خطبة بمناسبة التعميم العاجل ( اختطاف نائب السفير )

محمد الودعاني
1433/05/28 - 2012/04/20 06:02AM
(خطبة مجمعة لاكثر من خطيب وفقهم الله )

الخطبة الأولى
الحَمْدُ للهِ الخَلَّاقِ العَلِيمِ؛ خَلَقَ الخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ، وَأَعْطَاهُمْ لِيَشْكُرُوهُ، وَابْتَلاَهُمْ لِيَسْأَلُوهُ، لَهُ الحِكْمَةُ فِي أَمْرِهِ وَشَرْعِهِ، وَلَهُ الحُجَّةُ البَالِغَةُ عَلَى خَلْقِهِ؛ [لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ] {الأنبياء:23}، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلاَئِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ وَعَطَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ قُلُوبُ العِبَادِ بَيْنَ يَدَيْهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ، فَكَمْ مِنْ قَلْبٍ أَقَامَهُ، وَكَمْ مِنْ قَلْبٍ أَزَاغَهُ؛ [فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ] {الصَّف:5}، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَوْضَحَ المَحَجَّةَ لِلسَّالِكِينَ، وَأَقَامَ الحُجَّةَ عَلَى المُعَانِدِينَ، وَبَلَّغَ البَلاَغَ المُبِينَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَالْتَزِمُوا دِينَهُ، وَاعْمَلُوا بِشَرِيعَتِهِ، وَتَفَقَّدُوا قُلُوبَكُمْ، وَتَعَاهَدُوا إِيمَانَكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ فِي زَمَنٍ تَقَاطَرَتْ فِيهِ الفِتَنُ كَقَطْرِ السَّمَاءِ،
عباد الله / لقد اختار الله لأمة الإسلام منهجها وبيّن لها طريقها، فهي وسط بين الأمم، وطريقها هو الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه، ((وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ٱلنَّاسِ)) فهي أمة الوسطية، ودينها وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، فكما أن الجافي عن الأمر مضيّع له فالغالي فيه مضيّع له ، وإن وسطية الإسلام وسماحته لا تؤخذ من العقول البشرية، ولكنها تؤخذ من النصوص الشرعية على فهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
ودين الله تعالى واحد، وهو الحقُّ والنور والهدى، والصراط المستقيم الذي يوصِل إلى رضوانه والجنة، وأديان الشيطان كثيرة، وهي الباطل والضّلال والظلمات، وهي ما عدا الحقّ الذي اوجبه الله تعالى على عباده، وبلَّغته رسله عليهم السلام؛ ولذا جاء صراط الله تعالى في القرآن مفردًا، كما جاء النور مفردًا، وجاءت الظلمات بصيغة الجمع، كما جمعت سبُل الباطل، ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ))
قال ابن مسعود رضي الله عنه: خطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا بيده ثم قال: ((هذا سبيل الله مستقيماً))، قال: ثم خط خطوطًا عن يمينه وشماله، ثم قال: ((هذه السبل، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه))، ثم قرأ: ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ))
عباد الله ، لقد فُجِع كلُّ ذي دينٍ ومروءَة،وكلّ ذي عقلٍ وإنسانيّة بالعمل الجبانِ الإجراميّ , الإرهابيّ الذي حدَث مؤخّرًا وهوما تناقلته وسائل الإعلام من خبر احتجاز الفئة الضالة لنائب قنصل المملكة باليمن ومساوماتهم به لتلبية مطالبهم والتوعد بقتله إن لم يتم لهم ماطلبواوتفجيرالسفارة وقتل المواطنين الأبرياء ولا يرتابُ العقلاء ولا يتمارى الشّرفاء أنَّ ما حدث يُعدّ جريمةً شنعاء وفِعلة نكراء لا يُقِرّها دين ولا عقلٌ ولا منطقٌ ولا إنسانية،
