خطبة: تذكير الأنام بأركان الإسلام

وليد بن محمد العباد
1445/08/11 - 2024/02/21 15:18PM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: تذكير الأنام بأركان الإسلام

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ، نَحمدُه ونَستعينُه ونَستهديه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهده اللهُ فلا مُضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأَشهدُ أنّ محمّدًا عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا، أمّا بعدُ عبادَ الله

لقد أَكرمَكم اللهُ بدينِ الإسلام، وبَنَاهُ على خمسةِ أركانٍ عِظام، قالَ عنها النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلام: بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وحَجِّ البيتِ لمن استطاعَ إليه سبيلًا. لقد شبّهَ النّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلّمَ الإسلامَ بالبناءِ القويِّ والصّرحِ العظيم، ثمّ بَيَّنَ الأركانَ التي يَقومُ عليها صرحُ الإسلام. وهي خمسةُ أركانٍ إنْ سَقَطَ ركنٌ منها سقطَ البناءُ كلُّه. وأولُ هذه الأركانِ وأعظمُها: كلمةُ التّوحيدِ، وهي: شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فهي المفتاحُ الذي يَدخلُ به العبدُ للإسلامِ وإلى دارِ السّلام، وشِقُّها الأولُ لا إلهَ إلا الله، فلا مَعبودَ بحقٍّ إلا الله، وتَقتضي الإخلاصَ والثّباتَ عليها حتّى الممات، يَقولُ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلّم: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ. وشِقُّها الثّاني: محمّدٌ رسولُ الله، إقرارٌ بأنّ محمّدَ بنَ عبدِاللهِ رسولُ اللهِ إلى جميعِ الخلقِ بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى اللهِ بإذنِه وسِراجًا مُنيرًا، وتَقتضي اتّباعَه وطاعتَه فيما أَمَر، واجتنابَ ما نَهَى عنه وزَجَر، وألّا يُعبدَ اللهُ إلا بما شَرَع، والرّكنُ الثّاني: إقامُ الصّلاة، وهي أعظمُ الأركانِ بعدَ الشّهادتين، وهي خمسُ صلواتٍ في اليومِ والليلة، والمُرادُ بإقامتِها المحافظةُ عليها في وقتِها بخُشوعِها وشُروطِها وأركانِها، ومَن تَركَها فقد خَرَجَ مِن دينِ الإسلام، يَقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: بينَ الرّجلِ وبينَ الكفرِ والشّركِ: تَرْكُ الصّلاة. وثالثُ هذه الأركان: إِيتَاءُ الزَّكَاةِ، فالزّكاةُ عبادةٌ ماليّةٌ فَرَضَها اللهُ سبحانَه وتعالى على عبادِه، طُهْرَةً لنفوسِهم مِن البُخْل، ولصحائفِهم مِن الخطايا، وإحسانًا إلى الفقراءِ والمساكين، وتأليفًا لقلوبِهم، وسدًّا لحاجتِهم، وإعفافًا لهم عن السّؤال. ومَنعُها مَحْقٌ للبركةِ وسُوءٌ في العاقبةِ في الدّنيا والآخرة، ورابعُ الأركان: صومُ رمضان، وهو الإمساكُ عن المفطّراتِ تَعُبّدًا للهِ عزَّ وجلَّ مِن الفجرِ إلى غروبِ الشّمسِ في شهرِ رمضان. فمَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تَقدّمَ مِن ذنبِه، وخامسُ أركانِ الإسلام: حَجُّ بيتِ اللهِ الحرام. ويَجبُ المبادرةُ إلى أدائِه على كلِّ مسلمٍ عاقلٍ بالغٍ مستطيع (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) يَقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن حَجَّ فلم يَرفُثْ ولم يَفسُقْ خَرَجَ مِن ذنوبِه كيومِ ولدتْه أمُّه. والحَجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنّة. فاتّقوا اللهَ رحمَكم اللهُ، وحافظوا على أركانِ دينِكم كاملةً غيرَ منقوصةٍ مُخلصينَ لربِّ العالمينَ مُتّبعينَ لهدي سيّدِ المرسلين، واجْبُرُوا ما نَقَصَ منها بالنّوافلِ والتّطوعات، وتَواصوا على ذلك وأَعينوا مَن تحتَ أيديكم على أدائِها والمحافظةِ عليها، ففيها فلاحُكم ونجاتُكم وسعادتُكم في الدّنيا والآخرة. اللهمّ أعنّا على أداءِ أركانِ دينِك على الوجهِ الذي يُرضيك عنّا، واهْدِنا ووفّقْنا وثَبّتْنا وتَقَبّلْ منّا، وأهلينا وذرّياتِنا والمسلمين، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:

اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.

اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشّركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأَنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في غزّةَ وفلسطينَ، وفي كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ عليك باليهودِ الغاصبين، والصّهاينة المعتدين، وسائرِ أعداءِ الملّةِ والدّين، اللهم عليك بهم فإنّهم لا يُعجزونَك، اللهمّ أَنزلْ بهم بأسَك الذي لا يُرَدُّ عن القومِ المجرمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصّالحةَ النّاصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رَشَدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدّعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 13/ 8/ 1445هـ

المشاهدات 838 | التعليقات 0