خطبة تاج رمضان العشر الأواخر + زكاة الفطر . مختصرة

سعيد الشهراني
1444/09/20 - 2023/04/11 11:28AM

الخُطْبَةُ الأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: (( يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون ))

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مضى من شهر رمضان أكثره ، وبقي منه تاجه وأفضله ، العشر المباركة : فرصة للعمل ، وتعويض ما فات من نقص وخلل ؛نزل القرآن الكريم فيها ، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر : 6]. وقال عز وجل: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ [الدخان: 3] فيها ليلة يقَدِّرُ اللهُ سبحانه وتعالى فيها كُلَّ ما هو كائنٌ في السَّنَةِ ؛ قال تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ [الدخان: 4-5]

ليلةٌ مُبارَكة عظيمة من حرم خيرها فقد حرم ، اختارها الله تعالى لبدء تنزيل القرآن،

العبادةُ فيها تَفضُلُ العبادةَ في ألفِ شَهرٍ ، قال تعالى: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3] ينزِلُ فيها جبريلُ والملائكةُ بالخَيرِ والبَرَكةِ ، قال تعالى: ﴿  تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾  هي سلامٌ كُلُّها ، خاليةٌ مِنَ الشَّرِّ والأذى ، تكثُرُ فيها الطَّاعاتُ وأعمالُ الخَيرِ والبِرِّ والقربات ، وتكثُرُ فيها السَّلامةُ مِنَ العذابِ؛ ، قال تعالى: ﴿ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرٍ ﴾ .(

ويُشرَعُ في هذه الليلةِ الشَّريفةِ قيامُ لَيلِها بالصَّلاة ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: « مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [ متفق عليه ] وَيُشرَعُ الدُّعاءُ فيها والتقَرُّبُ به إلى اللهِ تبارك وتعالى ؛ وَعَنْ عائِشَةَ - رَضِيَ اللَّه عنْهَا - قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِن عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: « قُولي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العفْوَ فاعْفُ عنِّي » [رواه الترميذي.

ومما يشرع في هذه الليالي العظيمة الإعتكاف وهو سنة مؤكدة ومعنى الإعتكاف هو المكوث في المسجد والتفرغ للعبادة من قراءة قران وصلاة ودعاء وكان هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأصحابه ؛ فعلينا بالإعتكاف ولو لليلة واحدة ؛ فمن دخل المسجد قبل المغرب وخرج بعد الفجر كتب له اعتكاف ليلة وهذا عمل يسير و فضله كبير .

وليلةُ القَدْرِ في العَشْرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ، وهي في الأوتارِ أقرَبُ مِنَ الأشفاعِ ؛ فعن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((تَحَرَّوْا ليلةَ القَدْرِ في الوِترِ مِنَ العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ )متفق عليه . وهي لا تختَصُّ ليلةُ القَدرِ بليلةٍ مُعَيَّنةٍ في جميعِ الأعوامِ، بل تتنقَّلُ في ليالي العَشْرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ ، وهي موجودةٌ لم تُرفَعْ، وباقيةٌ إلى يومِ القِيامة ، ومن علاماتِ ليلةِ القَدرِ أنَّ الشَّمسَ تطلُعُ في صبيحَتِها صافيةً، ليس لها شُعاعٌ ؛ كما في حديث  أبَيِّ بنِ كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه – أنه قال : "وأمارَتُها أن تطلُعَ الشَّمسُ في صبيحةِ يَومِها بيضاءَ لا شُعاعَ لها ) .

فاتقوا الله – عباد الله - واغتنموا هذه الفرصة العظيمة، فوالله لا يدري أحدنا هل يدركها مرة أخرى أم لا ؛ ولنا في رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خيرُ أسوةٍ وقدوة ، فَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ،وَكَانَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ ؛ كما حدّثت بذلك أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها -فاللهم يسّر لنا الأمور ، واشرحْ لنا الصُّدور ، وزدْنا هُدىً وسداداً ، وفلاحاً ورشاداً ياربَّ العالمين ، أَقُولُ قَوْلِيِ هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا..

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا الله تعالى واعلموا أننا نعيش هذه الأيام أواخر شهركم المبارك يقول الله تعالى (( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون )) فاشكروا الله واحمدوه على إتمام صيامكم وقيامكم .

عباد الله : وفي ختام شهرنا المبارك يشرع فيه إخراج الزكاة وتجب زكاة الفطر على كل نفس من المسلمين غربت عليها شمس اخر يوم من رمضان وهي حية لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ( فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . ومقدار الزكاة  يكون كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال (( كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب )) متفق عليه ؛ ولايجوز إخراجها نقدا؛ ويبدأ وقت إخراج الزكاة من اليوم الثامن والعشرون وحتى قبل صلاة العيد .

عباد الله : ومن حسن التوديع لهذا الشهر الإكثار من التهليل والتكبير ويشرع التكبير جهرا في الطريق إلى المصلى .

ومن سنن العيد : أن يلبس المسلم أحسن الثياب ؛ وأن يخالف الطريق فيذهب من طريق ويرجع من طريق ومن السنة أكل تمرات قبل الحضور لصلاة العيد فعن أنس رضي الله عنه قال(( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات )) رواه البخاري ..

عباد الله : اجتهدوا في ما بقي من أيام صومكم ؛ وأكثروا من التكبير في ختام شهركم ؛ وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام ؛ وجعلنا الله وإياكم ممن صام وقام رمضان إيمانا وإحتسابا ..

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد ...

المشاهدات 558 | التعليقات 0