خُطبَة بعنوان: (نِعمَةُ نُزُولِ الأَمْطَار.)
رمضان صالح العجرمي
مُقتَرَحُ خُطبَة بعنوان: (نِعمَةُ نُزُولِ الأَمْطَار.)
1- نِعمَةُ نُزُولِ الأَمْطَار.
2- مَا هُوَ الوَاجِبُ عَلَيْنَا حِيَالَ هَذِهِ النِّعمَةِ؟
(الهَدَفُ مِنَ الخُطبَةِ)
التذكير بنعمة الله تعالى علينا بنزول الأمطار، وبيان أنها رحمة منه سبحانه وتعالى، مع بيان كيفية شكر هذه النعمة.
• مُقَدِّمَةٌ ومَدَخَلٌ للمُوْضُوعِ:
•أيُّهَا المُسلِمُونَ عِبَادَ اللهِ، فإن إنزال الغيث لهو نعمة من أعظم النعم وأجلها. هذه النعمة التي امتن الله تعالى بها على عباده؛ بل وعلى أهل الأرض قاطبة من الأنس، والأنعام وسائر المخلوقات؛ كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} وقال تعالى: {هُوَ الّذِي أَنْزَلَ مِنَ السّمَاءِ مَآءً لّكُم مّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزّرْعَ وَالزّيْتُونَ وَالنّخِيلَ وَالأعْنَابَ وَمِن كُلّ الثّمَرَاتِ إِنّ فِي ذَلِكَ لآية لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ} وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}
•وهذه الأمطار مظهر من مظاهر ربوبيته سبحانه وتعالى؛ كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وقال تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
•فهو سبحانه وتعالى الذي يهيئ أسباب نزوله؛ كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}
•ولذلك فلا يعلم وقْت نُزوله إلا هو سبحانه وتعالى؛ كما قال تعالى: {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} وقال تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} وقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مفاتيح الغيْبِ خَمسٌ))، ثُمَّ قرأ: {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}؛ [رواه البخاري]
•ونزول الأمطار مظهر من مظاهر قدرته سبحانه وتعالى في تصريفه بين عباده؛ فقد وكَّلَ ملكًا من ملائكته بالمطر وتصريفه إلى حيث أمر سبحانه وتعالى، وهو ميكائيل عليه السلام؛ كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا * وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} وقد جاء في الأثر أن ميكائيل عليه السلام: يكيل المطر؛ كما جاء في قوله تعالى: {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} ، وجاء في بعض الآثار أيضًا: "ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومعها ملك يقررها في موضعها من الأرض."
•والمطر ينزله الله تعالى لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى.
•فالأمطار قد تنزل إنعامًا ورحمةً منه على عباده؛ كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} وقال تعالى: {فانظر إلى آثار رحمته
•وقد تنزل الأمطار استدراجًا واختبارًا؛ فقد روى الإمام أحمد عن عُقبةَ بن عامر رضِي الله عنْه، عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إذا رأيتَ الله عزَّ وجلَّ، يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحب، فإنَّما هو استدراج))، ثم تلا: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} وقال بعض السَّلف: إذا رأيتَ الله يُنْعِم على العبد ثم هو يَعصيه، فاعلمْ أنَّما ذلك استِدْراج، ثم تلا: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ}
•وقد يكون عذابًا؛ فقد أهلك الله بهذا المطر أقوامًا تمرَّدوا على شرعه، وتنكَّروا لهديه؛ قال سبحانه وتعالى: {كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِر * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ * ولقد تركناها آية فهل من مدكر * فكيف كان عذابي ونذر} وقال تعالى: {فَكلًا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا}
•ولذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا يُعرَفُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ؛ وما ذاك إلا لعلمه بحقيقة هذا الأمر؛ ففي صحيح الْبُخَارِيِّ عن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا، رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ، وَإِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةُ، فَقَالَ: ((يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ؛ ولذلك فإنَّ المؤمنَ إذا هطلت الأمطارُ بغزَارَةٍ، وما يتبَعُهَا من جريان الأودية، وتدفق السيول، فإنه ينظر فيها من جهتين:- الأولى: ما وقع من الخير بسببها؛ فيحمد الله تعالى على نِعمَتِه وفضلِه. والثانية: ما حصل من الأضرار عَقِبَها؛ فيَعلَم أن كلَّ ذلكَ بقَدَرِ الله تعالى، وأنَّه في كِلَا الحَالتَينِ هو في خير.
