خطبة: ترغيب الأنام لحج بيت الله الحرام
وليد بن محمد العباد
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة: ترغيب الأنام لحج بيت الله الحرام
الخطبة الأولى
إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله
فإنّ الحجَّ ركنٌ مِن أركانِ الإسلام، ومَبانيهِ العِظام، قالَ تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ) وقالَ النّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: بُنيَ الإسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنّ محمّدًا رسولُ الله، وإقامِ الصّلاة، وإيتاءِ الزّكاة، وصومِ رمضان، وحَجِّ بيتِ اللهِ الحرام، لمن استطاعَ إليه سبيلًا. وَيقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: أيّها النّاس؛ إنّ اللهَ فرضَ عليكم الحجَّ، فحُجَّوا. فالحجُّ فرضٌ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ ومسلمة، مَرَّةً واحدةً في العُمُر، مع القُدرةِ والاستطاعة، يَقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: تَعجَّلوا إلى الحجِّ فإنّ أحدَكم لا يَدري ما يَعْرِضُ له. ويَقولُ: مَن أرادَ الحجَّ، فليَتعجَّلْ؛ فإنّه قد يَمرَضُ المريضُ، وتَضِلُّ الضّالّةُ، وتَعرِضُ الحاجَة. فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وعلى مَن لم يَحُجَّ مِن المسلمين، أنْ يَعْقِدَ العزمَ على الحجِّ هذا العام، وأنْ يُبادرَ قبلَ فواتِ الأوان، وليحذرْ مِن تَثبيطِ النّفسِ والشّيطان، فكم مُفرِّط قد نَدِم، وكم مُتهاونٍ فُوجئَ بحبلِ عُمُرِه قد انْصرَم، فاستعينوا باللهِ وحُجُّوا وأَكْمِلُوا أركانَ دينِكم، لتفوزوا بالأجرِ العظيمِ والثّوابِ الجزيل، فالحجُّ أَشْهُرٌ معلوماتٌ وأيّامٌ معدودات، ورحلةٌ إيمانيّةٌ مِن أعظمِ الرّحلات، ومواقفُ ومشاعرُ وذِكرى مِن أجملِ الذّكريات، فيها تَزكو القلوبُ وتُغفرُ الذّنوبُ وتُجابُ الدّعواتُ وتُرفعُ الدّرجات، قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَن حجَّ فلم يَرفُثْ ولَم يَفْسُقْ، رَجَعَ مِن ذنوبِه كيومِ ولدته أُمُّه. والحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنّة. نَسألُ اللهَ مِن فضلِه. فاللهمّ وَفّقْ مَن لم يَحُجَّ مِن المسلمينَ لأداءِ فرضِهم، اللهمّ أَعِنْهُم ويَسّرْ أمورَهم، واشرحْ لحجِّ بيتِك الحرامِ صدورَهم، وتَقبَّلْ منّا ومنهم واغْفرْ لنا ولهم ولجميعِ المسلمين، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:
اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.
اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشّركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأَنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في غزّةَ وفلسطينَ، وفي كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ عليك باليهودِ الغاصبينَ ومَن ناصرَهم فإنّهم لا يُعجزونَك، اللهمّ أَنزلْ بهم بأسَك الذي لا يُرَدُّ عن القومِ المجرمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصّالحةَ النّاصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رَشَدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدّعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين
جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 21/ 7/ 1445هـ