فوا عجبًا لهم، أَقُدَّت قلوبهم من صخر أم رُميت عقولهم في بحر؟! أين يذهب هؤلاء القتلةُ المجرِمون من قوله سبحانه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]؟! أين هم من قوله عليه الصلاة والسلام: ((إنَّ دماءَكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)) ، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((أوّلُ ما يقضَى بين الناس في الدماء)) أين يذهب هؤلاء من شهادة أن لا إله إلا الله إذا جاءت تحاجُّهم يوم القيامة؟! كما في الصحيح من حديث أسامة رضي الله عنه، وفيه أن رسول الله قال له ((أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟!))قال: يا رسول الله، إنما قالها تقيَّةً أي: خوفًا من القتل، قال: ((أشققتَ عن قلبه؟! كيف تصنعُ ـ يا أسامة ـ بلا إله إلا الله إذا جاءت تحاجُّك يوم القيامة؟!))
عباد الله ـ أن مِن أعظمِ أسباب انحرافِ هؤلاء المعتدين الجهلَ والعزلةَ عن المجتمع وعدمَ أخذِ العلم من أهلِه وغفلةَ الأسرة عن ابنائها، وإنّ في بعضِهم إعجابًا بالنّفس كبيرًا، وهذه كلُّها من الصوارِف عن الحقّ والفِقهِ وأخذِ العلم من أهله وأبوابه.وثمّةَ سببٌ في الانحرافِ كبير، ذالكم هو الوقوعُ في دائِرة الغلو.
إنّ الغلوّ في دين الله هو ـ والله ـ سببُ الهلاك، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((إيّاكم والغُلوّ، فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ
اللهم أحفظ شبابنا وشباب المسلمين ، اللهم أحفظهم من الأفكار الخبيثة ، اللهم أحفظهم من شياطين الإنس والجن ، اللهم فقهم في الدين واجعلهم هداة مهتدين يارب العالمين .
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه انه كان غفارا
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه والتابعين
أيها المسلمون/ إن مسؤولية مواجهة هؤلاء الضالين ليست على رجال الأمن وحدهم، ولكنها مسؤولية الجميع، كلٌّ حسب موقعه.
إن الإحساسَ بالخطر على الدين والأهل والديار والفرقة والفوضى هو الأمر الذي يجب أن يستشعره الجميع؛ ليكونوا أكثر يقظةً وحذرًا ونباهةً، ولتكون التصرّفات أكثر وعيًا وحِكمة لما يُحاك ضدّ هذه البلاد ودينها وأهلها وأمنها وولاة الأمر فيها.
فالحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله على قضائه وقدره ، والحمد لله على نعمِه التي لا تُحصَى؛ جمع كلمتنا على الحق، وأسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنة، جمعنا على إمام واحد ودين واحد وبلدٍ واحد، فنسأله سبحانه أن يزيدنا أمنًا واستقرارًا ونعمةً وفضلاً وصلاحًا وفلاحًا، وأن يردَّ كيدَ الحاقدين ومكر الماكرين على بلادنا وأئمتنا وولاة أمورنا وعلمائنا وأهلينا، كما نسأله سبحانه أن يعجل بالفرج لأخينا المخطوف وأن يرزق أهله الصبر والسلوان ، كما نسأله أن يمُدّ الساهرين على أمتنا وراحتنا بعونه وتوفيقه، وأن يسدِّد آراءهم وخُططهم ويبارك في أعمالهم وجهودهم ويربطَ على قلوبهم ويكشف لهم كلَّ غامض وأن ينصرهم على كلّ مفسد ومخرِّب ومحارب، إنه سميع مجيب.
ألا وصلّوا وسلّموا على نبيّ الرحمة والملحمة النبي المصطفى والرسول المجتبى، فقد أمركم بذلك المولى جلّ وعلا فقال في محكم تنزيله ((إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا))
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهمَّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين...
المشاهدات 2980 | التعليقات 1

ليتك يوم بدأت بذكر الأمة الوسط والإشارة إلى الجفاء بعد الغلو أنك تعرضت لأهل الجفاء وخطرهم في النهاية كما تعرضت لأهل الغلو ... جزاك الله خيرا