•وكذلك فإن في نزول الأمطار دليل واضح على كمال قدرته سبحانه وتعالى على إحياء الموتى، وإثبات البعث والنُّشور؛ فالذي يُحْيي الأرْض بعد موتِها بالمطَر، قادرٌ على إحياء الموتى بعد مُفارقتِهم للحياة؛ كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي المُوتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقال تعالى: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ* ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ} وقال تعالى: {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ} وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ المَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
نسأل الله العظيم أن يبارك لنا في ما رزقنا، وأن يجعله صيِّبًا نافعًا.
* * *
الخطبة الثانية:- مَا هُوَ الوَاجِبُ عَلَيْنَا حِيَالَ هَذِهِ النِّعمَةِ؟
أولًا:- نسبة الفضل لله تعالى وحده.
•فإن من مظاهر كفران نعمة نزول الأمطار: التشبه بأهل الجاهلية في نسبة إنزال الغيث إلى غير الله تعالى من الكواكب والأنواء وغيرها من الأسباب؛ فعن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصبح بالحديبية على إثر سماءٍ كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: ((هل تدرون ما قال ربكم؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر؛ فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)) [رواه مسلم].
•فإن الواجب أن يُنسب نزولُ المطر وجَميع النعم إلى الله تعالى؛ كما قال تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ...}
ثانيًا:- شكر نعمة الله تعالى.
•فإن نعمة الأمطار هي محض إنعام من الرب الكريم سبحانه وتعالى؛ فلو شاء لجعل هذا الماء مالحًا غير صالح للاستعمال؛ كما قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ}
•وقد جاء الوعيد الشديد في حق من لم يشكر نعمة الله تعالى؛ وهو يشمل الوعيد فى الدنيا والآخرة؛ فأما في الدنيا؛ فقد ذكر الله تعالى في كتابه أحوال السابقين الذين أنعم عليهم بنعمة الأمطار والزروع والثمار وسعة الأرزاق ورغد العيش؛ لكنهم انقسموا إلى قسمين:-
•فمنهم: من شكر هذه النعمة، وأدَّى حق الله تعالى فيها؛ فحلت البركة فى ماله وزروعه وثماره؛ كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله علبه وسلم قال: ((بينَما رجل يمشي في فلاة من الأرض، فسَمِعَ صوتاً في سحابة: اسقِ حديقةَ فلان. فتنحَّى ذلك السحابُ فأفرغ ماءَه في حرَّةٍ، فإذا شَرْجَةٌ من تلك الشِّراجِ قد استوعبت ذلك الماءَ كلَّه، فتتبَّعَ الماءَ، فإذا رجلٌ قائم في حديقته يُحَوِّلُ الماءَ بمسحاتِه، فقالَ له: يا عبدَ الله، ما اسمُك؟ قال: فلان، للاسمِ الذي سَمِعَ من السحاب، فقال: يا عبدَ الله لم تسألُني عن اسمي؟ فقال: إني سمعتُ صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول اسقِ حديقةَ فلان لاسمِك فما تصنَعُ فيها؟ فقال: أَمَّا إذ قلتَ هذا، فإنِّي أنظرُ إلى ما يخرجُ منها فأتصدَّقُ بثُلُثِه، وآكلُ أنا وعيالي ثُلُثَاً، وأردُّ فيها ثلثه.)) ، وصدق الله جل فى علاه إذ يقول: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}
•ومنهم: من جحدها والعياذ بالله ولم يؤد حق الله تعالى فيها؛ فعاقبه الله تعالى بمحق بركة ماله والعياذ بالله؛ فمن هؤلاء الذين جحدوا نعم الله تعالى عليهم، قوم سبأ الذين أعطاهم من فضله وأسبغ عليهم من نعمه؛ كما قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ}
•ومن هؤلاء أصحاب البستان الذين قص الله تعالى علينا خبرهم في كتابه العزيز؛ فقال: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} وقال رسولُ الله صلى الله علبه وسلم: ((يا معشرَ المهاجرين خصالٌ خمس إن ابتُليتم بِهنَّ وأعوذُ بالله أن تدركوهُنَّ ... ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالهم إلا مُنعوا القطرَ من السماء، ولولا البهائمُ لم يُمْطَروا ...))
نسأل الله العظيم أن يبارك لنا في ما نزل من الأمطار، وأن يجعلها أمطار خير وبركة على العباد والبلاد.
#سلسلة_خطب_الجمعة.
#دروس_عامة_ومواعظ.
(دعوةٌ وعمل، هدايةٌ وإرشاد)
قناة التيليجرام:
https://t.me/khotp