خطبة بعنوان (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) مختصرة
سعيد الشهراني
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًاً، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ أَحَدًاً، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا دَائِمًا أَبَدًاً.
أَمَّا بَعْدُ: فاتَّقُوا اللهَ واعْلَمُوا أَنَّ دِيْنَكُمْ الذِي تَدِينُونَ بِهِ قَدْ أَكْمَلَهُ لَكُمْ رَبُّكُمْ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ أَعَزَّهُ اللهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَذَلَّهُ اللهُ.
أيُّها المؤمنون: كُلَّ يَوْمٍ وَنَحنُ نَشهدُ أن لَّا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحمَّداَ رَسُولُ اللهِ وَأَنَّ عِيسى ابنَ مَريمَ عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ إلى مَرْيمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وأَنَّهُ مَا مَاتَ وَمَا قُتِلَ ومَا صُلِبَ هذا بِنَصِّ القُرآنِ وَصَرِيحِ السُّنَّةِ وبِالإنْجِيلِ الصَّحِيحِ، وَأَنَّهُ سَينْزِلُ آخِرَ الزَّمَانِ فَيَقْتُلُ الدَّجَالَ وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الخِنْزِيرَ وَيَحْكُمِ بِشَرِيعَةِ مُحمَّدٍ عَليهمْ أفضَلُ الصَّلاةِ وَأزْكَى السَّلامِ.
كُلَّ يَوْمٍ وَنَحنُ نَشهدُ أَنَّ اللهَ فَرْدٌ صَمَدٌ لَمْ يَتَّخِذَ صَاحِبَةً ولا وَلَدَاً. كَمَا تَزْعُمُ النَّصَارَى فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمَنٍ! كُلَّ يَوْمٍ وَنَحنُ نَشهدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُهَنِّئِ اليَهُودَ ولا النَّصَارَى بِأَعْيَادِهِمْ بَلْ أَمَرَ أُمَّتَهُ بِشِدَّةِ مُخَالَفَتِهٍمْ! فَمِمَّا خافَ منهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ على أُمَّةِ الإسلامِ التبعيِّةُ لأعداءِ الإسلامِ من قِبَل ضِعَافِ الإيمانِ، فعن أبي سعيدٍ الْخُدريِّ رضي الله عنه عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قال:(لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبلَكُم شِبْراً شبراً وذِرَاعَاً ذراعاً حتى لو دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُم)، قالوا: يا رسولَ اللهِ اليهودُ والنصارى؟ قَالَ: (فَمَنْ) أي فمن غيرهم؟ متفق عليه.
أيُّها الكرام: لم يَعُدْ خَافيًا اغترارُ كثيرٍ من إخوانٍ لنا بأعيادِ النَّصارى والتعلقُ والافتتانُ بِها! ولم يَعُدْ خَافيًا ما تبثُّه القنواتُ والوَسَائِطُ من استعداداتٍ وتجهيزاتٍ ليس في الدُّول الكافرةِ فَحَسْبٌ إنَّما في دولٍ عربيِّةٍ وإسلاميِّةٍ !مِن الاحْتِفَاءِ بِرأسِ العامِ الجديدِ. حتى اتُّخَذُوا ذلِكَ اليومَ عُطْلَةً وعيدًا؛ كلُّ ذلك بسبب غَيابِ الحكم الشرعي! وبالْجَهْلِ بخطورةِ ذلكَ على الدِّينِ والأخلاق والْمجتمعِ! فَمَا نَرَاهُ في بِلادٍ عربيِّةٍ وإسلاميِّةٍ من مَظَاهرِ الفَرَحِ وَتَأَهُّبٍ واسْتِعْدَادٍ لَيُؤذِنُ بالخطرِ!.
أيُّها المؤمنونَ: هذا ما كانَ يخشاهُ رسولُ اللهِ على أمَّته وهذا ما يخشاه أهلُ الدِّين والتُّقَى على أمَّتِنا ومُجتَمَعِنا فلا تظنُّوا أنَّ مشاركةَ النَّصارى في أعيادِهم مَسأَلَةَ إثمٍ ومعصيةٍ فحسبُ؟ كلاَّ وربِّي ولكنَّها مسألةُ عقيدةٍ ودينٍ! بل قد تكونُ مسألةَ كفرٍ وَإيمانٍ لأنَّ المشاركةَ نوعٌ من التَّشَبُّهِ، قال تعالى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) وقال صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ (من تشبَّه بقومٍ فهو منهم). ولهذا تواترتِ نصوصُ الشَّريعةِ الغَرَّاءِ على حصر الأعيادِ في الإسلام بعيدي الفِطرِ والأضحى، لا ثالثَ لهما سوى يومَ الْجُمعةِ، وأنَّ ما سواها من الأعياد فَهو مُحدَثٌ باطلٌ فاسدٌ، قَدِمَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينةَ فوجدَ أهلَها لهم يومانِ يلعبونَ فيهما قال:(ما هذانِ اليومانِ) قالوا: كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهلية، فقال:(إنَّ الله قد أبدلَكُم بِهما خيراً منهما يومُ الأضحى ويومُ الفِطِرِ). فاللهم أرنا الحقَّ حقَّاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابهُ.
أقول قَولي هَذَا، وأَستَغفِر اللهَ لي ولَكم ولسائرِ المسلِمين مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنَّه هوَ الغَفورُ الرَّحيم.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّهِ وَعَبْدِهِ وَمُصْطَفَاهُ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فاتقوا الله عباد الله حقَّ التَّقوى، واستَمْسِكُوا بِهذا الدِّينِ، فهو خيرُ دِينٍ وأزكى (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ).
أيها المؤمنون: إن عقيدة التوحيد هي عقيدة الأنبياء والمرسلين كلِهم لا يختلفون فيها، كما قال سبحانه (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) فعقيدة التوحيد هي أن تعتقد أن الله واحد لا شريك له في ربوبيته كما لا شريك له في ألوهيته كما لا شريك له في أسمائه وصفاته، وأما عقيدة اليهود والنصارى اليوم فليست بعقيدة التوحيد بل هي محرفة إلى الشرك بالله، والقول عليه بلا علم، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
وملخص عقيدتهم أنهم ينسبون لله الولد ويجعلونه إلها معه، فعقيدتهم عقيدة خبيثة مبنية على سب الله والإشراك معه، وقد قال الله تعالى (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) ولشناعة قولهم كفرهم الله حيث يقول ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) وقال ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم )، ومن عِظم قولهم كادت بعض المخلوقات أن تتلاشى، كما قال سبحانه (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا(88)لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا(89)تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا(90)أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا(91)وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا(92)إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا)، فاتقـوا الله تعالى عباد الله، واشكروا نعمته عليكم أن هداكم للإسلام، واعتزوا بدينكم وعقيدتكم عقيدة التوحيد الخالص التي لا يعبد فيها مع الله أحد جل جلاله وتنزه عن الند والضد والصاحبة والولد سبحانه: ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) فاللهم ارفع راية التوحيد في سائر بقاع الأرض يارب العالمين.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على نبينا محمد....( الدعاء مرفق)
المرفقات
1735117912_خطبة بعنوان(لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) مختصرة.docx
1735124282_خطبة بعنوان(لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) مختصرة.pdf