خطبة بعنوان: من مظاهر ضعف توقير السنة النبوية

خطبة بعنوان: "من مظاهر ضعف توقير السنة النبوية"

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(آل عمران،102). أما بعد:

إن توقير السنة والأخذ بها، هو من صميم عقيدتنا، يقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(الحجرات،1). قال ابن كثير: "قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) : لَا تَقُولُوا خِلَافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ".

عباد الله: إن توقير السنة، والالتزام بها، من وصية رسولنا صلى الله عليه وسلم، فكما جاء في الحديث الصحيح في المسند والسنن، قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلَافًا شَدِيدًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ). جاء في شرح محمد فؤاد عبد الباقي: "(الخلفاء الراشدين) قيل هم الأربعة رضي الله عنهم. وقيل بل هم ومن سار سيرتهم من أئمة الإسلام. فإنهم خلفاء الرسول عليه الصلاة والسلام في إعلاء الحق وإحياء الدين وإرشاد الخلق إلى الصراط المستقيم. (النواجذ) الأضراس. قيل أراد به الجد في لزوم السنة كفعل من امسك الشيء بين أضراسه وعض عليه منعا من أن ينتزع. أو الصبر على ما يصيب من التعب في ذات الله. كما يفعل المتألم بالوجع يصيبه".

أيها الأخوة: إن من مظاهر ضعف محبة النبي صلى الله عليه وسلم ومن مظاهر ضعف تعظيم سنته، هو: ترك العمل بالسنة الظاهرة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم في مختلف جوانب الحياة، في المظهر، في الملبس، في المأكل، في اأدب الطريق، في التعامل مع الناس، في العبادات وفي غير ذلك مما جاءت به السنة.

أيها الأخوة: إن من مظاهر ضعف محبة النبي صلى الله عليه وسلم ومن مظاهر ضعف توقير سنته، ردّ الأحاديث الصحيحة الثابتة، بأدنى حجة من الحجج، والتعالي عليها بزعم العقل، والتشكيك فيها وتأويلها، والمكابرة بالقبول بها، خاصة اذا خالفت رأيه أو رأي جماعته أو حزبه أو شيخه، أو مذهبه، وأين هؤلاء من قول الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾(الحشر،7).  

رضى الله عن الشافعي وأرضاه، يقول عنه الحميدي: كنا عند الشافعي– رحمه الله– فأتاه رجل، فسأله في مسألة، فأجابه الشافعي بقوله، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فقال الرجل للشافعي، وأنت تقول بهذا. فقال الشافعي- غاضبا- سبحان الله، أتراني في كنيسه، أتراني في بيعه! تراني على وسطي زنارا؟ أقول لك قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت تقول: ما تقول أنت؟.

وقال الإمام مالك: "أكلما جاءنا رجل أجدل من رجل، تركنا ما نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم لجدله".

أيها الأخوة: إن من مظاهر ضعف محبة النبي صلى الله عليه وسلم ومن مظاهر عدم توقير سنته، ومن مظاهر الجفاء عن السنة: العدول عنها إلى سنة الغرب وسيرتهم وطريقتهم، وتقديمها على سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وانظروا إلى اهتمام بعض الشباب بعيد الحب أكثر من عيد الفطر، وانظروا إلى اهتمام الناس بزيارة المقابر يوم العيد أكثر من اهتمامهم بالذهاب للمسجد لصلاة العيد.

أيها الأخوة: إن من مظاهر ضعف محبة النبي صلى الله عليه وسلم وضعف تعظيم سنته: هو ضعف تحقيق الاتباع في الدين، وذلك بوقوع الغلو والتطرف في تطبيق السنة، يقول ابن مسعود رضى الله عنه: "القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة".

أيها الأخوة: ومن مظاهر عدم تعظيم السنة، غِيبة أهل السنة، والتعليق على الملتزمين بالسنة، والاستهزاء بهم وغمزهم ولمزهم، ومن يفعل ذلك فقد ارتكب إثما وكبيرة، ومن يفعل ذلك فليس هذا إلا لقلة فقهه وعلمه وتدينه، وخلو قلبه من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن من يحبّ رسولَ الله يحب سنتَه، ومن يحب سنتَه يحب الملتزمين بسنته.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

قال أبي بن كعب رضى الله عنه كما في كتاب الحلية لأبي نعيم: "عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما من عبد على السبيل والسنة، ذكر الله فاقشعر جلده من مخافة الله إلا تحاتت عنه خطاياه كما تحات الورق اليابس عن الشجرة، وإن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد فيما خلاف سبيل وسنة، فاحرصوا أن تكون أعمالكم اقتصادا واجتهادا على منهاج الأنبياء وسنتهم".

اللهم اجعل أعمالنا صالحة، واجعلها لوجهك خاصة.

 

المرفقات

1619986118_من مظاهر عدم توقير السنة.docx

المشاهدات 472 | التعليقات 0