّلاةِ إنْ كانوا مُمَيّزين، وأنْ يأتيَ بهم بلباسٍ ساترٍ وأدبٍ ظاهر، يَزرعُ فيهم تعظيمَ المسجدِ وحُبَّ الصّلاة، وفي ذلك تعويدٌ لهم على العبادةِ وشهودِ الجماعة، ويَنشأُ ناشئُ الفتيانِ منّا * على ما كانَ عَوَّدَه أبوه. ومِن الأخطاءِ اعْتيادُ التّأخرِ عن الصّلاةِ، أو أنْ يَجلسَ في آخرِ المسجدِ مع حضورِه مُبكّرًا، والواجبُ أنْ يُجاهدَ نفسَه على التّبكيرِ للصّلاة، وإذا حضرَ مبكّرًا أنْ يَتقدّمَ للصّفِّ الأولِ فهو خيرُ صفوفِ الرّجال، ومِن الأخطاءِ التّأخرُ عن الجمعةِ حتى يَدخُلَ الإمامُ وتُطوَى الصّحفُ وتَفوتَ الفضيلة، وإذا حضرَ تَخَطّى الرّقابَ وآذى المصلينَ فيَذهبُ أجرُه، والواجبُ التّبكيرُ للجمعةِ قبلَ دخولِ الخطيب، وأنْ يَجلسَ حيثُ انتهى الصّف، ومِن الأخطاءِ أنْ يَتَكَلَّمَ مع مَن بجانبِه أثناءَ الخطبةِ أو أنْ يَشْرَبَ الماءَ أو يَعبثَ بجوّالِه أو غيرِه، فهذا مِن اللّغْوِ ومَن لَغَا فلا جُمُعَةَ له ، فالواجبُ على المسلمِ أثناءَ الخُطبةِ الاستماعُ والإنصات، فاتّقوا اللهَ رحمَكم اللهُ وتَفَقَّهوا في دينِكم، وتَعَلّموا ما تُقيمونَ به صلاتَكم وعبادتَكم، وانْصحوا إخوانَكم بالرّفقِ واللّين، اللهمّ فَقّهْنا في الدِّين، واجعلْنا هداةً مهتدين، اللهمّ علّمْنا ما ينفعُنا وانفعْنا بما علّمتَنا وباركْ لنا فيه واجعلْنا مباركين، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:
اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.
اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشّركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأَنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في غزّةَ وفلسطينَ، وفي كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ عليك باليهودِ ومَن ناصرَهم فإنّهم لا يُعجزونَك، اللهمّ أَنزلْ بهم بأسَك الذي لا يُرَدُّ عن القومِ المجرمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصّالحةَ النّاصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رَشَدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدّعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
دعاء الاستسقاء،،،
عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين
جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 17/ 5/ 1445هـ